طالبت ثلاث جمعيات حقوقية مغربية الدولة بالقطع مع بعض ممارسات ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال مستمرة، على حد قولها، وإنهاء سلوك بعض الأجهزة الأمنية، التي تقوم بعملية «الاختطاف» و«الاختفاء القسري»، في حق مواطنين، وإن بحدة أقل مقارنة مع فترة الاحتقان السياسي التي انتهت بداية التسعينيات. ودعت ذات الجمعيات، وهي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، الدولة إلى تطبيق توصية هيئة الإنصاف والمصالحة، وإخضاع أجهزة الأمن لسياسة الحكومة والمراقبة البرلمانية، ومساءلة خارقي القانون. وقال محمد الصبار، رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، ل«المساء» إن ظاهرة «الاختطاف» لا تزال قائمة بالمغرب، مؤكدا أن الحكومة لم تفعل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، الخاصة بالكشف عن مصير المختفين، رغم الوعد الذي قطعته على نفسها، من خلال عمل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. وطلب الصبار من الدولة المغربية التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، لضمان عدم تكرار الانتهاكات، مضيفا أن المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، راسل العام الماضي، ملك البلاد، محمدا السادس، من أجل تفعيل الاتفاقية الدولية لحماية المواطنين من الاختفاء والاختطافات. وأرجع الصبار استمرار ظاهرة «الاختطاف» إلى الأجهزة الأمنية والحكومة والقضاء لكون الأولى تقوم بها، ما يعد سلوكا منافيا للقانون، والثانية لا تلتفت إلى صيحات المنظمات الدولية، ولا تفعل القانون في هذا المجال، والثالث لا ينصف المعتقلين، الذين يؤكدون تعرضهم للاختطاف والتعذيب في معتقل تمارة السري. ومن جهته، قال عبد الحميد أمين، نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن موضوع الاختفاء ملف خطير، ويجب تسويته على المستوى القانوني والعملي، فالأول يتطلب مصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، والثاني يهم القطع مع ممارسات ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والكشف عن مصير المختطفين، من قبيل ملف المهدي بن بركة، ومحمد إسلامي، وعشرات الحالات التي لم يتم الكشف عنها. ونفى أمين إحراز تقدم في ما يخص الملفات العالقة التي أوصت بها هيئة الإنصاف والمصالحة، والتي باشرها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، باستثناء الكشف عن حالة عبد الحق الرويسي، التي تم التحقق منها بواسطة تحليل الحمض النووي، وسيتم دفن رفاته قريبا، إذ تجرى آخر الترتيبات لذلك. وشدد أمين على ضرورة إغلاق مركز تمارة، موضحا أن هذا المركز، وإن اعتبرته الحكومة إدارة تابعة لجهاز المحافظة على التراب الوطني، فإنها كانت فيما مضى تعتبر درب مولاي الشريف إدارة تابعة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، رغم أنه كان معتقلا رهيبا، فالذين مروا من درب مولاي الشريف، حكوا ذلك، والذين يمرون من تمارة يحكون ذلك، على حد تعبيره. ودعا أمين الحكومة إلى تطبيق توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، عبر إخضاع الأجهزة الأمنية المختلفة، السرية على الخصوص، للتدبير الحكومي، والمراقبة البرلمانية، حتى لا تتمادى في خرق حقوق الإنسان. وأصدرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، بيانا مشتركا، كما أصدرت المنظمة المغربية بيانا طالبت فيه الدولة بالتصديق على الاتفاقية الدولية ضد الاختفاء القسري، مشيرة إلى أنها راسلت، العام الماضي، عباس الفاسي، الوزير الأول، من أجل تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة والتنصيص على تجريم الاختفاء القسري في الدستور، وإدماج الحكامة الأمنية في الفصل 46 من الدستور، في سياق ضمانات قانونية وفردية، وإدماج الجرائم والعقوبات المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني ضمن التشريع المغربي، والتحسيس بعدم الإفلات من العقاب في حالة حدوث جرائم الاختفاء.