أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني يعقد اجتماعا برئاسة شي جين بينغ لمناقشة مسودة تقرير عمل الحكومة    قمة أوروبية طارئة بمشاركة زيلينسكي على ضوء تغير الموقف الأمريكي بشأن أوكرانيا    المفتش العام: مروحيات الأباتشي تعزز الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وأمريكا    ضربة قوية في مسار احتراف أنس الزنيتي بالإمارات … !    الكاف : إبراهيم دياز السلاح الفتاك للمغرب وريال مدريد    هذه توقعات طقس اليوم الخميس بالمغرب    حادث سير يكشف عن شحنة كبيرة من المخدرات ضواحي تزنيت    والي مراكش يترأس الاجتماع الأول للجنة الإقليمية للتنمية البشرية برسم سنة 2025    سوق الجملة للخضر بالجديدة: فوضى، سرقات، وبرك مائية تزيد من معاناة البائعين    كيوسك الخميس | تعاون قضائي بين المغرب وإسبانيا لإنجاح مونديال 2030    تقرير أممي يحذر من خطورة انتشار المخدرات الاصطناعية على البشرية    المغرب حصن عزة وتلاحم أبدي بين العرش والشعب أسقط كل المؤامرات    أيلون ماسك يستثمر في الصحراء المغربية    التأكد من هوية الشاب المغربي الذي عُثر عليه في البحر قبالة سبتة المحتلة    المملكة العربية السعودية تدعم مغربية الصحراء وتعتبر مبادرة الحكم الذاتي حلا وحيدا لهذا النزاع الإقليمي    دي ميستورا يبحث تطورات قضية الصحراء المغربية مع خارجية سلوفينيا    المغرب والسعودية يعززان التعاون الثنائي في اجتماع اللجنة المشتركة الرابعة عشر    الوقاية المدنية تتدخل لإنقاذ أشخاص علقوا داخل مصعد بمصحة خاصة بطنجة    أوزين: عدم التصويت على قانون الإضراب مزايدة سياسية والقانون تضمن ملاحظات الأغلبية والمعارضة    تعرف على برنامج معسكر المنتخب المغربي قبل مواجهتي النيجر وتنزانيا في تصفيات كأس العالم 2026    لهذه الاسباب سيميوني مدرب الأتليتيكو غاضب من المغربي إبراهيم دياز … !    وزيرة التنمية الاجتماعية الفلسطينية تُشيد بمبادرات جلالة الملك محمد السادس لدعم صمود الفلسطينيين    صرخة خيانة تهز أركان البوليساريو: شهادة صادمة تكشف المستور    الأمم المتحدة تحذر من قمع منهجي لنشطاء حقوق الإنسان في الجزائر    سلا: حفل استلام ست مروحيات قتالية من طراز 'أباتشي AH-64E'    الاستثمار السياحي يقوي جاذبية أكادير    الكاف يشيد بتألق إبراهيم دياز ويصفه بالسلاح الفتاك    فيفا يكشف جوائز مونديال الأندية    فاس تُضيء مستقبل التعليم بانضمامها لشبكة مدن التعلم العالمية    3 قمم متتالية تكرس عزلة النظام الجزائري وسط المجموعة العربية وتفقده صوابه ومن عناوين تخبطه الدعوة إلى قمة عربية يوم انتهاء قمة القاهرة!    دنيا بطمة تعود لنشاطها الفني بعد عيد الفطر    وزارة الصحة : تسجيل انخفاض متواصل في حالات الإصابة ببوحمرون    تداولات بورصة البيضاء بأداء سلبي    عمرو خالد: 3 أمراض قلبية تمنع الهداية.. و3 صفات لرفقة النبي بالجنة    "أونسا" يطمئن بشأن صحة القطيع    قصص رمضانية.. قصة بائعة اللبن مع عمر بن الخطاب (فيديو)    مطار محمد الخامس يلغي التفتيش عند المداخل لتسريع وصول المسافرين    وكيل أعمال لامين يامال يحسم الجدل: اللاعب سيمدّد عقده مع برشلونة    مسؤول يفسر أسباب انخفاض حالات الإصابة بفيروس الحصبة    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر من الرجال    حدود القمة العربية وحظوظها…زاوية مغربية للنظر    «دلالات السينما المغربية»:إصدار جديد للدكتور حميد اتباتويرسم ملامح الهوية السينمائية وعلاقتهابالثقافة والخصائص الجمالية    «محنة التاريخ» في الإعلام العمومي    القناة الثانية تتصدر المشهد الرمضاني بحصّة مشاهدة 36%    تحذير من حساب مزيف باسم رئيس الحكومة على منصة "إكس"    أمن طنجة يحقق في واقعة تكسير زجاج سيارة نقل العمال    طنجة تتصدر مدن الجهة في إحداث المقاولات خلال 2024    كسر الصيام" بالتمر والحليب… هل هي عادة صحية؟    اليماني: شركات المحروقات تواصل جمع الأرباح الفاحشة والأسعار لم تتأثر بالانخفاض في السوق الدولية    مكملات غذائية تسبب أضرارًا صحية خطيرة: تحذير من الغرسنية الصمغية    المنتخب المغربي يدخل معسكرا إعداديا بدءا من 17 مارس تحضيرا لمواجهة النيجر وتنزانيا    اجتماع بالحسيمة لمراقبة الأسعار ومعالجة شكايات المستهلكين    عمرو خالد يكشف "ثلاثية الحماية" من خداع النفس لبلوغ الطمأنينة الروحية    وزارة الثقافة تطلق برنامج دعم المشاريع الثقافية والفنية لسنة 2025    في حضرة سيدنا رمضان.. هل يجوز صيام المسلم بنية التوبة عن ذنب اقترفه؟ (فيديو)    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاروق ومحنة الثقافة العربية
نشر في المساء يوم 23 - 09 - 2009

إلى حدود صباح أمس الثلاثاء، توقفت المنافسة على منصب المدير العام لليونسكو عند مرشحين اثنين، أحدهما مرشحنا المصري، الذي يسعى إلى أن يكون الأول من كل العرب، الذي يترأس هذه المنظمة الأممية راعية الثقافة والعلوم؛ وثانيهما المرشحة البلغارية، الوزيرة السابقة للشؤون الخارجية، إرينا بوكوفا. فكلاهما حصل على 28 صوتا، ليتساوى الإثنان في انتظار إجراء الدور الخامس من التصويت، اليوم، للحسم في الأمر. أما إذا تساوى المرشحان مرة أخرى، بقدرة قادر كما حدث في الدور الرابع ! فستنتهي العملية إلى القرعة، ليكون مدير اليونسكو بحالها وقدها منتخبا بالقرعة. لكن، لمَ حدث كل هذا الذي حدث؟ ببساطة لأن من بين المرشحين يوجد مرشح عربي وجد نفسه، أو ورط نفسه، في ورطة ما كانت لتعرقل ترشحه بهذه الدرجة من الحدة لو أنه كان يتنافس على إدارة منظمة عربية أو إسلامية يعود الحسم في أمر مديرها العام إلى العرب والمسلمين فحسب.
فاروق حسني دخل منافسة شرسة على خلفية اتهامه من قبل مثقفين فرنسيين ومنظمات يهودية بمعاداة السامية بعد أن قال، مجيبا على جواب مستفز من أحد الإخوان، بإحراق الكتب الإسرائيلية لو وجدت في المكتبات المصرية. صحيح أنه يحظى بدعم الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، إلا أن قوله ذاك وعلاقته الوطيدة مع «الرايس» حسني مبارك والمساحة الزمنية الطويلة التي قضاها مسؤولا عن الكتاب وهموم الكتاب والثقافة في مصر، دون أن يغير الشيء الكثير كما يقول معارضوه، لم تجعل طريقه إلى قمة اليونسكو سهلة، لا بل إن ظاهرة الانسحابات التي وقعت حتى اليوم وتوحد الوفود الأوربية من أجل إقصاء الوزير فاروق لا تبشر بالخير في الدور الأخير.
الوضع الذي خلقه ترشح فاروق حسني لإدارة اليونسكو وضع شاذ بالتأكيد، ويدعو إلى إعادة النظر في عديد أشياء يتميز بها وضعنا الثقافي العربي عن بقية المجالات الجغرافية والوجدانية المشتركة الأخرى. شخصيا، كنت سأكون داعما، ولو من دون حق في التصويت، للمرشح المصري لأنه عربي، أولا، ولأن موقفه تجاه الكتب الإسرائيلية كان نابعا من رغبة أكيدة في التضامن مع الفلسطينيين في محنتهم؛ إلا أنني أجدني متبرما من هذا الدعم فقط لأنني كالغالبية العظمى من بني العرب ساخط على حال العرب وحال الثقافة وعلى علاقة التبعية والموالاة، التي تربط ، دائما، بين أهل الشأن السياسي وأهل الثقافة. فالمرشح المصري عمر طويلا على رأس وزارة الثقافة المصرية، قاطعا الطريق على غيره من الشخصيات التي يمكنها أن تضخ دماء جديدة في شرايين الثقافة المصرية؛ كما أن العديد ممن يعرفونه يقولون إنه يبدل مواقفه بحسب مصلحته... وسواء صحت اتهامات المعارضين أم أخطأت فحال ثقافتنا ومسؤولينا الرسميين ما زالا لم يوفرا شروط إنجاب مرشح يستطيع أن يلم حوله القوم المصوتين ويعفي الجميع من حمل الأدوار الأربعة أو الخمسة.
هذا لا يعني أنني أبرىء الغربيين تماما من النوايا المبيتة أو من الأحكام الجاهزة والقبلية التي تحكم مواقفهم، بل أقر بأن الكثير منهم لا يملكون موضوعية الحكم وبأن نظرة الدونية إلينا تعمي عيونهم عن رؤية الحقيقة. فالمثقف الفرنسي برنار هنري ليفي، الذي وصف المرشح المصري ب «بوليسي» الثقافة، معروف بمواقفه المتسرعة واندفاعاته ويؤاخذه الكثيرون على العديد من المواقف سواء الفكرية أو السياسية... فالرجل متعدد «المواهب» التي تتفرق بين الفلسفة والسينما والإنتاج والصحافة والأعمال والمال والسياسة...
منظمة «مراسلون بلا حدود»، التي كانت سباقة إلى شن حملة ضد فاروق بإصدارها بيانا يدعو، بشكل مبطن، إلى «مقاومةّ» المرشح المصري، ليست بنزيهة كل النزاهة التي يدعيها مؤسسها برنار مينار. فالمنظمة تستفيد من أموال طائلة من مؤسسات أمريكية وازنة في العالم لها علاقات مشبوهة مع مختلف أجهزة المخابرات الأمريكية؛ والسيد مينار ادعى أنه آمن بمشروع «تحرير» الإعلام وحرية التعبير في العالم العربي عندما قبل ترؤس مركز حرية الإعلام بالدوحة قبل أن يفطن إلى استحالة تحقيق هذا التحرير ويعلن الانفصال، لكن من غير أن يخرج خاوي الوفاض ( المالي طبعا). جهات غربية أخرى كثيرة تدعي الحياد لكنها بعيدة عنه كل البعد. إلا أنه مهما يكن من أمر هؤلاء، فغياب النزاهة ليس خاصية سائدة وعامة عندهم، كما أن الثقافة ليست تشريفا وتوكيلا رمزيا، والجوائز الثقافية لا تعطى من خزائن الرؤساء والملوك والأمراء، ولجن التحكيم لا تعينها الجهات الحكومية الرسمية، والإبداع لا يخضع لحسابات ضيقة، واتحادات الثقافة لم تعد كائنة كما هي عندنا، وتنشئة المواطن لا تبنى على الخوف من السلطة بدل أن تكون الأخيرة في خدمة الأول، والقارئ لا يقرأ بضع صفحات في السنة، والكتاب لا يستهلك من باب الكماليات، بل من باب الحاجة إلى تغذية الفكر، ووزراء الثقافة لا يأتون إلى الثقافة بالصدفة... ختم القول أن الثقافة ليست تشريفا ولا لقبا، بل مسؤولية وفعلا، والتاريخ ذاكرته باقية أبدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.