يراقب المغرب، بصمت مشوب بالحذر، الحملة الانتخابية الإسبانية، حتى يتمكن من تغيير أجندته السياسية المتعلقة بالعلاقات مع جاره الشمالي. بعد 27 يوما، ستتبين نتائج الانتخابات العامة الإسبانية، حيث استطلاعات الرأي الأخيرة مازالت تكشف عن تقدم الحزب الاشتراكي العمالي الحاكم في إسبانيا بزعامة خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو على الحزب الشعبي اليميني المعارض بزعامة ماريانو راخوي بنقطة ونصف فقط. استطلاع للرأي، أنجزه معهد الدراسات الاجتماعية، منح الحزب الاشتراكي 40,2% بحوالي 157 و163 مقعدا مقابل 38,7% للحزب الشعبي المعارض الذي قد يحصل على ما بين 153 و157 مقعدا، فيما يؤكد المراقبون السياسيون وخبراء الاستطلاع أن هذه النتائج تعني تعادلا تقنيا بين الحزبين وأن الحزب الشعبي اقترب كثيرا من غريمه الاشتراكي الحاكم بعدما كان الفارق بينهما خلال الأسابيع الماضية يتراوح ما بين ثلاث وخمس نقط. حمى الانتخابات العامة الإسبانية تصيب المغرب، بدون أدنى شك، كما تربك وضعية المهاجرين المغاربة بإسبانيا، في ظل اشتداد التنافس خلال هذه الحملة التي تعرف تنافسا شديدا بين الحزبين الكبيرين، بالإضافة إلى حزب اليسار الموحد. ولم يكن عبثا أن يستهل زعيم الحزب الشعبي المعارض حملته الانتخابية بتبنيه لخطاب شديد ضد الهجرة والحديث عن الحجاب و»مسودة السلوك» بالنسبة إلى المهاجرين. فالرجل يعرف أن حوالي 30 في المائة من الإسبان يؤيدون «تقليديا» الأحزاب اليمينية، و30 في المائة آخرون يؤيدون الأحزاب ذات التوجه اليساري، بينما تظل الأصوات الباقية موزعة بين عدد من الأحزاب الإقليمية المختلفة، وهي الأحزاب التي يحاول كل زعيم استمالتها والفوز بتصويتها، لكونها قد تصبح حكما بين القوى المتصارعة من أجل دخول قصر المونكلوا الرئاسي. لقد وعد كل من ثاباتيرو وراخوى بعدة أمور منها توفير مليونى أو 2,2 مليون منصب عمل جديد، وزرع 45 مليون شجرة بالنسبة إلى الحزب الاشتراكي مقابل 500 مليون شجرة لنظيره الشعبي، وخفض الضرائب إلى مستوى 400 أورو، أو خفض ضريبة الدخل على الفرد، بالإضافة إلى إعلان ثاباتيرو عن صياغة «اتفاق اجتماعي» يشمل النقابات وأرباب العمل حول مستقبل البلاد الاقتصادي والاجتماعي. وعود كثيرة وصفتها يومية إلباييس بكونها «تهاجم العائلات»، في إشارة منها إلى المساعدات التي ينوي الحزب الاشتراكي تقديمها إلى العائلات الإسبانية ذات الدخل الضعيف والمحدود في حالة فوزه في الانتخابات المقبلة. وإلى حدود اليوم، فإن الملف الاقتصادي يشكل أهم الأولويات ضمن الحملة الانتخابية ويأتي على رأس قائمة القضايا المهمة التي يستغلها المرشحون لإثبات أحقيتهم في التربع على كرسي رئاسة الحكومة، خصوصا بعد تسرب بيانات اقتصادية محبطة منحت للحزب الشعبي فرصة أكبر ليثبت قدرته على تحسين الوضع الاقتصادي الإسباني في حالة فوزه. وحسب المراقبين، فإن الحزب الاشتراكي يواجه «حزبا سريا»، منافسا أخطر من الحزب الشعبي، يتجلى في الكنيسة الإسبانية، فقد دخلت الكنيسة الكاثوليكية في صراع مع الحكومة الإسبانية ودعت أتباعها، بشكل غير مباشر، إلى التصويت ضد ثاباتيرو في الانتخابات المقبلة ليوم التاسع من مارس المقبل، بسبب خلافاتها مع سياسته حول عدد من الإصلاحات الاجتماعية والقانونية التي قامت بها كزواج المثليين والطلاق السريع. معارضة تلعب على وتر الدين والأخلاق وتمكنت من كسب تعاطف شريحة كبرى من الناخبين المحافظين الإسبان، مما أقلق الحزب الاشتراكي خصوصا بعدما كشف استطلاع للرأي أجراه معهد DYM أن 41 في المائة من الشعب الإسباني تؤيد تدخل رجال الكنيسة في شؤون السياسة، وهي نتيجة تعكس، بلا شك، انقسام الشارع الإسباني حول طبيعة العلاقة بين الدين والدولة. «الشعب الإسباني سيلفظكم ولن يقبلكم كما لفظ من قبل راخوي»، بهذه العبارة يصف ثاباتيرو تدخل الكنيسة في الحملة الانتخابية، مشيرا إلى خسارة رئيس الحزب الشعبي في الانتخابات الرئاسية السابقة، ومضيفا أنه «ليس من حق أي جهة أن تفرض معتقداتها وأخلاقياتها وأعرافها على الآخرين، سوى فرض احترام قوانين الدولة على الجميع».