موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    موتسيبي: كأس أمم إفريقيا للسيدات المغرب 2024 ستكون الأفضل والأنجح على الإطلاق    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب        صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قطاع التعليم.. السيناريوهات الممكنة للإصلاح
في المناظرة الوطنية السابعة حول جودة التعليم التي نظمتها «أماكن»
نشر في المساء يوم 24 - 06 - 2014

عادت الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم، والمعروفة اختصارا ب«أماكن» لتتناول موضوع التعليم من خلال المناظرة التي نظمتها يوم السبت الأخير، والتي اختارت لها محورا أساسيا هو الجودة. وفي الورقة التقديمية التي عرضتها الجمعية، نكتشف كيف أن قضية الإصلاح الذي تتطلع له منظومة التربية والتكوين لا يعني فقط وزارة القطاع ولكنه يعني المجتمع ككل. لذلك كان لا بد أن ينخرط الجميع في وضع التصور الذي تحتاجه المدرسة المغربية اليوم
لا يزال إشكال إصلاح منظومة التربية والتكوين يشكل الهم الأساسي الذي يشغل بال وزارة السيد رشيد بلمختار، كما يشغل المهتمين وكل الرأي العام. لذلك انخرطت عدد من جمعيات المجتمع الدني في وضع تصورات ترى أنها مناسبة لأسس هذا الإصلاح. ومن ذلك الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم المعروفة اختصارا ب»أماكن»، والتي ظلت تنجز في متم كل سنة دراسية دراسة هي بمثابة تقييم لحال المدرسة المغربية.
وفي مناظرتها حول جودة التعليم، اختارت أماكن أن تعقد ندوة اختارت لها شعارا دالا هو» أي تصور لتعليم نبنيه وفق تعاقد مجتمعي». وهي المناظرة التي اعتبرت في ورقتها التقديمية أنه لما كانت جميع المجتمعات تتوق إلى غد أفضل وتسعى دائماً إلى التقدم والرقي، شكلت التربية والتعليم دائماً سبيلها الأنجع، إن لم نقل الأوحد، لبلوغ مراميها. ومع التطور الكبير الذي بصم الحضارة الإنسانية، وما استجد من معارف في عصر العلوم والتكنولوجيا، أصبح لزاما على المجتمعات المعاصرة أن تستثمر في أفرادها بالشكل الذي يوفر لهم قدراً عالياً من التعليم لمواجهة التحديات الكبيرة التي فرضتها العولمة بجميع تجلياتها، خاصة على المستويات الاقتصادية والثقافية. ومن هنا، تضيف الورقة التقديمية للندوة، تأكيد جديد للدور الهام للمنظومات التربوية والمسؤولية الخطيرة التي تتحملها في إعداد الأجيال القادرة على رفع تحديات العولمة ومواجهة
متطلبات مجتمع المعرفة. ولئن كانت هذه المسؤولية تتحملها بنفس القدر المنظومات التربوية في جميع المجتمعات، فإنها تزداد أهمية عندما يتعلق الأمر بالبلدان التي تعاني من المشاكل التنموية، التي ينظر إليها على أنها المخفف من تبعات التخلف حالا، والمنقذ من مسبباته استقبالا.
لذلك فاستحضاراً لهذه الأدوار الكبرى التي تلعبها التربية والتعليم، ووعياً بما يعيشه مجتمعنا من تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية في سياق إقليمي ودولي يطبعه عدم الاستقرار، وضعت مناظرة «أماكن» حول جودة التعليم جملة من السيناريوهات الممكنة للإصلاح.
أول هذه السيناريوهات، هو اعتبار التربية قضية المجتمع ومكوناته، قبل أن تكون قضية الدولة. إنها تسعى لإثارة نقاش عمومي عميق حول المنظومة التربوية الوطنية، بمشاركة مختلف الفعاليات الوطنية والأطراف المهتمة، من خلال طرح الاختالالت الكبرى التي تعاني منها
منظومتنا، واقتراح تصور عملي لمعالجتها. وذلك في إطار نسقي وشمولي تتم فيه مقاربة المنظومة كنسق مترابط ومتكامل ومتفاعل داخلياً، لكن أيضاً مع باقي مكونات المجتمع والدولة وبشكل دينامي. ولعل هذه الأسس والمنطلقات، كما ترى المناظرة، هي التي تفرض طرح قضية المسؤولية الجماعية على ضوء الوظائف الجديدة والمتجددة للمدرسة المغربية، باعتبار الأدوار المنوطة بمختلف الأطراف المعنية بتأهيل المواطن المغربي حتى يكون فاعلا ليس فقط في مجتمعه، وإنما في المجتمع الإنساني ككل.
أما السياق العام الذي فرض على جمعية «أماكن» أن تواصل انخراطها في هذا المسعى حول قضايا التربية والتعليم، فهو كون الأمم المتحدة أطلقت أخيراً مبادرة قيمة تحت عنوان «التعليم أولا» في محاولة لدفع المنتظم الدولي للتحرك لتدارك الفشل الوشيك في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، وأهداف التربية للجميع.
لقد كان المغرب قد جعل من التربية أولوية وطنية، بعد أن كان قد عرف عدة إصالحات في مجال التربية والتكوين منذ الاستقلال كان آخرها اعتماد الميثاق الوطني للتربية والتكوين في نهاية القرن الماضي. وهي إصلاحات لم تتسم بالشمولية. بل كانت على شكل مسكنات، تقول أرضية مناظرة أماكن، في الوقت الذي ظل فيه قطاع التربية والتعليم يعاني من جملة من المشاكل المزمنة والحادة، والتي تفاقمت مع مرور الزمن، وأصبح إصلاحها رهينا بالتفكير في تصور جديد للمنظومة التربوية المغربية. تفكير يستحضر اعتماد المغرب دستورا جديدا يؤسس لانطلاقة جديدة للوطن، مبنية على قيمه الحضارية، ومتطلعة للمساهمة الفاعلة في بناء التراث الإنساني المشترك.
وتعترف مناظرة «أماكن» أن الميثاق الوطني للتربية والتكوين شكل نقلة نوعية في مجال الإصالح التربوي، نظراً بالخصوص لأنه شرع في نقل التربية والتكوين من مجال التنازع السياسي، إلى مجال التوافق المجتمعي، ولأنه نجح كذلك، إلى حد ما، في وضع هندسة متكاملة للمنظومة التربوية اتسمت بعشرية الإصلاح بتحقيق قفزة نوعية فيما يتعلق بولوج الأطفال المغاربة للتعليم. لذلك ينبغي اليوم أن نستثمر هذا النجاح في تجاه ضمان الولوج إلى تعليم ذي جودة بالنسبة للملتحقين الجدد من جهة، وضمان تعلمات جيدة لمن هم في المدرسة، بعد أن أكدت الدراسات أن حوالي 57 في المائة من تلامذتنا لا يمتلكون الحد الأدنى من الكفايات.
على الرغم من كل سنوات الإصلاح، لا يزال هذا الورش الهام لم يُجب بوضوح عن سؤال المشروع المجتمعي، رغم أن هذا الأخير يشكل المدخل الطبيعي لأي إصالح تربوي عميق.
وعليه، فإن سؤال المرجعية المجتمعية للإصالح التربوي، يفرض نفسه لا محالة عندما نريد أن نضع تصوراً لإصلاح جذري للمنظومة التربوية. كما أن التعبئة المجتمعية ومشاركة جميع الأطراف في تقاسم التصور وتنزيله، تظل من أهم الأسئلة التي يجب طرحها عند الحديث عن إصالح من هذا النوع. من هنا فإن الأهداف الأساسية التي سعت إليها مناظرة «أماكن» الوطنية تمثلت في مقاربة إشكالية المشروع المجتمعي من خلال مناقشة الأسئلة التالية، والبحث عن أجوبة شافية لها. وهي ماذا نعني بالمشروع المجتمعي؟ وما مقوماته الكبرى؟ وكيف يمكن بناء تصور للمشروع المجتمعي؟ وما دور الدستور في تأطير وضع هذا التصور؟ ثم ما أدوار مؤسسات المجتمع والدولة في بناء هذا التصور؟
إن مناقشة ملامح تصور جديد للمنظومة التربوية يستهدف تحسين جودة التعلمات لجميع المتعلمين والمتعلمات، وتربيتهم على قيم الوطن والمواطنة، يفرض أيضا محاولة الجواب على الأسئلة التالية، كيف نترجم المشروع المجتمعي إلى قيم ومهارات ومعارف محورها الجودة؟
وكيف ننتقل من منظومة تربوية تعتمد منطق التعليم، إلى أخرى تعتمد منطق التعلم؟ وما هي شروط ومقومات تحقيق التعلم الجيد لجميع المتعلمات والمتعلمين؟ وكيف يتسنى للدولة لعب دور الضامن لجودة التعلمات؟
أما لتدارس سبل جعل التربية والتعليم مسؤولية مشتركة بين جميع قطاعات الدولة المعنية ومنظمات المجتمع، فيحتاج منا لمناقشة الأسئلة التالية، وهي كيف نجعل من التربية والتعليم موضوعاً لتعاقد مجتمعي بين مختلف الأطراف المعنية؟ وما هي أدوار ومسؤوليات كل طرف من هذه الأطراف؟ وما هي التدابير والآليات الكفيلة بضمان تنفيذ هذا التعاقد المجتمعي حول المدرسة؟
هذه هي الملامح الكبرى التي اختارت «أماكن « أن تجعلها محاور للمناظرة الوطنية السابعة حول الجودة في التعليم، والتي عرفت مشاركة عدد من الأكاديميين من أمثال الأستاذ حسن الصميلي الذي تناول موضوع ملامح المشروع المجتمعي من خلال دستور 2011 ودور المنظومة التربوية في بنائه.
والأستاذ عبد الرحمان لحلو، الذي تساءل كيف ننتقل من منظومة تربوية تعتمد منطق التعليم إلى أخرى تعتمد منطق التعلم؟ وسعيدة الوازي التي تناولت موضوع «مقومات التعاقد المجتمعي حول المدرسة». والأستاذ عبد الرحيم ليه الذي شارك بموضوع حول «بعد التربية والتكوين في الرؤية المستقبلية الوطنية» ثم الأستاذ محمد ستيتو، الذي قدم تصور جمعية «أماكن» حول المنظومة التربوية المغربية.
عاشت المدرسة المغربية منذ جاء إلى وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني السيد بلمختار وزيرا بدلا من السيد محمد الوفا، عدة انتظارات ظلت في مجملها تعني قضية إصلاح منظومة التربية والتكوين. ولذلك كانت قد انخرطت في العملية بعض الأحزاب وبعض النقابات. كما انخرطت جمعيات المجتمع المدني، خصوصا المهتمة بالقطاع. ولعل من أكبر هذه الجمعيات جمعية «أماكن» التي ظلت وفية لوضع خلاصة تقييمية لواقع القطاع، قبل أن تختار أن تنظم اليوم مناظرة تحت شعار الجودة. وهي المناظرة التي يفترض أن تسثتمر خلاصاتها في عملية الإصلاح التي سنعيشها في الموسم الدراسي المقبل.
أحمد امشكح
مساءلة نظام التقويم الإشهادي في التعليم المدرسي
أغلب الإصلاحات التعليمية في بعدها المنهاجي لم تخضع بكيفية جدية وعليمة نظام التقويم الإشهادي- كجزء أساسي وحاسم من المنهاج التعليمي – لتقويم بيداغوجي علمي ولإصلاح بيداغوجي تحديثي وفعال؛ بحيث مازال هذا النظام التقويمي في معظمه تقليديا واعتباطيا، رغم خطورته وحساسيته الكبيرتين، حيث إنه هو المعيار الحاسم في الحكم على نجاعة وجودة النظام التعليمي ككل (مناهج وبرامج، اختيارات بيداغوجية...)، وعلى نجاعة وفعالية ومردودية الأطر التعليمية، وهو يشكل كذلك آلية أساسية من آليات الانتخاب أو الإقصاء الاجتماعيين من خلال تحكمه في مصير ومسار التلاميذ الدراسيين والمجتمعيين، وبالتالي في حقهم في التعلم والعيش الكريم والمتحضر. وبالتالي فإنه يرهن كذلك التنمية الفردية والمجتمعية من خلال الأطر والنخب الاجتماعية التي يتحكم في إخراجها إلى الوجود الاجتماعي في بعده الاقتصادي والثقافي والقيمي والعلمي والتكنولوجي...
الملاحظ، أنه ورغم العديد من التقييمات والتشخيصات(الوطنية والدولية) لمنظومة التربية والتعليم المغربية، فإنه لم يتم تقييم وتشخيص طبيعة واختلالات نظام التقويم والإمتحانات في المدرسة المغربية، باعتباره جزءا أساسيا وحاسما في المنظومة التعليمية.
تمدنا الأدبيات البيداغوجية بعدة أصناف من التقييمات: تقييم تشخيصي، تقييم تكويني، تقييم ختامي/نهائي، ومنه التقييم الإشهادي، الذي هو تقيم يأتي في نهاية مرحلة أو سلك دراسيين قصد الحصول على شهادة دراسية معينة.
سنحاول، فيما يلي، إلقاء بعض الضوء على بعض الاختلالات التي تعتري التقويم الإشهادي في نظامنا التعليمي المدرسي، في أسلاكه الثلاثة، خصوصا الابتدائي، على مستوى أهداف التقويم، وأدواته ومنهجياته، ووضعياته، وزمنه، وخلفياته البيداغوجية في علاقة مع الأهداف والاختيارات التربوية للنظام التعليمي المغربي، وكذا من حيث علاقته بمبادئ الإنصاف والموضوعية التي تهم الحقوق البيداغوجية للتلاميذ. وهدفنا فقط إثارة بعض الأسئلة والملاحظات الأولية التي تهم التقويمات الإشهادية.
من المعروف، أنه لا يمكن فصل نظام التقويم عن الإختيارات والنماذج البيداغوجية، من جهة، وعن التصورات والتخطيطات والتنظيمات المنهاجية المعتمدة؛ فإذا كان المنهاج التعليمي الحالي قد هُندس انطلاقا من اختيارات بيداغوجية تقوم على ثلاثة نواظم أساسية: بيداغوجيا الكفايات(البيداغوجيات الحديثة والفعالة)، والتربية على الاختيار، والتربية على القيم؛ وتقوم كذلك على هدف مركزي: جعل التلميذ/ة مركز كل العمليات والتدخلات التعليمية، ليكون فردا فعالا(مبدعا، مبتكرا، ناقدا، منتجا...) ليساهم في النهضة العلمية والتكنولوجية لوطنه، من أجل مساهمته في التنمية المجتمعية الشاملة...فإن نظام التقويم الإشهادي(بل غالبا حتى البرامج والمناهج المُنزلة) لا تعكس هذه الأهداف والاختيارات البيداغوجية والمجتمعية؛ إذ نلاحظ أن جل التقويمات الإشهادية مازالت تقليدية، حيث تحكمها برادغمات واختيارات البيداغوجيا التقليدية المتمركزة على المضامين والذاكرة، من خلال وضعيات تقييمية تستهدف اختبار القدرة على استرجاع المعلومات والمضامين،عوض وضعيات تقييمية تستهدف الكفايات والفعالية الذاتية للمتعلم/ة؛ إضافة إلى اعتباطية منهجية التقويم ومعايير التصحيح وسُلم التنقيط. كما أن المواضيع/المواد المستهدفة بالتقويم يغلب عليها التضخم وعدم التمييز بين ماهو أساسي وحاسم فيها، وما هو ثانوي. فمثلا فبالسنة السادسة من التعليم الإبتدائي، المتعلم مطالب في الفروض والموحد المؤسسي بالتقويم في كل المواد (حوالي 10 مواد)؛ في حين إنصافا لمتعلم هذا المستوى ووعيا بقدراته النمائية، وتخفيفا عنه وضمانا لحقه في النجاح، واستحضارا للأهداف والغايات التربوية الأساسية، كان من الممكن الاقتصار على الكفايات والمواد الأساسية المرتبطة باللغات (العربية والفرنسية) وبالتربية العلمية(رياضيات نشاط علمي)؛ كما أن المعاملات والأوزان المعطاة للمواد لا تعكس ولا تكرس أهداف الفلسفة والسياسة التعليميتين المعلنتين. مع تسجيل غياب الاهتمام بالتكنولوجي.
بالنسبة للتعليم الثانوي التأهيلي في مختلف شعبه ومسالكه،لا حظنا على العموم في تقويماته الإشهادية توازنا في المعاملات والمواد المستهدفة نظرا لوجود التخصص الذي يفرض ذلك، لكن لا يوجد غالبا التزاما بالتقويم حسب مقاربة الكفايات. كما أنه يمكننا أن نتساءل حول موضوعية وعلمية تحديد المدة الزمنية المرتبطة بتقويم كل مادة: هل تم تحديد المدة الزمنية انطلاقا من دراسات نظرية وتجريبية وهل التقويمات عند بنائها تراعي مسألة الفروقات والإيقاعات لدى التلاميذ؟ مما يجعل مسألة إنصاف التلاميذ وتوفير شروط الحق في النجاح موضوع تساؤل.كما تُطرح مسألة ومشكلة الفرق الشاسع بين نقط الفروض/المراقبة المستمرة والتقويمات على المستوى المحلي او الإقليمي أو الجهوي أو الوطني.
كما نود طرح مسألة حيوية تتعلق بمنهجية التقويم التي تطغى عليها خلفيات البيداغوجيا التقليدية؛ إذ نجد أغلب الوضعيات التقييمية تستهدف الذاكرة فقط والقدرة على استرجاع وحفظ المعلومات، والأسئلة النمطية والتقريرية والأحادية...في حين المقاربات البيداغوجية الحديثة في التقييم، والتي تعتمد مقاربة الكفايات، فإن منهجية بناء الوضعيات التقويمية تستهدف خاصة كفايات وقدرات التلميذ. ومدى قدرة التلميذ على استثمار وتوظيف مكتسباته الدراسية ومختلف المصادر المعرفية في حل وضعية مُركبة، أو القيام بمهام وأداءات مُركبة. لأن المطلوب في العصر الحالي هو كيف توظيف واستثمار المعرفية في حل المشكلات والمعضلات الكثيرة والعويصة للمجتمعات العصرية، وكيف جعل المعرفة في خدمة التنمية والتقدم والإبداع والاختراع والإنتاج. أي المطلوب هو فرد فعال ومنتج ومساهم أساسي وضروري في مشروع التنمية والتقدم والقيم الوطنية والإنسانية؛ وعليه، فإن المنهاج التربوي يجب أن يبنى على هذه الأهداف والاختيارات الاستراتيجية، ومنه يجب بناء وضعيات تقويمية تستهدف فعالية التلميذ وقدراته الذاتية، من خلال وضعيات ومهام مُركبة، ونترك له حرية استعمال مختلف الوثائق والمصادر الدراسية وغيرها، عوض إرهاقه بحفظ تلك الأطنان من المقررات الدراسية، كما أن هذا الاختيار المنهجي سيعفينا من مشاكل الغش والعنف التي ترتفع حدتها مع كل تقويم اشهادي.
محمد الصدوقي

خوجة: الداودي أخفق في تطوير التدريس بالجامعات وفشل في محاربة الفساد
قال إن الفساد مستمر بقطاع التعليم العالي في الصفقات وسندات الطلب والتوظيفات الحزبية
يعاني قطاع التعليم العالي من العديد من المشاكل التي ما فتئت تطفو على السطح، كمسألة التوظيفات داخل الجامعات والتعيين في مناصب المسؤوليات، والصفقات المبرمة ...وهي مشاكل تفجر بعضها بإحدى الجامعات خلال السنتين الأخيرتين، في هذا الحوار يحدثنا محمد خوجة الكاتب العام للجامعة الوطنية لقطاع التعليم العالي المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، عن علاقة نقابته المتوثرة مع وزير التعليم العالي، وعن أسباب ودواعي هذا التوثر الذي لم يعد خفيا أخيرا، كما يحدثنا خوجة عن أوجه الفساد داخل قطاع التعليم العالي، وعن المشاكل التي لم يستطع الداودي التغلب عليها، كما يتحدث خوجة عن علاقة نقابته بحزب العدالة والتنمية الذي يحمل أحد قيادييه حقيبة وزارة التعليم العالي ...
- بعد مرور أزيد من سنتين على تدبير قطاع التعليم العالي من طرف السيد لحسن الداودي، هل يمكن أن تعطونا تقييما لهذه المرحلة؟
نشكركم على إتاحة هذه الفرصة للحديث عن مشاكل التعليم عبر الركن الأسبوعي للجريدة، وبالرجوع لسؤالكم يمكن القول إن قطاع التعليم العالي لم يعرف تلك النقلة النوعية التي تستجيب لتطلعات الشعب المغربي، كما أن الوزير اختزل مسألة إصلاح التعليم العالي وقزمها رغم أنها قضية أمة مغربية بكل مكوناتها، وليست قضية وزير والنقابة الوطنية للتعليم العالي، فكان تعاطيه مع مقترح المناظرة الوطنية سلبيا، كما كل المبادرات التي تروم فتح النقاش العمومي حول موضوع إصلاح التعليم العالي وأول خطواته، أي الإصلاح، امتلاك القرار السياسي في منظومة التربية والتكوين.
على مستوى التدبير والحكامة حينما رفع السيد الوزير شعار محاربة الفساد تفاعلنا معه بشكل إيجابي، ولأنه يمتلك وسائل وأدوات الدولة طلبنا منه إيفاد لجان التفتيش لعدد من مؤسسات التعليم العالي التي تعاني اختلالات كبيرة ( جامعة ابن زهر أكادير – جامعة فاس – جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء (كلية الطب )...) وتحدثنا عن توظيفات مشبوهة ولجان توظيف حزبية، وبالرغم من فتح تحقيق في الاختلالات على مستوى الإدارة المركزية وإعفاء عدد من المتورطين في هذه الاختلالات التي وصفها الوزير في حوارات مع عدد من المنابر الإعلامية بالخطيرة وأحالهم حسب تصريحاته للقضاء، فإذا بنا نفاجأ برجوع هؤلاء المتورطين للعمل بمؤسسة الكتابة العامة !!!. كما نبهنا لخطورة اعتماد معايير انتقاء المدراء المركزيين التي تتنافى والمبدأ الدستوري» تكافؤ الفرص وعدم التمييز» حيث حصر التباري على هذه المناصب على فئة الأساتذة الباحثين دون غيرهم من الأطر التي تتوفر فيها الكفاءة والتجربة المهنية. لا شك أن التركة ثقيلة من حيث الإخفاقات والاختلالات، لكن ما الذي يمنع من إنجاز نقلة نوعية والتأسيس لمنطق جديد في التدبير أساسه الشفافية والموضوعية في معايير التوظيف والمسؤولية عوض الانتصار للفئوية والانخراط في دينامية تعكس تصور العدالة والتنمية الإصلاحي وتوجهه لمحاربة الفساد. وعوض ذلك أبقى السيد الوزير على الحرس القديم متحكما في مفاصل الوزارة.
- ما هي المشاريع الإصلاحية التي تعبرون أن الوزير قد فشلت فيها إلى حدود الساعة ؟
لقد فشل في رسم سياسة لتطوير التدريس بالجامعات ( منطق التجريب في الهندسة البيداغوجية)، وفشل على مستوى إرساء سياسة للبحث العلمي تستوعب القطاعات العمومية وتجذب القطاع الخاص وتوظف مؤسسة من أنجح مؤسسات التمويل وهي مؤسسة الوقف، كما فشل في محاربة الفساد على مستوى الوزارة، فكيف بمحاربة لوبي الامتيازات والفساد على الصعيد الوطني(التعليم العالي). وفشل أيضا في إرساء مقاربة تشاركية، وعلى عكسها كرس منهجية الإقصاء في حق نقابة الجامعة الوطنية لقطاع التعليم العالي ويتجاهل طلباتها، في حين يدعم ماديا النقابة الوطنية للتعليم العالي التي يرأسها عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي ويستقبلها ويلبي طلباتها، بما في ذلك إبطال لجان انتقاء العمداء والمدراء. كما أن ورش تعديل القانون 00.01 يتم في تغييب تام لنقابتنا كما هو الحال في القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للتربية والتكوين بالمنهجية نفسها وعد بالإشراك ثم إقصاء وتغييب.
وعلى مستوى التدبير التربوي هناك ارتجالية كبيرة تتجلى في اجتهادات السيد الوزير والتي لا تنفذ عادة إما لتعارضها مع دفاتر التحملات البيداغوجية أو لوجود ثغرات قانونية تحول دون تنفيذ هذه الاجتهادات، في السياق نفسه جاء تجميع جامعتي الرباط والدار البيضاء -- والتي نحذر من مغبة الاستيلاء على مقارها لأغراض تجارية-- كقرار لم يراع سياقات التنمية والتي باستقراء التجارب الدولية نجد أن خلق الجامعات وتكثيرها يندرج ضمن أولويات وطنية لدعم التميز الجهوي واستجابة للطلب المتزايد على التعليم العالي كوسيلة للارتقاء الاجتماعي والتجميع يجب أن يكون على مستوى مختبرات البحث التي تشتغل في الحقل المعرفي نفسه والتخصص الدقيق نفسه، في إطار الاستفادة وترشيد استعمال موارد المختبرات المكلفة، وفتح المجال أمام مؤسسة الوقف كمؤسسة يمكن أن توفر موارد مالية لا حصر لها لتمويل البحث العلمي وتطوير أساليب التدريس.
- لاحظنا أخيرا أن لغة نقابتكم تجاه تدبير الوزارة لعدد من الملفات قد أصبحت حادة ومنتقدة بشكل مباشر أداء وزير التعليم العالي المنتمي لحزب العدالة والتنمية، الذي يصفه البعض بالذراع السياسي لنقابتكم، بل دعوت شخصيا في أحد تعليقاتكم على صفحتكم بالفيسبوك الوزير باعتزال السياسة، وأن يبقى تكنوقراطيا؟ هل يمكن توضيح أسباب ذلك؟
هناك شراكة بين المركزية النقابية الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب وحزب العدالة والتنمية، ولسنا ذراعا نقابيا لأحد، رغم أنه على مستوى القناعة السياسية الفردية عدد كبير من مناضلينا أعضاء ويتحملون مسؤوليات في الحزب هذا للتوضيح فقط، وهذا لا يتنافى مع القيام بواجبنا في الدفاع عن الفئات التي نمثلها، ونحن في الجامعة الوطنية لقطاع التعليم العالي أعلنها منذ أول يوم لهذه الحكومة أن هذه الشراكة ليست شيكا على بياض، وبالرجوع لبياناتنا التي تحمل مواقفنا من مجمل القضايا سواء التدبيرية والتعاطي مع الإشكالات التربوية ستجدون مواقفنا واضحة منحازة للمصلحة العليا للوطن ومنتصرة للقضايا العادلة والمشروعة للموظفين. الوزير وعبر انفراده بالقرارات وتجاهله للشركاء الاجتماعيين باستثناء النقابة الوطنية للتعليم العالي (التي لم تعد تمثل إلا الفصيل السياسي الذي يحتكر القرار بها) حطم آمالنا (كمغاربة وناخبين وموظفين أساتذة وإداريين) في التغيير المنشود والإصلاح العميق الذي يتجاوز الإجراءات السطحية ليخلخل بنية فاسدة مرتبطة بعهود سابقة، ولذلك لا يحق لأحد أن يزايد على وطنيتنا لأننا نقدم تضحيات يومية من خلال صمودنا أمام لوبيات الفساد والامتيازات التي تهدد مناضلينا من أساتذة وإداريين نظرا لاستماتتهم في فضح الفساد، وسنبقى صامدين في الميدان ولأن المسؤولين وزراء ورؤساء جامعات وعمداء ومدراء كلهم إلى زوال، مدة انتدابهم محصورة في الزمان، لكن صدى أعمالهم وأثرها تبقى شاهدة لهم أو عليهم.
- أكدتم غير ما مرة على كون علاقة نقابتكم ليست على ما يرام مع وزير التعليم العالي، خلافا لعلاقته مع نقابة أو نقابات أخرى بالقطاع، هل تعتبرون ذلك تهميشا؟ أم هناك ضوابط تحكم قضية الحوار واستقبال نقابتكم من طرف الوزير؟
في ما يتعلق بالضوابط هناك ما يسمى بالتراكم في العلاقات البينية ومراعاة الاتفاقات والالتزامات السابقة، غير أن الوزير الداودي أحاط نفسه بأناس همهم الأول تدجين العمل النقابي وتركيعه ظنا منهم أنه السبيل الوحيد لفسح المجال أمامهم للعمل، وقد حاولوا معنا مرة بالترغيب ومرة بالتلويح باستحالة الاستجابة لأبسط الحقوق، ومنها الحوار القطاعي الذي توقف وانقطعت جميع قنوات الاتصال بالوزير وبمحيطه وثارة بتأليب منابر إعلامية ضدنا حتى لا تنشر بياناتنا، فتقاطعت مصالح هؤلاء مع الحرس القديم في الوزارة الذي ما عاد يخيفه الوزير الإسلامي الذي لم يتجاوز تهديده للفساد حد القول. نحن كنقابة نيتنا صادقة في أن يتوفق الوزير في اجتثاث الفساد وتجفيف منابعه وأبدينا تفهمنا في البداية لاستعصاء بنية الفساد وتجدرها في الإدارة، لكننا اليوم نتأسف على الزمن المهدور والفرص الضائعة والتي لا تتاح عادة، وسنبقى أوفياء لخطنا النضالي لإحقاق الحقوق ولمنهجنا الأصيل في محاربة الفساد.
- نود لو تفضلتم أن تشرحوا للرأي العام مسألة»تعميم المنحة « على الطلبة، من بالضبط معني بهذا «التعميم»؟
أظن أن السيد الوزير قصد بقوله تعميم المنحة على كل من طلبها، وتتوفر فيه معايير الاستحقاق لأنه لا يمكن الاستجابة لجميع الطلبات على اعتبار الإكراه المالي. في المقابل التعميم الذي يجب أن يكون هو فتح المجال أمام أصحاب الباكلوريا لولوج التعليم العالي بدون قيود، لأن التحجج بالطاقة الاستيعابية لم يعد ينفع ولابد من تمكين حاملي الباكلوريا من حقهم الدستوري في متابعة دراساتهم الجامعية، بل لم لا فتح المجال أمام التعليم مدى الحياة.
- تتحدثون في أكثر من مناسبة عن استمرار الفساد في قطاع التعليم العالي، ما هي أوجه هذا الفساد بالتحديد؟
الفساد مرتبط بغياب الحكامة الرشيدة، والذي يتجلى في غياب الشفافية وعدم توفير الوثائق المالية لأعضاء مجالس المؤسسات (بمثابة المجالس الإدارية). نعم الفساد مستمر من خلال أشكال متعددة فإسناد صفقات كثيرة لنفس المتعهد تطرح سؤال الشفافية، كما أن إسنادها بسندات طلب متعددة لنفس الطلبية يعد تحايلا على القانون والقيام بتوريدات دون جرد ودون تتبع وترقيم، وتركز الوظائف المالية في يد مسؤول واحد ( مقتصد ومخزن ومحدد الاحتياجات... )، كما أن عددا من لجان التوظيف تشوبها الحزبية، وضعف الموضوعية في التوظيف كما في الولوج لوحدات الماستر والدكتوراه. وهناك تعيين لذوي الحظوة والولاء في مواقع المسؤولية، كتاب عامون بالمؤسسات الجامعية نواب رؤساء ونواب عمداء دون إعمال لمبدأ الكفاءة. إضافة إلى غياب تعليل قرارات المسؤوليين الإداريين.
- هل يمكن اعتبار خرجاتكم القوية أخيرا محاولة منكم لإبعاد شبهة مجاراة قرارات وزارة التعليم العالي التي يقودها وزير من العدالة والتنمية؟
غير صحيح، لأننا لا نمارس العمل النقابي التقليدي، كما أننا لن نتحرج من تسويق منجزات الوزير وقراراته إذا كانت إيجابية، فنحن لسنا إمعة، بل إذا أصاب الوزير سنشد على يده ونسانده، وإذا أخطأ فلن تأخذنا عصبية الانتماء السياسي. كما نذكر من يريد النسيان أنه إبان حكومة التناوب قامت مركزية نقابية بتبني الخيار السياسي للحزب الذي تتبع له من خلال منشورات وزعتها، ونحن في الجامعة الوطنية لقطاع التعليم العالي أول نقابة قامت بتنفيذ إضراب وطني بالتعليم العالي في عهد الحكومة الحالية في نسختها الأولى، وهذا يؤكد أن قراراتنا مستقلة لا تخضع للإملاءات، بل تخضع لتقديراتنا التي تحتمل الخطأ كما تحتمل الصواب، ونحن على أتم الاستعداد إن كانت تقديراتنا السابقة قد جانبت الصواب أن نعتذر على الملأ، ونقوم بما يلزم لإعادة الاعتبار لمن أسأنا له، هذه أخلاقنا ومنهجنا.
حاوره - رضوان الحسني
سنة دراسية بيضاء
نقطع اليوم سنة دراسية كان شعارها الغالب هو الانتظار.
فعلى الرغم من كل هذا الاجماع على أن منظومتنا التربوية عليلة وفي أمس الحاجة للإصلاح والعلاج، إلا أن الذين يفترض فيهم تقديم الدواء الأنسب لمدرسة تقول التقارير إن أكثر من نصف تلامذتها لا يحسنون الكفايات الأساسية من كتابة وقراءة وحساب، اختاروا الانتظار وربح المزيد من الوقت.
واليوم حينما نسترجع شريط هذه الموسم الدراسي الذي نودعه، لا بد أن نتوقف عند محطة إبعاد الوزير محمد الوفا بعد كل حودادث السير التي ارتكبها في القطاع، والتي جعلت منه رجلا غير مرغوب فيه، خصوصا حينما قرر بجرة قلم، أو جرة مزاج، أن يلغي كل مشاريع المخطط الاستعجالي التي كلفت ميزانية البلد أكثر من أربعين مليارا. ولا بد أن نقرأ فقرات الخطاب الملكي، التي وضعت الأصبع على داء التربية والتعليم.
لكن ما حدث كبديل لكل هذا، لم يرق إلى مستوى إيجاد الحلول الناجعة لقضية حساسة. فقد جئ بالسيد رشيد بلمختار ليكون وزيرا بدون انتماء سياسي، ضمن فريق حكومي يقال إنه انبتق من صناديق الاقتراع وسيكون مطالبا غدا لتقديم حصيلته لمن اختاره عن طريق هذه الصناديق نفسها.
مع السيد بلمختار ووزارة التربية الوطنية، وجدنا أنفسنا أمام وضع خاص بل واسثتنائي، وطرح السؤال الجوهري حول المسؤولية السياسية. والحصيلة هي أن هذا الباب هو الذي وجده الوزير سبيلا للهروب من كل التزام سياسي لإخراج مشروع الإصلاح الذي تنتظره المدرسة المغربية. ولذلك لم يتردد ولا أحس بالحرج حينما قال إن مشروعه الإصلاحي لن يرى النور إلا في مارس من سنة 2015. أي أننا يجب أن نعتبر هذه السنة تجريبية، أو لنقل إنها سنة تجميع الاقتراحات والتصورات لإصلاح لن يكون أبعد من جعل المدرسة فضاء لتعلم القراءة والكتابة والحساب في مستوياتها الأولى. وهي عصب القضية التعليمية. أما الباقي، فأمامنا ما يكفي من التصورات التي حملها الميثاق الوطني للتربية والتكوين والذي فشل، أو قيل إنه فشل بسبب ضعف الموارد المالية التي رصدت له. وما يكفي من مشاريع المخطط الاسعجالي، الذي عاش التخمة بفضل كل الامكانيات التي رصدت له. فهل نحتاج لمخطط جديد أو لميثاق آخر يجب أن ننتظره كل هذه المدة؟
عشنا مع السيد بلمختار سنة دراسية عنوانها الأكبر هو السير بخطى متثاقلة، رغم أن القضية في حاجة لسرعة أكبر. وفي الوقت الذي انتظر المتتبعون أن يحسم الرجل في ملفات على غاية كبيرة من الحساسية، اكتشفنا كيف ظل يؤجل كل شيء إلى حين.
مع بلمختار، عشنا معركة اللغة وحكاية الدارجة التي حملها السيد نور الدين عيوش. وفي الوقت الذي تطايرت شظايا هذا الملف هنا وهناك، وجدنا أن وزارة بلمختار اختارت الصمت، أو الهروب إلى الأمام في ملف كان يفترض أن يكون في مقدمة من يقرر فيه ومن يحسم في خلافاته.
وعشنا معه جلسات الاستماع والخلوة حول سبل الإصلاح. وحكاية «مسار»، الذي كاد يفيض كأس التربية والتعليم، قبل أن تكون خاتمة هذا الموسم، هو قصص الغش المنظم في جل الامتحانات الإشهادية والتي لم يجد بلمختار من صيغة للحد منها غير توزيع وعيده على قبيلة الغشاشين، دون أن يكسب الرهان.
أما حينما فتح رئيس الحكومة نيرانه في وجه السيد نور الدين عيوش، الذي اتهمه بالبيع والشراء في قضايا التربية والتعليم، اختار بلمختار أن يقف ضد رئيسه ويوقع مع عيوش، عددا من الاتفاقيات والشراكات التي تمكنه من ممارسة ما سماه بنكيران بالبيع والشراء، دون حسيب ولا رقيب.
وقتها عاد السؤال الأكبر، من يشرف على قطاع التربية والتعليم؟ أهي حكومة بنكيران فعلا.
بقي فقط أن نتمنى أن يخرج السيد بلمختار من درج مكتبه هذا المشروع الإصلاحي الذي ننتظره في مارس من السنة القادمة لكي لا نضطر للانتظار سنة أو سنوات دراسية أخرى.
أحمد امشكح
لقاء حول «مشروع هندسة المنهاج لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة»
أوضح مصطفى أيت بلقاس رئيس قسم الشؤون التربوية بأكاديمية الجهة الشرقية في كلمة مقتضبة نيابة عن مدير الأكاديمية الأهمية التي يكتسيها اللقاء العلمي حول «مشروع الهندسة المنهاجية لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة»، كما أشاد بدور جميع المتدخلين وخاصة منظمة اليونسيف التي تدعم مثل هذه البرامج التي من شأنها مساندة هذه الفئة التي تعاني من الهشاشة، وتمكينها من الاندماج من جديد، وهو جزء من التعاقد الذي يربط بين المنظمة والوزارة لدعم الأطفال في وضعية إعاقة.
حميد بودار، إطار مركزي، قدم عرضا مفصلا من هذه المحطة الثانية من مشروع الهندسة المنهاجية لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة والتي ترتكز على ضبط ثلاثة مكونات رئيسية وقاعدية بالنسبة للهندسة المنهاجية، الأمر يتعلق بالتوصيف والتصنيف الطبي والسيكوبيداغوجي لأصناف الإعاقات المستهدفة بالتمدرس، و التوصيف والتصنيف الطبي والسيكوبيداغوجي لحاجيات التعلم حسب كل صنف من أصناف الإعاقة، والتحديد الأولي لمرجعية الكفايات المنهاجية الخاصة بكل صنف من أصناف الإعاقة.
العرض تضمن كذلك الأهداف المتوخاة من اللقاء والمتمثلة في تحديد وتدقيق صيغ التوصيف والتصنيف الخاصة بأنواع الإعاقات المستهدفة بعملية التمدرس بالمؤسسات التعليمية المغربية، وضبط وتوصيف الحاجيات التعلمية والاكتسابية لدى الأطفال في وضعية إعاقة حسب كل نوع من أنواع الإعاقات، وبلورة الفرضيات الأولية لمرجعية الكفايات المستهدفة بالهندسة المنهاجية ومن أبعاد الأهداف العلمية للقاء كما جاء في العرض استهداف التدقيق العلمي والمؤسساتي لأنواع الإعاقات المستهدفة رسميا بعملية التمدرس وتدقيق توصيفها الطبي والسيكوبيداغوجي، وتحديد التشخيص الأولي لحاجيات السيرورات التعلمية والاكتسابية لكل صنف من أصناف الإعاقة حسب مسارات التعلمات الأساس، ومسارات التعلمات الداعمة المتعلقة بالإعاقة، ضبط الأسس والمرتكزات الأساسية للكفايات الأساسية المستهدفة بالهندسة المنهاجية، بالإضافة إلى تحديد الأرضية الأولية لمرتكزات الهندسة المنهاجية لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة.
من جانب آخر تم العمل في إطار ثلاث ورشات حسب أصناف وأنواع الإعاقات كل ورشة تشتغل على المحاور والأسئلة الموجهة لأعمال اليوم، وذلك بصيغة النشاط المنتج عبر إجابات مدققة عن كل سؤال، لتتم في اليوم الأخير الإجابات والرؤى والمقاربات المقترحة حول المحور العلمي لكل يوم من خلال تقرير عام لورشات خمس حول المحاور المتمثلة في الأطفال التوحديين، والإعاقة الذهنية، والإعاقة السمعية بصرية، وصعوبات التعلم، والإعاقة الحسية حركية.
وشكل موضوع « مشروع الهندسة المنهاجية لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة» محور ورشة جهوية انطلقت، الثلاثاء 17 يونيو 2014 الجاري بمركز التكوين المستمر التابع للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين للجهة الشرقية. ويأتي هذا اللقاء الذي انعقد على مدى ثلاثة أيام 17- 18 - 19 يونيو 2014 في إطار تفعيل مقتضيات اتفاقية الشراكة المبرمة بين وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني ومنظمة اليونيسيف وتنفيذا لبرنامج عمل مديرية المناهج وبرنامج عمل الأكاديمية مع منظمة اليونيسيف في شأن تنمية الخبرة الوطنية في مجال الهندسة المنهاجية لسنة 2014.
أشرف على تأطير هذا اللقاء الجهوي أطر مركزية متكونة من حميد بودار وأجروض مبارك ومحمد بيددة وعبد العالي لمعلمي ومحمد مكاوي ومحمد أنوار بوكيلي وعزوز التوسي.
وكانت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين للجهة الشرقية قد نظمت الشهر الماضي (19 ماي 2014) يوما دراسيا لتقديم نتائج المرحلة الأولى لتشخيص وضعية كل من التعليم الأولي، الأطفال في وضعية إعاقة، وإعادة النظر في منهاج التعليم الإعدادي من منظور إعمال مدخل القيم.
عبدالقادر كترة
«كاسيب» يساعد على تيسير تدبير مراكز الاختبارات
أطلقت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط سلا زمور زعير خدمة معلوماتية جديدة تتعلق ببرنام «كاسيب GACEB» لتدبير مختلف العمليات والإجراءات الخاصة بمراكز الامتحان.
وجاء إطلاق هذا البرنام بحسب مصادر»المساء « في إطار مجهودات وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني لتطوير آليات الحكامة الجيدة في تدبير العمليات الإدارية والمسطرية المرتبطة بالامتحانات الإشهادية. وسعت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط من خلال اعتمادها لهذا البرنام الجديد، إلى تمكين رئيسات ورؤساء مراكز الامتحان من عدة منهجية واضحة تضمن النجاعة والسرعة والدقة، فضلا عن إمكانية تحكمهم في كل الوضعيات الإدارية والإجرائية الخاصة بالامتحان، سواء المرتبطة بالموارد البشرية أو المترشحين، مع توحيد طريقة معالجتها بشكل معلوماتي دقيق وميسر.
وذكر بلاغ صحفي صادر عن الأكاديمية تتوفر» المساء « على نسخة منه أن محمد أضرضور مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، أكد على هامش اللقاءات التواصلية والتحضيرية التي نظمتها الأكاديمية مع رؤساء مراكز الامتحان والتصحيح بالنيابات التعليمية التابعة للجهة، أن الإقلاع الفعلي للتدبير الجهوي رهين بالتحكم في النظام المعلومياتي على جميع مستويات المنظومة التربوية. مذكرا أن اعتماد برنام جديد لتدبير مراكز الإمتحان، يرجع لقناعة مشتركة لدى كل الفاعلين التربويين بالجهة بضرورة تجاوز الطرق التدبيرية التقليدية من خلال تطوير آليات اشتغال المديرين ورؤساء مراكز الامتحان بارتباط مع محطة الاختبارات الإشهادية، بما تتطلبه من استحضار لإكراهات العامل الزمني وضرورة تفادي الأخطاء خلال مجريات الإمتحان.
وأفاد مدير الأكاديمية، في معرض إجابته عن بعض الأسئلة المطروحة من طرف المستفيدين من هذا البرنام خلال تقديم مضامينه من طرف أستاذ مختص في المجال، أن الخدمات التي يوفرها هذا النظام المعلوماتي الجديد تستجيب وتتجاوب مع بعض الإكراهات المرتبطة بتنفيذ دفتر المساطر المنظم لإختبارات الباكالوريا، ومعالجة ما تطرحه من صعوبات، مؤكدا أن البرنام يحرص على التقيد بمضامين النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
وذكر مسؤول بالاكاديمية أن إمكانيات توحيد الرؤيا وتدقيق المعطيات التي وفرها البرنام، ساعد رؤساء مراكز الامتحان لإجراء عمليات الاختبار بكامل الاتقان والدقة، خاصة أن البرنام بسيط الاستعمال ويتضمن كل المعطيات والإحصاءات المتعلقة بمترشحي كل مركز امتحان، بحيث سهل على رئيس المركز في ظرف وجيز استخراج وطبع كل الوثائق الضرورية لتدبير مجريات الإختبار، بعد عملية مسك قاعات الامتحان وتوزيع المترشحين حسب المسالك على القاعات، ثم مسك أعضاء طاقم الامتحان وكذا الشواهد الطبية وحالات الغش.
بنعيادة الحسن
إشكالية «الإطار الوطني للإشهاد» من خلال « دبلوم مركز تكوين مفتشي التعليم»
عملت قطاعات وزارية عديدة على تثمين الدبلومات الوطنية التي تسلمها مؤسسات تكوين أطرها العليا، وذلك بفتح مسارات بينها وبين التكوين الجامعي، والاعتراف بقيمتها العلمية والأكاديمية إلى جانب قيمتها الإدارية والمهنية، وذلك وفق آليات مختلفة تتمايز بتمايز خصوصية كل مؤسسة تكوينية، وذلك بالنظر للآثار السلبية التي تترتب عن إبعاد خريجي مؤسسات تكوين الأطر عن التعليم الجامعي، و التي يمكن أن نذكر منها:
اضطرار مجموعة من الاطر والموظفين إلى متابعة دراساتهم العليا بالجامعة من أجل الحصول على دبلوم جامعي عال، وغالبا ما يتم ذلك في مجالات لا تعكس حاجيات المهام الوظيفية التي يقوم بها الموظف، فتجد الإدارة المشغلة نفسها مضطرة إلى ترقيته بشهادة بعيدة عن مجال تدخلها.
تعثر أداء المرفق العمومي بسبب غياب الموظفين المسجلين بالجامعة.
اضطرار الإدارة المشغلة إلى استقطاب أساتذة للتعليم الجامعي يدرسون مواد نظرية بعيدة عن تخصص مراكز تكوين أطرها، لعدم توفرها على أساتذة باحثين ومتخصصين في مجال تدخلها.
تعميق أزمة الجامعة فيما يخص الاكتظاظ وضعف قدرتها الاستيعابية، مما ينعكس سلبا على جودة التكوين الجامعي.
عدم تثمين تكوينات مهنية عليا صرفت عليها مبالغ باهظة من المال العام، ثم يضطر أصحابها إلى التسجيل في السنة الأولى من الإجازة في تخصصات بعيدة عن مجال عملهم.
وغير ذلك من المظاهر التي تبرز حاجة قطاعات وزارية إلى مؤسسات تكوينية تمكنها من تكوين أطر يجمعون بين التكوين الأكاديمي العالي والتكوين المهني الميداني، إلى جانب القدرة على البحث والابتكار في مجال مهني محدد، كما أن بإمكانهم المساهمة في التكوين والتأطير، الشيء الذي لن يتحقق بغير ربط الجسور بين التكوينات المهنية العليا الخاصة بكل قطاع وزاري ومنظومة التعليم العالي.
إلا أن وزارة التربية الوطنية بقيت بعيدة عن هذا التوجه العلمي والتدبيري الرشيد، بإصرارها على إبعاد دبلوماتها عن دائرة الاعتراف الجامعي، رغم أنها الأكثر تضررا من ذلك، بسبب الأعداد الكبيرة من حاملي الشهادات العليا الذين يطالبون بحقهم في الترقية بالدبلوم، فعدم الاعتراف الجامعي بالديبلومات التي تسلمها مؤسسات تكوين أطرها يدفع خريجيها إلى متابعة دراساتهم الجامعية في تخصصات لا تلبي بالضرورة حاجيات المنظومة التربوية، و من أبرز أشكال هذا التعسف نورد دبلوم مركز تكوين مفتشي التعليم الذي يحرم حاملوه من التسجيل في سلك الدكتوراه، رغم أن شروط ولوج مركز تكوين مفتشي التعليم تفوق شروط ولوج مؤسسات تكوينية وطنية سمح لخريجيها بمتابعة دراساتهم العليا بسلك الدكتوراه، ويكفي للتدليل على ذلك بدبلوم السلك العالي في التدبير الإداري الذي تمنحه المدرسة العليا للإدارة، حيث تنص المادة 14 من المرسوم المنظم لها،على أن القبول في السلك العالي في التدبير الإداري يتم إثر مباراة يشارك فيها المرشحون الموظفون المنتمون إلى إطار مرتب في سلم الأجور رقم(10) أو أطر مماثلة و المتوفرون على أقدمية لا تقل عن أربع سنوات من الخدمة، منها ثلاث سنوات بصفة مرسمين في أحد هذه الأطر، ولقد صدر قرار وزاري بإدراج هذا الدبلوم ضمن الديبلومات التي تسمح لحامليها بالتسجيل في سلك الدكتوراه
أما فيما يتعلق بمركز تكوين مفتشي التعليم فيشترط في ولوجه التوفر على أربع سنوات من الخدمة الفعلية في السلم العاشر(10) بالإضافة إلى عشر(10) سنوات من الخدمة الفعلية في التربية والتدريس بالنسبة لمسلكي مفتشي التعليم الابتدائي و مفتشي التعليم الثانوي الاعدادي ،وتشترط أقدمية سبع(7) سنوات من الخدمة الفعلية في التربية والتدريس بالنسبة لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي والأساتذة المبرزون من الدرجة الأولى لولوج مسلك مفتشي الثانوي التأهيلي ويشترط التوفر على سبع سنوات من الخدمة الفعلية من التدبير المالي والمحاسباتي بالنسبة للممونين لولوج مسلك مفتشي المصالح المادية و المالية، و رغم أن التكوين في كلا المؤسستين يستمر للمدة نفسها(سنتان)، إلا أن حاملي دبلوم مركز تكوين مفتشي التعليم يحرمون من حقهم في متابعة دراساتهم العليا بسلك الدكتوراه.
إن إنصاف دبلوم مركز تكوين مفتشي التعليم بما يسمح لحامليه من متابعة دراساتهم بسلك الدكتوراه سيساهم في تمكين وزارة التربية الوطنية من أطر عليا تجمع بين الكفاءة المهنية والميدانية والتكوين الأكاديمي الرصين، ويسمح لها باستثمار هذه الأطر في تطوير جهاز التفتيش.
وتجدر الإشارة إلى أن المدخل الأساس لحل هذه الأزمة تتحمله وزارة التربية الوطنية، التي ينبغي أن تبادر باقتراح إدراج ديبلوم مركز تكوين مفتشي التعليم ضمن الديبلومات التي تسمح بالتسجيل في سلك الدكتوراه، ووزارة التعليم العالي التي ينبغي أن تستدعي اللجنة العليا لتنسيق التعليم العالي لاستشارتها واتخاذ القرار المنصف.
وختاما ينبغي على مختلف الجهات المعنية بالتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي السهر على بلورة سياسة تكوينية فعالة تثمن التجارب والتكوينات والخبرات، بما يحقق نجاعة التكوين وتطوير البحث العلمي في مختلف المجالات البحثية، النظرية والمهنية.
محمد الخالدي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.