قال الخبير الكروي حسن حرمة الله إنه استغرب لإلقاء الفرنسي هنري ميشيل اللوم على لاعبي المنتخب الوطني متهما إياهم بالتقصير، وأوضح في حوار أجرته معه «المساء» أنه هو من يتحمل مسؤولية الإقصاء بأخطائه التكتيكية وبعدم قدرته على قراءة المباريات. وحمل حرمة الله المسؤولية لجامعة كرة القدم، مشيرا إلى أنها تتحمل المسؤولية المباشرة عن هذا الإقصاء لأنها لاتتوفر لديها استراتيجية واضحة المعالم وتهمش الأطر الوطنية. وعدد حرمة الله عددا من أخطاء الجامعة. - كيف تعلق على إقصاء المنتخب الوطني؟ < لقد تابعت كل المباريات التي خاضها المنتخب المغربي في مجموعته، وباستثناء المباراة الأولى ضد ناميبيا، التي توفق فيها لأنه فاجأ الخصم بهدف مبكر أتلف حسابات الناميبيين نظرا لقلة خبرتهم في مثل هذه المنافسات، فمباراتي غينيا وغانا أظهرتا بجلاء عيوبنا وأماطت النقاب عن غابة المشاكل التي يتخبط فيها المنتخب المغربي، لقد كان الأداء هزيلا جدا وسيئا، طغت عليه سمات العشوائية والارتجالية وسوء التموضع، رغم بعض الاجتهادات الفردية لبعض اللاعبين. فالهدف الأول في مباراة غينيا يوضح سوء التفاهم بين الحارس والحائط حيث مرت الكرة من وسط الدفاع في الجهة الفارغة لمرمى فوهامي، أما الهدف الثاني فجاء نتيجة خطأ في التموضع والتفاهم بين لاعبي الدفاع حيث تباطأ بدر القادوري مما أدى إلى تكسير خطة الشرود، وبالنسبة للهدف الثالث فمرده لخطأ بدائي للاعب بصير الذي عمد إلى إسقاط المهاجم في منطقة العمليات رغم تواجد أمين الرباطي وذلك لقلة خبرة هذا اللاعب الشاب في مثل هذه المنافسات الكبيرة. ضد غانا تكرر السيناريو نفسه خلال إذ تباطأ المدافعون في الانقضاض على اللاعب إيسيان، والهدف الثاني كان نتيجة لتباعد الخطوط، وقد أحسن اللاعب الغاني هذه الفرصة. - هذا الأمر يجعلنا نتساءل عن الأسباب الكامنة وراء هذا الأداء الباهت؟ < الخروج المبكر هو في حقيقة الأمر نتيجة طبيعية لغياب الانسجام التكتيكي الواضح داخل صفوف المنتخب، وضعف اللياقة البدنية و غياب التضامن والقوة الجماعية، وهذه مسؤولية المدرب، الذي لم يستقر حتى في أصعب الظروف على تشكيلة مثالية، لقد حمل المسؤولية للاعبين وقال إن تقصيرهم كان كبيرا، أنا لا أتفق مع هذا القول، فلا يوجد أي لاعب يريد الظهور بمستوى سيء في المباريات، لكن غياب رؤية واضحة لتسيير المقابلات هو ما أدى إلى إقصائنا مبكرا وخروجنا من الباب الضيق. لقد تفاجأت عندما رأيت طارق السكتيوي احتياطيا خلال مباراة غانا، كما أن دخوله لم يكن لتغير شيئا خصوصا بعد خروجه في مباراة غينيا وهو ما أثر عليه نفسيا وبشكل كبير، لقد فقد ثقته بنفسه ومعنوياته المرتفعة التي جاء بها من البرتغال. - وماذا عن نصيب هنري ميشيل من المسؤولية؟ < أولا يجب أن نعلم أن المسؤولية يتحملها كل القيمين على المنتخب المغربي، لقد كانت هناك أخطاء بالجملة للمدرب، أخطاء في تموضع اللاعبين وفي قراءة سيناريوهات المقابلات وفي الإعداد لها بشكل صحيح بالإضافة إلى أخطاء بعض اللاعبين نتيجة نقص الخبرة والتجربة، لنرى مثلا مصر وتونس، صحيح أننا فرديا نمتلك لاعبين أفضل لكن إذا تابعت مبارياتهم ترى بالواضح انضباطا تكتيكيا قويا وانسجاما وتضامنا بين الخطوط وتنافسية إيجابية وهذا دور المدرب، كما أن هذه السمات الضرورية لنجاح أي منتخب غابت عنا للأسف. - وماذا عن غياب المدير التقني الوطني عن تظاهرة من هذا الحجم؟ < أولا المدير التقني الوطني يجب أن يحظر في كل المنافسات مهما علا أو دنى شأنها، لكن في المغرب لازالت أهمية المدير التقني الوطني غير مفهومة للكثيرين، فخلال شغلي لهذه المهمة في المغرب، طلبت مرافقة منتخب الشبان لإحدى الدورات التي استضافتها اليابان لكن المسؤولين رفضوا طلبي، فهم يعتقدون أن سفر المدير التقني الوطني يكون للاستمتاع فقط، وهذا هو الخطأ بعينه، فمهمة المدير التقني تكون بالدرجة الأولى متابعة أداء المنتخبات وإعداد تقارير عنها وإظهار مكامن الضعف والقوة.... - وماذا عن مسؤولية الجامعة؟ < بالتأكيد فإنها تتحمل المسؤولية الأكبر في المسألة، فليس هناك برنامج واضح لمستقبل كرة القدم، كما أن قرارتها تكون مفاجئة لأكثر الناس متابعة وإلماما بمجال كرة القدم، مثل قرار الاستغناء عن بادو الزاكي وبعده فاخر ثم حادثة تروسي، وغياب تحضير فعلي لمثل هذه المنافسات القارية والدولية، هناك حالة من الفوضى والعشوائية تهيمن على هذه المؤسسة، وآمل أن يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في أقرب وقت وتحديد المسؤوليات للخروج من هذا النفق وتوضيح الأمور بشكل جاد وفعال. - وبماذا تفسر تألق المنتخب الوطني في المباريات الودية وتواضعه في نهائيات كأس إفريقيا؟ < أولا يجب أن نعلم أن المباراة ضد فرنسا ليست مقياسا للحكم، بالنظر إلى ظروفها الخاصة ، حيث لعب المنتخب المكون في غالبيته من محترفي الدوري الفرنسي بملعب فرنسا، وهو الأمر الذي أمدهم بقوة كبيرة وأذكى فيهم الحماس، كما أنهم كانوا للتو عائدين من أنديتهم ولازالو يحتفظون بطراوة عالية، ناهيك على أن المنتخب الفرنسي لم يظهر بأدائه الكبير ولم يبين عن مستواه المعروف، كما أبقى على عدد من لاعبيه الأساسيين على دكة الاحتياط، وبخصوص مباراة السينغال فهي ليست مقياسا بتاتا، والدليل المستوى الذي ظهر به أصدقاء ديوف في المبارتين الأخيرتين، وصراحة أنا لست متأكدا لحد الساعة أن هنري ميشيل قد اعتمد برنامجا واضح المعالم سواء في مبارياته الاعدادية أو خلال النهائيات. - وبخصوص إبقاء اللاعب طلال القرقوري على دكة البدلاء طيلة المنافسة، في وقت ظهر فيه خط الدفاع بشكل باهت؟ < هذه نقطة استفهام تنضاف إلى ماسبق، فإذا كان طلال مصابا فهذا أمر طبيعي، أما أن يكون جاهزا ويتم الإبقاء عليه بديلا فهذا أمر لا أستوعبه ولا أقدر على فهمه، فأنا أرى أن مكان طلال واضح داخل التشكيلة بحيث يلعب إلى جانب عبد السلام وادو في حين يكون أمين الرباطي ظهير أيسر وبصير ظهير أيمنا، خصوصا وأن القادوري ارتكب عدة أخطاء نظرا لعدم انسجامه مع باقي زملائه، ورغم ذلك أصر هنري ميشيل على إبقائه رسميا طيلة المباريات التي أجريناها، وعلاوة على هذا الأمر أنا لم أفهم كذلك مسألة غياب الشماخ ضد غينيا والسكتيوي ضد غانا. - لقد قرر طلال اعتزال اللعب دوليا مباشرة بعد الإقصاء، ما تعليقك على هذا الأمر؟ إنه أمر مؤسف حقأ، آمل أن يتراجع طلال عن قراره هذا فالمنتخب المغربي في أمس الحاجة إلى لاعب بخبرته وتجربته، كما أنه لاعب يحافظ على مستواه دوما، ولاعب منضبط بشكل كبير، فأنا أتابعه في الدوري القطري عن قرب، كما أتمنى عودة عزيز بنعسكر في أقرب وقت فالمنتخب في أمس الحاجة إلى عطاءاتهما خصوصا بعد التفكك الواضح لخط الدفاع خلال نهائيات غانا. - التغييرات التي أقدم عليها هنري ميشيل بماذا تفسرها؟ < كانت هناك قراءة لسيناريو المباريات، وأظن أن هنري ميشيل أراد إبقاء عدد من اللاعبين لمباراة غانا لكنه جانب الصواب بقراره هذا، وأبان عن خطإ استراتيجي لم يكن مدروسا بالشكل الكافي، فخلال مباراة غينيا لم يكن لدينا رأس حربة، فمنصف زرقة ليس بالمهاجم الصريح القادر على التهديف في أية لحظة كما تنقصه الخبرة والتجربة بالميادين الإفريقية، والأمر كذلك بالنسبة لتموضع يوسف حجي وطارق السكتيوي، والذي لم يجد مكانا قارا داخل رقعة الميدان فقد لعب خلال المباراة الأولى في الجهة اليسرى، ليغير خلال مباراة غينيا موقعه، وهو الأمر الذي أثر على أدائه، وهذه نقطة استفهام تضاف إلى النقط الأخرى الكثيرة للأسف. - وكيف تنظر إلى التهميش الذي يطال الأطر المغربية؟ < هذه نقطة سوداء في الكرة المغربية، فعندما كنت مديرا تقنيا، وبالضبط في 4 أكتوير 1994 أعددنا برنامجا بشراكة مع فرنسا وهولندا وبلجيكا، تقوم بموجبه هذه البلدان بتكوين الأطر المغربية على أعلى مستوى لتحضيرها لتحمل مسؤولية التدريب بشكل احترافي كامل، وقد اتفقت حينها مع الكولونيل ماجور الزموري على هذا المشروع، لكن بمجرد تولي الجنرال حسني بنسليمان رئاسة الجامعة تم وأد هذا البرنامج، لقد أردت تكوين جيل يتحمل المسؤولية عن تكوين ودراية، فليس لدينا مدرسة مدربين بشكل احترافي، وما نقوم به هو جلب خبراء من الفيفا لإعطاء معلومات سطحية ومن دون برنامج واضح المعالم، بحيث تتم استضافة خبير في الفئات الصغرى، ومباشرة بعده تتم استضافة خبير في الفئات الكبرى، كما أن هناك غياب تام لقانون المدربين بالمغرب وتهميش لهذه الفئة، ويبدو أن هناك من يحب أن تبقى دار لقمان على حالها، ويبقى هذا المجال فوضويا، رغم أن الكفاءات المغربية في هذا المجال أبانت غير ما مرة عن علو كعبها فالزاكي وصل إلى نهاية كأس إفريقيا بتونس سنة 2004، وفاخر تأهل بنجاح كامل إلى غانا 2008، لكن مكافأتهم كانت التخلي عنهم، وهذا التقصير يهم مسؤولية الجامعة الملكية المغربية التي يجب أن تعيد للإطار الوطني هيبته وتعمل على تقنين هذا المجال وصيانته لتفادي مثل هذه النكبات مرة أخرى. - وما الذي يجب فعله للخروج من هذا الوضع؟ <؟ يجب أولا أن تتم محاسبة المقصرين، وعلى كل واحد أن تحدد مسؤوليته الكاملة، كما يجب على المدرب تحضير برنامج واضح المعالم والأهداف، ويتعين على القيمين متابعة هذا البرنامج وملاحظة نسبة تطبيقه على أرض الواقع، لكن للأسف في المغرب، لا أحد يتكلم عن هذا الأمر ولازالت العقلية الكروية التقليدية سائدة وتهمين على عقول المسؤولين، فليست هناك متابعة حثيثة لبرامج المدرب، كما لايتم تحليل المباريات بشكل علمي ودقيق سواء تعلق الأمر بالخصم أو بنا، وهذا خطأ منهجي خطير يتعارض بشكل صريح مع الواقع الحديث لكرة القدم، يجب تغيير العقليات المسيرة والاحتفاظ فقط بمن له القدرة على الدفع قدما بالكرة المغربية.