منذ الصباح الباكر لانطلاق عملية الاقتراع «توزع مفككو شفرات الرموز الانتخابية» على طول المسالك المؤدية إلى مراكز التصويت، في محاولة منهم لاستمالة ناخبين لصالح اللوائح التي يشتغلون لحسابها. ورغم الإقبال الضعيف إلى شبه المنعدم، الذي عرفته غالبية مراكز الاقتراع بكل من مقاطعتي مولاي رشيد وسيدي عثمان بالدار البيضاء، فإن مفككي «شفرات الرموز الانتخابية»، وهم عبارة عمن يطلق عليهم سماسرة الانتخابات الذين ينوبون عن المرشحين في توجيه الناخبين يوم الاقتراع، لم يدخروا أي جهد في استقطاب ناخبين جدد عبر توزيع الأموال. على بعد 100 متر من مركز الاقتراع بعمالة سيدي عثمان كان لافتا للانتباه احتشاد عدد من النسوة والشباب قرب مخدع هاتفي وهم يطالبون بنصيبهم في الأموال التي كان يوزعها أحد السماسرة، وهي عبارة عن ورقة زرقاء من فئة 200 درهم. ولم يوضع حد لهذا الابتذال إلا بعد أن وضع وكلاء لوائح متنافسة شكاية لدى المصالح المختصة التي تدخلت في آخر لحظة واعتقلت 3 من متزعمي هذه العملية. داخل أحد مراكز الاقتراع بمقاطعة مولاي رشيد بدت الصورة مخالفة لما يجري في عدد من مناطق المغرب. إقبال ضعيف إلى شبه منعدم من ناخبي ساكنة الحي، والصناديق الزجاجية المخصصة لوضع ورقة التصويت ظلت متعطشة لمن يروي ظمأها بسبب عدم إقبال الناخبين، ولم تتجاوز أوراق التصويت التي لوحظت بعدد من صناديق الاقتراع، إلى حدود زوال أمس الجمعة، خمس أوراق، ومن بين الصناديق ما لوحظ بها ورقتا تصويت فقط، في حين سجلت مكاتب أخرى داخل نفس المقاطعة مشاركة نسبية. أما مندوبو وكلاء اللوائح فإنهم استعاضوا عن عملية المراقبة باحتساء أكواب الشاي وتناول ما لذ وطاب من رغائف مدهونة صنعت بعناية من قبل المرشحين الذين استأجروهم بمقابل مادي للقيام بهذه العملية. وبخلاف أصوات منبهات السيارات التي ملأ دويها مختلف الأحياء والدروب والأزقة طيلة الليلة التي سبقت يوم الاقتراع، ظلت الأزقة والدروب وخاصة المسالك المؤدية إلى مراكز الاقتراع تحتضن حملات دعائية من نوع خاص وتنافسا محموما بين المرشحين، كل له طريقة خاصة في استمالة الناخبين وإن كانت الطريقة الشائعة هي توزيع الأوراق النقدية من فئة 200 درهم، في حين قام العديد من المتنافسين ممن لا حول لهم ولا قوة بربط الاتصال بأقسام العملات والشرطة من أجل تقديم شكايات بالمخالفين، أما رجال السلطة العمومية فقد التزم الكثير منهم الحياد السلبي، تاركين المتنافسين يحددون مصيرهم ولا تتدخل دوريات الشرطة إلا بعد أن تتوصل بأكثر من شكاية. التقارير التي أنجزتها مصالح وزارة الداخلية بخصوص الأجواء التي صاحبت اللحظات الأولى من عملية الاقتراع أكدت أن عملية افتتاح مكاتب التصويت تمت في ظروف عادية.