تعيش الجزائر هذه الأيام مظاهرات عارمة يقودها طلاب السنة الثالثة ثانوي وبدعم من أقسام أخرى، الذين تحدوا قوانين منع المسيرات التي تفرضها الحكومة في إطار حالة الطوارئ السارية المفعول منذ سنوات، وطبعا القانون يمس المسيرات التي تناهض سياستها أما تلك التي تؤيد مشاريع السلطة فهي لا تحتاج لترخيص، لأنها غالبا ما توصف بالمسيرات العفوية، فقد وقعت مسيرات لإستقبال الرئيس بوتفليقة لما عاد من مستشفى فال دوغراس العسكري في جانفي 2006، ومسيرات أخرى جابت أصقاع الوطن بعد تفجيرات 11 افريل 2007 التي إستهدفت قصر الحكومة، وقد قادها الوزراء وزعماء ما يسمى تجاوزا بالأحزاب ونقابة بقايا العمال، لتندد بالعمليات الإرهابية وتعلن مساندتها للرئيس في ما يسمى بمسعاه للمصالحة الوطنية، وخرج أيضا الكثيرون في مسيرات وصفت طبعا كعادتها بالعفوية للتنديد بعملية إستهداف بوتفليقة في باتنة من طرف إنتحاري قيل أنه يحمل كيسا مشبوها أراد به إغتيال الرئيس في 06 سبتمبر 2007... ثورة خارج مجال التغطية ثورة المآزر البيضاء جاءت كرد فعل على كثافة الدروس المفروضة على تلاميذ الأقسام النهائية، وفي عهد من صار يكنى بعميد الوزراء في الجزائر، والذي قضى أكثر من عقد من الزمن وهو في الحكومة، بالرغم من الفضائح المختلفة التي مست قطاع التربية، إلا أنه لا أحد إستطاع أن يزحزحه أو يتحدى مشاريعه التي ظل يتبجح بأنها مشاريع إصلاحية تعيد البكارة للمنظومة التربوية التي طالما أتهمت بأنها تصنع ما يسمى بالإرهاب في البلد، فقد وقعت أخطاء في البكالوريا وبتر النشيد الوطني وفي كل مرة يدفع الثمن بسطاء ساقتهم أقدارهم بأن يتحملوا تنفيذ أوامر فوقية تشرعها إدارة هذا الوزير المدعوم من جهات عسكرية نافذة، وفضائح كتب التاريخ الخاصة بالسنة الخامسة والرابعة إبتدائي التي فيها تمجيد للإستعمار، لكنها أيضا دفنت مع أخواتها في دهاليز النسيان والتجاوز... لمن لا يعرف أن بوبكر بن بوزيد يتحدر من مدينة الضلعة ولاية أم البواقي (الشرق الجزائري) ووالده من بشاغات فرنسا في المنطقة، تحصل على الدكتوراه في الإلكترونيات سنة 1985 من جامعة موسكو، التحق بالحكومة عام 1993 كوزير منتدب للجامعات والبحث العلمي، ثم عين عام 1994 وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي وبقي في منصبه لغاية 1997 ليعين وزيرا للتربية الوطنية والذي لا يزال يشغله لحد الساعة بالرغم من تعاقب عدة رؤساء حكومات على مدار هذه السنوات كلها، أمر آخر أنه متزوج من روسية وهي شقيقة لجنرال في قيادة قوات الدفاع الجوي الروسية، والذي تربطه علاقات واسعة بالمؤسسة العسكرية الجزائرية وخاصة أن أغلب قادتها تكونوا في الكليات الحربية الروسية ولهم به علاقات نافذة سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى صفقات التسليح الضخمة من رادارات ووسائل مضادة للطيران سواء من المدفعية أو مراقبة العمليات الجوية أو الصواريخ بيتشورا، والذي يلعب طبعا الجنرال الروسي الدور المهم في كل تلك الصفقات والأموال المبذرة يمينا وشمالا في أجهزة وأسلحة وتقنيات عفى عنها الزمن وتجاوزتها الأيام، للوزير بنت وحيدة اسمها نادية وتدرس في لندن متخصصة في البنوك، وحسب مصادر مطلعة أن الوزير بن بوزيد يستثمر في الفلاحة بالجنوب الجزائري مع دكتور سوفي متخصص في الفيزياء ومتخرج من روسيا أيضا، وطبعا ليس لوحده من تزوج بأجنبية فزميله رشيد بن عيسى وزير التنمية الريفية زوجته من أصل بولوني... لقد حاولت بعض الجهات تسييس ثورة المآزر البيضاء وإعطاءها الطابع التحريضي، بل مصادرة براءة هؤلاء التلاميذ الذين هبوا لتنفيذ تهديداتهم في مسيرات سلمية، فالوزير راح يدعي أن جهات ما سياسية تقف وراءهم، بل مصادر إعلامية أخرى راحت تنشر ما يفيد أن نشطاء في جبهة القوى الإشتراكية التي يتزعمها الزعيم الثوري التاريخي حسين آيت أحمد، وبمعية آخرين من الحركة التروتسكية وأطراف أخرى نقابية، هي التي حرضت على هذه الثورة، كما ادعى وزير التربية أنه تم مصادرة منشورات وقعها مجهول اسمه "حمزة" الجمعة 18 جانفي الجاري تدعو للتمرد والتصعيد... طبعا بينهم من يريد التشويش على العهدة الثالثة التي صارت هم الحكومة ومن يسير في فلكها، بل أولى الأولويات في هذا الوقت الذي يعيش فيه الشعب الجزائري الظروف المزرية، وآخر يريد إثبات وجوده في الساحة من خلال هذه المسيرات التي يمكن إحتواءها في أي لحظة وبقرارات وزارية لا تتعدى توقيعا شخصيا من الوزير بن بوزيد، ونجد في الخفاء من يحاول إجبار الوزارة الوصية على التنازلات في ما يتعلق بالرواتب الجديدة والقانون الأساسي للأساتذة... نعم إختلفت التحليلات والكل يحاول أن يبتعد عن الحقيقة الثابتة والمشروعة والتي تتعلق بحق هؤلاء التلاميذ في التظاهر للدفاع عن أنفسهم، فهم أدرى الناس بما يعانونه من كثافة الدروس واعاجيب المنظومة التربوية التي تثبت دوما فشلها على مدار عقود طويلة، الأمر الذي يمكن ان نشير إليه أن بعض المصادر الإعلامية قد سربت عن بعض المناطق التي رفع فيها التلاميذ شعارات ترفض العهدة الثالثة لبوتفليقة، وهو حادث إن وقع بالفعل كما روج له، وإن لم يكن مجرد مزايدات إعلامية ليس إلا يراد منها تثبيط الأولياء والتلاميذ أساسا لتكسير شوكة هذه الإنتفاضة المشروعة، لأن الكل يعلم بمصير من يقف في وجه تيار جارف تقوده السلطة الخفية وبدعم من جنرالات لهم نفوذهم وسطوتهم، فهي سابقة بعينها في ظل التطبيل ورقص الإنتهازيين والمفسدين والنفعيين واللصوص والمرتشين والمنحلين والمزمرين لعهدة ما تزيدهم إلا نفعا وثراء وما تزيد الشعب إلا فقرا وتدهورا وغرقا في الجوع، نضرب مثالا بسيطا أن وزير الفلاحة سعيد بركات يترأس مجلس إدارة "الشركة العامة للإمتياز الفلاحي" تورطت في فضيحة تبديد أموال عمومية تجاوزت 2000 مليار سنتيم من ميزانية حديقة الحيوانات والتسلية أو التي تعرف بحديقة الوئام المدني... حقيقة أنه لا يمكن أن يحدث في دول تحترم دساتيرها وقوانينها، أن تأتي قناة التلفزيون اليتيمة وتروج لتصريحات نفعية طماعة وصادرة من طرف أناس شبعوا من ريع السلطة حتى النخاع، ويطالبون الرئيس بوتفليقة من أن يترشح لعهدة ثالثة وبالأحرى يطالبونه بالرفس والتغوط على الدستور ورميه في سلة المهملات، فمثل هذه الدعوة المروج لها من قبل تلفزيون حمراوي حبيب شوقي هي دعوة للتمرد على الدستور والتي وجب أن يعاقب عليها القانون، لا أن يصفق لها من طرف أبواق السلطة التي بحتها التخمة في محميات نادي الصنوبر وموريتي، فتخيلوا لو أن أحدا ممن تنصروا صرح من ان المسيحية دين الدولة وهو ما يخالف الدستور، أو أن آخر لم يعجبه نشيد قسما وراح يطالب الرئيس بأن تعزف قصيدة جزائرنا يا بلاد الجدود في المناسبات التاريخية والرسمية بدل نشيد مفدي زكريا، فكيف سيكون مصيره؟ طبعا سيقدم للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى والتعدي على الدستور كما حدث لمفتشين ضحت بهم وزارة بن بوزيد في قضية بتر النشيد الوطني، المبتور أصلا في كثير من مستندات الوزارة الوصية، فالدعوة باطلة أصلا من الناحية الدستورية، فعلى الأقل كان يجب أن تكون لتعديل الدستور وليس لأجل العهدة الأخرى فقط وإنما لكثير من الأمور التي وجب أن تتم مراجعتها لإحداث التوازن الفعلي بين مؤسسات الدولة والهيئات والسلطات، فأن تصرف الأموال وتبذر لأجل تغيير مادة دستورية إنتخب عليها الشعب ب "سيادة" كما زعموا حينها في عهد الرئيس الأسبق اليمين زروال، ولأجل أن يبقى فلان أو علان في السلطة مهما كانت عبقريته ومهما كانت إنجازاته، هو تطاول على الأمة وتطاول على قيمها الحضارية بلا شك، وليس هذا موضوعنا الآن، وبالرغم من أن الجميع يدركون أسباب تعديل الدستور في عهد الرئيس اليمين زروال، حيث طبخ من أجل إنهاء قضية جبهة الإنقاذ التي حلت من طرف العسكر، ليمنع الدستور تأسيس أحزاب على أساس ديني أو جهوي، وهو إدعاء باطل اثبتته بعض الأحزاب كحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية البربري، فكل مرة يعدل الدستور لمصلحة الحاكم فهذا يعني أنه لن تقوم للدولة قائمة أبدا مادام الحكام يفكرون بهذه الطريقة القذرة، فالواجب على الجميع هو الخضوع للدستور الذي لا يبدل ولا يغير مهما كان الأمر، أما أن يأتي كل من هب ودب ويحوله إلى غرف الإنشاء والمحاولات فذلك دليل على سقوط هذه الأنظمة وفسادها... نعم... نحن مع تعديل الدستور وإعادة النظر فيه لأنه لا يساير بالفعل كثيرا من متطلبات العصر، وأيضا أنه كيف وفق أهواء من سبق من الرؤساء، لكن أن نعدله لأجل هوى الرئيس بوتفليقة حتى يتمكن من الخلود في الحكم فذلك هو ما لا نقبله أبدا، ومهما كانت معجزات الحاكم فلا يبيح له أبدا أن يغير دستور بلاده لأجل الأبدية في الكرسي، هذا طبعا لا يجعل للدولة والقيم الدستورية أي هيبة، وقد يأتي يوم ويحكمنا متنصر قد يجعل المسيحية دين الدولة والعربية ليست لغتها، حينها نقرأ على أمتنا فاتحة الكتاب. شرعية تحت الصفر لقد قامت قوات الأمن بقمع التلاميذ والتعرض لطفولتهم وصرخاتهم البريئة بالعصي والهراوات، على عكس ما يروج له إعلاميا بأن الشرطة تلقت أوامرا بعدم إستعمال العصي والضرب، فقد قمعوا بالحراش (ثانوية عبان رمضان – أحمد توفيق المدني – محمد هجرس) وتم منعهم بالقوة من الوصول لمفتشية التربية لشرق العاصمة الجزائر... إن هذا الذي حدث لدليل قاطع على فساد منظومة الحكم في الجزائر، فالحل الأمني للإرهاب باء بالفشل الذريع، والحل الأمني للبطالة عن طريق توظيف الشباب في أسلاك الشرطة والجيش والأمن والحرس البلدي وحتى في ما يعرف بجماعات الدفاع الذاتي، زاد الوضع تدهورا واثبت أن العنف والحرب الأهلية التي تضرب الجزائر ليست كما يحاول أن يروج لها من انها حربا بين الدولة والقاعدة، لكن الحقيقة عكس ذلك تماما وما القاعدة إلا شعار أتخذ من طرف جهات داخلية وخارجية لتحقيق مآرب مختلفة بسطناها في دراستنا عن "تنظيم القاعدة في الجزائر: بين حسابات النظام وأطماع الأمريكان"... لكن أن يمتد الحل الأمني للمنظومة التربوية عن طريق قمع الأطفال وبالهراوات فذلك ما يزيد المؤسسات التشريعية إلا تفسخا، لأن ثورة المآزر هي في الأصل ثورة ضد ترسانة قوانين شرعتها الحكومة وباركها نواب البرلمان برفع الأيدي، مما يؤكد أن الأزمة في الواقع أزمة شرعية وليست أزمات عابرة تخلفها التحولات التي تشهدها كل الأمم خاصة تلك التي تعلن تحولها من الإشتراكية العابثة إلى الليبرالية المتوحشة، فلو كان النواب يتمتعون بالشرعية الكاملة فسوف يقفون إلى جانب خيارات الشعب وليس لجانب خيارات السلطة، ويكفي أن البرلمان الجزائري يمثل أقلية فقط، والدولة التي تشرع لها عصابة تمثل الأقلية لهي دولة تشرف على الزوال وستمحى حتما من خريطة العالم، لأن ابناءها قد يموتون جوعا وإرهابا وحرقة نحو الضفة الأخرى... فالنواب الذين تستنزف لأجلهم خزينة المال العام وبطريقة بشعة للغاية، حيث أن 389 نائب يلتهمون 387 مليار، تخيلوا أتاوى الهاتف 1 مليار سنتيم، وصيانة عتاد الإعلام الآلي وتدخل فيه لعب أبنائهم فاق 9 ملايير، ومصاريف المطعم 7 ملايير ونصف مليار سنتيم... الخ، على المستوى المحلي نجد الأميار قد أفسدوا في الأرض ومجرد إنتخابهم ينتهي إتصالهم بالناس ويتفرغون لخدمة أغراضهم الشخصية ومصالح الزمرة الفاسدة من أصحاب المال والأعمال الذين وقفوا لجنبهم وأوصلوهم لسدة المجلس البلدي أو الولائي، حتى يسيطروا على الميزانية ويستأثروا بالصفقات الضخمة، ويكفي أن العهدة التي مرت تمت متابعة 1178 منتخب وتم إدانة 400 منهم حسب وزير الداخلية يزيد زرهوني، وفي العاصمة الجزائرية وحدها حيث مركزية القرار والسلطة 22 من أميارها فتحت بشأنهم تحقيقات أمنية، ونسبة كبيرة من أميار العهدة السابقة تم ترشيحهم في الإنتخابات المحلية التي جرت في 29 نوفمبر 2007 فنجد 50 %من مترشحي حزب التجمع الوطني الديمقراطي تم ترشيحهم حسب ميلود شرفي القيادي في الحزب، وبالنسبة لحركة حمس جددت الثقة في جل المنتخبين السابقين حسب محمد جمعة المكلف بالإعلام، ويكفي آخر خبر وهو إدانة متصدر قائمة حزب سلطاني "حمس" بالعنصر ولاية جيجل بعام حبس غير نافذ وغرامة مالية قدرها 15 الف دينار جزائري وهذا بسبب تزوير شهادة عدم العمل لزوجة المير السابق لأجل تمكينها من إدراج ملف طالبي السكن الإجتماعي (صحيفة صوت الأحرار: 04/12/2007)، ونجد أيضا قريبة السعيد بوتفليقة (شقيق ومستشار الرئيس) بالرغم من أنها أدينت بعام حبس إلا أن ملفها للترشح قبل ببلدية عين البنيان "العاصمة" حسب ما صرح به كريم طابو السكرتير الأول لحزب الأفافاس (الخبر: 17/11/2007) فمشكلة المحاولات القذرة التي تطبخ في الخفاء لأجل تسييس ثورة المآزر، لهي دليل قاطع على فشل وفساد الحكم في الجزائر، فساد في الحكومة التي برغم البحبوحة المالية التي تقترب من 100 مليار دولار تعج بها خزينة الدولة، لم تستطع إيجاد حلول ناجعة لواقع الشعب الجزائري الذي يقترب على تحطيم أرقام قياسية في نسبة الفقر، وطبعا عكس ما تروج له وزارة التضامن والتي غالبا ما تقوم بتزييف الحقائق حتى تعكس صورة مزركشة عن واقع مزري، فهذا الفقر قد نشر عدة آفات كالجريمة المنظمة والإرهاب والتشرد والضياع والحرقة والإنتحار وخطف الصغار والكبار والمخدرات والدعارة والعنوسة... الخ، ففي تقرير لوزارة التضامن سجلت منذ 2004 إلى غاية 1 سبتمبر 2007 عدد المتشردين بلغ 29148 من بينهم 3089 مختل عقليا و530 أم عزباء، الرجال المشردون 20816 والنساء 8332، المتزوجون بلغ 1720 والعزاب 19463، أكثر من ذلك أن 600 متشرد و173 متشردة بلغوا أقصى درجات الإدمان، وإن كنا نعلم مسبقا أن الوضع دائما اخطر بكثير مما تروج له الجهات الرسمية، ولكن في هذه النسبة ما ينذر بالخطر طبعا ويهدد بالإنفجار، إن زادتها إشتعالا أزمة غلاء الأسعار من بطاطا ولحوم وطماطم وزيت وغاز وكهرباء وسكن... الخ، وحسب تقرير صادر عن منظمة الأممالمتحدة للتغذية والزراعة من أن مليون ونصف مليون جزائري يعانون من سوء التغذية، وأيضا على صعيد آخر تعرف الجزائر تصاعدا في الجريمة المنظمة، ويكفي الإكتظاظ الذي تشهده السجون فاق حدود التخيل فمثلا سعة سجن الحراش القانونية لا تتجاوز 2000 سجين ولكن يوجد به أكثر من 4000 سجين، والقاعة التي تكون مخصصة ل 30 سجينا تجد فيها حوالي 150 سجينا يتقاسمون عدد البلاط أثناء النوم... أيضا في 10 الأشهر الأخيرة من عام 2007 وحسب حصيلة رسمية صادرة عن مصالح الدرك أنه تم تسجيل 2207 قضية مخدرات فقط وأنه تم حجز 64900 قرص مهلوس، أيضا إنتشار الفساد الأخلاقي فقد تم إحصاء 21 الف طفل غير شرعي خلال الخمس سنوات الأخيرة حسب وزير التضامن جمال ولد عباس، سجل كذلك 150 الف جزائري مريض بإنفصام الشخصية حسبما كشفه الدكتور شاكلي محمد المختص في الأمراض العقلية، أيضا إنتشار الفساد والرشوة ونضرب مثالا فقط أن اللواء بوسطيلة قائد الدرك أكد فصل 5000 دركي وإحالة 1600 منهم على العدالة منذ سنة 2000 بتهم تعاطي الرشوة والتأخر والغياب... هذا بغض النظر عن قضايا الفساد والرشوة والمحسوبية والإختلاس التي تضرب العمق الجزائري، ففي كل يوم تطالعنا الصحف انباء عن فضائح تمس القطاعات الحساسة مرة في البنوك واخرى في وزارات وحتى في البرلمان نفسه فضائح عديدة... فيمكن لنا ان نؤكد بناء على الواقع وبعض التقارير المستقلة على أن الوضع الإجتماعي ينذر بالإنفجار الذي لا يمكن تجاوزه أبدا، دفع الأمر بعض الدوائر في السلطة إلى التخوف من عودة أحداث أكتوبر أخرى في ظل هذا الوضع الإجتماعي المزري والمتعفن، فريع النفط الذي شارف ثمن البرميل 100 دولار جعل الخزينة العمومية تسيل اللعاب، قارب إحتياطي الصرف 100 مليار دولار، وقد كان عام 1999 قد بلغ 4,4مليار دولار، ويكفي الهجمة الشرسة الغربية على ذلك كما جرى مع فرنسا حيث إستطاع نيكولا ساركوزي أن يفتك أكثر من 5 مليارات في صفقات ستعود بالفائدة على جيوب المفسدين وما أكثرهم في السلطة الجزائرية، ومنه 43 مليار دولار في الخزينة الأمريكية حسب تقرير معهد باترسون الصادر في أوت 2007، بالرغم من كل ذلك فالحكومة والنظام برمته لم يستطع التحكم وترشيد هذه الثروة التي تضيع بين صفقات مشبوهة وإختلاسات منظمة وديون متعمدة لصالح وجوه محسوبة على وزراء وجنرالات ومشاريع وهمية أو مزورة... ليبقى الشعب يئن تحت وطأة الفقر وغلاء المعيشة والجوع وإن هب أحدهم للدفاع عنه فإما تلفق له تهما تتعلق بالإرهاب أو الخيانة أو العمالة للخارج... ونشير هنا أن الجزائر تخسر سنويا ما بين 500 مليون و800 مليون دولار بسبب التعاملات التجارية بالأورو والصادرات بالدولار. إن عجز الطبقة السياسية وما يسمى تجاوزا بالأحزاب التي ما صار همها سوى تطبيق برنامج الرئيس بوتفليقة، إن كان له برنامجا أصلا عدا تلك المصالحة المزيفة التي ما زادت الوضع الأمني إلا تعفنا، وكأنها أحزاب تشكلت لهذا الغرض وكان الحري بها والأفضل لحفظ ماء وجهها أن تسمي نفسها جمعيات مساندة أو خيرية بالرغم من أنه لا خير يرجى منها، وطبعا هذا لا يجعلنا ننفي دور بعض الأحزاب التي ظلت غصة في حلق السلطة، ولكن الإنتهازيين المتواجدين في كل مكان يرضخون لمؤامرات تنسجها السلطة ويدعمها زرهوني بإدارته فتقع فريسة لما يسمى بالحركات التصحيحية، كما جرى لحركة الإصلاح الوطني وزعيمها عبدالله جاب الله الذي سبق أن طرد من حركة النهضة التي أسسها وصارت مجرد بوق لا صوت بعد رحيله منها في إنقلاب صنعته السلطة، وأيضا ما جرى من قبل لحزب جبهة التحرير الوطني عندما تم الإنقلاب على زعيمه عبدالحميد مهري بسبب المصالحة والحوار وهو ما رجعت له السلطة في ما بعد كحل وحيد لتجاوز عقدة الشرعية التي تلاحقها فضلا من طي ملفات مقلقة وثقيلة تتعلق بحقوق الإنسان، وكذلك الإنقلاب على علي بن فليس لما حاول أن يخرج الحزب من جبة الرئيس بوتفليقة... الخ، فزعماء هذه التشكيلات التي لا قاعدة لها سوى اولئك الذين يلعقون من عير الغنائم التي تدرها سرايا السلطة على الأحزاب الممجدة لسياستها، أما الشعب الفقير المغلوب على أمره الذي أصبح يسدد أتاوات على التنفس فلا مكان لهم في برامج هؤلاء سوى عند مواعيد الإنتخابات حينها يخرجون من جحورهم المتمركزة بقصور محميات أمنية تستنزف الملايير أيضا من المال العام، هذا العجز يعود أساسا للإرتماء غير المشروط في مشاريع السلطة حتى ما صرنا نرى معارضة يمكن أن يلجأ لها لتمرير الخطاب الآخر والمتذمر لأغلبية الشعب الجزائري، فالأحزاب لما تخلت عن دورها وصارت تسابق الريح لأجل الظفر بمقاعد في الحكومة وحتى في البرلمان على حساب الأغلبية الساحقة، وإقصاء الوجوه التي لها مكانتها ومصداقيتها ومؤهلة لإدارة دفة المعارضة المشروعة والحقيقية للسلطة النائمة في العسل، تلك كلها حيثيات جعلت من الطبقة السياسية عاجزة على إيجاد مخرج مشرف لها في ظل السقوط الحر للمنظومة السياسية في الجزائر، وهو طبعا ما يخدم النظام الحاكم الذي يطيل عمره مستنقع سياسي لا تجد فيه إلا نقيق الضفادع ولا يطفو على سطحه إلا الخز ولا تفوح منه إلا رائحة التعفن... أسس نظام في المعاش منذ 1962 وهو تاريخ الإستقلال العسكري للجزائر، والنظام يصنع وجوده على بعض الأسس التي يعطيها مفهومه الخاص، ويخيطها على مقاس أقدامه وجواربه، بدأ من شرعية ثورية وتاريخية مستغلة إلى رمزية ضحايا الإرهاب الآن... فيمكن إجمالها في ما يمكن أن يختزل كل أسباب البقاء التي هب الحكم بها يصنع وجوده وخلوده برغم مآسيه، فالأساس الأول يتعلق بأمن الشعب وذلك من خلال تغذية الإرهاب وبطرق مختلفة، فكان في البداية بواسطة المطاردة والإعتقال التعسفي والتعذيب والسجن والقتل خارج أطر القانون، وهو ما دفع الكثيرين إلى الهروب نحو الجبال وحمل السلاح، غير أنه بسبب الإنقلاب العسكري أصبح أمرهم يمس شرعية الحكم فتحتمت بعض الإجراءات القانونية التي من خلالها أريد رفع الغطاء الشرعي عنهم وخلق الهوة بينهم وبين الحزب المحل وقيادته السياسية، أما اليوم فموضوع "القاعدة" وعملياتها المشبوهة هي البعبع الذي جعل الشعب الجزائري لا يفكر إلا في أمنه وحياته... أما الأساس الثاني ويتمثل في تفقير الشعب وتجويعه حتى يبقى لا يفكر إلا في خبز صغاره وما يسد به رمقه، لأنه في حالة الأمن والشبع تكون النفس البشرية تبحث عن إهتمامات أخرى، وقد يكون من بينها طبعا الحكم وقضاياه، والتجويع يمارس على الشعب الجزائري ليل نهار، بالرغم من البحبوحة المالية والخزانة العمومية التي ملئت بالملايير إلا أن الوضع يزيد تدهورا، دفع الشباب إلى الإنتحار إما في عمليات تنسب للقاعدة أو مغامرات في قوارب موت يعلم أغلبهم أن الوصول للضفة الأخرى من سابع المستحيلات كما يقال... الأساس الثالث ويتعلق بعواطف الشعب التي تدغدغ بقضايا هامشية لا تفيده في مستقبله أبدا، كقضية "الصحراء الغربية" التي جعلتها بطانة الحكم كأبرز ما يناضل من أجله الجزائريون من باب حضورهم الدولي والعربي، ووجدت الطغمة الحاكمة ضالتها في هذا الموضوع المختلق والدعم غير المبرر لعصابة البوليزاريو، فمنها عدم الإستقرار في منطقة المغرب العربي وجعل الجزائريين يعيشون دائما تحت هاجس عدو أجنبي يهددهم بالإحتلال كما يراد من المملكة المغربية، وكأن قدر الجزائر بعد الإستعمار الفرنسي أن يعيشوا هاجس الخوف من إستعمار أو اعتداء أجنبي آخر، وأيضا إبعاد القضايا الأساسية التي وجب أن يدعم فيها الجزائريون اشقاءهم العرب كقضية فلسطين والعراق... الخ، فالنظام يعتاش من قضية الصحراء التي يراد منها إبراز النضال من أجل شعب يبحث عن تقرير مصيره، وطبعا من قيم الدولة الجزائرية مساندة قوى التحرر في كل العالم، وقضية الصحراء ليست كما يروج لها بل هي أطماع وحسابات صنعها النظام العسكري الجزائري عبر سنوات طويلة ولحسابات "شخصية" لا تنفع الشعب الجزائري ولا المغربي بشيء... ويوجد الأساس الرابع ويتعلق بالعقول وهو عن طريق منظومة تربوية فاسدة، وهذا ما نجده اليوم من خلال الإحتجاجات التي يقودها مرة الأساتذة وأخرى الطلاب وبعدها ربما الأولياء، فالمنظومة التربوية التي صنعها أناس تشبعوا بقيم وافدة عن مجتمعنا جعل ما يتعلمه الطفل في أسرته يناقض ما يتلقاه في مدرسته، لتطلع النتيجة إما فشله في تحقيق مستويات ناجحة بسبب تحيزه لما تعلمه في أسرته من قيم حضارية ودينية، وإما أنه ينسلخ تماما ويصير في ما بعد إطارا ينفذ أجندة أخرى مستوردة يسهر على رعايتها أذناب فرنسا وجرذان البيت الأبيض... أما الأساس الخامس والأخير الذي يمكن أن نعتبره من أسس نظام يعيش على المعاش، ويتعلق بأخلاق المجتمع حيث ينشر النظام بينه شتى أنواع الفساد الأخلاقي، فهو يشجع الدعارة والعهر والسكر العلني وينشر الرذيلة مرة بإسم الفن وأخرى بإسم حرية المرأة، ويكفي ما يسجل عن الواقع الأخلاقي للمجتمع الجزائري بما يجعلنا نتأسف كثيرا على ما آل إليه من تفسخ وإنهيار أخلاقي، الحديث فيه طويل جدا نتمنى أن نعود له بالتفصيل في محطة أخرى. بعد ثورة المآزر ننتظر ثورة الفقراء إن صمت الفقراء لن يدوم ولن تعبث به الأسس الفاسدة والمزورة والباطلة، ولن تطول تلك الحلول الآنية التي تحاول التطاول على ظروفهم تحت شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع، فالشعب الجزائري الذي يعيش في بلد حباها الله بالنفط ويدر عليها بالملايير، لا زال يعيش تحت درجة خطيرة من الفقر، وشعب بإمكانه أن يعيش كبقية الشعوب الغنية لا يزال كل يوم يزداد فيه عدد المتسولين والمساكين الذين لا يملكون قوت يومهم، وسيشعل لهيب ثورة الفقراء حتما أن يرى عائدات النفط تملأ جيوب طغمة مرتشية وفاسدة وعاهرة، فلو زار هذا الشعب المسكين عواصم الدول العظمى من لندن إلى باريس، واشنطن، مدريد، جنيف... الخ، ويرى حكام الجزائر وأبناؤهم وبناتهم مع عشاقهن وعشيقات الوزراء والشخصيات النافذة وهم يبذرون المال العام ويعبثون بثروات الأمة، ما صمتوا لحظة ولثاروا ثورة المستضعفين الذين لا يهابون الدبابات ولا الرصاص الحي، فإما الموت بشرف أو الحياة الكريمة في ظل خير بلد هو من حق الجميع بلا إستثناء، فأصحاب المحافظ الممزقة والمآزر البيضاء قد هبوا لنصرة حقهم في الدراسة والنجاح الذي حرموا منه من طرف حكومة ومسؤولين أغلب أبناؤهم يدرسون في لندن، ويتمتعون بمنح الدراسة في الخارج لا لشيء سوى أنهم سنوا قانونا يعطي للمسؤولين السامين حق إستفادة بناتهم وأبنائهم من الدراسة في كبرى جامعات العالم وعلى حساب الخزينة العمومية، أما أبناء الفقراء والمساكين الذين يتصفحون كتبهم على ضوء الشمع، فتجد ألبستهم الرثة قد زادتها بقع الأعراف بشاعة، فلا حق لهم حتى في الدراسة المحترمة بجامعاتهم ولو كانوا متفوقين... فأولياؤهم تجدهم يتدافعون على أبواب المدارس بداية العام علهم يظفرون بحسنة 2000 دج، وكم من فقير لا يتحصل عليها لا لشيء سوى أنها توزع بمحسوبية؟ وبنفسي أعرف فقيرا من شرق البلاد يقضي كل صباحه في بيع ما يعرف بالشيفون لأجل أن يوفر غداء صغاره، ويحدث معه في المساء الأمر نفسه لأجل جلب خبز يابس للعشاء، لم يتحصل على هذه المنحة وفي المدرسة نفسها إبن عضو في المجلس الشعبي البلدي ينالها حتى يشتري بها بطاقات تعبئة لهاتفه النقال... أبعد هذا ويأتي من يتحدث عن جزائر العزة والكرامة، أي عزة وأي كرامة أن يجوع صغار الفقراء وأبناء الوزراء والأثرياء الذين كل أموالهم أخذوها كقروض غير مضمونة التسديد من البنوك، يتلاعبون بالمال في صالونات القمار والعهر بباريس أو لندن... امن الكرامة أن يعيش الجزائري من القمامات، وآخرون يتسوقون يوميا بين عواصم العالم الكبرى وعلى حساب الدولة، وهو ما لم يحدث في عهد الإستعمار الفرنسي؟... أمن العزة أن الصحراء التي تنتشر بها شركات البترول لا يجد أبناؤها فرصا للعمل، وتجلب الأيدي العاملة من الشمال للعمل أياما والراحة أياما أخرى وتكون عودتهم لديارهم على حساب الخزينة، لا لسبب سوى انهم من اصحاب الأكتاف العريضة؟... أمن الكرامة أن بواب في شركة بترول يتقاضى راتبا هو ضعف راتب دكتور في الفيزياء يدرس بالجامعة قضى أغلب عمره بين بطون الكتب وظلام المخابر؟... فثورة المآزر هي تشجيع لثورات أخرى يجب أن تحدث لإسقاط هؤلاء اللصوص والمفسدين الذين ينهبون ثروات الأمة، ويحرمون بلادهم بسبب الرشوة من فرص كبرى للإستثمار، التي من الممكن أن تعطي فرصا للعمل بدل البطالة التي تدفع الجيل الذي من المفروض يصنع همة ومستقبل البلد إلى الحرقة وتفجير أنفسهم في عمليات تودي أيضا بفقراء ساقهم الجوع للعمل في أسلاك الأمن... لقد توعد الصغار بالخروج للشوارع ووفوا وعودهم فأين أنتم أيها الجائعون الذين تمن السلطة عليكم بأن أعادت الأمن وقضت على الإرهاب بمصالحة تحفظ لهم ماء الوجه ؟ لقد ملئت الخزينة بالملايير ولكن الأسعار إرتفعت لأن السعر المرجعي في قانون المالية هو 19 دولار للبرميل، والحقيقة أنه بلغ ما يقارب 100 دولار، وهذا الذي جعلها لم تقدم لكم سوى تدهور حياتكم وإنتشار الفقر والأوبئة المزمنة، لأن بقية المال تركته الحكومة إلى اليوم الذي سوف تبذره من أجل عهدة ثالثة في مشاريع نهب للمنتخبين المحليين، أعرف أنها لن تعود بشيء على فقراء الجزائر، لسبب وحيد أن المسؤولين المنتخبين من طرف أقلية من المقاولين ورجال الأعمال سوف ينهبون تلك الميزانيات التي تستغل في مناسبات إنتخابية... السلطة تكذب على الجميع وعبر أبواقها من تلفزيون وصحف مأجورة تقبض على ترويج الكذب صفقات كبرى للإشهار، فالواقع يعكس تماما ما يريد عبدالعزيز بلخادم وبوقرة سلطاني واحمد اويحيى الترويج له، لأن نضالهم لأجل بقاء بوتفليقة في الحكم هو نضال من أجل أنفسهم، لأنه لو تم إختيار رئيسا حقيقيا منتخبا بعيدا عن مخابر سرية فلن يظل لا بوقرة سلطاني ولا عبدالعزيز بلخادم ولا أحمد أويحيى في السلطة أبدا وسيجدون أنفسهم حتما في زنازين العزلة بسجن الحراش أو سركاجي، هذا إن رأف بهم الرئيس الشرعي المنتخب... حقيقة أنه في غياب الكبار الذين أثقل كاهلهم وهد حالهم العمل الشاق المؤبد لأجل لقمة العيش في زمن الجوع والمهانة، جاء الصغار بمآزرهم ليلقنوا العالم درسا أن الجزائري لا يدوم صمته أبدا وفي أي لحظة قد ينتفض لأجل طرد عصابة تتاجر بماله ورزقه وتسرق أحلام طفولته، وصدق من شبه مظاهرات جانفي 2008 بأنها تشبه إنتفاضة أكتوبر 1988، ونحن نراها الفتيل لإنتفاضة حقيقية تعود بالخير على الأجيال القادمة، ولا تستغل من طرف إنتهازيين متطرفين مازادوا البلد إلا وبالا... فقد إنتفض أصحاب البذلات السوداء بباكستان وبالجزائر وغيرها يحتالون على مساكين ويقتاتون من دم أبرياء أدخلوا السجون ظلما ومؤامرة، وإنتفض أصحاب الأقمصة البرتقالية في ميانمار ورجال الدين في الجزائر وباقي الدول العربية يتفنون في فتاوى الحيض والنفاس وإرضاع الكبير وتبرير شذوذ السلاطين والملوك والرؤساء شرعيا وعقديا... فثورة المآزر البيضاء هي بلا شك دليل على أن ما يؤخذ عنوة لا يسترد إلا بإنتفاضة عارمة تدفع بالنظام إلى السقوط وكشف سوأته للعالم، وإن كانت في الأصل هي مجرد بداية... ودعهم حينها يزعمون أن الشعب صار إرهابيا. ""