سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شباط: أصبحت رجل دولة وسنحيي الكتلة الديمقراطية في مارس المقبل قال إن حزب الاستقلال يعيش مرحلة تأمل لذلك أخذ مسافة من الجميع وليس من العدالة والتنمية فقط
– أريد أن أعود بك قليلا إلى لحظة الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة. أنت متهم بابتزاز الدولة حسب ما نسب لمحمد حصاد وزير الداخلية، بعدما تبين أنك خسرت فاس، قلعتك الانتخابية الأولى، هل هذا صحيح؟ أعتقد أننا طوينا نهائيا صفحة الانتخابات الجماعية، والآن يجب أن نفكر في المستقبل، لكن هذا لا يمنع من التأكيد على أن الأمر كان يتعلق فقط بتسريبات غير متيقن منها، وبيان ذلك أننا طالبنا، في بيان رسمي باسم الحزب، بتقديم توضيحات بخصوص ما نسب إلى وزير الداخلية بكوني كنت أريد ابتزاز الدولة. ولذلك لا يمكن أن أجيب عن تصريح تدوول في المنابر الإعلامية دون أن ينفيه أو يؤكده وزير الداخلية. نحن في نهاية المطاف نعامل مع المؤسسات وليس مع التسريبات. ولو كان صحيحا، لكان المجلس الحكومي قد اتخذ قرارا في حقي أو في حق الحزب، وعلى حد علمي، لم يصرح وزير الداخلية بمثل هذا الكلام. – ألم تتحدث مع وزير الداخلية بخصوص ما نسب إليه في المجلس الحكومي؟ تحدثنا في أمور كثيرة تهم المستقبل والوطن ولم نثر معه بتاتا هذا الأمر، لأننا كنا ننتظر جوابا رسميا بعد بلاغ اللجنة التنفيذية. – قبل يوم واحد من انتخاب رؤساء مجالس الجهات، وجهت دعوة إلى أعضاء الحزب لحثهم على عدم التصويت على حزب الاستقلال، ما الذي حدث بالتحديد حتى انهار تنسيق أحزاب المعارضة في آخر لحظة؟ لم يكن هناك أي قرار رسمي من الحزب، وكل ما جرى أنه وقعت الكثير من التجاوزات المؤلمة في كل الاتجاهات تسيء إلى الحقل السياسي، وإلى الديمقراطية المغربية، حيث كان من المفروض أن تبقى أحزاب المعارضة أو الأغلبية ضمن تحالفاتها، لكن العكس هو الذي حصل، إذ لم تلتزم بما كان متفقا عليه قبل الانتخابات، والحال أن أملنا كان كبيرا بتأسيس تجربة جديدة في تاريخ المغرب تقوم على قطبي المعارضة والأغلبية بالاستناد على الإيديولوجيات والمرجعيات، وعلى المشاريع الحزبية، بيد أن التجربة فشلت منذ الوهلة الأولى، علما أن حزبنا كان وفيا لالتزاماته في كل الجهات والأقاليم. أؤكد لك مرة أخرى أن الحزب لم يتخذ أي قرار، وقد تناسلت الإشاعات بشكل غريب. – أعتقد أن حزب الاستقلال أحس بالغدر في نهاية المطاف من طرف حزب الأصالة والمعاصرة، ولذلك أراد تصحيح الوضع في تصرف وصفه البعض ب»نزف الميت». (يضحك) ليس الأمر كما يتصور كثيرون. صحيح أننا أحسسنا بالخذلان في بعض المناطق من طرف حزب الأصالة والمعاصرة ومن بعض الأحزاب الأخرى، غير أن كل ما حدث في الانتخابات الجهوية والجماعية الأخيرة أصبح جزءا من الماضي، مع كل الدروس المستخلصة منه، وأول درس استخلصه حزب الاستقلال أنه ينبغي بناء تحالفات قوية في المستقبل. – أفهم من كلامك أن التحالف مع أحزاب المعارضة، ممثلة في أحزاب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري والأصالة والمعاصرة، ووري «مثواه» الأخير بنهاية الانتخابات الأخيرة. أولا، يجب أن يفهم الجميع أن ثمة فرقا كبيرا بين الانتخابات الجماعية والجهوية والانتخابات التشريعية، حيث إن حساباتهما تختلف كثيرا جدا، والمجلس الوطني للحزب أخذ قرارا ينص على أن يبقى حزبنا دائما في موقع الوسط، كما كان دائما، بمعنى أن أي إصلاح أو توجه يمكن أن يخدم مصالح الشعب المغربي سندافع عنه حتى آخر رمق، ثم إن علاقة الحزب بباقي الأحزاب السياسية ستتسم بالمساواة دون تفضيل حزب على آخر، وليس ثمة أي خط أصفر أو أحمر مع أي حزب مهما كانت مرجعيته وإيديولوجيته. في المرحلة الحالية نعمل بشكل مكثف لإعداد برنامج انتخابي متين يستجيب لطموحات الشعب المغربي ويلامس قضاياه الجوهرية ويقارب الملفات الحارقة. الذي أريده هو أن تنشأ تحالفات حزبية قوية بمقدورها استعادة الثقة في الفعل السياسي بالمغرب. – في ظرف شهور فقط تغيرت لغة شباط كثيرا، إذ لم يعد ميالا إلى الهجوم ونقصت حدة خطاباته، وصار هادئا جدا. الظاهر أنك لا تريد خسارة أحد في أفق الانتخابات المقبلة. هل هذا تغير جذري في سياسة الحزب أم تكتيك انتخابي؟ الذي لا يتغير يموت. هذا قانون الطبيعة حسبما أعتقد. وشباط النقابي ليس هو شباط السياسي، وشباط قبل الانتخابات ليس هو شباط بعدها. بطبيعة الحال، طريقة النظر وتدبير القضايا السياسية تختلف وفق السياق، لكن المبادئ تبقى ثابتة، وفي مسيرتي تدرجت في مسؤوليات كثيرة، إذ بدأتها نقابيا ثم سياسيا، ثم أصبحت رجل دولة… – ماذا تقصد برجل الدولة؟ قلت رجل دولة وليس رجل الدولة. قلت إنه في المرحلة السابقة تعلمت درسا أساسيا في الحياة السياسية يتمثل في أن الحزب يتوجب أن يعتمد على مناضليه وكفاءاته وعلى المتعاطفين معه لاختيار الطريق الصحيح في المستقبل، ونحن نتعلم من الأخطاء، ومن لم يتعلم من أخطائه لا يتطور في مساره السياسي. الحزب، الآن، في وضعية مريحة لأنه تجاوز أزمات أقسى وأعنف من تلك التي عاشها في الشهور الماضية. باختصار شديد: حزب الاستقلال يسير في المسار الصحيح. – بعد نشر لوائح المتهمين في الفساد الانتخابي، وبعد ظهور نتائج رئاسة مجلس المستشارين، قال قياديون في حزب الاستقلال إن وزارة الداخلية خدمت بالوكالة من وصفته ب»الحزب المعلوم»، وفهم الأمر من هاته التصريحات بأنها تعني «البام» بشكل مباشر. أعتبر أن نشر أسماء المتهمين في الفساد الانتخابي، ساعئتذ، على التلفزيون دون أن يقول القضاء كلمته كان قرارا متسرعا من قبل اللجنة المركزية للانتخابات، التي تدبرها وزارتا الداخلية والعدل، وأتصور أننا دفعنا ضريبة الحصول على المرتبة الأولى، وربما كان في مخططاتها أننا لن نحصل على تلك المرتبة. أتمنى حقا أن نتجاوز ما حصل في الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة، مع التأكيد على أننا نثق في قدرة القضاء على إنصاف كل المتهمين في الأيام القادمة بحكمة وتبصر كما أنصف القيادة الجديدة. – انتخب إلياس العماري أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة في المؤتمر الأخير، كيف تقرأ هذا الانتخاب؟ إلياس العماري كان يدبر أمور الحزب قبل انتخابه، إذ كان مسؤولا عن الترشيحات والكثير من القضايا التي تهم الأصالة والمعاصرة، ووحدهم المؤتمرون في حزب «البام» لديهم حق التقرير فيمن سيصير أمينا عاما للحزب، وعلاقتنا بالحزب هي نفس علاقتنا بجميع الأحزاب، وأتذكر أن العماري كان يحضر معنا في اجتماعات التنسيق الرباعي للمعارضة، أي أن إمساكه بدفة الحزب ليس أمرا جديدا. – لم يتأخر عبد الإله بنكيران كثيرا في الرد على وصول إلياس العماري إلى الأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، إذ يتردد في تذكيره في كل مرة بالاتهامات التي وجهتها إليه بالاتجار بالمخدرات. أعتقد أن إثارة اسمي حزبين كبيرين بهذه الطريقة نوع آخر من التحكم. أظن أن على السيد عبد الإله بنكيران أن يرتقي قليلا بخطابه، ليصبح رئيس حكومة ورجل دولة يمثل المغرب. هذا كلام قلته قبل سنوات، سواء كان صحيحا أم خاطئا، لكنه انتهى في سياقه. المرحلة تقتضي من بنكيران الكثير من الحكمة والتبصر وليس إثارة العداوات على كل المستويات، كما يفعل كل مرة، وإذا أردنا أن نتحاسب على مثل هذا الكلام، لا يمكن أبدا بناء وطن قوي باقتصاد قوي. نصيحتي للسيد رئيس الحكومة أن يقدم حصيلته والنتائج التي حققها في ولايته الحكومية ويتحدث للناس باللغة التي يفهمونها، وعدا ذلك، لن يكسب مزيدا من الأعداء. – قرأت في خرجاتك الأخيرة أنك أعلنت «توبة نصوحا» في علاقتك بعبد الإله بنكيران، الذي خضت معه معارك طويلة بعد وصولك إلى قيادة حزب الاستقلال، والبعض قرأ هاته المؤشرات بأنها مقدمة لبناء تحالف حزبي في أفق الانتخابات التشريعية المقبلة. إذا أردت الدقة أكثر، فإن حزبنا يعيش مرحلة من التأمل، وقد أخذ مسافة من الجميع وليس من حزب العدالة والتنمية فقط، وهذا حقه لتقييم فترة تدبيره السابقة. لم يعد هناك وقت لإثارة الخصومات ومهاجمة الأشخاص، بقدر ما نركز كل جهودنا لتهييء المرحلة المقبلة وبناء حزب قوي قادر على المنافسة في الانتخابات المقبلة. نحن نعد برنامجا طموحا، خاصة أن حصيلة الحكومة ضعيفة جدا على مختلف المستويات. حزب الاستقلال منكب، اليوم، على بناء المغرب، ولا نبغي إلهاء الرأي العام بخصومات ثانوية وبتنابز لا ينتهي، وقد اتخذنا قرارا في حزب الاستقلال أن لا نرد على أحد ولا نهاجم أحدا في هذه المرحلة. – ألا تعتقد بأنك أخطأت حينما كنت تهاجم حزب العدالة والتنمية بشكل عنيف وصل إلى حد الانسحاب من الحكومة؟ الهجوم كان من طرف الجميع، ولم يكن هناك طرف واحد لا يلجأ إلى اتهام الآخرين، بما فيهم وبما ليس فيهم. ما قيل عني لم أقله يوما عن الآخرين. اليوم، لم يعد مقبولا أن يستمر الوضع كما كان بالنظر إلى أن الانتخابات التشريعية تستدعي منا جميعا أن نصبح رجال دولة حقيقيين نحكم مصلحة الوطن أولا. – هل ترى في نفسك رئيس حكومة في أفق الانتخابات التشريعية المقبلة؟ أعتقد أن مقررات المؤتمر الوطني السادس عشر كانت واضحة جدا، إذ في التنافس نحو الوصول إلى الأمانة العامة قدمت 19 نقطة وعدت بتنزيلها وتحقيقها في المرحلة التي تلي نهاية المؤتمر، ولعل من بين أهم المبادئ التي دافعت عنها عدم تحمل مسؤوليات كثيرة في نفس الوقت، ويجب القطع مع هذه الثقافة ليس داخل حزب الاستقلال وحده، بل حتى داخل الأحزاب الأخرى، وقد قلت يومها إن أي عضو داخل اللجنة التنفيذية سبق له أن تولى مسؤولية سياسية أو أي مسؤولية أخرى ينبغي أن يفسح المجال لعضو آخر في إطار تجديد النخب والتداول على تحمل المسؤوليات. أرى أن من بين الأخطاء التي نسقط فيها مرارا أن تكون رئيسا للحكومة وفي نفس الوقت أمينا عاما للحزب، أو تكون وزيرا وعضوا قياديا. هنا بالتحديد ينتعش الريع السياسي، وتكون رغبة هؤلاء قوية جدا للحفاظ على الموقعين معا. – ألا تريد أن تكون رئيسا – للحكومة حتى لو احتل حزبك المرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة؟ (يضخك) لو أراد الله أن يحقق أقدراه فلا يمكن ردها، ثم إنك إذا راجعت النظام الأساسي لحزب الاستقلال ستجد أنه من الأحزاب الديمقراطية العريقة، التي تتأسس على اختيارات القواعد، ولم تكن قراراته، يوما، مفروضة بشكل فوقي، وهي من الأحزاب القليلة على المستوى الإفريقي، وحتى في بعض البلدان الأوربية، التي تنصت إلى قواعدها، وتأخذ القرارات بناء على القرارات التي تتخذها هياكله، على خلاف بعض الأحزاب الأخرى التي تدعي بأنها ديمقراطية، لكن واقع الحال يفند ذلك. – ما تقوله الآن يتنافى تماما مع ما يقوله خصومك، سواء من خارج الحزب أو داخل اللجنة التنفيذية، وهناك من اتهمك ب»السطو» على الحزب، حيث صار حزب الاستقلال الحامل لتاريخ عريق مختصرا في شباط واتهاماته الدائمة لعبد الإله بنكيران. ما ينساه هؤلاء المنتقدون، مع كل احترامي لهم، أنه لأول مرة في تاريخ الحزب يتم اختيار الأمين العام للحزب باللجوء إلى المجلس الوطني للحزب في تمرين ديمقراطي غير مسبوق في تاريخ حزب الاستقلال، وقد جرت العملية الانتخابية في أجواء نزيهة وشفافة عبر استعمال البطاقة الإلكترونية، التي لا تترك أي مجال ولو لتزوير بسيط. أريد أن أطرح السؤال على من ينتقد طريقة وصولي إلى الأمانة العامة أو طريقة تدبيري للحزب: ألم يحسم القضاء في كون الانتخابات جرت بشكل نزيه؟ ومادام القضاء قال كلمته، لا يجب أن نثير الموضوع مرة ثانية. أما اللجنة التنفيذية فمهمتها الأساسية تكمن في مسؤوليتين اثنتين، هما تنفيذ مقررات المؤتمر الأخير، ومقررات المجلس الوطني، بمعنى أنها تنفذ ولا تقرر، وحزبنا يسير بشكل جماعي ولا يخضع للأهواء الفردية، وبالتالي فإن كل القرارات التي اتخذت في المرحلة السابقة أسهم فيها الجميع دون استثناء، سواء ما يتعلق بالانسحاب من الحكومة أو التنسيق مع باقي الأحزاب الأخرى، خاصة فيما يتعلق بالتنسيق السياسي مع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحتى تموقع الحزب في الفترة الحالية هو قرار اتخذه المجلس الوطني. – وماهو تموقعكم اليوم؟ تموقعنا، الآن، هو حزب الاستقلال، نشتغل مع الجميع، وننصت إلى الجميع، ونناقش مع الجميع، ولا نعادي أحدا، ولا نثير الخصومات مع أحد. وهنا أود أن أسجل بأنه لا نبغي أن نسقط في نفس الأخطاء التي ارتكبناها في السابق، وحتى إذا شاركنا في أي تجربة حكومية أخرى يتوجب الاتفاق، أولا، على البرنامج الحكومي، أو سيتكرر نفس سيناريو المشاركة السابقة حينما تم الاتفاق على برنامج معين، ثم أثناء الاشتغال نلفيه معدلا ولا يشبه في شيء النسخة المتفق عليها أول يوم. هذا أمر مرفوض إطلاقا، ولن نقبله في أي تجربة مقبلة، وعلى هذا الأساس نشتغل بشكل جماعي لصياغة برنامج حزب الاستقلال. هل يمكن أن نعرف بعض النقط التي يتضمنها البرنامج الذي تشتغلون عليه؟ نظمنا إلى حدود اللحظة حوالي 12 لقاء جهويا، ومن المنتظر أن ننظم لقاءات أخرى في الكثير من الأقاليم والجهات استعدادا للانتخابات التشريعية المقبلة. لا يمكن الحسم بشكل نهائي، الآن، في برنامج حزب الاستقلال، لكننا ناقشنا كل المواضيع التي تهم المواطنين، والتي تشغل بالهم مثل الصحة والتعليم، بمشاركة كفاءات من داخل الحزب وخارجه، وسنوسع دائرة المناقشة في غضون الأيام القليلة المقبلة. – كان الجميع ينتظر أن تفي بوعدك بالانسحاب من الأمانة العامة للحزب بعد أن سقطت في قلعتك الانتخابية، لكنك لجأت إلى حيلة ماكرة وقلت في خطابك أمام المجلس الوطني إنه لا يمكن الانسحاب من حزب احتل المرتبة الأولى. ألا ترى أن مثل هذه التصرفات تفقد الخطاب السياسي مصداقيته وتساهم في نفور المواطنين من السياسة؟ بالله عليك هل انهزم حزب الاستقلال في الانتخابات الماضية؟ أنا لم أقل أي شيء مما أشرت إليه في سؤالك، وإذا أردت الحديث عن مدينة فاس أحتاج إلى مجلدات طويلة، وأنا بصدد كتابة مذكرات شخصية سأضمنها بعض ما جرى في الانتخابات الماضية. لا أعرف أي زعيم سياسي في العالم تصدر الانتخابات وانسحب من قيادة الحزب؟ هذا أمر يبعث على الضحك في تقديري. ما نعتز به، اليوم، هو حصيلة تسيير حزب الاستقلال لمدينة فاس، ولا أحد سينكر بأني بدأت تجربة تدبير الشأن الجماعي من زواغة سنة 1992 نائبا للرئيس، ومنجزاتنا في العاصمة العلمية يعترف بها الصديق والمنافس في نفس الوقت، سواء على مستوى البنيات التحتية أو بناء المنشآت الثقافية والرياضية أو جمالية المدينة. لقد قمنا بمجهود جبار لن ينكره إلا جاحد، وسنقدم يوم 11 مارس حصيلتنا في تدبير شؤون المدينة من سنة 2003 إلى 2015، وسنبين للجميع كيف أننا أحدثنا ثورة حقيقية في المدينة. – لكن هذه الحصيلة لم تشفع لك خلال الانتخابات الأخيرة، ومنيت بهزيمة قاسية وغير متوقعة. التغيير هو سنة الحياة، والذي يؤمن بالديمقراطية عليه أن يؤمن بالتداول، وقد نتفهم رغبة السكان في التغيير وتجربة وجوه جديدة، وهزيمتنا في فاس كانت من صميم الديمقراطية المغربية. – لم يتبق الكثير عن الاستحقاقات التشريعية المقبلة، وقد بدأت التكهنات تتناسل بشأن تحالفات حزب الاستقلال: أقرب إلى العدالة والتنمية بعيدا عن «البام». إلى أي مدى يمكن أن تكون هاته الصيغة صحيحة؟ هاجسنا، اليوم، قبل البحث عن أي تحالف مستقبلي هو إحياء الكتلة الديمقراطية، وهو رهان نسعى إليه. ونحن نعمل بمعية حزبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية من أجل بث الروح فيها، وإذا أرادت أن تلتحق بعض الأحزاب التاريخية الديمقراطية بالكتلة فمرحبا بها. – أتقصد أن ثمة مشاورات بين هاته الأحزاب؟ نعم، ثمة اتصالات بين الأحزاب الثلاثة، وثمة لقاءات، وفي القريب العاجل ستخرج مقررات اللقاءات المستمرة إلى الوجود. أما فيما يخص التحالفات، فأكرر مرة أخرى: حزب الاستقلال لن ينخرط في أي تحالف انتخابي إذا لم يكن قويا ومبنيا على أساس خدمة الوطن، لكن ما قلته لا يعني أننا لا نريد معارضة قوية، فالأغلبية والمعارضة ثنائيتان متلازمتان وتخدمان الديمقراطية بنفس المقدار. – بعض قادة العدالة والتنمية يتوقعون أن يكون تحالف الاستقلال و»البيجيدي» كافيا لتشكيل الأغلبية الحكومية المقبلة. هل تتفق مع مثل هذه التكهنات؟ الحسم في مآل التحالفات أمر سابق لأوانه، فلا أحد منا يتنبأ بنتائج الاقتراع المقبل، والأحوال تتبدل كثيرا بين شهر وشهر ويوم ويوم. – متى بدأتم المشاورات مع أحزاب الكتلة الديمقراطية؟ النقاش كان دائما مفتوحا، لكن بعد الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة أصبح مطروحا بحدة بين مكوناتها، وأظن أننا في مارس المقبل سنعلن عن بعض الأمور المتعلقة بالكتلة الديمقراطية بناء على المشاورات، وقد يكون هناك لقاء مشترك أو تصورات جديدة تهم العمل الحزبي. لندع المشاورات تنضج أكثر فأكثر. – يعيش الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على إيقاع الانقسام، ويبدو أنه سيندحر أكثر في الانتخابات التشريعية المقبلة، هل ستتحالفون مع هذا «الرجل المريض»؟ الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حزب تاريخي قوي، وقد صمد في لحظات حاسمة من تاريخ مغرب ما بعد الاستقلال، ولا يمكن أن يندحر بسهولة كما قد يعتقد البعض. بطبيعة الحال، يعيش بعض المشاكل الداخلية كباقي الأحزاب السياسية الأخرى، لكن سيتجاوزها عاجلا أم آجلا. ثمة مخاض على المستوى السياسي الدولي، والعالم يتحرك وأنت رأيت كيف أن بوديموس في إسبانيا واليسار في اليونان يتحكمان في الخريطة الانتخابية وأحدثا رجة في الاتحاد الأوربي. ولذلك أقول إن الاتحاد الاشتراكي سيصبح قويا في المستقبل. – هل تحس بأن ثمة استهدافا لأحزاب الحركة الوطنية؟ الاستهداف ليس جديدا على كل حال، ولم يتوقف منذ حصل المغرب على الاستقلال، ولا أظنه سيتوقف يوما، وأتصور أن كل الأحزاب الإدارية التي أسست كانت بهدف مواجهة أحزاب الحركة الوطنية وإضعافها، لكنها مع كل الوسائل التي توافرت لديها لم تستطع الإجهاز على هاته الأحزاب. الاستهداف سيبقى قائما وبوستة كان مرشحا ليصبح وزيرا أول سنة 1994 في إطار تجربة التناوب التوافقي، لكن أجهض الحلم وقتذاك، وطالما استمر الاستهداف سنقاوم ولن نساوم. – الكثير من الأعضاء داخل اللجنة التنفيذية كانوا يريدون رأس شباط، ووجدوا في هزيمتك المدوية في فاس فرصة للاقتصاص منك، كيف أفلتت من مناورة ما سمي ب «شباط ارحل»؟ أرى أن الأمر طبيعي جدا أن يطلب رأسي كما قلت. لقد امتزج الطموح الشخصي بالتدخل الخارجي من أجل إسقاطي من قيادة حزب الاستقلال، بيد أنني أرى كل ما حدث عاديا وطبيعيا جدا في حزب يعرف حراكا دائما. والذي أبغي التأكيد عليه هو أن حزبنا محصن بنظامه الداخلي وبنضالاته الديمقراطية وقوة عزيمة مناضليه ومناضلاته، وبالتالي لا يمكن اختراق الديمقراطية الداخلية للحزب. – دشنت في 11 يناير الماضي مصالحة مع القيادات الاستقلالية الغاضبة من مقررات المؤتمر الأخير بحضور شخصيات استقلالية وازنة يتقدمها امحمد بوستة وعبد الكريم غلاب، ويمكن تفسير الأمر بأنه نوع من «صحوة الضمير» أو «مراجعة الذات» بعد شهورا فقط عن موعد الانتخابات التشريعية المقبلة. قرار ما وصفته بالمصالحة اتخذه المجلس الوطني للحزب، ونحن لم يكن علينا سوى أن ننفذ مقرره بشأن وحدة الحزب. الخلاف بيننا كان فقط حول طريقة تدبير الحزب، وهو أمر محمود لتقوية الديمقراطية داخل الحزب، وأنا صرحت بعد فوزي في انتخابات الأمانة العامة بأنني أمين عامل لكل الاستقلاليين ولم أستثن أي أحد. – أريد أن أسألك بشكل واضح: هل ستترشح مرة ثانية لمنصب الأمانة العامة في المؤتمر المقبل؟ بطبيعة الحال سأترشح في الانتخابات، فهذا ليس طموحا شخصيا فقط، بل هو طموح الكثير من الاستقلاليين.