لا يدري طلاب كلية الشريعة بجامعة القرويين بفاس في أي مسلك سيسجلون أنفسهم. هل في مسلك «الدراسات الفقهية والقانونية» الذي استحدثه الأساتذة أم في مسلك «الشريعة والقانون» والذي قدمته عمادة الكلية؟ الحيرة التي أصابت ما يقرب من 800 طالب يتابعون دراستهم في هذه الكلية بلغت قمتها بعد تعليق استعمالين للزمن، الأول وضعه الأساتذة والثاني قدمته إدارة الكلية، ما دفع عددا من هؤلاء الطلاب إلى تعليق متابعة دراستهم في انتظار اتضاح الصورة. لكن هذه الصورة يبدو أن اتضاحها سيستغرق الكثير من الوقت أمام نزاع طاحن يجري بين أساتذتهم وبين عميد الكلية. فقد دفع هذا النزاع، في السنة الماضية، عددا من أساتذة الكلية إلى تنظيم عدة احتجاجات أبرزها اعتصام مفتوح داخل خيمة صغيرة. وبالرغم من أن لجنة وزارية مركزية قد حلت بالكلية لعقد المصالحة بين الطرفين، إلا أن تقاريرها وتدخلاتها لم تفد في طي صفحة الماضي بينهما. وتطور هذا النزاع ليصل إلى درجة قصوى تبادل فيها الطرفان أنواعا مختلفة من عبارات السب عبر مراسلات مكتوبة، قبل أن تتطور الأوضاع إلى اتخاذ الأساتذة لقرار خوض إضراب وصفوه بالإنذاري طيلة اليوم الخميس وغدا الجمعة، مع التعبير عن عزمهم للتصعيد والتلويح بسنة جامعية بيضاء في الكلية. ويعتبر عميد الكلية، والذي أمضى على رأسها ما يقرب من 12 سنة، في مراسلاته بأن تعليق رئيسي شعبتي «الفقه والتشريع والفنون المرتبطة بهما» و«التفسير والحديث وأصول الفقه» لجداول لاستعمال الزمن غير قانوني لأن ذلك تم بدون ترخيص الإدارة. ويقول إن هذه الجداول تتضمن أساتذة غرباء عن الكلية لم يسبق أن كلفتهم الإدارة بالتدريس بالكلية. أما رئيس الشعبتين فيؤكدان في ردودهما بأن المسالك المعتمدة صادق عليها مجلس الكلية بالإجماع. وذكرا بأن لجوءهما إلى أساتذة جامعيين متخصصين في الإعلاميات خارج الكلية يرمي إلى سد الفراغ الحاصل في المجال في انتظار توظيف جامعيين تابعين للكلية، وذلك تفاديا لما سمياه بالتجارب الفاشلة السابقة. وفي الوقت الذي وصف فيه العميد والذي يتولى كذلك رئاسة جامعة القرويين منذ حوالي 10 سنوات، مواقف رئيسي شعبتيه ب«المتعنتة»، ردا الاثنين عليه بتهمة «الافتراء» و«العناد» و«تجاوز الاختصاص». وفي عز الأزمة بين الطرفين، رفضت العمادة تمكين رئيسي الشعبتين بلوائح الطلاب، وهو وضع يساهم استمراره في التأثير على تنقيطهم عبر عملية المراقبة المستمرة. وزاد إجراء سحب برنامج الحصص الدراسية لرئيسي الشعبتين من سبورة الإعلانات من تسميم الأجواء بين الطرفين، فيما بقي الطلاب مشدوهين وهم يتفرجون على مشاهد مؤلمة من صراع هم أول من يؤدي ثمنه.