احتضنت مدينتا تطوان وشفشاون، في الفترة ما بين 26و29 أبريل الماضي، وقائع الدورة الثامنة للمؤتمر الدولي لصناعة الإعلام والاتصال، الذي عقد بشراكة ما بين المركز المغربي للدراسات والأبحاث في وسائل الإعلام والاتصال بتطوان وجامعة عبد المالك السعدي بمارتيل، وذلك تحت شعار «الإعلام والازمات»، بمشاركة عدد من الباحثين والإعلاميين من المغرب ومصر وتونس والأردن والإمارات العربية المتحدة والجزائر. وقد انصب جل اهتمام المشاركين على دراسة الموقع الذي احتلته القضايا العربية والإسلامية في الإعلام الدولي والعربي، خصوصا في الفترات الأخيرة منذ ما بعد الربيع العربي، وتفجر قضايا التطرف الديني والإرهاب باسم الدين، وقضية أسبوعية «شارلي إيبدو» الفرنسية التي أثارت ضجة واسعة في الإعلام العالمي، وطريقة مقاربة الإعلام في العالم العربي لمختلف الأزمات بشكل عام. وطرحت ورقة المؤتمر إشكالية هذه الدولية من خلال التركيز على الأبعاد الإعلامية لظاهرة الأزمات، إذ أكدت على أن الأزمات «ازدادت في عصرنا الحالي وازداد معها الوضع تعقيدا بفعل إصرار قوى فاعلة دوليا وإقليميا على إثارة وافتعال الأزمات لتحقيق أهدافها، مما أسهم ويسهم في إخراج العديد من الأزمات التي يشهدها العالم عن سياقها الطبيعي وتحولها إلى فاعل أساسي بامتياز». وقالت الورقة إن غياب الكفاءة الإعلامية والفعالية لدى وسائل الإعلام، إلى جانب التنوع في الأسباب المؤثرة في افتعال الأزمة»يؤدي بالضرورة إلى التأثير سلبا على الصورة الإعلامية، مما يترتب عنه بشكل تدريجي تشكل تمثلات لدى الجمهور المتلقي عبر وسائل الإعلام حول أشياء لا تجسد بشكل شفاف وكاشف عمق الأزمة». وتطرقت الباحثة الإماراتية ثريا السنوسي في ورقتها بعنوان «عندما يصبح الإعلام شريكا في صناعة الأزمات:حملة شارلي إيبدو نموذجا»، إلى التعليقات والكتابات الصحفية التي نشرت حول قضية الأسبوعية الفرنسية، التي تعرضت لاعتداء مسلح نجم عنه مقتل عدد من طاقمها، حيث كشفت بأن مختلف المعالجات الإعلامية والصحافية خضعت لنوع من التحيز ضد العرب والمسلمين، ترتب عنه تعميم الصورة التي تنسب التطرف والعنف والإرهاب إلى الإسلام بشكل عام. وقامت الباحثة بدراسة عدد من نماذج الصور والأيقونات التي نشرت تضامنا مع ضحايا الجريدة الفرنسية، مثل «أنا شارلي إيبدو» و«كلنا شارلي إيبدو»، حيث استنطقت الألوان والخطوط التي تم الاشتعال عليها في تلك الصور، وفق المنهج السيميائي. أما الباحث الأردني عصام سليمان الموسى فقط عالج في ورقته التي كانت بعنوان»شارلي إيبدو والخروج من الأزمة»، قضية الصورة النمطية التي يتم ترويجها في الإعلام الغربي، المرئي والمسموع والمكتوب، حول العرب والمسلمين، وربطهم بالإرهاب والعنف، واتهام الإسلام بأنه دين إرهاب. وانتقد الباحث تأجيج الإعلام الغربي للحملة السياسية ضد المسلمين، وتشكيل وعي زائف في الذاكرة الجمعية الغربية بشأن القضايا العربية والإسلامية، مثل القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي. وفي ورقته التي كانت بعنوان»الأزمات العربية والإعلام الدولي: الربيع العربي نموذجا»ن عالج إدريس الكنبوري أساليب المعالجة الإعلامية لأحداث الربيع العربي وصعود الإسلاميين في الفترة ما بين 2011و2012، من خلال ثلاثة نماذج من الصحافة الغربية المكتوبة هي «لوموند» و«إيل باييس» و«نيويورك تايمز»، وكشف بأن هذه المعالجة اتسمت بالحياد في البداية، لكنها أخذت تميل إلى التحيز عندما ظهرت التيارات الإسلامية والسلفية في صدارة القوى الفاعلة في تلك الأحداث. وتمحورت ورقة الباحث المصري عمار علي حسن حول موضوع «أزمة الثقافة العربية في الوطن العربي:أية مفارقة لأي إعلام؟»، حيث انتقد الباحث العلاقة المختلة بين الإعلام والثقافة في العالم العربي الإسلامي، واعتبر أن أزمة الإعلام في الوطن العربي هي أزمة ثقافية بالدرجة الأولى. وتطرق الباحث الإسباني جاسينتو ميغيل بورو في ورقته التي كانت بعنوان «المواطنة والإعلام في زمن الأزمات»، إلى العلاقة الوطيدة بين حقوق الإنسان والممارسة الإعلامية، حيث رأى أن الإعلام في زمن الأزمات غالبا ما يضحي بقيم المواطنة وحقوق الإنسان، ويميل إلى المعالجة المتسرعة المليئة بالأحكام المسبقة للقضايا الطارئة. وعالج الباحث يونس إمغران في ورقته حول «الإعلام باعتباره منتجا للأزمة ومستفيدا منها»، موضوع الأداء الإعلامي في مراحل التأزم، كما تطرق إلى صورة الإسلام والمسلمين في الصحافة الأوروبية. وقال إن الإعلام لا يتسم بالموضوعية والحياد عندما يتعلق الأمر بالدين الإسلامي. بينما تطرق الباحث أحمد القصوار من المغرب أيضا في ورقته «الحجاج والقيم في البرامج الحوارية» إلى وجود مظاهر الحجاج في الخطاب الحواري، من خلال نموذج برنامج «الشريعة والحياة» في قناة الجزيرة، حيث بين بأن الحجاج الديني يتسم بطغيان السياسة خلال النقاش حول الأزمات السياسية الجارية. جدير بالذكر أن المؤتمر شهد تنظيم معرض تاريخي لأهم الصحف التي كانت تصدر بمنطقة شمال المغرب، منذ العشرينات من القرن الماضي، سواء باللغة العربية أو باللغة الإسبانية.