أعلن اتحاد الطلبة اليهود في فرنسا أنه يدرس إمكانية رفع دعوى قضائية ضد المفكر السويسري المسلم من أصل مصري طارق رمضان بحجة "معاداة السامية"، وذلك في تطور جديد للحملة التي بدأها قبل أسبوع كتاب ومثقفون يهود بفرنسا ضد المفكر السويسري الذي انتقد مساندتهم لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي إريل شارون. وقال اتحاد الطلبة اليهود في بيان له إن "الاتحاد يدرس إمكانية رفع دعوى قضائية ضد طارق رمضان، بعد أن نشر مقالا في أحد مواقع الإنترنت التابعة للمنتدى الاجتماعي لمناهضة العولمة يصنف فيه المثقفين الفرنسيين على أساس انتمائهم الديني"، كما انتقد الاتحاد الموقع الإلكتروني لموافقته على نشر مقال رمضان. وقد نشر رمضان، وهو حفيد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا، مؤخرا نصا باللغة الفرنسية على موقع "أمة" التابع للشباب المسلم بفرنسا انتقد فيه العديد من المثقفين الفرنسيين الذين يظهرون خلال الحوارات والمنتديات كمناصرين للقيم العالمية، مثل العدل والمساواة والحرية، لكنهم في الوقت نفسه يؤيدون الاعتداءات التي تمارسها حكومة إريل شارون ضد الشعب الفلسطيني والاحتلال الأمريكي للعراق؛ لأنه يحقق أمن إسرائيل. ودعا المفكر السويسري في مقاله إلى "الابتعاد عن الخطاب الطائفي الذي لا يأخذ بعين الاعتبار قيمة العدل كركيزة للتعامل بين الشعوب". ويأتي بيان اتحاد الطلاب اليهود بعد نحو أسبوع من الحملة التي شنتها العديد من الصحف والمجلات والكتاب الفرنسيين ضد رمضان، متهمين إياه أيضا بمعاداة السامية. وقالت مجلة "لونوفال إبسرفاتير" الأسبوعية في عددها الأخير الصادر من 9 إلى 16-10-2003: إن "رمضان نشر في أحد مواقع الإنترنت التابعة للمنتدى الاجتماعي المناهض للعولمة مقالا غريبا مليئا بالأحكام المسبقة المعادية لليهود ومستندا على نظرية المؤامرة سيئة الذكر". وأضافت المجلة ذات الاتجاه اليميني أن "رمضان تعمد ذكر مثقفين فرنسيين مركزا على انتمائهم الديني كيهود، متهما إياهم بمساندة الحكومة الإسرائيلية بقيادة شارون ودعم الحرب على العراق؛ لأنها ستضمن الأمن لإسرائيل". في نفس السياق قام أحد كتاب الأعمدة المعروفين في مجلة لوبوان وهو برنار هنري ليفي في عدد المجلة الأسبوعي 10-10-2003 بكتابة مقال وصف فيه المفكر السويسري بأنه "مثقف تكون في مدرسة الإخوان المسلمين"، مضيفا أن "رمضان يعطي الانطباع في خطاباته العامة بأنه لين ومقنع، ولكن الحقيقة غير ذلك فعليه أن ينزع القناع". كما ذهب الكاتب الصحفي أندري كيسمان إلى حد اتهام رمضان صراحة بأنه "معادٍ للسامية" وأن "عليه أن يعترف بذلك بدلا من أن يقول العكس في كل مرة". في الوقت نفسه طالب كاتبو المقالات الحركات المناهضة للعولمة بعدم إشراك رمضان في المنتدى الاجتماعي الذي سينظم في باريس في نوفمبر 2003. وفى تعليقه على هذه الاتهامات نفى رمضان أي معادة له للسامية، وقال في تصريحات لصحيفة لوموند الفرنسية الصادرة في 11-10-2003: إنه لم يكف عن "مقاومة كل الانحرافات المعادية للسامية داخل الأقلية المسلمة مهما كانت مبرراتها أيديولوجية أو سياسية أو عرقية". وأضاف أن "اهتمامه ينصب على إدانة كل توجه طائفي أمام التحديات الوطنية والعالمية استنادا إلى التقارب مع الإسرائيليين". وفي رد على مطالبة الكتاب اليهود بمقاطعة حركة مناهضة العولمة لرمضان قال جوزيه بوفيه زعيم الحركة في تصريحات صحفية مؤخرا: إن "حركة مناهضة العولمة يتداخل فيها العديد من الأجناس والأديان، وإن مسلمي فرنسا جزء من هذا الخليط وبالتالي يجب ألا نسقط في الآراء الإقصائية". كما دافع أحد قيادات حركة "أتاك" المناهضة للعولمة عن مقال رمضان، وقال لصحيفة لوموند: إن "كلام رمضان ليس معاديا للسامية"، مضيفا: "من الخطير أن نتهم أيا كان وفي أي مناسبة بتهمة معاداة السامية فهذه التهمة أصبحت بمثابة المنشفة الحمراء التي نمسح بها كل الناقدين للسياسة الإسرائيلية". يذكر أنه ليست هذه المرة الأولى التي تشن فيها حملة ضد طارق رمضان إذ ذهبت بعض الصحف الفرنسية في وقت سابق إلى حد الربط بينه وبين تنظيم القاعدة. ويعتبر بعض المحللين الفرنسيين أن المكانة التي يحظى بها رمضان والتي جمعت حوله آلاف من الشباب المسلم في أوروبا كانت السبب الرئيسي وراء حملة الانتقادات التي يتعرض لها، فيما رأى آخرون أن "الفهم الأوروبي للإسلام كما يطرحه رمضان يمثل نقلة نوعية كسرت بلا رجعة الرؤية السائدة عن الإسلام كونه دينا معاديا للحرية طبقا للإسلام الطالباني"، بحسب هؤلاء المحللين. المصدر: وكالات