دشنت الشرطة البيئة عملها بالدار البيضاء أواخر نونبر المنصرم، البداية كانت مع الأزبال والذبيحة السرية. فرقة أمنية جديدة عهد لها التصدي للجرائم البيئية التي تُنتهك يوميا في شوارع في العاصمة الاقتصادية وتسيء إلى صحة البيضاويين ومورفولوجيا المدينة، المقاربة الزجرية والغرامات، لها دورها في إعادة رونق المدينة المفقود، لكنه لن يتأتى دون جهود كل الفاعلين، من مجتمع مدني ومواطنين، لتغيير سلوكاتهم ونمط تعاطيهم مع بيئتهم. مادة تقديمية تلوث للهواء، أزبال، نفيات صناعية… مظاهر طالما تسائل البيضاويون لماذا لازالت تؤثث أحيائهم وتسيء إليها جماليا، ومدينتهم الأغنى وطنيا من حيث الموارد، والمرشحة لأن تكون قطبا ماليا إفريقيا. مظاهر استأثرت باهتمام نشطاء الجمعيات البيئية، التي تحاول رغم إمكانيتها المحدودة التصدي لهذه المعضلة البيئية بالعاصمة الاقتصادية، من خلال الحملات التحسيسية. التوعية ليست كافية لمدينة مترامية الأطراف في حجم الدار البيضاء، ولكن لن تكون ذات فعالية دون آلية زجرية تضبط جرائم ومرتكبي المخالفات البيئية، لضمان استفادت المواطنين من العيش في بيئة سليمة والحق في التنمية المستدامة، كما نص على ذلك الدستور الجديد، من هنا كان ميلاد الشرطة البيئية التي انطلقت في العمل أواخر نونبر الجاري بكل من الدار البيضاءوالمحمدية، ليتنضاف سواعد عناصرها إلى جهود جمعيات البيئة. الفرقة الأمنية الجديدة أوكلت لها مهمة رصد المخالفات والتحقيق في الجرائم البيئية، وتقديم المخالفين إلى النيابة العامة المختصة، ستعمل تحت إشراف مصلحة مركزية بالمديرية العامة للأمن الوطني، بعدما خضع أفراد هذه الفرقة الأمنية لتدريب تخصصي بالمعهد الملكي للشرطة لمدة أسبوعين، في شتنبر المنصرم، جمعت مابين الجانب النظري والتطبيقي، والمجالات والميادين المرتبطة بحماية البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية. عمل كبير ينتظر الفرقة الأمنية في العاصمة الإقتصادية، التي تقع في مساحة تصل 873 كلم مربع، وشريطا يبلغ 50 كلم، هذه المعطيات الجغرافية في خريطة الدار البيضاء، تخفي من ورائها خارطة أخرى تضم مجموعة من النقاط السوداء للأزبال والنفايات الصناعية ومناطق هوائها ملوث، أو ترتكب فيه جرائم بيئية يومية كنهب الرمال، أخرى صحية مرتبطة بالأغذية كنشاط «مافيا» الذبيحة السرية التي تنشط بأحياء الدار البيضاء، وتغرق الأسواق بلحوم ذبحت في وسط أقل ما يمكن وصفه به أنه غير صحي. مهام جسيمة ستضطلع بها الشرطة البيئية، لكنها لن تكون ذات جدوى دون أن تتغير سلوكيات المواطنين التي تشكل جزءا مهما في مشاكل الدار البيضاء البيئية وغيرها من المدن بالمغرب. أحياء الصفيح،ودرب غلف،…. معاقل للذبيحة السرية بالبيضاء دشنت الشرطة البيئية عملها بالدار البيضاء، أواخر نونبر الماضي على صعيد ولاية أمن الدار البيضاء، وأمن المحمدية، من بين النقاط السوداء التي استهدفتها بالعاصمة الاقتصادية أسواء غير قانونية تسوق فيها لحوم الذبيحة السرية، إذ تم حجز خروفين وعشرات الكيلوغرامات من اللحم مجهول المصدر بسوق الزاوية بقطاع درب غلف بالدار البيضاء. تدخل كان بمثابة إنذار لتجار الذبيحة السرية بالدار البيضاء، الذي يزالون نشاطهم بكل حرية، وعينهم على الحملات الموسمية التي يشنها الأمن، التي تفضي غالبا إلى حجز أطنان من اللحوم المذبوحة ، تستهلك خارج المراقبة الطبية ولها زبائن عديدون بالعاصمة الاقتصادية. درب غلف الذي يرتبط اسمه بالقرصنة، يرتبط كذلك بنشاط جزاري الذبيحة السرية، لكن ذلك لا يعفي وجود «زملاء» لهم في الحرفة، متواجدين بقطاعات أخرى بالدار البيضاء كسيدي معروف بالمجموعة السكنية المستقبل غير بعيد عن المقاطعتين الإدارية والجماعية، إذ لا يقتصر وجود الذبيحة السرية على «زاوية» درب غلف وسوق ولد امينة بالحي الحسني، وإنما توجد أيضا في أحياء راقية بآنفا مرورا بحي «ليساسفة» و«فيرارة» و«دلاس» بعمالة الحي الحسني، و«درب السبليون» بعمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان. وتباع لحوم الذبيحة السرية في «سيدي مومن» و»أناسي» و«الأزهر» بعمالة سيدي البرنوصي، وفي «فران الحلوة» بعمالة ابن امسيك. الذبيحة السرية تنشط أيضا في أحياء أخرى كالحي المحمدي، وسيدي مومن الذين يعرفان إحدى أكبر التجمعات للصفيحية بالعاصمة الاقتصادية، التي تحفل باصطبلات للماشية، يملكها جزارون من سكان هذه المناطق، استطاعوا إغراق حتى الأسواق الممتازة بلحوم الذبيحة، والافلات من المراقبة الأمنية، رغم إحداث السلطات دوريات لمراقبة الذبيحة السرية بالتنسيق مع مصالح حفظ الصحة، لكن مروجي هذه اللحوم سرعان ما فطنوا للرقابة الأمنية وغيروا استراتيجياتهم، وأصبحوا بذلك لا يشرعون في ترويج اللحوم المشكوك في سلامتها الغذائية إلا في فترة ما بعد الظهر، طالما أن دوريات المراقبة غالبا ما ينحصر مرورها التفقدي لبعض النقاط السوداء ما بين ال11 صباحا والواحدة بعد الزوال. كما أن دوريات المراقبة التي تسخرها ولاية البيضاء، لمراقبة الظاهرة تواجه صعوبات، كقلة عدد التقنيين البيطريين الذين لا يتجاوز عددهم 8 أطباء بيطريين، يعملون داخل المجازر البلدية، وفي الوقت نفسه يقومون بدوريات لمحاربة الذبيحة السرية دون أن يتقاضوا تعويضا عن هذا العمل الإضافي، مما يبرر رفضهم القيام بدوريات مراقبة في فترة ما بعد الظهر وفي عطلة نهاية الأسبوع، الشيء الذي يُؤشر على وجود عمل كبير ينتظر الشرطة البيئية وهي تقتفي نقاط بيع لحوم الذبيحة السرية بالدار البيضاء. أوكسيجين سام بسبب مصانع وسيارات الدار البيضاءوالمحمدية «تلوث الغذاء» التي تجسده الذبيحة السرية، ليس وحده هاجس فرقة الشرطة البيئية بالدار البيضاء، بل ستنضاف إليها، مهام أخرى تتجلى في رصد تلوث الهواء بالبيضاء، التي تعتبر منطقة منكوبة بالمغرب بالنظر لمستويات التلوث التي تفوق المسموح به دوليا! معطيات أكدتها قبل أربع سنوات دراسات قامت بها كل من «كازايربول» ومديرية الارصاد الجوية عن وجود ثلوث بالعاصمة الاقتصادية، وهو نفس الشيء الذي أكدته دراسة خارجية لمؤسسة «سيمنس» حول المدن، بل الأكثر من ذلك فان مديرية الارصاد الجوية الوطنية قامت وقتئد تبعا لدراستها السالفة الذكر بالتعاون مع المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد للتعرف اكثر على معطيات الامراض الناتجة عن التلوث التي يستقبلها المركز. بالمحمدية وبالضبط بعين حرودة يعاني أغلب السكان أمراض الحساسية والربو بسبب التلوث الذي تعرفه المنطقة من كل الجوانب والناتج عن وجودها كشركات كريسطال وشركة التبغ «ألطاديس» و«أسنيب» و «سامير» بالعديد من الأحياء السكنية كالعالية، حي الصفريوي، دوار جامايكا، هواء ملوث يتمظهر من خلال أدخنة سامة تنتشر في منتصف الليل، سرعان ما يتحول إلى غبار أسود يلتصق بالغسيل. حظيرة السيارات والشاحنات وحافلات النقل الحضري، التي يقارب عددها المليون عربة التي تجوب يوميا المدينة أغلبها عمرها اكثر من 12 سنة تنفث محركاتها من نوع الديازل ثاني اكسيد الكاربون، الذي يساهم في نشر التلوث، سيما في المنطقة الصناعية عين السبع، وشركة سامير بالمحمدية، حسب دراسة أعدتها قبل حوالي أربع سنوات وزارة اعداد التراب الوطني، اعتمادا على ما تم قياسه بمحطتي مراقبة جودة الهواء بكل من محطة نادي السكك الحديدية بعين السبع ومحطة المحمدية. شواع تئن تحت الأزبال ومخلفات أوراش البناء! باستثناء شوارع أنفا 2 مارس، المسيرة الخضراء، وكورنيش عين الذئاب نقط ضوء خافتة في البيضاء، التي تمتاز بالنظافة وسط الدار البيضاء، فيما ترزح أحياء في الدار البيضاء تحت الأزبال، تارة لأنها لم يرد اسمها دفتر تحملات النظافة الموقع بين شركات النظافة التي دبرت القطاع تحت إشراف مجلس المدينة،، أو تنتمي لدور الصفيح، وبأسواق عشوائية غير مهيكلة تصرف بقايا الطيور المذبوحة وفضلاتها، وبقايا فواكه وخضر، ولا يقتصر الأمر فقط على فضلات الأزبال، بل إنضافت إليها نفايات أخرى تشوه الشوارع الرئيسية، والأزقة والساحات الخالية والأراضي غير المبنية على قلتها بالدار البيضاء، يتعلق الأمر هنا بمخلفات أوراش البناء، التي يعمد أصحابها إلى الاستعانة بشاحنات أو دراجات الدفع الثلاثي «تربورتور»، بل وحتى العربات التي تجر الدواب، ليتم التخلص من بقايا الآجر والزليج والجبس بالقرب من حاويات القمامة، يمتنع عمال النظافة على حملها لأنها لا تدخل دائرة اختصاصهم، وتنتشر بذلك وسط الأحياء، كما يتم التخلص من هذه النفايات بالقرب من الإقامات السكنية حديثة الإنشاء. التطهير: المشكل القديم الجديد من بين الملفات البيئية التي مازالت تقض مضجع البيضاويين، مشكل التطهير السائل بالمدينة، ومياه الأمطار التي تحول مناطق من البيضاء إلى برك مائية كبيرة تعرقل حركة السير، وصعوبة التخلص منها، بالإضافة إلى مشكل تلوث مياه الشرب، الذي تناقلته الألسن واختلطت الحقيقة بالخيال، بين ما يراه السكان يخرج من صنابيرهم، وتفنيد «ليديك» منذ سنة 2009، قبل أن يفضح الأمر تقرير المجلس الأعلى للحسابات سنة 2009، ما حدت ببعض المنتخبين إلى رفع دعوى قضائية ضد الشركة بعد تراكم الشكايات ضد «ليدك»، إذ أكد العشرات من البيضاويين في شكاياتهم لكل من مجلس المدينة و الشركة أن مياه الشرب تغير لونها إلى الأحمر، كما أن مذاقها غير طبيعي. الشركة أكدت مرارا أنها بصدد شبكة التطهير السائل المتآكل بالمدينة والذي يعود إلى ما بعد الاستعمار، في ما لا تزال نسبة تصفية المياه المستعملة، ضعيفة جدا، إذ لا تتجاوز 45 بالمائة بالدار البيضاء، بالرغم من خروج محطة لتصفية المياه العادمة بمديونة، التي تعتبر الأولى بالمغرب وفي شمال إفريقيا، من أجل إعادة استعمال المياه العادمة بعد معالجتها من أجل السقي الزراعي». في الوقت الذي تم الإعلان عن التطهير الكامل لمدينة الرباط، بنسبة بلغت 100 بالمائة، سواء في الربط بقنوات الصرف الصحي، أو في مجال تصفية المياه المستعملة، لكن هذا لا يمنع من كون هذه المياه المستعملة، يستفيد فيها البعض في ضواحي البيضاء، في الزراعة وبالتالي لها أثرها الصحي الوخيم على صحة البيضاويين وتلك حكاية أخرى. نهب للرمال في شواطئ الضواحي وجه آخر للإجرام في حق البيئة، يمثله شاطئ سيدي رحال ضواحي الدار البيضاء، التابع لعمالة برشيد. كان في سنة 1975، يتوفر على شاطئ علوي مكون من كثبان رملية ضخمة على طول الساحل في شكل شريط يقارب طوله 8 كلم، و عرضه أزيد من 200 متر، و علوه يتراوح ما بين 10و 60 مترا، كانت هذه الكثبان الرملية تحجب الساكنة عن رؤية البحر، و كان على الراغب في زيارة الشاطئ تسلق مرتفعات من الرمال، و السير فوقها مسافة تتعدى 150متر قبل النزول إلى مجال تراقص الامواج. خريطة حالية بالقمر الاصطناعي ومعاينة ميدانية للشاطئ، تظهر أن كل الكثبان الرملية الضخمة التي كانت تؤثث الشاطئ، اختفت جراء تعرض الثروة الرملية الساحلية للشاطئ للاستنزاف من طرف مافيا نهب الرمال بالمنطقة. هذه المعطيات العلمية هي خلاصة أبحاث ومعاينات ميدانية للدكتور يوسف بلوردة مختص في التدبير المجالي والتنمية، ورئيس المكتب المركزي للجمعية المغربية لحماية البيئة والتنمية المستدامة. حاليا توجد بشاطئ سيدي رحال، أزيد من 10 مقالع رملية غير قانونية يتم نهب الرمال منها بنفس الطريقة، يتم حسب تقديرات الدكتور بلوردة نهب حوالي10 أمتار مكعبة منها على الأقل. هذا الاستنزاف نتنج عنه اجتياح بحري للحقول الزراعية المجاورة للساحل، ويؤكد ذلك بواقعة حدثت في يناير 1996، عندما عرف شاطئ سيدي رحال زخات مطرية مهمة، صاحبها هبوب رياح قوية، نتجت عنها ارتفاع منسوب المياه البحرية، و تجاوزت المياه حدود مجال تراقص الأمواج، ولأن الرمال نهبت ولم يصبح لها وجود، وعوضتها الصخور، تدفقت المياه بغزارة لتغرق جانبا من الحقول الزراعية القريبة من الشاطئ. مؤطرات: أجهزة قياس عتامة العادمات يقترب عدد السيارات والشاحنات والحافلات التي تجوب يوميا شوارع الدارالبيضاء من رقم المليون أكثر من نصف مليون منها تتحرك في أوقات الذروة لتعلن الدار البيضاء مدينة منكوبة بسبب حالة الازدحام عبر طرح ثاني أوكسيد الكربون أهم ملوثات الهواء ، هذا بالإضافة إلى تلوث الهواء الناتج على انبعاث الغازات من السيارات والحافلات المتهالكة السبب الرئيسي لتلوث هواء المدن، لهدا الغرض، أدخلت الشرطة البيئية في عملها أجهزة لقياس عتامة العادمات، يمتاز هذا الجهاز جهاز قياس العادمات المراقبة المستمرة لدخان السيارات تنبيه أصحاب السيارات المخالفة بضرورة إجراء الإصلاحات اللازمة للحد من انبعاث الغازات من العادم، وتقاس الهيدروكاربونات بمقارنة نسبة الكربون الموجودة في الغازات المنبعثة إلى نسبة الكربون في البنزين أو الديازال، ومن أهم العناصر التي يتم قياسها:غاز ثاني أوكسيد الكبريت، أوكسيد النيتروجين، اول أوكسيد الكربون، غاز الأزون، غاز كبريتيد، الهيدروجين، غاز الميثان والهيدروكاربون، إذ يتم حشو أنبوب مرتبط بجهاز قياس عتامة العادمات، بدوره مرتبط بحاسوب دقيق، سرعان ما يقيس نسب الغازات السامة المطروحة من العادم، وتحرير مخالفات بالنسبة للسيارات المخالفة. 7 مراكز لمراقبة التلوث بالدار البيضاءوالمحمدية حاليا توجد بمدينة الدارالبيضاء7 محطات لمراقبة مستوى تلوث الهواء بالنقاط التالية تابعة لمديرية الأرصاد الجوية وهي : مقر مستشفى الاطفال ابن رشد، مقر نادي مكتب السكك الحديدية بعين السبع، ومقر مستشفى سيدي عثمان، ومحطة ولاية الدارالبيضاء بساحة محمد الخامس، وثانوية الجاحظ بعمالة الفداء، ومقر عمالة المحمدية محطة ثانوية الخنساء بالمحمدية، ستتعين بها الشرطة البيئية لرصد مستويات التلوث البيئي بهذه المناطق ومراقبة حركية السيارات التي تتوفر على عوادم تنفث دخانا يلوث البيئة. تلوث الهواء. أنس بن الضيف