أبيض أو أسود هذا الأسبوع إما أن يكون أبيض أو أسود بالنسبة للبارصا، ويبدو من خلال مباراة الأربعاء الماضي بين الفريق الكاتلاني وفريق تشيلسي اللندني أنه لا يوجد بياض كبير في الأفق، لأن البارصا اصطدمت بجدار إنجليزي من الإسمنت المسلح، ولم تنفع معه لا مراوغات ميسي ولا احتيال إيتو ولا دهاء أي مهاجم من مهاجمي البارصا. المباراة ضد تشيلسي ونتيجتها التي انتهت بالأصفار من الأكيد أنها ستلقي بظلالها اليوم على مباراة الموسم بين ريال مدريد وبرشلونة، ومن الأكيد أيضا أن لاعبي ريال مدريد، وهم عنيدون أيضا ويرغبون في إذلال البارصا، سيحاولون أن يصنعوا نتيجة مبهجة لأنصار الفريق الأبيض ويقلصوا الفارق إلى نقطة واحدة فقط، على الرغم من أن هذا الفارق ومهما كان ضئيلا إلا أنه لن يمنح أي امتياز لفريق العاصمة، لأن برشلونة ستبقى في المقدمة مهما حصل. وكان فريق البارصا حصل على نقطة ثمينة في مباراته الأخيرة في الليغا ضد فريق بلنسية، حيث حصل على تعادل بطعم الانتصار في الأنفاس الأخيرة من المباراة، ولو قدر له أن ينهزم فإن ذلك يعني أنه كان من الممكن أن يفقد اليوم زعامة الترتيب، وأيضا لقب الليغا، إذا انهزم أمام ريال مدريد بأكثر من فارق ثلاثة أهداف. وفي كل الأحوال، وعندما يأتي المساء، فإن رفاق ميسي وإيتو سيكونون أمام تحد كبير، وهذا التحدي يفرض عليهم على الأقل الحصول على تعادل يبقي فارق النقاط في أربعة، وهم سيبذلون في ذلك مجهودا خارقا لأنهم يعرفون أن ريال مدريد ليس لديه ما يخسره، لأنه فريق خسر كل شيء هذا الموسم ولا يطمح إلى الشيء الكثير، وكل ما ينتظره هو معجزة تدفعه إلى الحصول على اللقب، وهذه المعجزة ليست في المتناول. المعنويات أولا فريق البارصا سيدخل مباراة اليوم محروما من أحد أبرز لاعبيه، وهو المكسيكي ماركيز، الذي خرج معطوبا في المباراة ضد تشيلسي، كما أنه سيدخل بلاعبين هدهم التعب بعد مباراة الأربعاء، وهم أيضا سيحاولون ألا يتعرضوا لإصابات في مباراة اليوم، لأنهم سيسافرون بعد ذلك إلى لندن لخوض مباراة الإياب أمام تشيلسي الأربعاء المقبل، وهذا أسبوع من نار للبارصا لأنه من الصعب على أي فريق مهما كانت درجة قوته واحترافيته أن يخوض ثلاث مباريات من هذا الحجم وأمام فرق قوية جدا في أسبوع واحد. ومهما كانت درجة العياء أو الاهتزازات التي تعرضت لها معنويات لاعبي البارصا، فإن هذا الفريق لن يكون بأي حال من الأحوال لقمة سائغة في فم ريال مدريد، بل إن الفريق الأبيض سيكون مطالبا بالهجوم وتسجيل الأهداف لأن نتيجة التعادل تخدم مصلحة البارصا بشكل كبير، وإذا حاول المهاجمون المدريديون أن يهاجموا أكثر، فإن إيتو وميسي سيكونان بالمرصاد عبر هجمات مرتدة سريعة، وقد يثقلان شباك كاسيّاس بأهداف ستكون بمثابة رصاصة الرحمة لهذا الفريق الذي ظل يعاند ويطارد وينتصر داخل الميدان وخارجه بحثا عن المعجزة. مدرب فريق البارصا بيب غوارديولا، الذي يتوفر على كثير من الحماس وقليل من التجربة، سيكون مدعوما هذا المساء بخبرة الكثير من تقنيي البارصا، لأن الخطط في مثل هذه المباريات لا يصنعها رجل واحد حتى لو كان مدربا من أعلى طراز، لأن الحروب الكبيرة لا يصنع خططها جنرال واحد، بل هيئة عسكرية كاملة، وكل ما يستطيع غوارديولا الاعتماد عليه هو وفاء لاعبيه الذين سيحاولون أن يثبتوا أنهم لا يزالون في أوج قوتهم، وأن معنوياتهم لا يمكن أن تؤثر فيها نتيجة التعادل أمام تشيلسي. الكرة.. والسياسة من جهته، سيحاول مدرب ريال مدريد، خواندي راموس، الرجل الغامض في كل شيء، أن يثبت أنه وحده المؤهل لكي يقود الموسم المقبل سفينة الفريق، خصوصا وأن انتخابات الرئاسة ستجرى منتصف يونيو المقبل، ومن المؤكد أن الرئيس السابق فلورينتينو بيريث، سيعود هذه المرة وسيعيد معه خططه الجهنمية عبر التعاقد مع نجوم كبار، أولهم كاكا الذي تأكد التعاقد الأولي معه، وآخرهم ميسي الذي تقول الإشاعات الكروية، إنه من الممكن أن يرضخ لسلطة المال ويهرب من فريقه الكاتلاني كما فعل من قبل البرتغالي لويس فيغو. مدرب ريال مدريد سيدخل هذه المباراة معتمدا على خطة أساسية، وهي ليست خطة تقنية، بل خطة نفسية بالأساس، وستعتمد على اللعب على وتر المعنويات المهزوزة للبارصا، خصوصا وأن الفريق الكاتلاني أصبح مصيره محسوما في ظرف أسبوعين لا غير، حيث سيلعب هذا المساء مباراة العمر، وفي حالة الفوز فيها سيضمن لقب الليغا بنسبة 99 في المائة، وعندما سيلعب الأربعاء المقبل في كأس الأبطال أمام تشيلسي فإنه سيلعب الكل للكل لأنه ليس لديه ما يخسره، وبعد أقل من أسبوعين سيلعب من أجل اللقب الثالث أمام فريق أتلتيكو بلباو من أجل كأس الملك، وبسبب كل هذا فإن مباراة هذا المساء تعتبر حاسمة بكل المقاييس، حاسمة للبارصا أكثر مما هي حاسمة للمدريديين، لأن فريق البارصا كان قبل بضعة أسابيع على بعد 12 نقطة من مطارده الأبيض فأصبح اليوم على بعد 4 نقاط فقط، ولأن الفريق يمكن أن ينهزم الأربعاء المقبل أمام تشيلسي ويطير من يده حلم بطل أوروبا، وبذلك ستهتز معنوياته بشكل كبير وسيكون لقمة سائغة خلال المباراة النهائية لكأس الملك بعد أيام من ذلك أمام الفريق الباسكي العنيد، أتلتيكو بلباو، الذي سيخوض تلك المباراة وكأنه سيخوض مباراة العمر، لأنه لم يفز بلقب من الألقاب منذ سنوات طويلة. صحيح أن فريق بلباو لا يتوفر على لاعبين كبار، وصحيح أنه يعتمد على لاعبين باسكيين فقط، أو لاعبين من خارج إسبانيا، وذلك لأسباب سياسية، إلا أنه يملك نقطة قوة كبيرة وتتمثل في عناده وإصراره على الفوز، خصوصا في مثل هذه المباريات الحاسمة. في مباراة هذا المساء بين ريال مديد وبرشلونة توجد أيضا عوامل خارج الرياضة، إنها عوامل سياسية تدفع البارصا من أجل الانتصار، أو التعادل على الأقل، لأن هذا الفريق يعتبر بمثابة المنتخب الوطني لإقليم كاتالونيا، هذا الإقليم الذي لا تزال توجد به أحزاب وهيئات سياسية تطالب بالانفصال عن إسبانيا، وهؤلاء يعتبرون البارصا إحدى الوسائل التي تجعلهم متميزين عن باقي البلاد، وهم دائما يعتبرون أن فريق ريال مدريد يرمز لوحدة البلاد وضد انفصال أي إقليم، لذلك كان من الطبيعي أن تكون مباريات ريال مدريد والبارصا دائما خليطا من السياسة والرياضة والنعرات الإقليمية واللغوية. لهذه الأسباب ولأسباب أخرى، فإن مباراة هذا المساء ليست مجرد مباراة عادية في كرة القدم، بل مباراة من حديد وعرق ودم. صراع بين الوجه الجديد لريال مدريد.. وكبرياء البارصا منذ بداية الموسم الكروي الحالي من الليغا الإسبانية، كان فريق ريال مدريد يثير الشفقة لأن شباكه استقبلت عددا قياسيا من الأهداف، وكان مدربه السابق، الألماني بيرد شوستر، يشبه عاطلا عن العمل لأنه كان يكتفي فقط بالتفرج على الأهداف وهي تدخل مرمى الحارس كاسيّاس، وفي نهاية المباراة يعطي تصريحات صحافية يعبر فيها عن بهجته لأن النتيجة لم تكن أثقل، حتى وصل الفارق بين ريال مدريد والبارصا إلى 12 نقطة، وكان من الممكن أن يتسع الفارق أكثر، لولا أن مسؤولي الفريق تداركوا الموقف وأرسلوا شوستر إلى منزله لكي يهتم أكثر بالمطبخ وتربية الأولاد. وعندما تم الاستغناء عنه وجاء المدرب الإسباني خواندي راموس، فإن الأشياء تغيرت بشكل جذري، واستقبلت مرمى كاسيّاس 7 أهداف فقط في 12 مباراة. لكن الربح الآخر الذي حصل عليه فريق ريال مدريد كان هو تعاقده مع اللاعب الفرنسي لاسانا ديارا، الذي أعطى نفسا حقيقيا لوسط ميدان الفريق، وأصبح بمثابة المحرك الذي لا يتعب، ولذلك قال كثيرون إنه الخليفة الحقيقي للاعب وسط الميدان السابق الكامروني ماكيليلي، الذي غادر الفريق إلى إنجلترا قبل عدة مواسم. وبعد أن كان وسط الميدان شبه مفقود في ريال مدريد، فإن مجيء لاسانا أعاد التوازن إلى فريق تائه، وأصبح هذا اللاعب الأسمر، رفقة اللاعب غاغو، يشكلان قاطرة الفريق، واستعاد ريال مدريد هيبته بعد أن كانت أضعف الفرق في الليغا تحوله إلى مسخرة. وربما تبقى نقطة الضعف الكبيرة في الفريق الأبيض هي أنه لا يلعب بشكل جيد، لكنه فريق ينتصر في كل الأحوال، غير أن انتصاراته تثير الكثير من الشك لأنه ينتصر من دون أن يقنع ويحرز أهدافا حاسمة في الأنفاس الأخيرة من المباراة، مثلما حدث في مباراته المثيرة أمام فريق خيتافي. كما أن أغلب انتصارات فريق ريال مدريد تتم بهدف واحد لصفر. وعكس ريال مدريد، فإن فريق البارصا متكامل من كل جوانبه. دفاعه صلب ومتماسك، ومهاجموه هم حاليا الأفضل عالميا، خصوصا ميسي وإيتو، وهما لاعبان يمكن أن يصنعا الانتصار في أية لحظة، خصوصا الأرجنتيني ميسي الذي يشبه ساحرا حقيقيا. لكن المدريديين يمكن أن يستفيدوا كثيرا من الخطة التي نهجها فريق تشيلسي الإنجليزي، ويحولوا المباراة إلى كتلة جامدة ومن دون أية فرجة، وهذا شيء مستبعد لأن ريال مدريد هو الذي يبحث عن الانتصار، ولذلك فإن مباراة هذا اليوم ستكون ممتعة بكل المقاييس. إنها مباراة ستكون عبارة عن صراع قوي بين الوجه الجديد لريال مدريد، وبين الكبرياء الجريح للبارصا.