فيما لا يزال النقاش محتدما داخل دواليب وزارة العدل حول الجهة التي ستتولى الإشراف على المرصد الوطني لمكافحة الجريمة، الذي دعا الملك محمد السادس إلى إحداثه في خطاب 20 غشت الماضي، الذي خصصه بالكامل لورش إصلاح القضاء، كشفت مصادر مطلعة عن وجود تجاذب في الآراء حول ما إذا كان سيسند أمر هذا المرصد لمديرية الشؤون الجنائية والعفو التابعة لوزارة العدل أم أن أمره سيسند لجهة مستقلة تتألف من جامعيين وأكاديميين. وقد انطلق هذا المشروع في عهد وزير العدل السابق الراحل محمد بوزوبع في إطار انخراط المغرب في برنامج تعزيز الحكم في الدول العربية ومشروع تحديث النيابات العامة المتعلق بتفعيل التعاون بين هيئات المجتمع المدني والنيابة العامة. وحسب أوراق المشاريع المنجزة لحد الآن، فإن المرصد الوطني لمكافحة الجريمة وتعزيز حكم القانون يراد له أن يكون مؤسسة غير حكومية ذات استقلالية مالية وإدارية وأرضية مدنية تروم بناء وتعزيز قدرات النيابة العامة والمجتمع المدني في المجالات المرتبطة بمحاربة الجريمة وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان. وسيكون المرصد فضاء لتبادل الخبرات والتجارب من أجل خلق آليات التعاون والشراكة ما بين النيابات العامة وهيئات المجتمع المدني. وسيساهم هذا المرصد إلى جانب باقي المتدخلين في التربية والتحسيس والتوعية بمخاطر الجريمة وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان. كما سيساهم في بناء شبكة معلوماتية تروم تسهيل الدراسات والأبحاث حول الجريمة وخرق القانون بالمغرب. أجهزة المرصد تتألف من المجلس الإداري، الذي ستناط إدراته لوزير العدل، إلى جانب عدد من الممثلين عن جميع الشركاء، ثم اللجنة المديرية التي تتفرع عنها أربع شعب تختص أولاهن بالرصد والدراسات والثانية بالوقاية والتربية والثالثة بالاتصال والتعاون والرابعة بالتكوين وتنمية الكفاءات. وتتحد خلفية إطلاق هذا المرصد باعتبار المغرب من الدول الرائدة على مستوى العالم العربي والدول الإفريقية في مجال ثقافة حقوق الإنسان وبكونه منفتحا على ثقافات متعددة باعتباره جسرا رابطا بين دول الجنوب ودول الشمال. وتأتي أهمية مكافحة الجريمة وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان من أجل تعزيز التطورات التي حققها برنامج الحكم في الدول العربية من خلال مشروع تحديث النيابات العامة وتفعيل التعاون بين هيئات المجتمع المدني والنيابة العامة على مستوى العلاقات بين النيابات العامة المغربية وهيئات المجتمع المدني وعلى مستوى آليات العمل المشترك، إلى جانب تواصل الأنشطة وحلقات النقاش كفرص لتعزيز التواصل والتعاون، خصوصا في مجالات العمل التي تهم مكافحة الجريمة والعمل المشترك في سبيل تحقيق دولة الحق والقانون. وعرف المغرب خلال العشرية الأخيرة تحولا كبيرا على مستوى القيم وتراجع الرابط الاجتماعي وارتفاع معدل العنف ضد النساء والاعتداء الجنسي على الأطفال وانتشار تعاطي المخدرات، خصوصا في فئة الشباب والقاصرين