اعتبر الكاتب المسرحي المغربي سعد الله عبد المجيد، أن توشيحه من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أخيرا، بوسام العرش من درجة ضابط، بمثابة رد الاعتبار للمسرح والمسرحيين، وهو اعتراف ولحظة تاريخية واستثنائية في مسار أي فنان.سعد الله عبد المجيد وقال عبد المجيد في حديث ل"المغربية" "أحسست بشعور تعجز الكلمات عن وصفه، في اللحظة، التي تفضل فيها صاحب الجلالة بتوشيحي. إنها محطة مهمة في مسار أي فنان، لقد كان حلما وتحقق"، مضيفا أن هذا التكريم مسح جميع المتاعب والتضحيات، كما أنه بدد كل المخاوف من المستقبل، وأزال أثر الاحتراقات الجسدية والنفسية، التي يعيشها المبدع، وهو يعكف على كتابة نص مسرحي أو إخراجه. وأسر صاحب المسرح الفقير ل"المغربية" أنه أحس بطاقة جبارة تسكنه بعد توشيحه، وتمنى لو أخرج كل ما ينتابه في تلك اللحظة من أحاسيس وأفكار وإبداعات، معتبرا تكريمه تكليفا وتشريفا في الوقت نفسه. وأكد سعد الله أن المسرح المغربي بخير، طالما أن هناك اهتماما من طرف المؤسسة الملكية، مشيدا بالجهود، التي يبذلها المسرحيون المغاربة، خصوصا الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل استمرار هذا الفن، الذي يعتبر أبا شرعيا لكل الفنون. وأشار سعد الله إلى أن المسرح المغربي، مازال ينتظر مبادرات القطاع الخاص، التي يعتبرها ضرورية للنهوض بهذا الفن، لأن الدولة لا تستطيع أن تدعم جميع الفرق المسرحية، من الميزانية الهزيلة المخصصة لوزارة الثقافة، مذكرا أنه قدم 14عرضا لمسرحيته الأخيرة "البرشمان" في مختلف المدن المغربية، دون أن يحصل على أي دعم. من جهة أخرى، تأسف سعد الله لإعفاء وزيرة الثقافة الفنانة ثريا جبران من مهامها، نتيجة مرضها، وقال إنها بدأت في ضخ دماء جديدة في المشهد الثقافي المغربي، من خلال اهتمامها الملحوظ بالمسرح، والأغنية التي باتت تحصل على دعم خاص، إضافة إلى تحقيق العديد من المنجزات الملموسة، معتبرا أن المدة، التي قضتها على رأس الوزارة لم تكن كافية لفهم دواليب العمل الوزاري وضبط آلياته، من أجل تطبيق مشروع ثقافي مازال في بداياته الأولى. وتمنى من المفكر بنسالم حميش، الذي تقلد منصب وزير الثقافة مكانها، أن يكمل مشروع ثريا جبران الثقافي، وأن يعود إلى أصوله الأولى، لأنه كتب الشعر والمسرح، قبل أن يكتب الرواية، موضحا أن جل الوزراء، الذين تعاقبوا على وزارة الثقافة ركزوا على مجالات معينة، كانت مرتبطة باهتماماتهم، إذ أعطى العلامة محمد الفاسي الأولوية للملحون وأدب الرحلة، فيما ركز محمد بنعيسى على مهرجان أصيلة والعلاقات الثقافية بين المغرب وباقي بلدان العالم باعتباره كان سفيرا، ثم وزيرا للخارجية، ومحمد الأشعري على الشعر باعتباره شاعرا. وبخصوص جديد أعماله، قال سعد الله إنه انتهى من كتابة نص مسرحي جديد حول العيطة وعلاقتها بالمقاومة الوطنية يحمل عنوان "ربوحة"، وهي شخصية مناضلة وثائرة قاومت الاستعمار في مدينة الشهداء والمقاومة وادي زم، بصوتها الجهوري النافذ، وزجلها المشتعل، الذي أجج ثورة 20 غشت، التي اعتبرها المستعمر الفرنسي بمثابة مجزرة في حق الفرنسيين، الذين كانوا يعتبرون وادي زم، منتجعا لكبار شخصياتهم، الذين أطلقوا عليها اسم باريس الصغيرة. واستطاعت الشيخة ربوحة تحريك أبناء المنطقة، الذين أربكوا كل تكتيكات العدو الفرنسي، ليس على المستوى المحلي فقط، بل على المستوى الوطني أيضا، إذ تضمنت أغانيها قدحا مباشرا للحاكم الفرنسي، ووصفا دقيقا للحظات ثورة وادي زم بقولها "فين ايامك يا وادي زم راه زناقيك جارين بالدم....". كلفت هذه الثورة الشيخة ربوحة حياتها، وهي في ريعان شبابها رفقة أزيد من 5000 شهيد من أبناء وادي زم الشرفاء من قبائل السماعلة، وبني سمير، وبني خيران، تاركة تراثا مهما في متون العيطة. واعتبر سعد الله الاشتغال على أغانيها شيئا صعبا، لأنه يتطلب إخضاع المتون للتحقيق والتدقيق والتشريح، حتى يأتي العمل متكاملا من أجل المساهمة في التوثيق، ورد الاعتبار لهذه الشخصية، التي لم تنصف من طرف الباحثين في تراث العيطة. من جهة أخرى، أكد سعد الله أنه سيواصل عرض مسرحية "البرشمان" رفقة جميلة مصلوح، وجواد العلمي، وجمال العبابسي، ورشيدة السعودي، إذ سيشارك بها في مهرجان المعاريف الرمضاني للمسرح، كما يستعد للمشاركة في الدورة الأولى لمهرجان "بيضاوة" للمسرح، الذي سينظم تحت اسم دورة الطيب الصديقي، من 31 غشت إلى 06 شتنبر المقبل. وفي ما يخص التلفزيون، قال عبد المجيد إنه انتهى من كتابة سيناريو شريط تلفزيوني للقناة الأولى تدور أحداثه حول موضوع الطلاق ويحمل اسم "التجاعيد"، كما أنه بصدد كتابة سيناريوهات ثلاث حلقات من برنامج "مداولة"، الذي تعرضه القناة الأولى، هي "القتل العمد"، و"الاتجار في المخدرات"، و"صلة الرحم". وعن كيفية اشتغاله على هذه النصوص، أوضح سعد الله أن طريقة كتابة السيناريو تختلف عن طريقة كتابة النص المسرحي، إذ يشتغل على أرضية الملف القضائي، الذي يستنبط منه الشخوص والأفكار، والوقائع، والأحداث، التي يوظفها بشكل منطقي، مضيفا إليها بعض لمسات التخييل. وأشار سعد الله إلى أن كتابة مثل هذا السيناريو، تشترط أن يكون ملف النازلة قد استوفى المدة القانونية المحددة في عشر سنوات، كما يشترط تغيير أسماء الشخوص ومهنهم، والأماكن التي وقعت فيها الأحداث، أي طمس أي معطى قد يشير إلى الأبطال الحقيقيين للواقعة. إن صياغة السيناريوهات المأخوذة من ملفات القضاء، تتطلب طريقة خاصة في الكتابة، هي أقرب إلى الكتابة التلفزيونية، التي تعتمد على الصورة المنجزة بتقنيات عالية، مع مراعاة الواقعية في السيناريو.