فجر عبد القادر بليرج مفاجأة من العيار الثقيل بخصوص مصدر الأسلحة التي أعلنت الأجهزة الأمنية المغربية عن حجزها في هذا الملف، وتفاصيل الصفقة التي حاولت المخابرات المغربية إبرامها معه مقابل إطلاق سراحه، ودور الموساد الإسرائيلي و«اللوبي الصهيوني» في «حبك» سيناريو القضية على خلفية الاغتيالات التي تمت ببلجيكا. إذ كشف عبد القادر بليرج في الجزء الثاني من كلمته الأخيرة أن الأسلحة التي تم عرضها على المحكمة تعود إلى جبهة الإنقاذ الجزائرية، وأنها ضبطت بالمغرب سنة 1990 في عهد وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري ضمن شحنة كانت تضم 100 قطعة كلاشينكوف. وقال بليرج إن كولونيلا في المخابرات العسكرية المغربية حضر رفقة جنرال، وحاولا إقناعه بتوريط أحد الأشخاص المقيمين ببلجيكا عن طريق الاعتراف بأنه ممون تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بالأسلحة مقابل إطلاق سراحه، غير أنه رفض. وأضاف بليرج في جلسة يوم الجمعة أن «الشخصية المحورية في موضوع الأسلحة هو المدعو «بنرابح»، وهو جزائري عاش بالمغرب إلى فترة معينة قبل أن يتم تسفيره رفقة أعضاء من جبهة الإنقاذ الجزائرية، كما ذكر بليرج أسماء عدد من الأشخاص، من بينهم الشاعري والحبشي قال إن لهم علاقة بهذا الملف، وأن المخابرات كانت تسعى لتوريطهم. واتهم بليرج الموساد واللوبي الصهيوني بالوقوف وراء هذه القضية بعد أن حاولا قبل ذلك الضغط على القضاء البلجيكي عن طريق اللجوء إلى تسريب معلومات تقدمه كعميل للمخابرات البلجيكية، مما خلق أزمة دفعت إلى استقالة رئيس الأمن البلجيكي، وقال للقاضي بنشقرون: «هناك من يريد أن يباع رأسي». وتساءل بليرج عن الأسباب التي تقف وراء إصرار الأجهزة الأمنية على إلصاق جرائم الاغتيال التي وقعت ببلجيكا به، رغم أن القضاء البلجيكي حسم في هذا الأمر، وقرر إغلاق الملف لانعدام الأدلة، كما تساءل عن السبب الذي يقف وراء عدم تحريك مسطرة الإنابة القضائية ضد الصحافي البلجيكي السرفاتي الذي قال إنه دنس 70بيتا مغربيا ويعيش حياته بكل حرية، إضافة إلى عدم تحريك هذه المسطرة بعد أن تم قتل عدد من المغاربة من طرف الموساد الإسرائيلي، ومن بينهم أحمد البوشيخي الذي تمت تصفيته بعد أن ظنوا أنه محمد سلامة الذي هو من تنظيم أيلول الأسود. وارتباطا بعمليات الاغتيالات التي نسبت إليه، قال بليرج إن الاغتيال السياسي يكون فيه «تَبَنٍّ للفعل» وأن بعض الاغتيالات التي تمت ببلجيكا صدرت بعدها بيانات عن مجموعات تتبنى هذه العمليات ،وأشار إلى عدم وجود أي دليل يربطه بجرائم القتل. وعاد بليرج إلى سرد تفاصيل التعذيب الذي تعرض له بعد اعتقاله، وقال للقاضي: «المجرمون الحقيقيون هم الذين يجردون الناس من ملابسهم ويعبثون بعوراتهم وهم سكارى من أجل انتزاع الاعترافات». بليرج لم يفوت الفرصة دون إلقاء أبيات شعرية بعد أن تعاملت الهيئة مع كلمته بنوع من المرونة، وسأل القاضي بلهجة صارمة «هل يستطيع القضاء كمؤسسة أن ينصفني?»، كما فاجأ الحضور في النهاية وهو يقول: «أتقدم بالشكر إلى الهيئة والمحامين وممثل النيابة العامة، رغم أنه طالب بإعدامي» مما جعل القاعة تهتز بالضحك،قبل أن يستأذن القاضي في التنويه بوسائل الإعلام التي التزمت بالحياد، وينتقد المنابر التي «روجت للرواية الرسمية» ليختم كلمته بعبارة «إذا لم تستح فافعل ما شئت». و من المنتظر أن تستمع المحكمة اليوم لكلمة المعتقلين السياسيين قبل المداولة والنطق بالأحكام في هذا الملف الغامض والمليء بالألغاز.