حرب الميسيّات بعد الحرب التي اندلعت بين ريال مدريد والبارصا حول طفل كوري موهوب اسمه «شينغ هو» وعمره 13 سنة، يقال والله أعلم إنه يمكن أن يتفوق على ميسي مستقبلا، ها هي حرب أخرى تندلع بين الفريقين الغريمين من أجل «ميسي» جديد لكنه إسباني هذه المرة، وهو سيرخيو كاناليس، وعمره 18 سنة، ويلعب لفريق راسينغ سانتاندير بالدرجة الأولى. كاناليس، كما يقول العارفون بالكرة وخباياها، جوهرة مستقبل الكرة الإسبانية والعالمية، وهو يأمر الكرة فتطيعه وينهاها فتنتهي، يعني ساحر والسلام. لكن هذا الكلام الكثير الذي يقال حول هذا اللاعب الموهوب ليس له ما يثبته حتى الآن سوى تلك الحركات الجميلة التي يقوم بها هذا اللاعب بين الفينة والأخرى، ومن أفضلها ما قام به قبل أسبوع فقط حين سجل لفريقه هدفين «ولا أروع»، كما يصفهما المذيع الهزلي ماجد الشجعي، مع أن لا أحد يفهم عبارة «ولا أروع». «ميسي» الإسباني يوجد الآن بين نارين، وريال مدريد والبارصا فتحا عليه نيران مدفعيتهما الثقيلة، وهي نيران جميلة جدا لأنها تطلق المال عوض النار. ريال مدريد قال لوالد كاناليس إنه سيدفع له أفضل مما سيدفعه له أي فريق آخر، والبارصا تقول إنها لن تتخلى عن الصراع من أجل هذا اللاعب. والمشكلة أن فرقا أخرى من خارج إسبانيا عيونها أيضا على هذا اللاعب مثل مانشستر يونايتد وتشيلسي. إيوا إذا عْطاك العاطي.. ما تحرث ما تْواطي.. نيشان للسياسة عندما سينتهي هذا الموسم الكروي في إسبانيا، فإن رئيس البارصا، جوان لابورتا، يكون قد فعل كل ما يجب فعله من أجل أن يترك الكرة ويرتمي في أحضان السياسة. لابورتا، الذي يحمل في جعبته إنجازا تاريخيا غير مسبوق وهو ستة ألقاب في موسم واحد، لا يخفي أنه يتوفر على طموح سياسي، لكنه لا يكشف نوع هذا الطموح، رغم أن كثيرين يقولون إنه يريد أن يصبح مستقبلا رئيسا للحكومة الجهوية لإقليم كتالونيا، الذي يعتبر نفسه إقليما غير إسباني. غير أن خصوم لابورتا ليسوا كلهم من المدريديين، بل من داخل برشلونة نفسها، وهم يفعلون كل ما يستطيعون حتى يتحول هذا الرجل إلى مهزلة، وآخر ما فعلوه هو نشر صور له وهو «سكران بيل» ويرقص بدلال طفولي بعد أن انتصر فريقه قبل بضعة أسابيع على فريق ريال مدريد بهدف لصفر في مباراة مرة. خصوم لابورتا يوجدون من بين الكاتلانيين أيضا، والذين يتهمونه بأنه حول البارصا إلى ماركة مسجلة في كتالونيا فقط، وأنه يريد أن يجعل من هذا الفريق منتخبا محليا لإقليم كتالونيا، يعني أن يعجن السياسة بالكرة، وهذا فيه ضرر كبير لأنصار الفريق عبر العالم كله. وعموما فإن المشكلة الكبيرة في كتالونيا هي كالتالي: هل البارصا فريق لكرة القدم وله أنصار في كل مناطق العالم ويدخل البهجة على قلوب عشاقه، كما يدخل عليهم القرحة أحيانا، أم أنه منتخب لمنطقة كتالونيا فقط، أي مثل قط مغلق عليه في صندوق؟ سوق عكاظ مباشرة من كان يتصور أنه سيأتي يوم سيجلس فيه المرء أمام شاشة التلفزيون وهو يرى ويسمع شعراء سوق عكاظ يتحدثون على الهواء مباشرة. هذا يحدث حاليا، والمناسبة هي مباريات الليغا الإسبانية التي يذيع أطوارها مذيعون أصبحوا يثيرون من السخط أكثر مما يثيرون من الإعجاب، والسبب هو أنهم حولوا مباريات الكرة إلى مناسبات للضجيج وترديد الكلام البائت، إلى درجة أن كثيرين أصبحوا يشاهدون المباريات وهم يضعون قربهم أقراص دوليبران. الذين كانوا يتابعون من قبل مباريات الليغا على القنوات الإسبانية كانوا يستمتعون بوصف معقول وتحليل رصين من طرف المعلقين، وبعد ذلك اكتسبت عدد من القنوات العربية حق نقل المباريات فتحولت كرة القدم إلى سوق عكاظ، وأصبح كل مذيع يتفنن في إلقاء قصائد الشعر، وكأنهم عادوا إلى زمن الجاهلية الأولى. المذيعون الحاليون يسمون البارصا «البرْشة»، وريال مدريد يسمونه «الفريق الملكي»، مع أن السابقين لم يسمعوا يوما بالبرشة أو الفريق الملكي، بل البارصا وريال مدريد. وفوق هذا ذلك يتحذلق هؤلاء في النطق بعبارات بالإسبانية لا محل لها من الإعراب، مثل ذلك المذيع الذي يعرب الإسبانية بطريقته الخاصة، فتبدو خليطا من العربية واللاتينية، وهات يا ضحك. الذين يتابعون مباريات الليغا في المقهى لا مفر لهم من سوق عكاظ، أما الذين لهم حظ التوفر على بطائق الاشتراك ويفهمون شيئا من الإسبانية فيمكنهم أن يخفضوا صوت التلفزيون حتى الصفر، ويضعوا قربه راديو مفتوح على إذاعة إسبانية. ما رأيكم؟