أن تعيش بين ظل الماضي وشبح المستقبل أن تطل على عصفور داخل قفص، فلا تدري أبدا من المسجون ومن الطليق أن تستفيق يوما وتجد ذاك الصوت الداخلي الذي يحدثك قد صمت أن تعيش بين أناس دون أن تشعر بالانتماء إليهم أن تتيه في دهاليز العزلة ولا تخرج أبدا أن يبدو لك ماضيك بعيدا وبدون أهمية، وذكرياتك قد حجبها الغبار أن يتلاشى العالم من حولك وتصمت أطرافك وتخبو الحياة في عينيك أشياء تبعث على الألم ظمأ لا يرتوي احتقار الذات وقهر الجسد سعادة قلقة تجعلك تعيش في رغد دون أن تحسه نوم متوتر خال من الأحلام أن تعبر نحو الموت وحيدا مريضا.. على فراش وثير أن تسبح ضد التيار دون أن تجيد التجذيف أن تفقد كبرياء الحب والصمود والتعفف أن تنفض من قلبك من كان يوما أقرب الناس إليك ألا تحيا إلا لتموت، دون أن تدرك أسرارا كبيرة اسمها الحب والروح والنفس والزمن ألا تصغي لحواسك وأفكارك وأحلامك وأناشيد الطفولة التي تعود إلى رأسك من ماضي طفولتك أن يتساوى لديك ربيع الحياة، شتاؤها وخريفها ألا تعرف كيف تنصت، فقلة من الناس ينصتون؛ ولا كيف تحب، فقلة يفقهوا كيف يحبون؛ ولا كيف تحيا.. فقلة منهم يعيشون أن يخذلك قلبك فيرتج جسدك وتدمع عيناك ألا تفهم شريعة الحب: لا يُسرق ولا يُؤخذ غصبا ولا كذبا أن تطعم الجسد وتهمل العقل والروح أن تمضي في طريق مقفر طويل لا نهاية له ألا يفيض قلبك حنينا كلما تذكرت ملامح والديك أن تتغرب مجبرا وتقف وحيدا تحت المطر أن تبحث عن المجهول وتضيّع نفسك أن تحسن إلى الآخرين فتسيء إلى نفسك أشياء تبعث على الألم أن تعيش يتيما وأهلك كثر أن تجبر على الأكل وحيدا وتتخيل دائما أن من يأكلون حولك يجلسون على طاولتك، يحدثونك ويبتسمون لك ويصبون الماء بكأسك أن تتسول بصمت أن تتمنى الموت في عز شبابك أن يطعنك من الخلف من كانوا بالأمس القريب رفاقك أن يموت قريب فتكلّف بلمّ أغراضه أن ترغب في الصلاة فتكتشف أنك لا تجيد الوضوء ولا تحفظ الفاتحة أن تضطر إلى الدعاء فتخونك الكلمات أن تعيش حياتك تصفي حساباتك مع نفسك أن تكذب وتصدق إلى أن يصبح واقعك كذبة كبرى من صنع خيالك أن تكون الصياد والفريسة أشياء تبعث على الألم رسالة لك يفتحها غيرك حبيب لك يتزوجه غيرك رزق لك يسرقه غيرك أن يصبح العسل مر المذاق في فمك أن يصبح العشق كراهية في قلبك أن يتحول كل شيء أسود في عينيك أشياء كثيرة تبعث على الألم، تجعل تلك الدمعة المكابرة تتلألأ في عينيك، إن لم تكن عيونك قد جفت.. تلك الدمعة التي ترفض أن تنزل على الخد، أشد ألما وعمقا من بكاء طويل ودمع غزير.