وعيا منها بأهمية الانكباب على القضايا الجوهرية في إصلاح منظومة التربية والتكوين، وما يستلزمه ذلك من تطوير للبحث والانفتاح على الخبرات العلمية المتاحة، كما أشار إلى ذلك المجلس الأعلى للتعليم في تقاريره المختلفة، نظمت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بالقنيطرة ندوة علمية في موضوع: أربعون سنة من تدريس اللغة الإنجليزية، ساهم فيها الأستاذ محفوظ بوعلام مدير الأكاديمية الجهوية، والباحثة الأمريكية جوهان دودي، وترأسها الأستاذ المفتش منسق مادة الإنجليزية. وقد صرح السيد مدير الأكاديمية بأن هذه الندوة تندرج في إطار الجهود التي تبذلها الوزارة من أجل إعطاء نفس جديد للإصلاح، وهذا ما يستوجب معرفة مدققة بمنظومتنا التربوية، وأهم اللحظات في مسارها التاريخي. قدم المداخلة الأولى مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بالقنيطرة الأستاذ محفوظ بوعلام بعنوان: تدريس اللغة الإنجليزية بالمغرب من سنة 1968 إلى 2008. حيث أشار فيها إلى الأسباب التي تمنح المشروعية للبحث في هذا الموضوع، ولخصها في قلة الدراسات والأبحاث التي فكرت في التاريخ التربوي المغربي بشكل عام، وتاريخ تدريس اللغة الإنجليزية بشكل خاص. وأشار إلى أن مرور أربعين سنة على دخول هذه المادة إلى المنهاج التربوي، يجعل هذا المسار الزمني جديرا بالتأمل والتفكير. ولخص محفوظ بوعلام الأهداف من هذا اللقاء في إعداد ذاكرة موثقة حول تدريس هذه المادة، وما عرفته من تحولات على مستويي الشكل والمضمون، والمساهمة في إرساء الأسس التي تجعل منظومة التربية والتكوين ببلادنا منفتحة على العصر، ومدركة لأوضاعه المعقدة والصعبة. كما ذهب السيد مدير الأكاديمية إلى أن الوضع الاعتباري لمادة اللغة الإنجليزية تميز بحضورها الوازن ضمن باقي اللغات. وتميز تدريسها في مراحله المبكرة (1968 إلى 1970)، بالاعتماد كليا على كتاب (text books). لكن تدريس الإنجليزية سيشهد توسعا بالغ الدلالة منذ 1978 وحتى التسعينيات من القرن الماضي، تمثل في حلول الكتاب المغربي محل كتاب(text books). لقد برز هذا التطور ليس فقط في الاستراتيجيات والطرائق الجديدة المعتمدة داخل الفصل الدراسي، وإنما كذلك في تعدد المقررات الدراسية، والتي أرست ثقافة جديدة قوامها التنوع والتعدد والتنافسية. المداخلة الثانية في هذه الندوة كانت للباحثة الأمريكية جوهان دودي في موضوع: التلميذ بوصفه حجر الزاوية في تدريس الإنجليزية. وجوهان دودي من الأسماء الفكرية المعروفة في الولاياتالمتحدة، ذلك أنها متعددة الاهتمامات، وصاحبة الكثير من المؤلفات، كما أطرت العديد من المشاريع العلمية والتربوية. وهي دارسة متمرسة للرواية النسائية، خاصة أدب الزنوج، وتشتغل بشكل خاص على تجربة الروائية توني موريسون. والفكرة الناظمة لمداخلة جوهان دودي تتركز حول مستوى تقديرنا لاستعدادات الأطفال خلال العمل التدريسي بشكل عام، ودرس الإنجليزية بشكل خاص. واعتمادا على مجموعة من الصور، حاولت أن تبلور تمييزا بين استعدادات تواصلية مختلفة لدى الأطفال، وأبرزت أن التواصل الناجح بمثابة السبيل الذي يمكن أن يقودنا إلى عوالم المتعلمين، والاستجابة لاحتياجاتهم. لهذا اعتبرت الباحثة هذه العناصر مدخلا للتفكير في الكيفيات التي من خلالها يمكن أن نحمل الشعر إلى كيان المتعلم، بالشكل الذي يسهم في تنمية مداركه وإمكاناته التخييلية. لقد اعتمدت الباحثة استراتيجية حوارية تفاعلية في تقديم مداخلتها، وبدت كما لو أنها تستعيد أجواء الفصل الدراسي في قاعة الندوات بالأكاديمية، وهذا ما خلق مناخا من الديناميكية لدى الحاضرين، خاصة الأساتذة والباحثين المهتمين بتدريس الإنجليزية.