"شي بركة فهاد لعواشر"، "الله يتقبل صلاتك"، عبارات تتردد على مسامعنا من إشراقة الصباح إلى أن يرخي الليل سدوله، كلمات وعبارات تروم استعطاف المارة، وبين من يتمنى لك صياما مقبولا وآخر يدعو لك بالرزق والتوفيق في الحياة، يلجأ عدد من المتسولين إلى أساليب احترافية للوصول إلى جيوب المحسنين واستعطاف قلوبهم في هذا الشهر الفضيل. في العاصمة الرباط، تنتشر ظاهرة التسول بشكل متزايد منذ بداية شهر رمضان، حيث تتضاعف أعدادهم بشكل ملفت عن باقي شهور السنة. مواقع "التربص" بالمارة لا تختلف كثيرا بين متسول وآخر، ما دام أن غالبيتهم يقصدون أبواب المساجد، أو الأسواق حيث يمكن طلب مساعدة، وبعبارات تغترف من فضائل الشهر الكريم الشيء الكثير. "مسجد السنة" بالرباط يعتبر من أهم الأماكن التي تستقطب عددا كبيرا من المتسولين خلال شهر رمضان وتحديدا تزامنا مع أوقات أداء الصلاة. التقينا هنا "سعيد" حارس السيارات بالقرب من المسجد الموجود في القلب النابض لمدينة الرباط. سعيد يقضي يومه في حراسة السيارات مما يجعله يعرف جيدا الوجوه التي ترتاد المكان. يقول سعيد ل"لمساء": "بالطبع، عدد المتسولين الذين يقبلون على مسجد السنة يزداد خلال شهر رمضان مقارنة مع باقي أشهر السنة". ويضيف سعيد، وهو يراقب بين الفينة والأخرى موقف السيارات المكلف بحراسته: "تتوافد على باب المسجد جموع كبيرة من المتسولين، خاصة أثناء صلاة التراويح، إذ خلال هذا التوقيت بالضبط تنتشر النساء والأطفال والمعاقون.. في سباق حامي الوطيس على بوابة المسجد". سعيد يشير، أيضا، إلى أنه ليس كل من يأتي إلى المسجد ويلبس عباءة الفقير فهو فعلا يحتاج لمساعدة، بدليل أنه يعرف امرأة تحترف التسول أمام المسجد منذ 6 سنوات وفي الآونة الأخيرة سمعها تقول لأحد المارة بأنها لاجئة سورية بالمغرب وتحتاج إلى مساعدة عاجلة". ثم أضاف بنبرة تحمل كثيرا من التذمر أن المتسولين يتحايلون اليوم مستعملين اللهجة السورية للوصول إلى جيوب المارة. غير بعيد عن سعيد، تدخل "محمد" مقاطعا زميله، ليستنكر أفعال نوع آخر من المتسولين، الذين يقومون بإحضار أوراق طبية يزعمون من خلالها أنهم مصابون بأمراض خطيرة، وأنهم في حاجة لأدوية بشكل عاجل. ويؤكد "محمد" أن التسول باستعمال هذه الوثائق الطبية يجعل هؤلاء المتسولين محط شفقة، وبالتالي يصلون إلى جيوب الصائمين بشكل سهل. على مقربة من سعيد ومحمد تجلس أمام باب المسجد امرأة في حوالي الخمسين من عمرها بملابس رثة، والعرق يتصبب من جبينها. إنها "رقية" أم ل9 أطفال، وزوج توفي قبل سنوات. تقول بنبرة بعدما سمعت شيئا من حديث محمد وسعيد: "ليس صحيحا أن كل من يقصد هذا المكان يكذب وينتحل شخصية أخرى". أشاحت رقية ببصرها بعيدا وهي تشير إلى قطعة خبز تظهر من داخل حقيبتها، وهي تقول إنها كل ما تملك لوجبة الإفطار لهذه الليلة. توقفت ثم استطردت قائلة: "يوجد أشخاص فقراء فعلا كحالتي مثلا، لو أنني لم أذق الفقر والحاجة لما جلست في هذا الحر، لكن الله غالب". وتضيف: "أعرف بالأسماء أشخاصا يقصدون هذا المكان فقط في هذا الشهر لأنهم يعرفون أن الناس كرماء أكثر من الأيام العادية"، مشيرة إلى أنها تعرف سيدة لديها 3 بقع أرضية ومع ذلك تتسول وتدعي الفقر والعوز. وكانت دراسة قد أفادت بوجود 76% من المتسولين في العاصمة الرباط يفوق سنهم 35 عاما، 6% منهم أطفال و57% نساء و63% من أصول قروية و37% من أصول حضرية. كما حددت هذه الدراسة أسباب التسول في الفقر والمشاكل الصحية واستغلال العائلة للأطفال والمسنين في التسول. فاطمة بتغراصا (صحافية متدربة)