كشف استطلاع أنجزه مكتب الدراسات «سينيرجيا» في مارس الماضي لدى عينة متكونة من 600 مستخدم ومتقاعد من مجموع المغرب عن جهل كبير وسوء معرفة من قبل المستفيدين من التغطية الصحية الإجبارية. وأكد 40 في المائة من الأشخاص الذين أودعوا ملفاتهم من أجل الحصول على التعويض عن المرض بأنهم واجهوا مشاكل في تسبيق المصاريف للاستفادة من الاستشارة الطبية أو مصاريف طبية أخرى، وهو ما يشكل(تسبيق المصاريف) عائقا أساسيا أمام الحصول على العلاجات الضرورية للتمتع بتغطية صحية ملائمة. ورغم أن التغطية الصحية الإجبارية تشمل أزيد من 6.5 ملايين منخرط، بعد ثلاث سنوات من إقرارها، فإن 77 في المائة من المستجوبين أكدوا أنه لم يسبق لهم أن تم إعلامهم بحقوقهم في إطار هذه التغطية. ويرى 71 في المائة من المستفيدين من التغطية الصحية الإجبارية أن النظام يتمتع بالمصداقية، في حين أن 67 في المائة لم يسبق لهم أن تقدموا بملفات تعويض لتعقد الإجراءات والمساطر، ولأنهم يجهلون طبيعة الإجراءات وقائمة الأمراض المتكفل بعلاجها، كما أنهم، تؤكد نفس الدراسة، لا يثقون في النظام الصحي في المغرب. وأبانت الدراسة عن أن التغطية الصحية الإجبارية غير مستوعبة بالشكل الأمثل من قبل الساكنة المعنية، وأنه لا بد من بذل جهود في الإخبار وتسهيل الوصول إلى العلاج، من خلال وضع آليات لتخفيف الروتين الإداري على المرضى، وكذا تخفيف عبء المبالغ المالية الهامة التي يتعين على المريض دفعها مسبقا في انتظار التعويضات عنها. ويرى البروفيسور إدريس جميل، رئيس إغاثة مرضى التهابات الكبد الفيروسي والمتحدث الرسمي باسم التجمع الجمعوي «ربيع الصحة»، أن» هذه الدراسة توضح مدى أهمية التعريف بالتغطية الصحية الإجبارية والتواصل بشكل مكثف حولها، ومن أجل تحقيق هذا الهدف يجب على الجهات الفاعلة في مجال التغطية الصحية الإجبارية توحيد جهودها مع جمعيات المرضى ووسائل الإعلام لإيصال المعلومات عن قرب وللتعريف بالتغطية الصحية الإجبارية لدى المرضى، ومن هنا جاءت أهمية تنظيم أيام تحسيسية وحملات إعلامية على شاكلة "ربيع الصحة". ومن المهم التأكيد في هذا السياق على أن سياسة التكفل الصحي المنتهجة في المغرب لتغطية الأمراض الخطيرة (الأمراض طويلة الأمد والخطيرة ) ينبغي أن تأخذ في الاعتبار معاناة المرضى وأن تتجاوز ثقل الأرقام المرتفعة التي تسجل في بعض صناديق التعويضات الاجتماعية، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن 35 مليون شخص توفوا في عام 2005 نتيجة لهذه الأمراض، ومن المتوقع أن يزيد هذا العدد بنسبة 17 في المائة خلال العشر سنوات القادمة، ويضم المغرب حاليا 3 ملايين شخص مصابين بهذه الأمراض الخطيرة، ومن المرتقب أن ينحو هذا الوضع صوب التفاقم في ظل التغيرات الديمغرافية وأسلوب الحياة الذي يعرفه المغرب. وسيشكل «ربيع الصحة» الذي سينعقد يوم 16 أبريل الجاري مناسبة لتبادل الآراء وفتح النقاش بين مهنيي الصحة وأنظمة التعويضات، وممثلي المؤسسات الاجتماعية والمرضى، واقتراح توصيات ملموسة حتى يتم تجاوز مرحلة تعثر العلاجات في أفق تعميم النظام.