أولاد فارس وأولاد بوعلي والقراقرة وأولاد عامر وغيرها من الدواوير بضواحي البروج، بإقليم سطات، تخوض كل صيف حربا ضروسا على العقارب خاصة السوداء، أما العقرب الصفراء والتي تسمى ب«عقرب الريح» فيعتبرون لسعتها لا تشكل أي خطر وسمها يشبه سم البعوض حسب تعبير أحدهم. تنصح الأمهات أطفالهن بعدم الاقتراب من الأماكن التي من المحتمل أن توجد بها العقارب، تقول فاطمة، ربة بيت, «نخشى كثيرا على أطفالنا من لسعات العقارب، ونمضي فصل الصيف في محاربتها، إضافة إلى الهلع والخوف الذي يتملكنا عندما تكون العقرب سوداء، ولكننا نتخذ كل الاحتياطات، بما فيها طلاء جدران البيوت». هلع في صفوف الصغار لا يمضي فصل صيف دون أن يقع بصر يونس امهاطر (14 سنة)، الذي يقطن بدوار أولاد غالم بضواحي البروج، على عقرب سوداء تحت وسادته أو تتسلق حائط منزلهم، يقول هذا الطفل «العقارب التي تخيفنا كثيرا هي السوداء لأن لسعتها شديدة جدا، وتحتاج إلى السرعة لنقل المريض بصفة استعجالية إلى المستشفى». أما عبد الله، طفل يقطن بدوار أولاد فارس، فقد لسعته العقارب أزيد من أربع مرات، وكلما شاهد أي حشرة تتحرك إلا ويصاب بالخوف والهلع. يقول عبد الله ببراءة طفولية «أصبحت أخاف من أي حشرة، لأني تألمت كثيرا عندما لسعتني العقارب». مشهد العقارب تتحرك لا يخيف بعض الصغار، فعند سؤالنا لطفل يبلغ من العمر 11 سنة، عما يشعر به عند رؤيته عقربا، أجاب وهو يضحك «عادي أقوم بقتلها ورميها خارج المنزل إن كانت داخله، أما إذا كانت خارج البيت فأقتلها وأتركها في مكانها». وإن كان الأطفال هم أكثر عرضة للسعات العقرب فإن الأمهات يبذلن كل ما في وسعهن في محاربتها عبر استعمال بعض الأدوية التي تقتل الحشرات. تقول خديجة، التي تقطن بدوار القراقرة «نقتني بعض الأدوية لمحاربة العقارب لكنها لا تنفع أحيانا، وهذا ما يجعلنا نتخذ كل الاحتياطات في محاربة «العكرب الكحلة». موت محقق ما زالت أسرة الخلفي بدوار أهل الشعبة بجماعة مسكور بالبروج، ترثي رحيل طفلين بسبب لسعة عقرب أودت بحياتهما، إذ توفي طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات بعدما لسعته عقرب وهو نائم، ما دفع والده عبد السلام إلى وضع أسرة عبارة عن ألواح خشبية عالية من أجل أن ينام عليها صغاره المتبقين، لأنه أصبح يخشى على حياتهم، وبعدها بأسبوع توفيت طفلة أخرى تنتمي إلى العائلة نفسها وسنها لا يتجاوز أربع سنوات، بعدما أكلت عقربا ميتة، يقول عبد العلي الخلفي «قام أحد أفراد الأسرة بقتل عقرب وتركها في مكانها، وعندما كانت الطفلة تلهو قامت بأكل العقرب فتوفيت على الفور». وبدوار حليبة، بالبروج، ما زال الجميع يردد قصة الطفل الذي توفي في طريقه إلى مستشفى سطات، إذ أصبحت الأمهات يحذرن أطفالهن من الاقتراب من بعض الأماكن خشية عليهم من لسعات عقارب محتملة، وتسرد عليهم قصة الطفل الذي لسعته عقرب فتوفي وغادر الحياة، لعلها تساهم في التوعية بخطر اللسعة. ومازال بعض السكان يلجؤون إلى التقنيات الشعبية لعلاج اللسعة، فيقومون ب«التشراط» لإزالة سم العقرب وإن كانت الجهات الرسمية تحارب هذا النوع من العلاج وتنصح المواطنين بتجنب هذه الوسيلة، لكن البعض يراها الأنجع في حالة بعد المستشفى أو المستوصف. يقول محمد (فلاح) «نلجأ إلى وسيلة «التشراط»، أي إزالة سم العقرب عبر جرح مكان اللسعة، لعلاج الملسوع، وهذه الوسيلة نعتبرها ناجحة، لأنه أحيانا نقل المصاب إلى المستوصف أو المستشفى خصوصا إذا كانت حالته خطيرة فإنه لا تقدم إليه الإسعافات في المكان نفسه بل يتطلب الأمر نقله إلى المستشفى بعيدا وهذا قد يفضي إلى موته». «عقارب» المستشفى يستقبل المستشفى المحلي البروج يوميا حوالي 20 حالة تعود للسعات العقارب، حسب ما أكده مصدر مطلع، تأتي من الدواوير المجاورة أو من مدينة البروج نفسها، ولا غرابة أن المستشفى نفسه تنتشر بمحيطة العقارب، مما جعل إحدى العاملات به وهي وافدة على المنطقة تتخذ جميع الاحتياطات اللازمة تفاديا لتعرضها للسعة عقرب لا قدر الله. بغرفة المستعجلات علقت مطوية للمركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية توضح وسائل الوقاية ومحاربة اللسعات، وعندما يلج باب المستعجلات مصاب بلسعة عقرب، فإن مهمة العاملين بالمستعجلات تقتصر على مراقبة حالته وضغط دمه، ومنحه أقراص مضادة للألم، وفي حالة ما إذا ظهرت مؤشرات تبين أن الحالة مستعصية فإنه يتم توجيهها إلى قسم الإنعاش بمستشفى سطات. و هناك من لا يخاف من العقارب، «العقرب لا تخيفنا لقد وقع نوع من التعايش معها» يقول أحد سكان مدينة البروج،لأنه يعتبر أنه لا ينبغي المبالغة في الحديث عن خطر لسعات العقرب التي يعتبرها تكسب الإنسان نوعا من المناعة على حد قوله. هذا الرأي يزكيه بعض الأطفال الذين يسعون للبحث عن العقرب خاصة في فصل الربيع، فمثلا بعض الأطفال بضواحي مدينة بني ملال يقومون باصطياد العقارب من الجحور خاصة بالمقابر عبر استعمال نوع من النبات عبارة عن زهور صفراء يطلق عليها اسم «الحارة». مملكة «العقارب» مملكة «العقارب» هي مدينة قلعة السراغنة، إذ إن المناطق التي تحيط بها تعرف انتشار هذه الحشرة السامة. وتحتل جهة مراكش تانسيفت الحوز المرتبة الأولى من حيث عدد حالات التسمم تليها جهة تادلا أزيلال، ثم جهة الشاوية ورديغة، وجهة دكالة عبدة، ثم سوس ماسة درعة. ويلي قلعة السراغنة مدينة خريبكة، من حيث عدد لسعات العقارب التي تسجل خلال فترة الصيف بسبب الجو الحار. وتحتل لسعات العقارب المرتبة الأولى من حيث عدد التسممات التي يسجلها المركز المغربي لمحاربة التسمم إذ إن 30 في المائة من حالات التسمم التي يتعرض لها المواطنون بسبب لسعات العقرب. وسجلت حوالي 19 حالة وفاة خلال الخمسة أشهر الأولى من سنة 2009. ويبلغ عدد حالات التسمم الناتجة عن العقارب 25 ألف حالة سنويا، وترتفع خلال شهري 7و8، وفق ما أكدته الدكتورة سناء بلعربي، طبيبة بالمركز، موضحة أن 90 في المائة من اللسعات تدخل ضمن لسعة بيضاء لا تستدعي أي دواء، وأن 10 في المائة فقط هي التي تتطور إلى تسممات، و3 في المائة منها حالات مستعصية قد تؤدي إلى الوفاة. وبخصوص نسبة الوفيات أكدت بلعربي أن نسبتها حوالي 0،2 في الألف خاصة في صفوف الذين يقل سنهم عن 15 سنة، أي أن نسبة الوفيات تنتشر في صفوف الأطفال. وأوضحت الدكتورة بلعربي أنه نظرا لتوفر مدينة قلعة السراغنة على مستشفى جهوي يحتوي على العناية المركزة فإن العديد من سكان المناطق المجاورة يلجؤون إليه بالرغم من أنها جغرافيا غير تابعة للمدينة، لأن هناك تعليمات بالنسبة للمستشفيات باستقبال حالات تسمم العقرب من أي مكان كان. وبخصوص الدواء، قالت بلعربي «ليس بالضرورة توفر الدواء في كل المستشفيات، كما أنه يمنع إعطاؤه إذا كانت الحالة لا تستدعي ذلك، بل إن بعض الأدوية التي تعطى تكون مضادة للآلام والتعفن. وقالت إن محاربة لسعات العقرب تتطلب مجهودا من قبل الجميع سواء كانت جماعات محلية أو جمعيات المجتمع المدني والوزارات المعنية. ثلث تسممات تسببها العقارب يسجل المركز المغربي لمحاربة التسمم آلاف الحالات الناتجة عن لسعات العقرب، وتحتل لسعات العقرب المرتبة الأولى من مجموع التسممات (ما يفوق 30 %)، ويلسع العقرب في جل الحالات، داخل البيوت (70 %)، ويلسع العقرب بالأخص في الأيدي والأرجل . وللعقارب المتواجدة بالمغرب خصوصيات تتمثل في: < نوع العقرب: يوجد بالمغرب أكثر من 30 نوعا من العقارب < لون العقرب: أسود، أصفر، بني... < لحد الآن يمكن أن نقول إنه يوجد بالمغرب نوع واحد سامٍ لونه أسود اسمه Androctonus Mauritanicus < نمط عيش العقرب: يتكاثر العقرب ما بين شهري ماي وأكتوبر ويصل إلى أوج نشاطه في شهري يوليوز وغشت. < يخشى العقرب الشمس والنور فيختبئ في النهار في الأماكن المظلمة : تحت الأحجار والأخشاب، في ثقاب الجدران، في الشقوق، في الأثاث القديم، في الفراش، في الملابس وداخل الأحذية. < يخرج العقرب من مخبئه ما بين الساعة السادسة مساء والتاسعة صباحا. < لا يستطيع العقرب تسلق الجدران الملساء لعدم وجود أعضاء لاصقة بأرجله. < يقتات العقرب على الحشرات ويتواجد بالتالي بالقرب من الأزبال والنفايات والأوساخ والأحجار. ما يجب عمله وسائل مكافحة العقرب < إزالة الأعشاب المتواجدة قرب البيوت < تبليط حيطان المنزل لتصبح ملساء على ارتفاع متر على الأقل < ترتيب الأمتعة غير المستعملة والتخلص مما هو غير صالح < تربية الدواجن التي تأكل العقارب عند وقوع اللسعة < إزالة العقرب من الأحذية أو الفراش وقتلها < إخراج المصاب من المكان الذي لسع فيه < ملاحظة حجم ولون العقرب < تحديد ساعة وقوع اللسعة < حمل المصاب إلى أقرب نقطة طبية وسائل الوقاية من اللسعة < ارتداء أحذية ولو في فصل الصيف < فحص الأحذية، الملابس، والفراش قبل استعمالها < الحذر أثناء تحريك أو نقل الأحجار أو الأثاث أو الأخشاب أو الأعشاب أعراض اللسعة < وتنتج عن لسعة العقرب أعراض متعددة يمكن تلخيصها في ما يلي: < عند اللسعة: تظهر أعراض محلية مباشرة وهي: احمرار، انتفاخ، حكة، وجع. < في حالة التسمم: ينتشر السم بسرعة في جسم الإنسان مع ظهور أعراض عامة ابتداء من 5 إلى 30 دقيقة بعد اللسعة وتتمثل هذه الأعراض في: < ارتفاع أو انخفاض الحرارة. < قيء، أوجاع في البطن، إسهال. < عرق وارتعاش. < اضطرابات في دقات القلب وفي التنفس. < غيبوبة. كل هذه العلامات تنبئ بخطورة الحالة التي قد تؤدي إلى الوفاة خاصة عند الأطفال البالغ سنهم أقل من 15 سنة. ما يجب تجنبه < البزغ أو التشريط < ربط العضو المصاب