كيف تجدون برنامج تأهيل 25 ألفا من حاملي الإجازة للحصول على شهادة الكفاءة المهنية؟ عندما نقوم بقراءة سيميائية لملصق هذا البرنامج نستحضر الملاحظات التالية: الملصق يتضمن التحفيز المالي والمعرفي في إطار الكفاءة المهنية، كما يتضمن التنسيق بين مجموعة من مكونات التكوين في المغرب، الجامعة ومؤسسات التكوين المهني، ويتضمن مضمون التكوينات 21 تكوينا بالجامعة و13 تكوينا بمؤسسات التكوين المهني. هذه القراءة تدفعنا إلى ملاحظة ثانية كون جامعاتنا ومؤسسات التكوين المهني تعتمد في تكويناتها الأساسية على المعارف العامة دون المعارف التي تؤدي إلى الكفاءة، مما يدفعنا إلى التساؤل: لماذا لا تعمل جامعاتنا ومؤسسات التكوين على الجمع بين التكوين العام وتكوين الكفاءة المهنية؟ وهل يجب انتظار هذا البرنامج لكي تفكر جامعاتنا ومؤسسات التكوين المهني في هذه الوصفة الأعجوبة التي ستؤهل 25 ألف شاب وهل المؤسسات ذات الاستقطاب ستساهم في هذا الحل السحري؟ هل يمكن اعتبار هذا البرنامج آلية للحد من البطالة، أم أنه سيساهم في تفشيها في ظل غياب بنيات استقبال للمكونين داخل سوق الشغل إن تعليمنا مريض على جميع المستويات ويحتاج إلى تغيير جذري لكي يصبح فاعلا، فموضوع إصلاح التعليم الجامعي ومؤسسات التكوين المهني مطروح بحدة وهو بذلك يعتبر مشروعا مجتمعيا يجب أن يبنى على الثقة المتبادلة بين هذه المؤسسات ومحيطها، وبين القيمين على هذه المؤسسات في الإمكانيات التي يمكن أن يقدموها من خلال المعارف العامة والكفاءة المهنية، أي السعي إلى تحويل المعرفة النظرية إلى سلوك عملي ولتحقيق ذلك يجب التخفيف من محتويات المواد الدراسية، أي تقليص الكم المعرفي نحو الاهتمام بإنماء الكفاءة، «ربط التعليم بالواقع الاجتماعي المعيشي حتى يكون له معنى». والحديث عن المشروع المجتمعي يقتضي طرح مقاربة شمولية للآليات المتحكمة في التكوينات التي تقدمها المؤسسات الواردة في الملصق والمنوط بها تقديم البرنامج، فلا يكفي انفتاحها على محيطها، والمقولة قد نعتبرها متجاوزة لعدة أسباب فإذا كانت هذه المؤسسات مازالت محدودة التأثير في إحداث النمو الاجتماعي والاقتصادي، فذلك لا يعود إلى نظرتها إلى نفسها وإلى مدى تنظيم أوضاعها الداخلية وحسب، بل يعود بصورة أكبر إلى نظرة المجتمع والدولة لها. هل يمكن الحديث عن إجراء حقيقي يحكم التفكير في مثل هذه البرامج مبني على مقاربة شمولية توفر للطالب الشاب مستقبلا ما بعد التكوين؟ النظرة الشمولية لا تقتصر على مجموعة من عناوين التكوينات التي ستقدمها الجامعة أو مؤسسات التكوين المهني، والتي يصل عددها إلى 34 عنوانا ولكن المهم هو الكيف، فهل تمت قبل التفكير في هذه التكوينات دراسة الجدوى ومناقشة شمولية مع المعنيين في الجامعة ومؤسسات التكوين المهني؟ وهل ستعمل وزارة المالية على توفير العبء المالي لهذه المؤسسات؟ وهل تتوفر هذه المؤسسات على الموارد البشرية ذات الكفاءة لتقديم مثل هذه التكوينات؟ أسئلة نطرحها قبل الإقدام على برنامج طموح ويستحق الاهتمام على مستوى المدخلات قبل المخرجات المتمثلة في الكفاءة المهنية لسوق غير قادرة على استيعاب خريجي تراكم المعرفة ولا خريجي تراكم الكفاءة.