يعاني سكان مدينة الدارالبيضاء من العديد من الأمراض التي تسجل ارتفاعا مهولا في صفوف المصابين بها، سواء تعلق الأمر بالأمراض الصدرية والتنفسية أو سرطانات الرئة والجلد ... وغيرها، بفعل هواء المدينة الملوث الناجم عن انتشار المصانع والمعامل بشكل صارخ، في ظل غياب تصور لإحداث متنفسات بيئية ونتيجة لغياب شروط توفير هواء صحي وجيد، حيث تشير الإحصائيات التقريبية إلى أن حوالي 20 في المئة من البيضاويين يعانون من الأمراض التنفسية، أكثر من 52 يعانون من حساسية الأنف .. هذا في الوقت الذي كانت فيه العديد من الدراسات قد أشارت إلى تدهور وضعية الهواء في العاصمة الاقتصادية ونواحيها، نتيجة لارتفاع نسبة استعمال وسائل النقل، التي تستخدم وقودا يحتوي على الرصاص وعلى مادة «ديوكسيد الكبريت»، بالإضافة إلى النشاط الاقتصادي المكثف الذي يقدر بحوالي 50 في المائة من النشاط الصناعي في المغرب، مما يؤدي، حسب وحدة قياس التلوث الصناعي، إلى تلوث الهواء بنسبة 100 ميكروغرام في المتر المكعب الواحد، في حين أن القياس المعتمد من الاتحاد الأوربي لا يتجاوز 40 ميكروغراما في المتر المكعّب، في أقصى الأحوال. معطيات بيئية قاتمة دفعت إلى إقامة مجموعة من محطات مراقبة جودة الهواء بمناطق تعتبر بؤرا للتلوث، وذلك بناء على اتفاقية تم التوقيع عليها بشراكة بين مجلس جهة الدارالبيضاء الكبرى ووزارة إعداد التراب والماء والبيئة، وذلك من أجل العمل على تحسين جودة الهواء، وهي الخطوة التي من المنتظر أن ترافقها خطوات أخرى لمواجهة اعتلال هواء البيضاء ونواحيها، وذلك من خلال برمجة مشاريع ذات بعد بيئي كتهيئة منطقة الشلالات وتهيئة ساحة المسجد المحمدي بدرب السلطان، باعتبارهما من أهم المتنفسات المفتوحة في وجه ساكنة الدارالبيضاء، إلى جانب المساهمة في تهيئة المحمية الطبيعية لمدينة المحمدية، التي تندرج، وفقا لمصادر الجريدة، في إطار برنامج مندمج يهدف إلى الحفاظ على بعض الطيور النادرة بالإضافة إلى خلق إطار بيئي ملائم، وكذا الاهتمام بالإطار الغابوي المحاذي للمناطق الحضرية كما هو الشأن بالجماعة القروية المجاطية أولاد طالب، وغابة بوسكورة التي خضعت لدراسة من أجل تهيئتها.