أقام عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر تمييزا شهيرا بين هاوي السياسة ومحترفها. ففي نظره، أصبحت السياسة مهنة يمارسها سياسيون. ومن أبرز تجليات الانتقال من الهواية إلى الاحتراف أن السياسيين أصبحوا يتقاضون أجورا وأتعابا مقابل أداء هذه المهنة، و بعد الانتهاء من فترة الخدمة يتم تخصيص معاشات لهم كما هو حال الوزراء والبرلمانيين. في فرنسا، بدأ يتم إعطاء تعويض للبرلمانيين منذ عام 1848. وانتقل التعويض من 9000 إلى 15000 فرنك فرنسي في عام 1906. وكان أعضاء البرلمان بالولايات المتحدةالأمريكية يحصلون على ستة دولارات في اليوم خلال عام 1789، وأصبح أجرهم يساوي عام 1985 ما يقرب من 175 ألف دولار في الشهر. أما بريطانيا فبدأت في تعويض البرلمانيين ابتداء من سنة 1911. معاشات الوزراء اتبع المغرب هو الآخر هذا النموذج، وخصص للوزراء والبرلمانيين أجورا شهرية ومعاشات بعد انتهاء الخدمة. وأول ظهير صدر بشأن أجور وتعويضات ومعاشات الوزراء وكتاب الدولة ونوابهم صدر عام 1975، لكن هذا الظهير، الذي أصدره الملك الراحل الحسن الثاني ووقعه بالعطف أحمد عصمان، لم ينشر بالجريدة الرسمية. ينص الظهير (الذي عدل في 11 غشت 1993) على أن الوزير الأول يحصل على أجر شهري يقدر ب 32 ألف درهم، والوزراء على 26 ألف درهم، وكتاب الدولة على 20 ألف درهم، ونواب كتاب الدولة على 16 ألف درهم. كما أنه بعد انتهاء مدة الخدمة، فإن الدولة تصرف من ميزانيتها لأعضاء الحكومة عند انتهاء مزاولة مهامهم معاشا يساوي مبلغه الشهري، بعد خصم الضرائب المحتجزة، الأجرة الشهرية الجزافية المنصوص عليها في هذا النص القانوني مضروبة في واحد ونصف. وتضاف إلى مبلغ المعاش، عند الاقتضاء، التعويضات عن الأعباء العائلية الممنوحة وفق النظام المعمول به في هذا الميدان. ولا يستحق المعاش إلا في حالة ما كان مجموع الدخول الشهرية الصافية من الضرائب التي يحصل عليها عضو سابق في الحكومة يساوي أو يفوق مبلغ المعاش المحدد في هذا الظهير. وإذا كان مجموع الدخول التي يحصل عليها عضو سابق بالحكومة أقل من مبلغ المعاش، فإنه لا يستحق من هذا الأخير إلا المقدار الذي يزيد على مبلغ مجموع الدخول التي يحصل عليها عضو الحكومة السابق. ويوجب الظهير على أعضاء الحكومة السابقين، للاستفادة من المعاش، أن يدلوا للوزير الأول، عند انتهاء مزاولة مهامهم الحكومية، ثم في مستهل كل سنة بعد ذلك، بتصريح بالشرف يتضمن إقرارا بالدخول التي يحصلون عليها. ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل إن الظهير نفسه ينص على أنه في حالة وفاة المستفيد من المعاش، فإن هذا المعاش ينتقل إلى أرملته وأيتامه وكذلك أبويه اللذين يعولهما عند الاقتضاء. غير أنهم يحصلون فقط على نصف المعاش الذي كان يحصل عليه العضو السابق بالحكومة. معاشات البرلمانيين صدر ظهير بمثابة قانون يتعلق بإحداث معاشات لفائدة أعضاء مجلس النواب، وفيما بعد صدر ظهير بتاريخ 25 غشت 1999 يقضي بتطبيق أحكام القانون الخاص بمعاشات أعضاء مجلس النواب على أعضاء مجلس المستشارين. ويعرف الظهير في المادة الثانية منه أن نظام المعاشات يهدف إلى «ضمان معاش عمري يكتسبه في الحال كل نائب عن مدة نيابته»، ويطبق بصفة إجبارية على كل النواب الذين انتخبوا بصفة نهائية (المادة الثالثة). وتنص المادة السادسة من نفس الظهير على أن النائب بمجلس النواب يحصل على المعاش مباشرة بعد فقدان صفته النيابية بسبب عدم إعادة انتخابه أو لعدم قضائه فترة تشريعية كاملة. لكن الشرط الوحيد الذي يفرضه القانون هو أن يكون النائب البرلماني يؤدي شهريا واجب الاشتراك لنظام المعاشات. ويقدر ذلك الواجب بحوالي 2400 درهم شهريا. وتقتطع واجبات الاشتراك من التعويض الذي يمنح لكل نائب، ولا يمكن لهؤلاء النواب أن يعترضوا. وتحدد المادة السابعة من القانون نفسه المعاش الشهري لكل نائب قضى فترة نيابية واحدة في 5000 درهم، و 7000 درهم بالنسبة للنائب البرلماني الذي قضى فترتين تشريعيتين متواليتين، في حين يحصل النائب البرلماني، الذي زاول ثلاث فترات تشريعية كاملة أو أكثر، على معاش يقدر ب 9000 درهم شهريا. ويشير نفس الظهير إلى أن قيمة المعاش التي يحصل عليها النواب تكون صافية ومعفاة من الضرائب ولا تخضع للتصريح. ويطرح القانون أيضا فرضية عدم إتمام الولاية التشريعية لسبب غير الوفاة. وفي هذه الحالة فإن القانون ينص على أنه إذا قضى النائب البرلماني أقل من سنتين ولم يعد انتخابه، فإن الاقتطاعات التي كانت تؤدى لنظام المعاشات تعاد له كلها. وفي حالة ما قضى سنتين أو أكثر ولم يعد انتخابه فإنه يستفيد من معاش وفق عدد الشهور التي أدى عنها كنائب برلماني.