لم تكن حنان حماض، البالغة من العمر 30 سنة، تعتقد أن زيارتها لمصحة خاصة لتفقد الوضع الصحي لجنينها الذي بلغ شهره التاسع في بطنها، سيؤدي بها إلى الهلاك. أما زوجها محمد حسني الشبيهي فآثار صدمة موت الجنين في بطن الأم ورحيل الزوجة لا تزال مشاهدها تمر أمام عينيه دون أن يستطيع التغلب على دموعه وهو يحكي عن التفاصيل الدقيقة لموت الزوجة ما بين مصحة خاصة في مركز مدينة فاس ومستشفاها الجامعي. فقد قصدت حنان هذه المصحة، التي تعاقدت معها المؤسسة التي يعمل بها الزوج لإجراء فحص عادي بتاريخ 18 ماي الماضي، لتخبر من قبل الممرضة بأن الجنين الذي تحمله في أحشائها قد توفي، فيما تكلف أحد أطباء المصحة بإشعار الزوج، عبر الهاتف النقال، بضرورة الحضور في الحال لإجراء عملية جراحية للأم لإخراج الجنين المتوفى من الرحم لأنه، بحسب الطبيب، يشكل خطورة على حياة زوجته. وبالرغم من أن الزوجة كانت بالكاد قد تناولت الأكل، فإن الطاقم الطبي نقلها على وجه السرعة إلى الغرفة رقم 10 من المصحة لإجراء العملية واستخراج الجنين المتوفى، فيما فقدت أمه الوعي، ولم تستعده إلا بعد فترة لتفقده من جديد مع إطلاقها لصرخات حادة وكأنها تتعرض لإعدام بصعقات كهربائية، يقول الزوج. وبالرغم من أن وضعها الصحي يستدعي تدخلا عاجلا من قبل الطبيب، فإنه، وبعد إجراء العملية الجراحية لها، بقي في مكانه ليحضر لإجراء عملية جراحية موالية لطفل صغير. وتحدث الزوج عما سماه ب«الإهمال» الذي تسبب في وفاة زوجته، مؤكدا أن عددا من الأجهزة التي تستعمل عادة في الإنعاش لم تكن صالحة للاستعمال. وأمام استمرار تدهور الحالة الصحية لحنان بسبب النزيف الحاد الذي أصابها، فقد طلب من الزوج أن ينقلها إلى المستشفى الجامعي، لكن دون أن ترفق بتقريرها الطبي. ونتج عن غياب التقرير تأخر تدخل أطباء المستشفى لإنقاذ حياة الزوجة التي ظلت تعاني من النزيف، في وقت أسرعت العائلة إلى مركز تحاقن الدم لتزويدها بكميات من الدم لتعويض دم الأم الذي نزف. وفي الصباح الباكر لليوم الموالي توفيت الزوجة، فيما لم يعلم الزوج بالنبأ إلا في حدود التاسعة صباحا. وطلب منه انتظار نتائج التشريح الطبي ومحضر رجال الأمن تحت إشراف الوكيل العام للملك، قبل أن تسير عائلة الزوج والزوجة والمقربون والأصدقاء في موكب جنائزي كبير «أدان» الإهمال في المصحات الخصوصية لدفن الأم وجنينها في قبرين متجاورين بمقبرة عين الشقف بضواحي فاس. ويقول الزوج إن الدعوى القضائية التي كلف أحد محامي هيئة فاس برفعها ضد المصحة لا يرغب من ورائها إلا في إثارة الانتباه إلى ما يسميه ب«الإهمال» في المصحات الخاصة وتهافت عدد منها وراء الربح ولو على حساب حياة المرضى، مضيفا أنه لن يرتاح إلا بجبر الضرر المعنوي الذي لحقه جراء فقدان زوجته.