تقدم فرقة "باب البحار سينمسرح"، العرض ما قبل الأول لمسرحية "للا جميلة"، يوم غد 30 أبريل الجاري، بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، بدعم من الصندوق العربي للثقافة والفنون، والمسرح الوطني محمد الخامس، وبتعاون مع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان.تعد مسرحية "للا جميلة" الجزء الثاني من ثلاثية مسرحية صدرت، أخيرا، للكاتب المسرحي الزبير بن بوشتى، ضمن منشورات وزارة الثقافة بعنوان "أوطيل طنجة"، وجزؤها الأول هو "يا موجة غني"، والثالث هو "زنقة شكسبير". وتحكي مسرحية "للاجميلة"، التي كتب نصها الزبير بن بوشتى، ووضع سينوغرافيتها وأخرجها عبد الجيد الهواس، ويشخصها كل من الممثلين: بشرى أهريش، وهاجر گريگع، وزينب الناجم، ورشيدة نايت بلعيد، وجهان حميدي، وحمد الرميشي، ومحمد العسال، حكاية امرأتين، نموذج عقليتين: الأولى "للا جميلة" محافظة، وإن ثارت، فهي لا تثور على التقاليد والأعراف، وإنما تثور على ظلم "الباحدو"، زوج أمها، الذي نكل بها وبأمها إلى حد إجبارهما على درس الشوك بأقدام حافية، لذلك فهي تثور على سلطة زوج أم يستمد قوته من المستعمر. إنها ثورة نفسية تروم الانتقام للذات، وإعادة الاعتبار لها، إنها ثورة ضمنية ضد المستعمر، الذي حشر أنفه في عقر الدار، من خلال بعض أصحاب الدار. أما الشخصية الثانية "يطو"، فتستمد ثورتها من شريحة متنورة تمردت، ذات حقبة ستينية وسبعينية من القرن الماضي، على شتى أساليب السلط، دينية كانت أو سياسية أو اقتصادية، ما بوأ "يطو" في نص "للا جميلة" مكانة نموذج جيل بأكمله، عانى ويلات السجون، ومن شتى أساليب الاغتصاب السياسي والمجتمعي. ولعل تعرضها للاغتصاب في المعتقل من طرف أخ لها غير شرعي "ولد الكلاسة" (أي القيمة على الحمام)، هو رمز للاغتصاب الذهني والمعنوي، الذي تعرض له حاضر ومستقبل أمة برمتها. اغتصاب لن يبرأ منه جسد الوطن، إلا بالبحث عن فضاءات أكثر اتساعا وتسامحا، وكفيلة باحتضان تحليقات طيورها بأجنحة طليقة لا يتهددها أي مقص تحت أي ذريعة. وحول هذه المسرحية، ذكر الكاتب المسرحي الزبير بن بوشتى في تصريح ل"المغربية"، أن المخرج عبد المجيد الهواس، منذ أن قرأ النص وهو يرغب في إخراجه، وأضاف أن المسرحية تتحدث عن المرأة، وتحديدا عن أختين لم تلتقيا إلا تلك الليلة، تستعيدان الذكريات وحكاياتهما مع السلطة. وأشار إلى أن المسرحية ليست عملا نضاليا عن المرأة، لأن المرأة تظهر في مسرحية "للا جميلة" كحامل للحديث عن المدينة والبلد، وعن تاريخه وذاكرته، خاصة سنوات الرصاص، التي ستظهر في المسرحية، من خلال شخصية الأخت الثانية "يطو"، التي تعرضت للاعتقال والسجن، والاغتصاب. وعن طغيان ظاهرة الاقتباس في المسرح المغربي، ذكر الزبير بن بوشتى، الذي توجت مسرحياته بالعديد من الجوائز الوطنية والعربية، أن الظاهرة تجد مسوغا لها لدى المخرجين المغاربة، الذين "يتعالون على النص المغربي، لأنه برأيهم لن يضيف لهم شيئا أو لا يقتنعون به، ولهذا فهم يفضلون الاشتغال على نصوص أجنبية مثل كورتيس وغيره، لأنها حمالة أسماء، وتمكنهم من رؤية إخراجية معينة، وتساعدهم على التعامل بكل حرية مع نصوص أصحابها ميتون، في حين تكبلهم وتحاصرهم النصوص الحية بأصحابها". وأضاف بن بوشتى أن الفتور والانحسار هو الطابع الغالب على الكتابة المسرحية بالمغرب، لأن الميدان لا يشجع على الاشتغال والكتابة، ولهذا السبب يتخلى الكثيرون عن الكتابة للمسرح، في حين أن ما يجب فهمه هو أن المسرح عمل نضالي بالدرجة الأولى، وإذا ما جرى التخلي عنه، فإنه سيعرف مزيدا من الانحطاط والتسيب. وبخصوص الدعم المسرحي أكد بن بوشتى أنه "مكسب يجب التشبث به، إلا أنه يجب أن يقنن أكثر، لأن الدعم أفرز ظواهر ليست في صالح الممارسة المسرحية". وأضاف أن المسرح المغربي، رغم ذلك، يعرف على مستوى الإنتاج والإبداع مرحلة مهمة من حياته، ولكن على مستوى البنيات التحتية فهو ما زال يفتقد المسارح، وموزعي العروض، ومقتني العروض، وهي عوامل تترك المسرح في جهة والجمهور في جهة أخرى، لأن الحلقة التي تجمعهم مفقودة. فغياب سياسة ثقافية واضحة تكاد تعصف بكل شيء، كما أن هناك إحساسا، كما أردف بأن "هناك سياسة عامة تهدف إلى الإساءة للمسرح بالبلد". أما مخرج مسرحية "للا جميلة"، عبد المجيد الهواس، فصرح ل"المغربية"، أن رؤيته الإخراجية للمسرحية، التي ترتكز بالأساس على شخصيتين هما: للاجميلة، وأختها يطو، لا تعتمد على تلك الشخصيتين فحسب، بل تستحضر كل الشخصيات التي تحكي عنهما الأختان، ليصبح عدد الشخصيات سبع بدل اثنتين. وأضاف الهواس أنه، من خلال استحضار تلك الشخصيات، يهدف إلى إعطاء وقع للأحداث المستعادة، ولثقل المعاناة وسنوات الاستعباد، التي عانتها شخصيتا المسرحية. للإشارة، فإن مسرحية "للا جميلة" استفادت من دعم الإنتاج المسرحي للصندوق العربي للثقافة والفنون، إلى جانب مهرجان الرقص التعبيري بفاس، الذي يشرف عليه الكاتب والشاعر عزيز الحاكم، والكاتب والناقد شرف الدين ماجدولين، إلى جانب مسرحيين وكتاب عرب آخرين.