شكل الحي المحمدي على مر العصور مرتعا خصبا للنجوم، وبين دروبه بزغت مواهب عديدة لفنانين ورياضيين بارزين، وارتبط ذكر الحي المحمدي بفريق الاتحاد البيضاوي، الذي تختصره التسمية الفرنسية لفريق «طاس».. والذي ارتبط اسمه باسم مسيره العربي الزاولي. ولم يكن لكرة القدم وحدها ذلك الصيت، فقد حصلت الملاكمة، أيضا، على نصيبها من الشهرة على أيدي أبطال كبار، كالتيبازي والأخوين عاشق والمدرب بوشعيب نفيل، دون أن ننسى المجموعات الغنائية التي أطربت ملايين المغاربة، كالغيوان ولمشاهب والسهام ومسناوة.. عبد الخالق فهيد، واحد من الأسماء الفنية التي تخرجت من مدرسة الحي المحمدي.. كان الرجل يهوى، إلى حد كبير الرياضة التي لم تمنعه من ممارسة فن المسرح، فقد كانت الخشبة عشق فهيد الكبير، ولكن الأمر لم يتعد المشاركة ببعض الأدوار في مسرح الهواة.. ففي ثمانينيات القرن الماضي، كان المسرح في أوجه.. كان فهيد يسعى باستمرار إلى حضور العديد من العروض المسرحية، كمتفرج أولا، فقد كانت تشده أسماء مجموعة من الفنانين المغاربة الذين أعطوا للمسرح الشيء الكثير.. ولإشباع رغباته الفنية، انخرط في فرق مسرحية هاوية بدار الشباب، أتاحت له فرصة التمرن باستمرار على بعض العروض. ومن يومها، بدأ حب المسرح يكبر في نفسه يوما بعد آخر.. وحلم ككل الصغار بمسار فني ناجح.. تعلم الرجل بفضل الملاكمة كيفية التحرك فوق الخشبة، فانخرط في فرقة (جمرقام)، في مسرح الهواة، والتي كان يشرف عليها عاجل وفلان، وشارك في برنامج سباق المدن، ليعمل بعدها على تأسيس ثنائي كوميدي رفقة الأخ ظهرا، فكانت البداية للثنائي الصداقة، واستمر مساره في مجال الكوميديا.. كانت تلك تجربة أخرى تهدف إلى البحث عن لون فني جديد لخلق التميز في ظل وجود عدة ثنائيات كبيرة، تعرف عليها الجمهور وخلقت لنفسها مكانة كبيرة في ساحة الفن المغربي، كسعد الله عزيز وخديجة أسد، وبنبراهيم وهنيني، وقشبال وزروال، والداسوكين والزعري، وغيرها من الثنائيات التي أثرت الساحة الفنية بإنتاجات لقيت الاستحسان من طرف الجمهور المغربي. وقام الثنائي بجولة مع الأخ الحسين بنياز في مدينة أكادير، وكانت بالفعل جولة ناجحة في مسار ثنائي الصداقة الذي توقف بعد حين.. بعد أن عبر فهيد إلى ذاكرة الجمهور المغربي بحضوره الفني في ثنائي الصداقة، قرر أن يدخل تجربة أخرى أكثر إشعاعا، فالتحق بفرقة مسرح الحي للاشتغال رفقة باقي أعضائها، وكانت مسرحية «حب وتبن» ومسرحية «شرح ملح».. عناوين أخرى لبداية مسرحية يصفها فهيد في الكثير من المرات ب»الناجحة».. قبل أن يدخل تجربة أخرى مع الخياري والتي أثمرت مسرحية «فوق السلك»، وبعدها قام بأعمال فردية (الوان مان شو) كعمل «لا تسال لا تسول»، لتعقبها مشاركات كثيرة بسلسلة «ميلود» التي ظلت تبث على مدى سنوات على شاشة التلفزيون.. كان مسرح الحي بالنسبة إلى فهيد إطلالة على الاحتراف المهني وتجربة هامة جدا مع فرقة ناجحة وفكاهيين كبار، تعلم معهم الشيء الكثير، لتتوقف الفرقة وتتوقف معها سلسلة من الأعمال المسرحية الناجحة. ويروي فهيد بنفسه أول أجر حصل عليه في مساره الفني: «أول أجر حصلت عليه كان سنة 1986، بعد مشاركتي في أحد الأعراس بالبيضاء، رفقة الأخ محمد ظهرا في الثنائي الصداقة، حصلنا على مبلغ 300 درهم، 150 درهم للفرد الواحد، كان الفرح لا يقارن عدنا إلى منازلنا راجلين من كثرة الفرح، وكنا نعد النقود طيلة الطريق للتحقق من المبلغ، «دوزنا بها سيمانة مزوهرين» اشتريت بها ساندويتشات ومشروبات لأولاد الدرب، وشْبعت فراجة فسينما شريف وسعادة».