تتمة الصفحة الأولى أما العائلة التي تتحدث عنها سلطانة فليست سوى إحدى العائلات الصحراوية التي تشتغل عندها والدة سلطانة نفسها، والتي كانت تتخذ من الأم والطفلة أمتين تشتغلان لديها. وتقول الطفلة في شهادتها إنها وجدت لدى العائلة الإسبانية التي تقيم معها منذ خمس سنوات الدفء العائلي الذي لم تجده في تيندوف، وتواصل قائلة: «طموحي هو أن أدرس مثل باقي الأطفال، وأن أصبح طبيبة لكي أرعى الصغار، أريد أن يمنحوني فرصة. لا أشعر بأي إحساس تجاه أمي كنانة التي تخلت عني وتركتني لدى تلك العائلة في تيندوف. هناك كانوا يضربونني، مثلما حصل ذات يوم عندما سقط الأكل من يدي، والذي كنت أقوم بإعداده كل يوم. وفوق ذلك لم يكونوا يعطونني الأكل إذا لم يكن كافيا لهم، لقد كنت آخر من يأكل». وتضيف سلطانة: «ليس لدي مستقبل في الصحراء، فالفتيات البالغات من العمر 14 سنة يتم تزويجهن مقابل جمل، ولا يفعلن شيئا غير إنجاب الأطفال والقيام بأشغال البيت، مثلما حصل لوالدتي في موريتانيا». وتفرض جبهة البوليساريو مناخا من التعتيم والحصار على هذه الأوضاع السائدة في المخيمات لكي تستمر في جلب المساعدات الدولية بحجة رعاية الأطفال الموجودين بها، وكشفت جمعية الصحراء المغربية قبل أسابيع أن الحكومة الإسبانية الحالية ضاعفت المساعدات المالية المقدمة لمخيمات تيندوف أربع مرات. وقالت جريدة «كنارياس» إن حكومة جزر الكناري وحدها تقدم مساعدة سنوية قدرها 750 ألف أورو. وفي شهر ماي الماضي أقدمت جبهة البوليساريو على طرد صحافيين أستراليين من تيندوف بسبب إنجازهما روبورتاجا حول ظاهرة العبودية المنتشرة في تلك المخيمات وظروف العيش القاسية بها. وكان الصحافيان، فيوليتا أيالا ودانييل فالساو، اللذان يعملان لفائدة يومية «دي سانداي مورنينغ هيرالد»، قد حصلا على ترخيص من السلطات الجزائرية، ثم حلا بالفعل بمخيمات تيندوف للمرة الثانية بهدف إنجاز روبورتاج حول الأوضاع الأسرية في المخيمات، وفي الوقت الذي كانا فيه منهمكين في عملهما تحت المراقبة السرية للبوليساريو، حاولت أسرة من مخيم ما يسمى ب«أوسرد» توجيه نداء استغاثة من خلال الصحافيين للعالم الخارجي حول مجموعة من الممارسات التي تسود بهذه المخيمات مثل العبودية والاستغلال الجنسي للفتيات القاصرات من قبل من يسمون ب«المقاتلين»، ففوجئ الصحافيان بتلك الظاهرة وبدإ في إنجاز روبورتاج عنها، قبل أن يتم اعتقالهما واستنطاقهما حول مضمون الروبورتاج الذي ينويان إنجازه وعن علاقتهما بالمغرب، كما تمت مصادرة معداتهما ونقلا تحت حراسة مشددة وفي ظروف سيئة نحو مدينة تيندوف قبل أن يتم ترحيلهما نحو الجزائر ثم طردهما في اتجاه باريس، حيث تكفلت سفارة أستراليا بترحيلهما.