في ظروف أمنية جد مشددة انطلقت يوم أمس في إسبانيا حملة الانتخابات التشريعية العامة المقررة في التاسع من شهر مارس المقبل. وأعلن وزير الداخلية الإسباني ألفريدو بيريث روبالكابا رفع «حالة تأهب أمنية قصوى تحسبا لهجمات إرهابية محتملة من منظمة إيتا الانفصالية الباسكية» تزامنا مع انطلاق الحملة. وقالت الوزارة إن «مستوى التأهب يأتي لمراقبة وحماية مقرات الأحزاب السياسية وأماكن التجمعات الانتخابية، والمواقع التجارية الكبرى والبنى التحتية للنقل والمقابلات الرياضية». وقال روبالكابا في مقابلة له مع قناة التلفزيون العامة «نعتقد أن إيتا ستحاول القتل قبل الانتخابات». وأوضح أنه «وضع قوات الأمن في حالة تأهب غير مسبوق». وهي الإجراءات التي تفرض على مختلف الأجهزة الأمنية، وقوات الجيش رفع حالة الاستنفار القصوى تحسبا لوقوع هجمات أو عمليات إرهابية. ويتخوف الحزب الاشتراكي العمالي الحاكم من أن يحدث له ما حدث لغريمه الحزب الشعبي الإسباني أثناء الانتخابات العامة لسنة 2004، حيث استغل الاشتراكيون آنذاك حرب العراق لمصلحتهم، وجاءت انفجارات قطارات مدريد «لتقلب» موازين القوى، بعدما تسترت الحكومة المحافظة حينها على دلائل تشير إلى تورط شبكات إسلامية، وتوجيهها الأنظار إلى إيتا. ما دفع الشعب الإسباني للتصويت على الاشتراكيين وهزيمة الحزب الشعبي. لذلك، فإن الاشتراكيين يتخوفون من اعتداءات مماثلة قد تنفذها منظمة «إيتا» التي تؤكد السلطات مسؤوليتها عن مقتل 819 شخصا في إسبانيا خلال أربعين عاما من العمل من أجل استقلال منطقة الباسك، كما أن معظم استطلاعات الرأي تظهر فارقا بسيطا بين حزب ثاباتيرو الحاكم والشعبي المعارض. وكان رئيس الوزراء خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو أصر على فتح مفاوضات مع «إيتا» بغرض إنهاء العنف في منطقة الباسك والتوصل إلى سلام، رغم المعارضة القوية من طرف بعض «صقور» حزبه وانتقادهم لطريقة الحوار وقنواته، فيما حذره الحزب الشعبي المحافظ من مغبة ذلك واتهمه بالتنازل ل«الإرهابيين». لكن الحوار سيبوء فيما بعد بالفشل، لتخرق «إيتا» الهدنة بينها وبين ثاباتيرو. وتعرف الانتخابات العامة حذرا من طرف الناخب الإسباني، حيث لم تنجح الحكومة الاشتراكية خلال أربع سنوات الماضية في الحكم، من كسب ثقة المجتمع لزيادة شعبيتها، في حين فشل الحزب الشعبي في استعادة مصداقيته التي خسرها بسبب مشاركة حكومته السابقة برئاسة خوسي ماريا أثنار في الحرب على العراق. ويقول المراقبون إن الاشتراكيين مارسوا طوال أربع سنوات من حكمهم مهمة «معارضة المعارضة» بسبب انفجارات مدريد وما تلتها من تحقيقات ماراتونية ومحاكمات بهدف «طي» الملف وإنهائه قبل موعد الانتخابات. في حين نزلت المعارضة كذلك إلى مستوى سيئ في الأداء وانقادت في موجة من الشتائم والاتهامات المتبادلة لم تعرفها إسبانيا من قبل.