في تحول ب180 درجة عن موقف المغرب الرسمي من التطورات السياسية التي شهدتها مصر في السنتين الأخيرتين، وصفت نشرة الأخبار الرئيسية بالقناة الأولى، ليلة أول أمس الخميس، الرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي، ب«قائد الانقلاب»، الذي أطاح ب«الرئيس المنتخب» محمد مرسي، فيما اعتبرت منابر إعلامية مصرية ذلك «انقلابا سياسيا» و«هجوما» مغربيا على الدولة المصرية. تقرير القناة الأولى، الذي فاجأ عددا كبيرا من المشاهدين، جاء فيه أن «الجيش قام بانقلاب عسكري بقيادة عبد الفتاح السيسي، وعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، وعطل العمل بالدستور، وصدرت أوامر باعتقال المئات من المعارضين»، مضيفا بأن «مصر عاشت منذ الانقلاب العسكري الذي نفذه المشير السيسي على وقع الفوضى والانفلات الأمني»، الذي اعتمد «على عدد من القوى والمؤسسات لفرض حكمه على أرض الواقع وتثبيت أركانه». وسبق للملك محمد السادس أن بعث برقية تهنئة، مستهل يونيو 2014، إلى المشير السيسي عقب فوزه بانتخابات الرئاسة المصرية، أكد فيها الملك «حرصه القوي على العمل سويا من أجل تعزيز العلاقات العريقة» بين البلدين. كما سبق لوزير الشؤون الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، أن اعتبر انتخاب السيسي رئيسا لمصر «صمام أمان للحفاظ على استقرار وأمن مصر ورفاهية الشعب المصري والعمل من أجل أن تكون مصر قوية ومساهمة في أمن واستقرار المنطقة العربية». ورغم عدم وجود أي موقف أو تصريح رسمي يكشف خلفيات هذا التحول المفاجئ، الذي عرى عن غيوم في سماء العلاقات بين البلدين، فإن بعض المصادر تحدثت عن استياء المغرب من الهجمات الإعلامية المتكررة، خاصة بعد الزيارة الملكية لتركيا، وكذا من التقارب الجزائري المصري على خلفية صفقة الإمداد بالغاز بنصف ثمن السوق، والتي قد تقود، حسب بعض التسريبات، إلى تغير راديكالي في المواقف المصرية إزاء قضية الصحراء قد يصل حد الاعتراف بالبوليساريو. ورغم أن تداعيات ما ورد في التقرير الإخباري ظلت تكبر مثل كرة ثلج خلال الساعات الماضية، فإن وزارة الخارجية لم تصدر إلى حدود صباح أمس أي بيان من أجل توضيح الموقف، فيما امتنع هاتف وزير الاتصال عن الرد. في نفس السياق، أوضح مصدر مسؤول بوزارة الخارجية المغربية أن الحديث عن أزمة وتغيير في الموقف المغربي من العملية السياسية بمصر «لا أساس له». وقال إن الاستناد على تقرير إخباري من أجل فتح باب التأويل في هذا المجال أمر «غير صائب»، وأن أي تغيير في المواقف بالنسبة للعلاقات مع الدول تتم ترجمته من خلال بلاغ أو تصريح رسمي وليس من خلال تقارير أو مواد إعلامية. وكانت القناة الثانية هي الأخرى قد وصفت السيسي بالانقلابي. فيما أفردت القناة الأولى، في نشرتها لأول أمس، تقريرا مدته أربع دقائق، تم الحرص فيه على ذكر كلمة الانقلاب أكثر من مرة. وسجل عدد من المتتبعين أن قرار بث موقف سياسي من تقرير إخباري في الإعلام الرسمي يتجاوز مسؤولي القناة، علما أن كيفية صياغة التقرير كشفت أنه معد ليحمل أكثر من رسالة، حيث تم الحرص أيضا على الاستعانة برأي بعض المحللين. إذ أكد محمد بنحمو، مدير المركز المغربي للدارسات الإستراتيجية، على أن الانقلاب أجهض مسار الانتقال الديمقراطي بمصر، ووصفه بأنه «ردة» على خيارات الشعب المصري. كما عاد تقرير القناة الأولى إلى ما حدث أثناء فض اعتصامي رابعة والنهضة، وركز على الاعتقالات التي تطال معارضي النظام. ورغم أنه لم يبدر أي رد فعل عن الخارجية المصرية، حتى حدود كتابة هذه السطور، فإن عددا من المواقع الإخبارية «المستقلة» المصرية سعت إلى استيضاح مسببات تحول الموقف المغربي المفاجئ. إذ ربطت إحداها ذلك بالزيارة الخاصة التي يجريها الملك محمد السادس لتركيا. وأوضحت أن «الانقلاب السياسي من الرباط» جاء «بعد هجوم الإعلام المصري على ملك المغرب محمد السادس بسبب زيارته لتركيا ولقائه الرئيس رجب طيب أردوغان». وقد لاحظ كل المتتبعين أن التقارير الإخبارية تعمدت ألا تشير إلى جماعة الإخوان المسلمين، واكتفت بالحديث عن المعارضة، وهو ما فهم منه أنه عدم رغبة في إزعاج الحلفاء الخليجيين الذين يكرهون كل ما هو إخواني.