سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إسماعيل العلوي: عندما كنا في المعارضة كنا نتخذ مواقف «شعبوية» ولما دخلنا الحكومة أصبحنا أحرارا أكثر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية قال إن حزبه دفع ثمن مشاركته في الحكومة منذ 1998
قال إسماعيل العلوي الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية إن العزوف وحده لا يفسر النتيجة التي حصل عليها الحزب خلال الانتخابات الجماعية الأخيرة، بل يعتقد أن الحزب أيضا يتحمل المسؤولية فيما وقع. وأضاف العلوي في حوار ل «المساء» أن التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يدفعان ثمن مشاركتهما في تدبير الشأن منذ حكومة التناوب التوافقي في سنة 1998، مشيرا إلى أن التحالفات التي عقدت خلال انتخابات رؤساء الجماعات وعمد المدن تختلف اختلافا جذريا عن التحالفات التي تعقد بمناسبة الانتخابات التشريعية. - جرت الانتخابات الجماعية وانتهت «المعارك الانتخابية» الخاصة بانتخاب رؤساء الجماعات المحلية أو عمد المدن الكبرى، ما تقييمكم الحزبي أو الشخصي لما جرى في هذه الانتخابات وما تلاها من أحداث ووقائع؟ < تقييمنا الجماعي الحزبي لم يكتمل بعد، فنحن طبعا نلتقي على مستوى الديوان السياسي ونناقش تقريبا على رأس كل أسبوع أو أسبوعين الأوضاع بشكل عام. لكن كما في علمكم، فإن العملية الانتخابية بمفهومها الواسع لم تكتمل بعد. فمازالت هناك انتخابات على مستوى المجالس الإقليمية ثم الجهوية ثم الانتخابات على مستوى مجلس المستشارين عشية الدخول البرلماني. لذلك قررنا أن نأخذ وقتنا من خلال تقييم دقيق لهذا الحدث المهم الذي عشناه. ولكن هذا لم يمنع من أننا أصدرنا مسبقا بعض المواقف فيما يخص الانتخابات الأخيرة والنتائج التي حصل عليها حزبنا والأوضاع العامة التي جرت فيها الانتخابات. - ولكن كيف تفسرون النتيجة التي حصل عليها حزبكم، خاصة وأنكم قبل الانتخابات كنتم تتوقعون أن تحصلوا على مليون صوت و7 في المائة من الأصوات؟ < الملاحظة الأولى أنه ضمن 20 مليون الذين وصلوا إلى السن القانونية، نلاحظ أنه فقط 6 ملايين هي التي عبرت عن رأيها. طبعا المسجلون في اللوائح الانتخابية 13 مليونا، شارك منهم 7 ملايين ونيف، ولكن مليون صوت ملغاة لأسباب كثيرة منها الموضوعية والذاتية، وبالتالي فإن 6 ملايين مغربي هم الذين ساهموا في العملية الانتخابية. وهذا أمر خطير، ويؤكد العزوف الذي سجل خلال الانتخابات التشريعية سنة 2007. بالفعل لم نحقق التوقعات التي رفعناها قبل الانتخابات. كنا نطمح إلى أن نحصل على مليون في حالة كانت المشاركة في الانتخابات كبيرة. من دون شك أن العزوف ساهم في حصول الحزب على هذه النتيجة، ولكن من دون شك أيضا، نحن نتحمل المسؤولية فيما وقع. كان هناك نوع من التقاعس في عملنا على جميع المستويات سواء الوطنية أو الجهوية أو الإقليمية. وهذا أمر وارد ولا يمكن أن ننكره وإلا سنكون بصدد إلقاء المسؤولية على معطى خارجي، بل ننتقد أنفسنا قبل أن ننتقد العوامل الخارجية. النقد الذاتي هو أمر ضروري. - هل يمكن أن تعطونا مثالا عن الأخطاء التي ارتكبها حزبكم في الانتخابات الجماعية؟ < من دون شك، الأخطاء التي ارتكبناها كان منها عدم تقوية الانصهار مع جماهيرنا، وهذا يعود لمعطيات كثيرة منها الذاتية والموضوعية. فإمكاناتنا المادية محدودة لا ترقى إلى مسايرة طموحنا. وهناك خمول لدى المناضلين الذين أخذوا الآن ينكمشون على أنفسهم ولا ينخرطون في الحياة الوطنية مثل المساهمة في الاحتجاجات. بدون شك، هذا ناتج عن التغير الذي حصل، لأنه في الماضي كانت المواقف شيئا ما سهلة، فقد كنا في المعارضة وأحيانا كنا نتخذ مواقف شعبوية وأحيانا ديماغوجية وإن كنا حريصين في حزبنا على تفادي هذا الأمر، ومع ذلك كنا نتخذ مثل تلك المواقف. وكان هذا الأمر طبيعيا لأننا لم نكن نتحمل المسؤولية وكنا نعارض. ولكن لما تحملنا مسؤولية تدبير الشأن العمومية أصبحنا أكثر مسؤولية، وأصبحنا نصطدم بالواقع الذي هو عنيد ولا يسير في الاتجاه الذي نصبو إليه، وليس من السهل استدراك ما وقع من أخطاء في العقود السابقة. - خلال الانتخابات الأخيرة لم يحصل حزبكم على أي مقعد بمجلس مدينة الدارالبيضاء على سبيل المثال، واكتفى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمقعدين فقط، هل يمكن أن نفسر هذا الأمر بأنكما تدفعان ثمن المشاركة في المسؤولية الحكومية منذ 1998؟ < جزئيا من دون شك. ولكن نحن الآن كشعب في بداية مرحلة دمقرطة الحياة السياسية ونتعلم جميعنا، وبالتالي نعترف بأن الانتقال من المعارضة إلى تدبير الشأن العمومي له أثره على الوطن ككل وعلى الهيئات السياسية التي تتحمل هذه المسؤولية والتي تتعرض لتآكل السلطة. وهذا أمر وارد. ثم لا بد من القول إننا نؤدي في المدن الكبرى مثل الدارالبيضاء ثمن الانقسامات التي طبعت الكتلة الديمقراطية والقوى الديمقراطية بشكل عام في سنة 2003. لو استطعنا في ذلك الحين أن نظل متحدين ومتلاحمين واستطعنا أن نسير مثلا مدينة الرباطوالدارالبيضاء لما وجدنا أنفسنا في هذه الوضعية التي نحن عليها الآن، والتي لم تتحسن على مستوى توحيد قوانا مما كان عليه الأمر في 2003. إذن نحن نؤدي ثمن أخطاء 2003، ومن دون شك سنؤدي ثمن الأخطاء التي ارتكبت في المرحلة الراهنة. - على مستوى العمد ورؤساء المدن والجماعات الحضرية ساد منطق غير منطقي أو بعبارة أخرى لم يكن المنطق يحكم هذه الانتخابات، ما تعليقكم على هذا الأمر؟ < الانتخابات الجماعية والانتخابات التشريعية تختلفان تمام الاختلاف. فيما يخص الانتخابات المحلية، يجب أن ندخل عنصر النسبية في التقييم وفي النظر إلى النتائج المحصل عليها على مستوى تكوين المكاتب الجماعية. طبعا الانتخابات الجماعية تخضع إلى منطق ومعطيات محلية، وبالتالي فكون نمط الاقتراع هو على الشكل الذي هو عليه الآن، فإن التحالفات ضرورية لتكوين مكاتب لتسيير هذه المدن والجماعات. وهنا قد يبدو للبعض أن هناك تحالفات غير طبيعية، ولكن الفضاء السياسي لا يتيح فرصة وجود عناصر تساير ما نبتغيه في قرارة أنفسنا، فنكون مضطرين للتحالف مع هيئات سياسية لا نتقاسم معها عددا من التوجهات. الأمر الثاني هو أننا مثلا في حزب التقدم والاشتراكية قلنا إن التحالفات يجب أن تنبني على الكتلة الديمقراطية واليسار ثم مع شخصيات بقطع النظر عن انتماءاتهم السياسية يتميزون بكفاءتهم واستقامتهم. توفقنا في بعض الحالات، ولم نتوفق في أخرى. وأحيانا عندما وجدنا أنفسنا في وضعية لا يمكن أن نقبلها بشكل تام، فضلنا أن نمتنع ونلتزم نوعا من الحياد. - كان لرفع العتبة إلى 6 في المائة نتيجة عكسية، فإذا كان يحقق نظريا النجاعة لأنه يقلل عدد الأحزاب، فهناك بالمقابل أحزاب لا تحصل على تمثيلية داخل المدينة مثلا، وبالتالي تظل هناك أصوات حصلت عليها عدة أحزاب بدون تمثيل، كيف ترون هذا الأمر؟ < هذا أمر صحيح، لكن نمط الاقتراع الذي اختير- هل هذا الاختيار خطأ أم لا، فهذا موضوع آخر- لأن المشكل الذي يطرح هو ما هو نمط الاقتراع الذي يمكن من تعبير ديمقراطي للرأي العام الوطني وفي نفس الوقت الوصول إلى النجاعة بالنسبة لتسيير هذه المؤسسات. - لكن، هل حقق هذا النمط النجاعة التي تتحدثون عنها؟ < لا أظن. يتعين علينا أن نفكر أكثر في الموضوع. فنحن مبتدئون في الممارسة الديمقراطية، وبالتالي سنجرب مرة أولى وثانية وثالثة إلى أن نجد الصيغة الملائمة لنا. ولكن الغاية هي أن نوفق بين شيئين اثنين: إتاحة الفرصة للرأي العام كي يعبر عن رأيه، وفي نفس الوقت نضمن النجاعة على مستوى التسيير. التوفيق بين العنصرين الاثنين هذا هو الإشكال الكبير. - على مستوى انتخابات عمد المدن، شهدت هذه الانتخابات صراعات حادة مثل ما وقع في الرباطوالدارالبيضاء ومراكش وطنجة وأكادير، ألا ترون أن انتخاب رئيس أو عمدة المدينة بشكل مباشر، أي بمعنى آخر أن يعرف العمدة أو الرئيس بمجرد الإعلان عن نتائج الانتخابات، يمكن تعميمه على مستوى المقاطعات لتلافي ما وقع في الانتخابات؟ < هذا ممكن على غرار ما يقع في باريس مثلا، التي ينتخب فيها عمدة هذه المدينة بشكل مباشر من قبل المواطنين. نحن مازلنا مبتدئين، يتعين أن نستلهم تجارب الآخرين، ونبدع نموذجا نابعا من واقعنا.