طيلة الأيام الثلاثة التي قضتها "المساء" بين بلدية "تنمار" وجماعة "اداو وكلول" ومدينة الصويرة، بمناسبة الدورة الثانية من مهرجان أركان، في الفترة الممتدة بين 7 و9 من نونبر الجاري، لم يخف الكثير من المواطنين الآمال التي يعقدونها على الأشغال التي تجري للتنقيب عن البترول في جماعة "اداو وكلول". العملية وإن كانت لم تنطلق بشكل رسمي ("المساء" زارت المنطقة في 8 من نونبر الجاري)، فإن مجموعة من الشباب أكدوا أن اكتشاف الذهب الأسود سيغير صورة هذه الجماعة والمناطق المجاورة لها، وأنه سينتشلهم من المشاكل الكثيرة التي يعانونها. تعطل الحديث في العديد من الجماعات المحيطة بالصويرة في الكثير من القضايا الأساسية، وحده البترول يشغل بال العديد من المواطنين، ليس بسبب الأسعار المتفاوتة للذهب الأسود في الأسواق العالمية هذه الأيام، وإمكانية انعكاس ذلك على أسعار البنزين والكازوال في المغرب، لأن ذلك لا يعني من قريب ولا من بعيد مجموعة من أهالي تلك الجماعات، بسبب العوز المادي الذي يعانونه، ولكن بكل بساطة بسبب إمكانية العثور على الذهب الأسود في جماعة «اداو وكلول»، التي تحولت في الآونة الأخيرة من جماعة ضمن الجماعات الكثيرة التي تشتكي قلة الإمكانات المادية، إلى جماعة يعول عليها بشكل كبير في إنعاش الاقتصاد المحلي والوطني في حالة اكتشاف الذهب الأسود في أراضيها. الحلم المشروع ورغم أن عملية التنقيب لم تبدأ بعد (زيارة «المساء» لجماعة اداو كلول كانت يوم السبت 8 نونبر الماضي)، فإن الكثير من المواطنين والمسؤولين المحليين في هذه المنطقة يتحدثون بيقين تام على أنه من المحتمل جدا العثور على الذهب الأسود في تلك الأراضي المعروفة بشجر الأركان، الذي رغم أهميته، حيث يتم توضيبه من قبل بعض الدول الصناعية كألمانيا، حسب إفادة خالد أزوكار، عضو بجمعية حاحا، وإعادة تصديره من جديد بأسعار خيالية جدا، إلا أن كل أحلام شباب «إداو كلول» تنمار أصبحت مختصرة في العثور على البترول، لأنه الوحيد الذي بإمكانه أن يعيد الاعتبار لقبائل حاحا.في المكان المخصص لعملية التنقيب، والذي تتكلف به شركة باكستانية في جماعة «اداو كلول»، يتم فرض حصار مشدد، فلا أحد يمكنه الاقتراب من هذا المكان، وحدهم العمال الصينيون المسموح لهم بالدخول، ويقول أحد المشرفين على هذه العملية: «لا يمكن الدخول إلى هذا المكان أو الاقتراب منه، فهذا الأمر غير مسموح به». منذ أسابيع والعديد من شباب ونساء هذه الجماعة يراقبون ما يجري حولهم بفضول كبير جدا، ففي لحظة تحولت الأنظار إلى جماعتهم، ويقول أحد الشباب: «نحن فخورين كثيرا بزيارتكم لهذا المكان وإيصال أصواتنا إلى المسؤولين المحليين والمركزيين، إننا بقدر ما نحن فرحين بالأشغال الجارية لبداية التنقيب على البترول في أراضينا، فإننا غير راضين على طريقة التعويض، فلابد من مراعاة المشاكل والحاجيات الكثيرة للسكان». جدل حول التعويض وقال حميد العشرات، رئيس جماعة «ًاداو اكلولً» في تصريح ل«المساء»، على هامش زيارة لموقع التنقيب (أنظر الحوار أدناه): «لا يعقل أن يتم تعويض سكان الأراضي التي تتم فيها عملية التنقيب بدرهم فقط، علما أنه سبق الحديث عن تعويض سيصل إلى 10 دراهم و15 درهمًا». وعن إمكانية وجود الذهب الأسود في منطقة «اداو اكلول»، أكد المتحدث ذاته أنه من خلال الآليات المعتمدة، يتبين أن هناك احتمالا كبيرا لوجود البترول، لأنه لا يمكن ادخار كل هذه الآليات دون أن تكون للشركة الباكستانية التي تشرف على المشروع معطيات على وجوده، وأفاد العشرات بأن الدراسة حول هذا الموضوع انطلقت في 2009 وبينت النتائج التي تمخضت عن هذه الدراسة في 2013 إمكانية العثًور على البترول في هذه المنطقة. الشباب العاطل ومن خلال تصريحات بعض شباب المنطقة، والتي رصدتها «ًالمساء، بعين المكان، يشعر بعضهم بالغبن والظلم في الوقت نفسه، بسبب عدم الاعتماد عليهم في الأشغال الجارية، وأكد محمد بورغا، أحد شباب المنطقة، أنه لم تتم الاستعانة بخدمات شباب الجماعة، في حين فتحت الشركة المشرفة على المشروع الباب لشباب من جماعات أخرى، وهذا أمر غير معقول، حسب رأيه، وقال المتحدث نفسه: جميل أن يتم التنقيب عن البترول في جماعتنا، ولكن كان من اللازم فتح الباب للشباب العاطل عن العمل وتعويض الأهالي عن الأشجار التي تم اجتثاثها أخيرا. وقال المتحدث ذاته: «إذا كنا لا نعول بشكل كبير على تعويض الأشجار، لأن جلنا يشتغل في الملاحة البحرية، فهذا لا يعني التفريط في حقوق باقي الأسر»، وفي الوقت الذي صرح هذا الشاب صراحة بما يخالج صدره، فإن أحد الشيوخ في المنطقة اكتفى بالقول: «اسيدي هادشي تاع المخزن وما نقدو نقولوا عليه والو، وراه مزيان يقلبوا على البترول في هاذ المنطقة»، وأضاف المتحدث نفسه أن العديد من أهالي الجماعة غادروها، لانعدام فرص الشغل لأبنائهم. الفرص القليلة كل أحلام شباب قبائل حاحا تختصر حاليا في إمكانية اكتشاف الذهب الأسود، الحلم وإن كان مشروعا بالنسبة إليهم، فهو لم ينسهم صعوبة الحياة، وفي هذا السياق، يقول أحد الشباب الذي التقته «المساء» على هامش مهرجان أركان: «ماكرهناش يلقاو البترول في جماعة اداو كلول، لأن ذلك سيغير بدون شك من وجه هذه الجماعة والمناطق المجاورة لها، ولكن قبل ذلك لابد أن يتم إحداث مدارس قريبة للسكان، خاصة أن التلاميذ يقطعون مسافات طويلة للوصول إلى المؤسسات التعليمية». وقال شاب آخر في بلدية تمنار، التي تعتبر عاصمة قبائل حاحا وإحدى الجماعات القريبة ترابيا من جماعة اداو اكلول، إن فرص الشغل بالنسبة إلى شباب المنطقة قليلة جدا، بسبب عدم وجود مركبات صناعية في المنطقة، والنشاط الوحيد الذي يعتمدون عليه هو الملاحة البحرية، وأضاف «البحر هو فرصة الشغل الوحيدة المتوفرة لشباب المنطقة». وبعيدا عن الأحلام التي تراود سكان اداو كلول وتنمار بخصوص البترول، فإن بعض المواطنين غاضبون من تدهور البنيات التحتية في تنمار وشبيهتها، مؤكدين أنهم يعانون نقصا حادا في العديد من التجهيزات الأساسية، فالعديد من الأزقة غير معبدة، إضافة إلى النقص المسجل في المرافق الاجتماعية. ومن جهة أخرى، أكدت مصادر مسؤولة أن الوضع بدأ في التحسن نسبيا في تنمار، على اعتبار أن هناك مجموعة من المشاريع التنموية التي سترى النور مستقبلا، ومن بينها توسيع الشوارع وتأهيل الإنارة العمومية وإنجاز مستشفى عمومي ومحطة لتصفية المياه وتعبيد الطرق لمختلف الدواوير وإصلاح بعض المسالك، إضافة إلى توسيع جنبات الواد تفاديا للفيضانات. الرسائل الشفوية وإذا كان بعض المواطنين الذين التقتهم «المساء» يحلمون باكتشاف البترول في «إداو كلول»، فإن هذا لا يبعدهم عن الواقع الذي يعيشونه، مؤكدين أنه في حاجة ماسة إلى الكثير من المشاريع التنموية التي بإمكانها أن تكون البديل للعديد من الشباب الذي ينتظر الفرصة من أجل إثبات الذات، موجهين رسائل شفوية إلى السلطات العمومية من أجل الالتفاتة إلى قبائل حاحا، التي يحتفظ لها التاريخ بذكريات كثيرة لمجموعة من رجالاتها دفاعا عن استقلال المغرب في فترة الحماية. هكذا يعيش سكان جماعة «اداو كلول» على إثر التقسيم الجماعي لسنة 1992، أحدثت جماعة «إداو كلول» بعد انبثاقها عن الجماعة الأم لاداو تغومة، وسميت باداو كلول انتسابا لإحدى القبائل العريقة بحاحا، وهذا الاسم بربري، ومن أهم المدن القريبة منها الصويرة وأكادير، مساحتها الإجمالية 76 كيلومترا مربعا، يحدها شمالا بلدية تمنار وجماعة نمزكيدة أوفتاس وجنوبا جماعة سيدي أحمد اومبارك وشرقا جماعة اداوكازو وغربا جماعة تمزكيدة أوفتاس وأكادير. وتتعدى الأمية بهذه الجماعة 89 في المائة بالنسبة للنساء، وما يقارب 75 في المائة في صفوف الرجال، وأغلب سكان هذه الجماعة يمارسون الفلاحة أو الصيد البحري بالمناطق المجاورة أو في الأقاليم الجنوبية، أما النساء فجلهن يساعدن عائلاتهن إما في الأعمال الفلاحية أو الرعوية، وتتشكل تضاريس الجماعة من هضاب منبسطة وبعض الطرق غير المعبدة، والتي أصبحت غير صالحة بسبب التساقطات التي تتهاطل على المنطقة من حين إلى آخر، ويخترق وادي تسوكة الجماعة على مسافة تفوق 10 كلم، وقد يشكل خطرا على السكان في حالة هطول أمطار قوية. ويوجد في هذه الجماعة ثلاثة آبار, هي بئر اصوفيد وبئر بيكضي وبئر ايت الجديد، إلا أنها لا تتوفر على صبيب من الماء قار، حيث إنها تجف صيفا، ويؤكد مصدر مسؤول ل «المساء» أن مشكل الماء يشكل هاجسا بالنسبة إلى السكان، بسبب ندرته في بعض الأحيان. وتعتبر الدواب من الوسائل التي يعتمد عليها السكان في تنقلاتهم، والسبب يرجع إلى عدم تعبيد الطرق في دواوير هذه الجماعة، وبالنسبة إلى الكهرباء، فإن نسبة المنازل التي تتوفر على هذه الخدمة تصل إلى 90 في المائة، والسكن بجماعة اداو كلول تقليدي وغير منظم، وتنقسم الجماعة إلى قبيلتين هما اداوزويكو واداوكركان، وهما أشهر وأعرق القبائل بمنطقة حاحا. حميد عشرات: الجماعة لا تتوفر على معطيات دقيقة حول مشروع التنقيب - ما هي المعلومات الدقيقة المتوفرة لديك حول مشروع التنقيب على البترول في الجماعة التي تترأسها؟ نحن باعتبارنا جماعة ليست لنا أي دراية بهذا المشروع، والمعلومات التي نتوفر عليها قليلة، فحينما نطلب أي معلومات حول بعض القضايا لا نتوصل بها. - بعض شباب المنطقة متذمرون من عدم الاعتماد عليهم في بعض الأعمال المتعلقة بالتنقيب. صحيح, لقد فوجئنا أنه تم الاعتماد على بعض الشباب من خارج الجماعة بمبرر أنهم لهم دراية بهذا العمل، ونحن لم نعرف المعايير المعتمدة في هذه العملية. - ألا ترى أن عملية التنقيب تحتاج إلى يد عاملة مؤهلة، وأنه لا يمكن الاعتماد على شباب غير مؤهل في هذه العملية. هذا الكلام صحيح ، وحينما نطالب بإدماج الشباب في هذه الأعمال، فنحن نتحدث عن بعض الأشغال العادية جدا وليس عن الأمور المرتبطة بالتنقيب، فمجموعة من الأعمال لا تحتاج لأي تكوين أو تجربة ويمكن أن يقوم بها الجميع، ولا يجب أن يتم التنقيب على البترول على حساب مصالح السكان، فلابد من منحهم تعويضات مهمة لهم. - ما هو الدور الذي يمكن للجماعة القيام به في هذه الحالة دفاعا عن مصالح السكان؟ لابد أن يعرف الجميع أن الأمر يتعلق بملك خاص، ولا يمكن للجماعة التدخل في هذه القضية، إلا أن هذا لن يمنعنا من الدفاع عن حق الجماعة بخصوص الضرائب، ولابد من الاعتراف بأن هذا أول مشروع للتنقيب عن البترول في المنطقة، وليست لدينا معلومات دقيقة حول الطرق التي يتم التعامل بها في مثل هذه الحالات. رئيس جماعة إداو كلول