اعتبر التقرير التركيبي للمنتدى المدني الديمقراطي المغربي حول ملاحظة الانتخابات الجماعية ل 2009، أن محطة 12 يونيو الانتخابية لم تحدث أي تغيير ذي دلالة في الوضع السياسي القائم، مشيرا إلى أنه بالرغم من تأكيدها العديد من المكتسبات، ومن ضمنها انتظامها، والخروج من دائرة الطابع الاستثنائي الذي كان يطبع الانتخابات دوما، والغياب المتزايد للتدخلات المباشرة للدولة، والتزايد النسبي لتنافسيتها، فإنها سجلت العديد من العيوب مثل ضعف التعبئة السياسية، تآكل دور الأحزاب، الصعود المتزايد لدور الأعيان، تأثير المال، الربط بين الفقر والأمية ودور المال. وأشار التقرير إلى أنه في المناخ السياسي الحالي، لم يعد ممكنا الحديث عن تدخل سافر ومباشر للدولة، وأن الجدل الآن يستقر حول طبيعة حيادها، حيث تم خلال فترات معينة من يوم الاقتراع، تسجيل قدرتها على الحضور القوي والصارم لضمان انتخابات مقبولة (الحياد الإيجابي)، وخلال فترات أخرى من نفس اليوم، لوحظ انسحابها واختفاؤها وترك الانتخابات لتأثير المال والضغوطات. وأوضح أن الخروقات لم تعد مرتبطة بصندوق الاقتراع، ولكن انتقلت إلى البيوت والمقاهي والشوارع والفضاءات العامة والخاصة المجاورة لمكاتب التصويت. كما تبين أن عددا كبيرا من الخروقات التي قام بها موظفو ومستخدمو وأطر الدولة تنتج في كثير من الحالات عن سلوكات فردية وغير مرتبطة بمركز اتخاذ القرار أو بأجهزة الإدارة الترابية. في السياق ذاته، سجلت التقارير التي توصلت بها لجنة الإشراف على ملاحظة الانتخابات داخل المنتدى المدني الديمقراطي العديد من الخروقات قبل الحملة الانتخابية منها: انطلاق المشاريع لإصلاح بعض الشوارع وتبليط بعض الأزقة، واستغلال الفقر لتقديم إعانات من المال العمومي (موارد الإنعاش الوطني) لبعض الناخبين لاستمالتهم؛ وكذا انتشار الولائم واستغلال مناسبات الحفلات والجنائز من طرف بعض المرشحين. فيما سجل أثناء الحملة الانتخابية استعمال وسائل النقل العمومي في الحملات الانتخابية؛ واستئجار بعض الأشخاص من بينهم ذوو سوابق، والأطفال الذين يعانون من أوضاع هشة، في الحملة الانتخابية؛ وإقحام بعض الموظفين العموميين في الحملة الانتخابية أثناء أوقات عملهم؛ فضلا عن استغلال ظاهرة البطالة ووعد الناخبين بالعمل واستعمال المال بطرق ملتوية لاستمالة أصوات الناخبين. أما في ما يتعلق بيوم الاقتراع فسجل الملاحظون غياب ممثلي الأحزاب في عدد كبير من المكاتب الانتخابية؛ وتوجيه الناخبين أمام مكاتب التصويت من طرف أشخاص تابعين لبعض المرشحين دون تدخل السلطة؛ وعدم سحب غالبية المواطنين لبطائقهم، وعدم توصلهم بها قبل يوم الاقتراع من طرف السلطة؛ بالإضافة إلى ضعف التأطير والتكوين لدى غالبية ممثلي الأحزاب داخل مكاتب التصويت حيث استعصى على هؤلاء المممثلين التفريق بين الرموز وأسماء الأحزاب. من جهة أخرى، أشار التقرير التركيبي إلى أن البرامج الحزبية طغت عليها العموميات والتشابه، مع غياب برامج مرقمة حقيقية ومبنية على دراسة موضوعية لمتطلبات واحتياجات الجماعات بالإضافة إلى عددها الكبير، الأمر الذي أدى إلى نوع من الارتياب والخلط لدى الناخبين. كما سجل التقرير نزوع سلوك الأحزاب عند اختيار مرشحيها إلى الأعيان وذوي المال وتهميش المناضلين، وبالتالي أصبح المشهد الحزبي يتجه أكثر فأكثر نحو أحزاب الأشخاص والأعيان، بعيدا عن أحزاب البرامج والمناضلين والجماهير. إلى ذلك، سجل تقرير المدني أن نوعا من الاستقرار قد حصل في أوضاع حزب العدالة والتنمية، بعد أن عاش مرحلة «الموجة العارمة»، ودخل مرحلة تنظيم طبيعي، يشبه التنظيمات الأخرى. وقد يرجع ذلك إلى أسباب متعددة منها ضغوط الدولة المباشرة أو غير المباشرة، (الجوانب الأمنية، القضايا السياسية العامة، الملفات التدبيرية...)، وكذلك النزوعات الإقليمية والدولية، والانحسار الرمزي للموجة الإسلامية، مشيرا إلى أنه إذا كان الحزب يمثل قوة سياسية حقيقية صلبة، فإنه في نفس الوقت أصبح قوة سياسية تقريبا جد عادية تقريبا. وبينما تتميز تنظيمات اليسار اليوم، يقول التقرير، بمحدودية تأثيره في الساحة العمومية، رغم حصول مجموع مكوناته على ما يقارب 6000 مقعد وعجزه على تجميع قواه، وتشرذمه، وغموض آفاقه، فإن المرحلة الحالية تطرح أكثر من أي وقت مضى، سؤال الآفاق، والتغييرات الضرورية، وإعادة التأسيس، لضمان استمراره.