أقدمت أربع فتيات إحداهن متزوجة ينتمين إلى مكوني ومكونات محو الأمية ومنشطي التربية غير النظامية، ظهيرة أول أمس، أمام مديرية الموارد البشرية لوزارة التربية الوطنية بمدينة العرفان، على شرب مادة سائلة سامة في خطوة تصعيدية جديدة احتجاجا على «تجاهل» الوزارة لمطلبهم في الإدماج في أسلاك موظفي وزارة التربية الوطنية بعد أزيد من عشر سنوات على اشتغالهم في مجال محاربة الأمية بأجور لا تتعدى 750 درهما شهريا. وتدخلت سيارات الإسعاف بسرعة لنقل الفتيات، اللائي أُصبن على إثر تجرعهن السُّم بغيبوبة، إلى المستشفى الجامعي ابن سينا، حيث تلقين الإسعافات، في الوقت الذي تدخلت فيه عناصر أمنية ورجال الوقاية المدنية لاعتقال بعض العناصر ومنع آخرين كانوا يتهيؤون لتجرع المادة السامة ذاتها، مما حال دون وقوع «كارثة إنسانية»، يصف شهود تابعوا محاولة الانتحار الجماعي لأعضاء المجموعة. وفي الوقت الذي رفض فيه مسؤول بوزارة التربية الوطنية، في اتصال ل«المساء»، التعليق على الطريقة الخطرة التي أقدمت عليها عناصر من مجموعة منشطي ومنشطات التربية غير النظامية ومحاربة الأمية، اكتفى مصدر من مديرية الموارد البشرية بالقول أن ملف هؤلاء هو قيد الدراسة من طرف الجهات المعنية. وبحسب إفادات متطابقة من مجموعة النور التي تؤطر هؤلاء المنشطين في مجال محاربة الأمية، وهي المجموعة التي تضم أزيد من 250 شخصا يحملون شواهد جامعية، فإن خطوة الإقدام على الانتحار الجماعي تأتي في سياق الخطوات النضالية التصعيدية التي سطرتها المجموعة، كما أنها تأتي بعد محاولة إحراق الذات التي قامت بها بعض العناصر قبل أيام، احتجاجا على صمت الحكومة لمطلبهم الاجتماعي المشروع وحقهم في الإدماج في الوظيفة العمومية خاصة بعد السنوات الطويلة التي قضوها في التدريس وتلقيهم لدورات تكوينية، بالإضافة إلى أنهم كانوا يخضعون لنظام الوظيفة العمومية ويسري عليهم ما يسري على رجال ونساء التعليم، من زيارة المفتشين لهم ومن استفادتهم من العطل المدرسية. ويأمل منتسبو المجموعة أن يفي مدير الموارد البشرية بوزارة التربية الوطنية هذه المرة بوعده ويستقبلهم، اليوم الخميس، كما أعلن ذلك أثناء تنفيذهم للشكل النضالي الأخير، من أجل تفادي حصول كارثة إنسانية بدأت تلوح في الأفق خاصة بعد إصرار العديد من هؤلاء المحتجين على الإقدام على خطوات «نضالية غير مسبوقة»، تصف مصادر من المجموعة. واعتبرت كل من المنسقة الوطنية لمكوني ومكونات محو الأمية والتربية غير النظامية، عزيزة اليازغي، والعضو في المجموعة، سميرة الصنهاجي، في تصريحهما ل«المساء»، أن شروع عناصر المجموعة في تنفيذ عملية الانتحار الجماعي، أول أمس الثلاثاء، يأتي كتصعيد نوعي في احتجاجاتهم، ضد لامبالاة الوزارة الوصية وإغلاقها باب الحوار معهم، رغم كل الوعود السابقة، القاضية بإدماجهم في أسلاك الوظيفة العمومية، وحملتا الوزارة والحكومة مسؤولية ما قد يترتب عن خطوات نضالية «جد خطيرة» سيقوم بها أفراد المجموعة في الأيام المقبلة، ما لم تتم الاستجابة لمطلب المجموعة، في الوقت الذي أبديتا فيه استغرابهما من عدم إدماج هؤلاء رغم وجود المئات من مناصب الشغل لدى الوزارة سنويا. وبحسب شهادات أعضاء المجموعة فإن عناصر الأمن والقوات المساعدة، التي كانت على علم مسبقا بعزم هؤلاء على تنفيذ انتحارهم بعدما نشرت ذلك «المساء» في نفس يوم الحادث، مما جعلهم يقومون بإنزال مكثف أمام وزارة التربية الوطنية، قبل أن يتدخلوا بشكل عنيف لتفريق المحتجين ويمطروهم بوابل من الكلام النابي خاصة في حق الفتيات منهم، لينتقل بعدها المحتجون إلى مديرية الموارد البشرية بمدينة العرفان ويشرعوا في تجرع السم.