قررت المحكمة الإدارية بكل من الرباط وفاس، في سابقة قضائية أولى من نوعها، إلغاء قرارين إداريين صادرين عن مصالح وزارة الداخلية، يقضيان برفض ترشيح نائبين برلمانيين للانتخابات الجماعية المقبلة بكل من الرباط وطنجة، كانا قد قدما ملفيهما للترشح ضمن لوائح حزب الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار. وجاء قرار المحكمة إثر دعوى الطعن التي تقدم بها المرشحان عن حزبي محمد الشيخ بيد الله ومصطفى المنصوري، بعدما رفضت السلطات الإدارية تسلم ملفي ترشيحهما لانتخابات 12 يونيو، بدعوى عدم مطابقتهما للمادة الخامسة من قانون الأحزاب السياسية، الذي ينص على أنه لا يحق لأي شخص، يتوفر على انتداب انتخابي ساري المفعول في إحدى غرفتي البرلمان وتم انتخابه من قبل حزب سياسي معين، أن ينخرط في حزب آخر. ويتعلق الأمر بكل من يوسف بنجلون من طنجة، الذي كان قد غادر الحركة الشعبية في اتجاه التجمع الوطني للأحرار، ومحمد بنعطية، النائب عن سلاالجديدة الذي التحق بالأصالة والمعاصرة قادما إليه من حزب جبهة القوى الديمقراطية. وعلمت «المساء»، إلى حدود منتصف نهار أمس، بأن المحكمة الإدارية بمراكش ألغت القرار الإداري الذي منع عمر الكردودي، العضو الجديد بحزب الأصالة والمعاصرة، من الترشح، وبذلك أصبحت الطريق سالكة أمام النواب الرحل الذين انتقلوا من أحزاب أخرى إلى حزب الأصالة والمعاصرة وقدموا ترشيحاتهم باسمه، بعدما رفضت مصالح وزارة الداخلية قبول ملفات ترشيح 11 شخصا منه إلى حدود يوم الأربعاء المنصرم. وفي وقت اعتبر فيه البعض أن قرار المحكمة الإدارية يجعل المادة الخامسة من قانون الأحزاب، موضوع الجدل، غير ذي جدوى، باعتباره سابقة قضائية سوف تفتح الباب أمام أزيد من أربعين برلمانيا تم رفض تلقي ملفات ترشيحهم، قال عبد العزيز النويضي، أستاذ القانون الدستوري ورئيس جمعية «عدالة» إن القرار اجتهاد قضائي لجأت إليه المحكمة الإدارية، ويمكن أن يشكل سابقة، مضيفا في تصريح ل«المساء»، تعليقا على القرار، أن المادة 5 لا يرتب عليها القانون سوى الغرامة ولا يشكل خرقها مانعا من موانع الترشيح، وأن المحكمة الإدارية، بقرارها، طبقت قانون الانتخابات وليس قانون الأحزاب. وأوضح النويضي أن قانون الأحزاب السياسية فيه تناقضات، إذ أن المادة 27 منه تعطي الحق لأي شخص أن ينسحب من الحزب في أي وقت إما مؤقتا أو بصفة نهائية شريطة الامتثال للمسطرة التي يقررها النظام الأساسي للحزب، لكنه في نفس الوقت يمنع الالتحاق بحزب آخر في مادته الخامسة. وأضاف النويضي أن وزارة الداخلية كان عليها أن تتدخل عندما بدأت ظاهرة الترحال البرلماني وليس الانتظار إلى حين تقديم ملفات الترشيحات. وأعرب حزب الأصالة والمعاصرة، الذي كان المستهدف الأول بمذكرة وزارة الداخلية، القاضية بمنع البرلمانيين الرحل ضمن لوائحه بمقتضى المادة 5 المشار إليها، عن ترحيبه بحكم المحكمة الإدارية أول أمس، واعتبر بلاغ للحزب أن القرارين يشكلان «انتصارا للشرعية القانونية وإحقاقا للعدالة»، وعبر عن استعداده، إلى جانب حلفائه داخل المؤسسة التشريعية «للقيام بكافة المبادرات التي من شأنها إزالة كل ما يحيط بالنصوص القانونية ذات الصلة من غموض أو التباس ومن اعتبارات تمس بالحق المكفول دستوريا في حرية الانتماء، كما يتعهد بالعمل على المبادرة بتحريك الآليات الخاصة بضمان دستورية القوانين في هذا المجال وغيره»، كما أكد البلاغ أن الحزب «يتعهد بالعودة إلى الموضوع في إطار حوار وطني لمناقشة كافة الإشكالات المرتبطة بموضوع الانتماء الحزبي في سياق دينامية تأهيل المشهد السياسي والحزبي ببلادنا، وبما يعزز ويثري الاختيار الديمقراطي الحداثي».