لم يعد مجموعة من سكان الدارالبيضاء، وخاصة الذين يعانون من الأمراض التنفسية قادرين على العيش بها، ولو تم تخيير الكثير منهم بين الاستقرار في وسط المدينة أو ضواحيها لما ترددوا لحظة في اختيار الحل الثاني، نظرا لنسب التلوث التي أصبحت تشتكي منها العاصمة الاقتصادية. وقال مصدر ل"المساء" إن المحافظة على البيئة ينبغي أن تشكل الانشغال الدائم لعموم المواطنين في مسلسل التنمية المستدامة، وعلمت "المساء" أن الاتفاقية التي وقعها مجلس جهة الدارالبيضاء مع وزارة إعداد التراب والماء والبيئة لتحسين جودة الهواء أسفرت عن إحداث محطات لمراقبة جودة الهواء بمناطق تعتبر بؤرا للتلوث في أفق تكريس الحق في العيش في بيئة سليمة والمحافظة على التراث الطبيعي والثقافي وجودة العيش بجهة الدارالبيضاء الكبرى. وأوضح بلاغ من مجلس الجهة أنه تمت برمجة مشاريع ذات بعد بيئي كتهيئة منطقة الشلالات وتهيئة ساحة المسجد المحمدي باعتبارهما من أهم المتنفسات المفتوحة في وجه ساكنة الدارالبيضاء، كما صادق أيضا على المساهمة في تهيئة المحمية الطبيعية لمدينة المحمدية وهو برنامج مندمج يهدف إلى الحفاظ على بعض الطيور النادرة بالإضافة إلى خلق إطار بيئي ملائم. وأضاف البلاغ أن المحافظة على التراث الطبيعي شغل مساحة مهمة من اهتمامات المجلس، حيث قام بدراسة وتهيئة منطقة غابة بوسكورة في سياق الرفع من قيمة الغابات المحاذية للمناطق الحضرية كما هو الشأن بالجماعة القروية المجاطية أولاد طالب، مما يؤشر، حسب البلاغ، على أهمية المكون البيئي ضمن برامج المجلس من أجل حماية البيئة والمحافظة عليها وتأمين تنمية مستدامة باعتبارها قيمة أساسية للمجتمع. وأصبحت بعض جمعيات المجتمع المدني منشغلة بدورها بهذا الهم، إذ يتم من حين إلى آخر تنظيم بعض الأنشطة التحسيسية حول موضوع البيئة في الدارالبيضاء من قبل بعض الجمعيات، ومن بين آخر الأنشطة التي تم تنظيمها مؤخرا في الدارالبيضاء ورش بيئي بحي البطحاء بعمالة مقاطعات الدارالبيضاء أنفا والذي شارك فيه أكثر من 120 متطوعا ومتطوعة، وشهد هذا الورش غرس بعض الأشجار وصباغة الأرصفة وتنظيم مرسم لفائدة أطفال الحي. وقال مصدر جمعوي إن هذه العملية لقيت استحسانا كبيرا من طرف التجار والسكان الذين شاركوا بدورهم في عمليات الصباغة والتنظيف. الورش المنظم من قبل جمعية التحدي للبيئة وبشراكة مع مقاطعة المعاريف وبدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تم تحت شعار "لأجل هواء نقي .. حافظوا على حدائق الحي". ويدرك الكثير من المهتمين بالمجال البيئي في الدارالبيضاء أن هذه المبادرات التي يقوم بها المجتمع المدني من حين إلى آخر لن تفي بالغرض، خاصة أن هناك الكثير من الأسباب التي تجعل العاصمة الاقتصادية مهددة بقنبلة بيئية، من بينها الارتفاع المهول في عدد السيارات، التي يتعدى عمر جلها عشر سنوات، وهي مدة تجعل السيارة بمثابة قنبلة بيئية تتجول وسط شوارع المدينة، إضافة إلى أن بعض الشركات الصناعية لا تحترم المعايير البيئية.