حكى الباحث المصري سويسري الجنسية طارق رمضان أنه، خلال إلقائه كلمة في إحدى الجامعات المغربية، فوجئ بطالب إفريقي، يدرس بالمغرب، يتقدم منه ويقول له همسا: «لا فائدة، هؤلاء عنصريون»، فالتفت إلى الجمهور الكثيف أمامه قائلا: «إنه يتهمكم بالعنصرية»، ثم اندفع إلى التذكير بأبجديات الإسلام في تحريم التمييز العنصري والتفريق بين الناس على أساس اللون والعرق والجنس، قبل أن يختم تذكيره بتحذير موجه إلى المغاربة من أنهم سيندمون على هذا الأمر مستقبلا، كما وجه إليهم نصيحة أخرى مفادها أن يعتنوا بكبار السن «لأنهم مرآة المستقبل». الذين جاؤوا للاستماع إلى طارق رمضان، ليلة الجمعة الماضية في المدرسة الوطنية للصناعة المعدنية بالرباط، وكانوا يتوقعون أن يعرفوا آخر أطروحات الرجل المثير للجدل في سويسرا وأوربا، أخطؤوا الموعد، فقد تحول رمضان تلك الليلة إلى واعظ يسدي النصائح والتوجيهات إلى المستمعين، مثلما يفعل عمرو خالد، زميله في المواطنة المصرية، وخاب ظن الكثيرين ممن كانوا يسمعون باسمه وجاؤوا مبكرا لكي يجدوا لهم مقاعد في القاعة أو خارجها، حيث نصبت شاشة كبيرة لمتابعة الحفل. أثار طارق رمضان وابلا من التصفيق من قبل طلبة المدرسة والحضور بعدما قال إنه سويسري من حيث الجنسية ومصري من حيث الأصل ومغربي بالتبني، واعتبر أن المغرب يتوفر على مناخ واسع من الحريات والانفتاح يمكن للمغاربة فيه أن يقوموا بأشياء كثيرة لو عرفوا كيف يفعلون، مضيفا أن المغرب أحسن من كثير من الدول العربية والإسلامية على مستوى حرية التعبير. لكنه لاحظ أن هناك ظاهرة، قال إنها موجودة في صفوف مسلمي الغرب ولدى المسلمين في البلدان ذات الغالبية المسلمة، مثل المغرب، وهي أن الناس يفخرون في حياتهم الخاصة بكونهم مسلمين، لكنهم يخجلون من إعلان ذلك في حياتهم العامة، مفسرا ذلك بالاستعمار الثقافي الذي سلب من العرب والمسلمين عقولهم ونفسياتهم، ورد ذلك إلى غياب عنصر الثقة في الذات لدى المسلمين. وعاتب المسلمين لأنهم دائما ينتقدون الغرب، لكنهم لا يتساءلون عن مسؤولياتهم التي يضعها الإسلام على عاتقهم، وهي تذكير الشعوب الأخرى بأنهم أصحاب رسالة لإنقاذ البشرية، وقال إنه يعرف أشخاصا كثيرين يتحدثون دون توقف عن الإسلام دون أن يكونوا ملتزمين بأخلاقه في حياتهم المهنية، وأضاف أن المهم بالنسبة إلى المسلم هو «أن يلجم لسانه وأن يمارس إسلامه». وانتقد ضمنيا من يسمون بالشيوخ، وقال إن النهضة الإسلامية لن تتحقق بهم وإنما بالأمة، واعتبر أن العالم العربي والإسلامي يعيش أزمة روحية، وقال: «نحن بحاجة إلى كثرة الصلاة». كما انتقد النخبة وقال إنها أصبحت تركض خلف الديبلومات وشهادة الدكتوراه على حساب المعرفة الحقيقية، فعندما كانت المعرفة قليلة الانتشار راكم ابن حنبل والشافعي وغيرهما الكثير من العلوم وجمعوا المعارف، وعندما كثرت المعارف في هذا العصر وانتشرت بشكل كبير أصبح المسلمون كسالى. وتحدى رمضان علماء الإسلام وحكام البلدان العربية والإسلامية بأن يعلنوا فقط عن 10 في المائة من المواقف التي عبر عنها ديزموند توتو، الأسقف الجنوب إفريقي الحاصل على نوبل السلام، حول القضية الفلسطينية. وأعرب طارق رمضان عن موقفه من الحجاب، وقال إنه فريضة دينية لا نقاش فيها، لكنه أبدى اعتراضه على الخمار، واعتبر أن من يربطون الحجاب بالانغلاق والسفور بالانفتاح مخطئون، لأن هناك محجبات منفتحات وسافرات منغلقات، وأكد أن الإسلام ليست لديه مشكلة مع المسألة النسائية.