أكد عبد الله ساعف، رئيس المنتدى المدني الديمقراطي المغربي، أن الانتخابات الجماعية أظهرت أن حزب العدالة والتنمية يمثل قوة سياسية حقيقية، صلبة، مبرزا أن هذه الانتخابات أكدت أن الحزب أصبح قوة سياسية تقريبا جد عادية، وقال إنه من المؤكد أن نوعا من الاستقرار قد حصل في أوضاع هذا الحزب. وقال ساعف، خلال تقديمه للتقرير التركيبي للمنتدى المدني الديمقراطي المغربي حول ملاحظة الانتخابات الجماعية لـ 12 يونيو ,2009 إن تنظيمات اليسار تتميز اليوم بمحدودية تأثيره في الساحة العمومية، رغم حصول مجموع مكوناته على ما يقارب 6 آلاف مقعد وعجزه عن تجميع قواه، وتشرذمه، وغموض آفاقه. في مقابل ذلك، أبرز ساعف الدور الذي تقوم به شبكات الأعيان والأفراد ذوي النفوذ في إعادة هيكلة الخريطة السياسية بشكل جذري، حاسم، وفي وقت وجيز. وقال في هذا السياق، إن بروز حزب جديد (الأصالة والمعاصرة) أثار تساءل الكثير من الفاعلين والملاحظين من جهة حول طبيعة هذا المنتوج، فيما إذا كان يشكل إعادة إنتاج ظواهر كانت مألوفة خلال المراحل السابقة (هل هو فديك جديد؟ أو تجمع وطني للأحرار جديد؟ أو اتحاد دستوري جديد؟..إلخ.). من جهة أخرى، أكد ساعف أن أثار تساءل العديد كذلك حول ما إذا كان الحدث يمثل ظاهرة جديدة، لم يسبق للساحة المغربية أن عرفت مثلها. وأضاف أن قرب الأصالة والمعاصرة، طرح تساؤلات أخرى حول ما إذا كان هذا الحزب هو نتاج بحث النظام السياسي عن سند سياسي يمكن الاعتماد عليه تجاه تهديدات قائمة، متسائلا بدوره حول ما إذا ذلك هو النتيجة الحتمية لتخوف النظام من ضعف وتراجع دور الأحزاب المغربية التقليدية، أم ميكانيزمات سلطة تبحث عن تغيير سياسي في الواقع السياسي. وبخصوص دور الدولة في هذه الانتخابات، أوضح عبد اللله ساعف أنه لم يعد ممكنا أن نتحدث عن تدخل سافر ومباشر للدولة، بينما يستقر الآن الجدل حول طبيعة حيادها، حيث تم تسجيل خلال فترات معينة من يوم الاقتراع، قدرتها على الحضور القوي والصارم لضمان انتخابات مقبولة (الحياد الإيجابي)، وخلال فترات أخرى من نفس اليوم، لوحظ انسحابها واختفاؤها وترك الانتخابات لتأثير المال والضغوطات. كما أن الخروقات التي سجّلت لم تعد مرتبطة بصندوق الاقتراع، ولكن انتقلت إلى البيوت والمقاهي والشوارع والفضاءات العامة والخاصة المجاورة لمكاتب التصويت. وأكد أن عددا كبيرا من الخروقات قام بها موظفو ومستخدمو وأطر الدولة تنتج في كثير من الحالات عن سلوكات فردية وغير مرتبطة بمركز اتخاذ القرار أو بأجهزة الإدارة الترابية على ما يبدو. وقال ساعف إنه منذ حقب طويلة تم تسجيل انخفاض تدريجي في نسب المشاركة الانتخابية، مبرزا أن 20 مليون مغربية ومغربي، كان من المفترض أن ينتخبوا في استحقاقات 12 يونيو ,2009 لكن لم يتم تسجيل إلا حوالي 13 مليون، ولم يشارك فعلا من بين هؤلاء إلا 7 ملايين. ومن بين 7 ملايين التي شاركت يجب أن تحذف البطائق الملغاة، حيث وصل في الانتخابات المحلية ليونيو 2009 عدد البطائق الملغاة إلى رقم 850000 بطاقة. وهو ما يؤكد بحسب ساعف أن نسبة المشاركة بقيت منخفضة، وأن نسبة عدم المشاركة جد مرتفعة. وفي السياق ذاته، أكد النسيج الجمعوي لرصد الانتخابات أن الدولة اعتمدت الحياد السلبي خلال الانتخابات الجماعية الأخيرة، بسبب التحدي المتمثل في المشاركة، حيث سجلت التقارير التي قامت بها الجمعيات المراقبة أن السلطات المعنية غضت الطرف عن بعض المخالفات، مما نتج عنه انعدام الجدية في تطبيق قانون الانتخابات، وعدم مواجهة الانتهاكات والخروقات المحدثة قبل وخلال هذه الانتخابات. ورصد النسيج في تقرير له تتوفر التجديد على نسخة منه، التدابير التي اتخذت ضد المسؤولين المتورطين في دعم المرشحين، وتم إلقاء القبض على الأشخاص المتورطين في استخدام العنف، إلا أن السلطات المعنية لم تتدخل في حالات شراء الأصوات واستعمال المال. من جهة أخرى، سجل التقرير استخدام الشتائم؛ واستخدام الأموال؛ كما سجل حالات الاعتداء البدني أكثر أو أقل خطورة ؛ وحوادث العنف مما أدى إلى إلحاق أضرار بالممتلكات الآخرين؛ واستخدام المال العام لأغراض الحملة الانتخابية. وخلال الحملة الانتخابية، لوحظ عدم امتثال مقدمي الطلبات من المساحات المحجوزة في الحملة الانتخابية، وعرضها في أماكن غير التنظيمية؛ بالإضافة إلى استخدام الأطفال في الحملة. وفي السياق ذاته، سجل النسيج بعض المخالفات التي رافقت سحب البطاقات، والتي كانت موضوع التوزيع من خلال الوسطاء، وذلك عكس ما تنص عليه الأحكام القانونية؛ بالإضافة إلى مواصلة الحملة في يوم الانتخابات إلى حين إغلاق مراكز الاقتراع. وسجلت التقرير ارتداء بعض المواطنين في بعض مراكز الاقتراع لقمصان مكتوب فيها الأحرف الأولى من إسم المرشح، كما أن العديد من المرشحين. من جهة أخرى، سجل النسيج انخفاض عدد المراقبين، وممثلي المرشحين الحزبية، الذين من شأنهم ضمان انتظام الانتخابات. وأوصى النسيج بضرورة تأهيل المواطنين، وتوعيتهم بقانون الانتخابات، وإجراء إصلاح عميق للتشريعات التي تنظم البلديات، ووضع نظم تحدد الديمقراطية التمثيلية لتلبية متطلبات واحتياجات المواطن. ومن الشروط اللازمة التي أوصى بها النسيج، الأصلاح الشامل للجهاز القضائي، لضمان محاكمة عادلة وسليمة وفعالة لتطبيق سيادة القانون، ووضع حد للإفلات من العقاب بالنسبة للموظفين المفسدين مرتكبي الجرائم الانتخابية، مع الأخذ في الاعتبار حق ذوي الاحتياجات الخاصة في ممارسة حقهم في التصويت، وتيسير الوصول إلى مراكز الاقتراع.