انتهى سعد الله عبد المجيد من كتابة نص مسرحي جديد حول العيطة وعلاقتها بالمقاومة الوطنية يحمل عنوان «ربوحة»، وهي شخصية مناضلة وثائرة قاومت الاستعمار في مدينة الشهداء والمقاومة وادي زم، بصوتها الجهوري النافذ، وزجلها المشتعل، الذي أجج ثورة 20 غشت، التي اعتبرها المستعمر الفرنسي بمثابة مجزرة في حق الفرنسيين، الذين كانوا يعتبرون وادي زم، منتجعا لكبار شخصياتهم، الذين أطلقوا عليها اسم باريس الصغيرة. وقال سعد الله عبد المجيد في تصريح ل«المساء»: «لقد استلهمت العمل من فن العيطة، وأجريت في هذا الشأن بحثا حول شخصية «ربوحة»، ووجدت صعوبة في جمع قصائدها، وقد ساعدني الشاعر محمد النبيكة كثيرا، وبفضله جمعت قدرا مهما من القصائد والروايات التي نسجت حول حياة «ربوحة»، هذه المرأة التي ألهبت حماس الساكنة والمواطنين خاصة الشباب لمواجهة المستعمر، وقدمت ضريبة الجهاد، حيث تحكي هذه الروايات، حسب عبد المجيد أن المقيم العام حاول تعذيبها، وأن بعض القياد من الخونة سعى إلى استمالتها لكنها رفضت، وتشير هذه الروايات إلى أن «ربوحة» كانت امرأة جميلة. ويضيف سعد الله لقد استطاعت الشيخة «ربوحة» تحريك أبناء المنطقة، الذين أربكوا كل تكتيكات العدو الفرنسي، ليس على المستوى المحلي فقط، بل على المستوى الوطني أيضا، إذ تضمنت أغانيها قدحا مباشرا للحاكم الفرنسي، ووصفا دقيقا للحظات ثورة وادي زم بقولها «فين إيامك يا وادي زم راه زناقيك جاريين بالدم...». كلفت هذه الثورة الشيخةَ ربوحة حياتَها، وهي في ريعان شبابها رفقة أزيد من 5000 شهيد من أبناء وادي زم الشرفاء من قبائل السماعلة، وبني سمير، وبني خيران، تاركة تراثا مهما في متون العيطة. واعتبر سعد الله أن الاشتغال على أغانيها يعد شيئا صعبا، لأنه يتطلب إخضاع المتون للتحقيق والتدقيق والتشريح، حتى يأتي العمل متكاملا من أجل المساهمة في التوثيق، ورد الاعتبار إلى هذه الشخصية، التي لم تنصف من طرف الباحثين في تراث العيطة. وأبرز سعد الله أن التداريب حول هذا العمل المسرحي ستنطلق في بداية شهر رمضان، وأنه لن يعتمد في تقديم الأغاني على «البلاي أوف»، أي الأغاني المسجلة، بقدر ما سيعتمد على أداء الممثلين والممثلات، لأن العمل المسرحي عمل حي وينبني على التواصل، وبالتالي فهو يرفض ويكره التقنية المذكورة لأنها تقتل العمل، ويشارك في العرض كل من جواد العلمي في دور الشاب، وجمال العبابسي في دور القائد، وسلام حجي في دور المقيم، السينوغرفيا من إعداد وتصور محمد محمودي، والإخراج لسعد الله عبد المجيد. وأشار إلى أن هذا ثاني عمل له في مجال تراث العيطة، إذ سبق له أن تناول فن «المرساوي» ضمن عرض مسرحي سنة 1986 قدمته كل من فرقة الإقلاع بالمحمدية، وفرقة العروض المسرحية في الألفية الثالثة. من جهة أخرى، أكد سعد الله أنه سيواصل عرض مسرحية «البرشمان» رفقة جميلة مصلوح وجواد العلمي وجمال العبابسي ورشيدة السعودي إذ سيشارك بها في مهرجان المعاريف الرمضاني للمسرح، كما يستعد للمشاركة في الدورة الأولى لمهرجان «بيضاوة» للمسرح، الذي سينظم تحت اسم دورة الطيب الصديقي، من 31 غشت الجاري إلى 06 شتنبر المقبل. وفي ما يخص التلفزيون، قال عبد المجيد إنه انتهى من كتابة سيناريو شريط تلفزيوني للقناة الأولى تدور أحداثه حول موضوع الطلاق ويحمل اسم «التجاعيد»، كما أنه بصدد كتابة سيناريوهات ثلاث حلقات من برنامج «مداولة»، الذي تعرضه القناة الأولى، هي «القتل العمد»، و«الاتجار في المخدرات»، و«صلة الرحم». وعن كيفية اشتغاله على هذه النصوص، أوضح سعد الله أن طريقة كتابة السيناريو تختلف عن طريقة كتابة النص المسرحي، إذ يشتغل على أرضية الملف القضائي، الذي يستنبط منه الشخوص والأفكار، والوقائع، والأحداث، التي يوظفها بشكل منطقي، مضيفا إليها بعض لمسات التخييل. وأشار سعد الله إلى أن كتابة مثل هذا السيناريو، تشترط أن يكون ملف النازلة قد استوفى المدة القانونية المحددة في عشر سنوات، كما يشترط تغيير أسماء الشخوص ومهنهم، والأماكن التي وقعت فيها الأحداث، أي طمس أي معطى قد يشير إلى الأبطال الحقيقيين للواقعة. إن صياغة السيناريوهات المأخوذة من ملفات القضاء، تتطلب طريقة خاصة في الكتابة، هي أقرب إلى الكتابة التلفزيونية، التي تعتمد على الصورة المنجزة بتقنيات عالية، مع مراعاة الواقعية في السيناريو.