بايتاس: الحد الأدنى للأجور سيرتفع ابتداء من فاتح يناير... ونفقات الموظفين سترتفع إلى 192 مليار درهم    توقيف القاضي العسكري السابق المسؤول عن إعدامات صيدنايا    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الإغلاق على وقع الإرتفاع    خلفا لبلغازي.. الحكومة تُعين المهندس "طارق الطالبي" مديرا عاما للطيران المدني    المديرية العامة للضرائب تمدد العمل خلال السبت والأحد بشبابيكها لتسهيل التسوية الطوعية للوضعية الجبائية قبل نهاية 2024    نتانياهو يؤكد استمرار ضرب الحوثيين    احوال الطقس بالريف.. استمرار الاجواء الباردة وغياب الامطار    السرطان يوقف قصة كفاح "هشام"    المغرب ينتج 4000 طن من القنب الهندي في 2024 دون خروقات قانونية    بشرى كربوبي تحتل المركز الخامس كأفضل حكمة في العالم لسنة 2024    قبل مواجهة الرجاء.. نهضة بركان يسترجع لاعبا مهما    الكلاع تهاجم سليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين المدانين في قضايا اعتداءات جنسية خطيرة    حقوق الضحايا ترفض التشهير وتطالب بحفظ كرامة ضحايا الاعتداءات الجنسية بالمغرب    مدرب غلطة سراي: زياش يستعد للرحيل    تحديد فترة الانتقالات الشتوية بالمغرب    "الجبهة المغربية": اعتقال مناهضي التطبيع تضييق على الحريات    في تقريرها السنوي: وكالة بيت مال القدس الشريف نفذت مشاريع بقيمة تفوق 4,2 مليون دولار خلال سنة 2024    ستبقى النساء تلك الصخرة التي تعري زيف الخطاب    العسولي: منع التعدد يقوي الأسرة .. وأسباب متعددة وراء العزوف عن الزواج    جلالة الملك يحل بالإمارات العربية المتحدة    نشرة انذارية.. تساقطات ثلجية على المرتفعات بعدد من مناطق المملكة    مجلس الجالية يشيد بتبسيط إجراءات توثيق الزواج وإيجاد حل بديل بشأن التوارث في حالات الزواج المختلط    حصاد سنة 2024.. مبادرات ثقافية تعزز إشعاع المغرب على الخارطة العالمية    المغرب يفاوض الصين لاقتناء طائرات L-15 Falcon الهجومية والتدريبية    "زوجة الأسد تحتضر".. تقرير بريطاني يكشف تدهور حالتها الصحية    330 مليون درهم لتأهيل ثلاث جماعات بإقليم الدريوش    سرقة مجوهرات تناهز قيمتها 300 ألف يورو من متجر كبير في باريس    أبناك تفتح الأبواب في نهاية الأسبوع    المحافظة العقارية تحقق نتائج غير مسبوقة وتساهم ب 6 ملايير درهم في ميزانية الدولة    بيت الشعر ينعى محمد عنيبة الحمري    غياب الطبيب النفسي المختص بمستشفى الجديدة يصل إلى قبة البرلمان    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    تعاونيات جمع وتسويق الحليب بدكالة تدق ناقوس الخطر.. أزيد من 80 ألف لتر من الحليب في اليوم معرضة للإتلاف    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    "ال‬حسنية" تتجنب الانتقالات الشتوية    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    الثورة السورية والحكم العطائية..    الضرورات ‬القصوى ‬تقتضي ‬تحيين ‬الاستراتيجية ‬الوطنية ‬لتدبير ‬المخاطر    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتخابات 2015.. خلفيات الصراع الخفي بين حزب بنكيران والداخلية
لكريني: سلامة الانتخابات لا ترتبط بوزارة الداخلية وإنما تسائل الأحزاب
نشر في المساء يوم 23 - 06 - 2014

كشفت الخرجات الصحافية الأخيرة لقياديين في حزب العدالة والتنمية، بشأن الجهة المكلفة بالإشراف على تنظيم أول انتخابات للمجالس الترابية في ظل دستور المملكة الجديد، عن صراع بين حزب رئيس الحكومة ووزارة الداخلية.
وبدا جليا، خلال الأسابيع الماضية، أن هناك محاولات جادة من إسلاميي المؤسسات لسحب البساط من تحت ما درج على نعته ب»أم الوزارات»، وهي التي ظلت منذ استقلال المغرب المشرفة على العملية الانتخابية، إذ دفع أعضاء الأمانة العامة للحزب خلال اجتماعاتهم، وكذا أكثر من قيادي في حزب العدالة والتنمية، من خلال تصريحات صحافية، في اتجاه المطالبة بسحب صلاحيات الإشراف على الانتخابات المزمع تنظيمها في صيف 2015 من الوزارة ومنحها لرئاسة الحكومة، على اعتبار أن وزير الداخلية يشتغل تحت وصاية رئيس الحكومة، بل إن عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب، لم يتوان عن بعث رسائل واضحة إلى من يهمه الأمر، حينما قال في لقاء حزبي: «أنا رئيس الحكومة ورئيس وزير الداخلية».
ولئن كانت بعض أحزاب أغلبية عبد الإله بنكيران، خاصة حزبي التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، لا تشاطر حليفها الإسلامي موقفه من وزارة الداخلية، حيث لا ترى مانعا من أن تكون المحطة الانتخابية لصيف 2015 تحت إشراف وزارة الداخلية، إلا أن الظاهر أن ل»إخوان بنكيران» أسباب تدفعهم في اتجاه التحفظ ورفض تدبير الوزارة للنزال الانتخابي.
ويأتي على رأس الأسباب التي يدفع بها الإسلاميون لإقناع حلفائهم وغيرهم بمطلب انتزاع ورقة الانتخابات من الداخلية، تخوفهم مما يعتبرونه تحكما، ومن تكرار سيناريو الانتخابات الجماعية لسنة 2009، التي انتهت بتصدر حزب الأصالة والمعاصرة، حديث الولادة آنذاك، للمشهد الحزبي، متفوقا على أحزاب عتيدة خبرت لعبة صناديق الاقتراع.
مخاوف العدالة والتنمية تبدو أكثر وضوحا في حديث عبد العزيز أفتاتي، رئيس لجنة النزاهة بالحزب الإسلامي، ل«المساء» بقوله: «لا يمكن الاطمئنان لإشراف جهة واحدة على الانتخابات في هذه الظرفية التي تعرف انتقالا ديمقراطيا.. يجب أن يكون توافق على توسيع الجهات المشرفة لكي لا تكون هناك انتخابات مطعون فيها. هذا مطلب عدد من الأحزاب المعتبرة التي تعتمد على إرادة الشعب ومستعدة للتنافس بناء على ذلك». وبالنسبة لبرلماني العدالة والتنمية، فإن حزبه يتحفظ على إشراف وزارة الداخلية بمفردها على العملية الانتخابية، إذ يرى ضرورة «أن تكون إدارات الدولة حاضرة بفاعلية وبحكم الاختصاص، ويكون القضاء حاضرا ولجنة وطنية ولجان إقليمية وملاحظين وطنيين ودوليين».
مخاوف أفتاتي لا تقتصر على تفرد وزارة الداخلية بالإشراف على الانتخابات، ولكن تتعداه إلى حد اتهام الدولة العميقة بالحشد لغريم حزبه السياسي، حزب الأصالة والمعاصرة، للفوز في انتخابات المجالس الجماعية المنتظر إجراؤها في صيف 2015. وحسب برلماني الحزب الإسلامي المثير للجدل، فإن «الدولة العميقة تحشد لفائدة «البام».. وهي التي أوعزت إليهم الخروج للإعلام للصياح والتباكي على شفافية ونزاهة الانتخابات والإكثار منهما، فيما تتكلف تلك الدولة بعملية «التحياح»»، مشيرا في تصريحاته للجريدة إلى أنه « تجري حاليا عملية «صبغ» للمستشارين بألوان «البام»، واستعمال لإمكانات صندوق التجهيز الجماعي لدعم مشاريع رؤساء الجماعات المنتمين إلى كارتيل المتأيرسين وصحاب الشكارة والمال المشبوه، وكذا تمكينهم من منشآت الدولة وإمكانات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية».
وإذا كان البعض يرى أن حزب العدالة والتنمية يشن منذ أسابيع، بناء على تعليمات من أمينه العام، حملة سياسية وإعلامية ضد وزير الداخلية، محمد حصاد، وذلك من أجل تقليص صلاحيات وزارته بخصوص الإشراف على العملية الانتخابية، فإن المطلب الذي عبر عنه حزب رئيس الحكومة ليس مطلبه وحده، وإنما هناك أحزاب أخرى له من قبيل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاستقلال، اللذين أصدرا بيانا هددا من خلاله بمقاطعة الانتخابات إذا ما ظهرت هناك دعوة للتحكم والتدخل في إرادة الناخبين، حسب إدريس لكريني، أستاذ الحياة السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش.
وبرأي أستاذ الحياة السياسية، فإنه لا يتعين اختزال الإشكالات المرتبطة بالتحكم بالجهة المشرفة على الانتخابات، مشيرا في تصريحات ل»المساء» إلى أنه «من المطلوب ألا تهيمن الداخلية على مسار العملية الانتخابية، وإن كان دورها أساسي من حيث الجوانب التقنية واللوجستيكية، إلا أن إشرافها على العملية الانتخابية يتعين أن يتم وفق مقاربة تشاركية وبوجود عدد من الفاعلين الحريصين على نزاهتها. الرهان ليس مرور الانتخابات أو نسبة المشاركة المرتفعة، وإنما مدى سلامة الانتخابات التي يفترض أن تعبر عن إرادة الناخب باعتبارها آلية للمشاركة والتأثير في القرارات». ويذهب لكريني إلى أن هذا الرهان لا يسائل الحكومة أو حزبا بعينه، وإنما المغاربة ككل، وأنه يقتضي فتح نقاش ومشاورات يشارك فيها الجميع (أكاديميين، وأحزاب سياسية، ونقابات، وإعلام...)، وقال: «هذا هو النقاش السياسي الذي يمكن من خلاله تجاوز كل المخاوف والانتقادات، أما أن ينحصر النقاش بين حزبين يعتبران نفسيهما المعنيين فهو جنوح نحو التحكم من جديد».
وبالنسبة لأستاذ الحياة السياسية، فإن «سلامة الانتخابات لا ترتبط بوزارة الداخلية، وإنما تسائل الأحزاب إن كانت قد أعدت برامج انتخابية تواكب التحولات واقتربت من المواطن؟ وهل استطاعت أن تقف عند مكامن الخلل في تدبير الشأن المحلي؟ وهل انفتحت على النخب والطاقات الكفأة، خاصة في ظل توجه المغرب نحو الجهوية التي يتعين أن تكون مشتلا لإنتاج نخب جديدة؟». ويرى لكريني أن الدعوة إلى أن تكون الاستحقاقات الانتخابية القادمة أكثر نزاهة وسلامة، تجد مبرراتها في المقتضيات الدستورية الجديدة المرتبطة بربط المسؤولية بالمحاسبة، ودعم التشاركية، داعيا إلى مراجعة جميع التشريعات (الميثاق الجماعي، قانون الانتخاب، الجهة) بما يواكب روح الدستور الجديد.
وإذا كان رئيس الحكومة قد أمسك، خلال الاجتماع الذي دعا إليه قيادات الأحزاب السياسية، يوم الخميس الماضي، العصا من وسطها، بتأكيده أنه سيشرف من الناحية السياسية على الاستحقاقات القادمة، فيما سيوكل إلى وزير الداخلية مهمة التتبع التقني للعملية الانتحابية، فإن السؤال الذي يطرحه المتتبعون هو: هل تستطيع الدولة والأحزاب ربح رهان تنظيم انتخابات نزيهة بعيدا عن أساليب الإفساد، انتخابات لا يفسدها تدني نسبة المشاركة؟
عادل نجدي
انتخابات 2015 ورهان الإقبال على صناديق الاقتراع
منار اسليمي: إذا لم يتغير الإيقاع الحزبي فالمشاركة ستكون ضعيفة
[[{"type":"media","view_mode":"media_original","fid":"7689","attributes":{"alt":"","class":"media-image","height":"342","typeof":"foaf:Image","width":"765"}}]]
أصبح العزوف السياسي من بين الظواهر التي يعرفها المشهد السياسي بالمغرب، حيث أضحى الإقبال على المشاركة في الانتخابات والانتماء للأحزاب ضعيفا خلال السنين الأخيرة، ومع اقتراب الاستحقاقات المقبلة لسنة 2015، تعود إلى الواجهة هذه الظاهرة التي تسائل واقع المشهد السياسي وتضع على المحك تجربة حزب العدالة والتنمية الذي علقت عليه الآمال في تدبيره للشأن العام.
وتظل عدد من المؤشرات البارزة حاليا، تدل على أن نسبة المشاركة ستكون ضعيفة إذا لم يتم تغيير الإيقاع الحزبي، حسب رأي منار الرحيم منار اسليمي، أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي، الذي اعتبر في تصريح ل»المساء» أن هناك تخوفا من أن يكون التصويت المقبل المتعلق بانتخابات 2015 تصويتا عقابيا بسبب اكتمال الدورة الحزبية، المتمثلة في تطبيق تجربة جميع الأحزاب، سواء تلك المنخرطة في الكتلة الوطنية أو الأحزاب الإدارية أو الأحزاب الإسلامية، وأمام كل هذا، يضيف المحلل السياسي، فإنه أصبحت لدى الرأي العام صورة متماثلة مفادها أنه لا يوجد أي فرق أو اختلاف بين الأحزاب السياسية، وهو ما سيؤدي إلى أن يكون هناك تصويت عقابي.
ومن بين ما يؤشر أيضا على احتمال ضعف الإقبال، هو أنه «لحد الآن تبدو الأحزاب السياسية ضعيفة ولا توجد أحزاب سياسية قوية قادرة على مخاطبة الشارع، وهو ما أصبح معه الصراع الدائر بين المكونات السياسية صراعا أفقيا لا أثر له داخل المجتمع الذي بدأ يلعب دور «المتفرج»»، يوضح اسليمي، الذي يرى أن كل هذا من شأنه أن يؤثر على نسبة المشاركة المقبلة، إضافة إلى أن النخب الموجودة كلها تقادمت بسرعة رغم أن بعضها جديد.
ويعتبر أستاذ العلوم السياسية أن الخطر المرتقب هو أن يكون سقف مطالب المجتمع وتمثلها أكبر من الأداء الحزبي، الذي ستكون نتيجته «المشاركة الضعيفة»، موضحا أنه لحد الآن لا يوجد أي مجهود، سواء من لدن الدولة أو الأحزاب، التي لم تنتبه إلى أن المشاركة تكون ضعيفة بنسبة تثير الخوف، زد على ذلك أن الصورة السياسية غير واضحة، والمستقبل غير واضح لدى الأحزاب السياسية التي دخلت في نوع من الصراع بينها، وهو ما يؤثر على «السلعة الانتخابية» التي تقدم، غير أنها لا تغري، لكونها غير جذابة، لذلك فإنها لن تكون عليها طلبات، حسب قول منار اسليمي، الذي يؤكد أنه في غياب أي تغيير للمشهد الحزبي أو حدث سياسي كبير، فإن المشاركة في الانتخابات المقبلة ستكون ضعيفة، خصوصا أن ما يدور حاليا بين الأحزاب السياسية من صراع لا علاقة له بالمجتمع، وهو ما يجعل الإقبال على الانخراطات والتجمعات يضعف مقابل ارتفاع درجة الاحتجاج.
وعموما، فإنه يتعين على الفاعلين السياسيين ألا ينسوا أن نسبة من المغاربة ينتمون إلى فئة «الصامتين» و«الغاضبين» على المشهد السياسي برمته بفعل ما آل إليه، هذه النسبة التي يظل عددها مهما استنادا إلى الإحصائيات الرسمية لانتخابات 12 يونيو سنة 2009، والتي تبلغ نسبتها حوالي 50 في المائة، إذ أن نسبة المشاركة قدرت ب4،52 في المائة من أصل 13 مليونا و360 ألفا و219 مسجلا في اللوائح الانتخابية، دون احتساب الفئة التي لم يتم تسجيلها.
لذلك، فإن السنة المتبقية قبل مباشرة انتخابات سنة 2015، والمتعلقة بانتخاب ممثلي المأجورين والمجالس الجماعية والجهوية وانتخابات الغرف المهنية، وانتخابات مجالس العمالات والأقاليم، وانتخاب مجلس المستشارين، تظل كافية من أجل إعادة النظر في المشهد السياسي ومحاولة استدراك ما يمكن استدراكه من أجل ربح رهان الإقبال على صناديق الاقتراع.

خديجة عليموسى
إحزرير: شد الحبل حول الانتخابات سينتهي بتوافقات بين الأطراف بما في ذلك وزارة الداخلية
قال إن وزارة الداخلية لم يعد بإمكانها احتكار العملية الانتخابية
أرجع الدكتور إحزرير عبد المالك، أستاذ العلوم السياسية بجامعة المولى إسماعيل بمكناس، التصريحات الأخيرة لرئيس الحكومة حول الانتخابات الجماعية، وأحقية الإشراف عليها، إلى ضغوطات حزبية من طرف العدالة والتنمية، وأكد أن الأمر لا يتعلق بصراع عميق مع وزارة الداخلية، التي ستجد نفسها غير قادرة على احتكار العملية الانتخابية في ظل التجارب والتراكمات الحاصلة. كما توقع إحزرير أن ينتهي شد الحبل بخصوص هذا الملف، بتوافقات بين الأطراف الحكومية بما في ذلك وزارة الداخلية، ونبه إلى أن كل الأطراف مطالبة بالسهر على العملية برمتها، على أن تكون فيها وزارة الداخلية خادمة لتوافقات الأحزاب ومتطلبات المجتمع المدني.
- ما هي خلفيات الصراع المعلن بين رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية حول الإشراف على الانتخابات الجماعية؟.
للإجابة على هذا السؤال، لابد أن نرجع إلى دور وزارة الداخلية عبر الزمان السياسي المغربي، فهي تشكل الوظيفة البارزة من خلال الدور الموكول لها في ما يخص الاستقرار السياسي والاجتماعي وتحديث النظام الإداري وتثبيت الإدارة الترابية وإدماج المجتمع في دوائرها، ولا ننسى الدور الذي قامت به هذه الوزارة منذ الستينيات لضم العالم القروي، فالرهان الذي ساد منذ بداية الاستقلال هو من يسيطر على هذه الوزارة، ويملك القدرة على السيطرة على البلاد.
كما أن هذه الوزارة لعبت دورا كبيرا من أجل الحد من طموح بعض الأحزاب وذلك بخلق أحزاب منافسة لها، ورسم خريطة سياسية حسب رغبة الدولة في كل استحقاق انتخابي، لأن الكل يعلم قدرتها على تأسيس المشهد السياسي حسب الظروف والملابسات، زيادة على هذا، فهي كانت تتدخل بصفة أو أخرى في اختصاصات الوزارات الأخرى، وتراقب النخب المحلية عن طريق رجال السلطة.
ففي تصور النخب التقليدية أن هذه الوزارة تمثل أداة للسيطرة والمراقبة في كون وزير الداخلية هو الذي يقوم بأعمال الحكومة، وهو بمثابة وزير أول مكرر نظرا للمكانة التي تحتلها أم الوزارات، كما تمت تسميتها في عهد إدريس البصري، نظرا للإمكانيات البشرية والمادية الموضوعة رهن إشارتها، وهنا يجب التذكير أنه من خلال مفاوضات التناوب تمسك الملك الراحل بهذا الوزير في وزارة تدخل في المجال المحفوظ للملك.
وبعد تجربة التناوب فإن كل المحللين كانوا يراهنون على أن الإصلاح السياسي سيأتي تدريجيا انطلاقا من تقليص نفوذ هذه الوزارة، ورغم وجود عبد الرحمان اليوسفي على رأس الحكومة، ورغم وزنه التاريخي وثقله السياسي، فإنه لم يستطع زعزعة هذه الوزارة، ولذا تنبه الملك محمد السادس إلى أهمية هذه الوزارة وإلى مساوئ تضخمها، فبادر إلى إعادة هيكلتها بعد إقالة البصري، لأن المغرب شهد جملة من الأحداث التي دفعت إلى ضرورة وجود تحول وانتقال ديمقراطي. وبالتالي فمنذ الإصلاح الدستوري الأخير، صارت لرئيس الحكومة صلاحيات واسعة ومشروعية على أساس ثقة مجلس النواب، وأصبح بموجب الدستور هو المشرف الفعلي على الإدارة والمؤسسات العمومية بما في ذلك وزارة الداخلية.
ورغم كل هذه الاختصاصات التي لدى رئيس الحكومة إلا أنها في الواقع المعاش تبقى محدودة لعوامل كثيرة مرتبطة أولا بشخصية بنكيران، وثانيا بنكسة الربيع
العربي، وتراجع الإسلاميين في القيادة( تونس، مصر)، وثالثا برجوع النخبة القديمة.
كل هذه العوامل أدت برئيس الحكومة إلى عدم مواجهة النخب المخزنية، بتخليه عن اختصاصاته الدستورية، وبالتي فالصراع الذي تحدثت عنه ليس عميقا، بل أملته بعض ضغوطات حزب العدالة والتنمية، ليحسم رئيس الحكومة في الموضوع على الشكل التالي:
من الناحية السياسية والإستراتيجية يكون تنظيم الانتخابات من اختصاص رئاسة الحكومة، في حين تبقى الإجراءات ذات الطابع اللوجيستيكي بيد وزارة الداخلية، ولكن لا ننسى للأسف أن وزارة الداخلية تتشبث بوظيفتها التقليدية كهندسة التقطيع الانتخابي وأنماط الاقتراع لإعادة إنتاج النخب لتأثيث المؤسسات.
- كيف يمكن أن تنتهي لعبة شد الحبل بين رئاسة الحكومة والداخلية حول عملية الإشراف؟.
لاشك أن بنكيران من خلال تصريحاته المتكررة قدم عدة تنازلات، وتراجع إلى الوراء، حيث تم قبول وزراء تقنوقراط كوزارة الداخلية المتمثلة في شخص حصاد.
كما أشرت فإن اختيارات رئيس الفريق الحكومي محدودة بعوامل تاريخية للاحتفاظ ببعض الوزارات التي تمثل أدوات الحكم الأساسية، أو إسناد هذه الوزارات إلى شخصيات تحظى بثقة المخزن أو لعوامل تنظيمية، لأن القرارات السياسية تتخذ من طرف المؤسسة الملكية. وهنالك من يؤاخذ بنكيران على رجوعه إلى الوراء وانجرافه وراء المفهوم القديم للسلطة باعتباره جهاز تسيير وليس تقريرا.
ولا ننسى أن وظيفة رئيس الحكومة هي وظيفة سياسية وأن تعيينه قام على اعتبارات سياسية. ولا أود الحديث عن الصراع ما دامت الحكومة الثانية لبنكيران غير منسجمة وتتبنى قناعات وبرامج متناقضة. ولذا فإن شد الحبل سينتهي بتوافقات بين الأطراف الحكومية بما في ذلك وزارة الداخلية.
-هل تعتقدون أن رئيس الحكومة قادر على إحداث اختراق في هذا التحدي، وما هي القيمة المضافة للمشاورات التي أطلقتها مع الأحزاب؟.
في الديمقراطيات المعاصرة تتركز السياسة على تحالفات، حيث إنه ليس في استطاعة أي حزب الحصول على الأغلبية لوحده، كما أن العمل الحكومي يعتمد على التوافق وإلا سيتوقف النشاط الحكومي، ورئيس الحكومة له من الذكاء ما يكفي لإيجاد توافقات مع حلفائه في الحكومة، ويبقى الصراع مع حزب الاستقلال والإتحاد الاشتراكي حول عدد من الملفات، صراعا شعبويا.
وكما يعرف الجميع، فإن شباط ولشكر على استعداد للانخراط في أي تحالف ضد بنكيران وأعتقد أن القناعات السياسية غير مقنعة، ولكن هناك حزازات سيكولوجية تحتاج إلى علماء التحليل النفسي لفهم سلوكهم السياسي. وهذه المقاربة الجديدة في تحليل سيكولوجية رجال السياسة أصبحت أمرا متداولا في كل الدول.
- معروف أن الانتخابات بالمغرب تدبر وفق تراكمات تاريخية، وببنية تقليدية جعلتها لا تخرج عن إشراف الداخلية، كيف يمكن تحرير هذه العملية من القبضة الحديدية للداخلية؟.
رغم أهمية وزارة الداخلية، فلا أعتقد أنها بفضل التجارب والتراكمات ستحتكر العملية الانتخابية.
هناك أشياء كثيرة تغيرت على المستوى الدولي والوطني، منها أن العالم أصبح قرية صغيرة بفضل التكنولوجيا وثقافة الانفتاح على الآخر، وبروز نخب جديدة، فالشباب يطمح للوصول إلى السلطة، علاوة على أن وجود ثقافة حقوقية في بعدها العالمي أصبح من شروط العلاقة بين الأمم والدول. كل هذه العوامل تجعل من غير المعقول الاحتفاظ بالممارسة الزبونية التي تحكمت أكثر من نصف قرن في العمل السياسي..
فعدم الميل إلى المشاركة السياسية إيمانا بعدم نزاهة الانتخابات، هذه الفكرة لا يمكن محوها إلا بالعمل السياسي المسؤول والنزيه الشفاف. ولذا فكل الأطراف مطالبة بالسهر على العملية برمتها، على أن تكون فيها وزارة الداخلية خادمة لتوافقات الأحزاب ومتطلبات المجتمع المدني، فالحكامة شرط من شروط نجاح العملية الانتخابية سواء منها الجماعية أو التشريعية.
-ما هي في نظركم الضمانات التي من شأنها أن تجعل الانتخابات المقبلة شفافة ونزيهة؟.
الضمانات التي من شأنها أن تجعل الانتخابات المقبلة شفافة ونزيهة، هي الإرادة السياسية التي تهدف إلى ضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي، فالتحديات كبيرة، والمشاكل معقدة في زمن العولمة. ولذا فنحن في حاجة ماسة إلى نخبة متنورة لقيادة المؤسسات الحكومية والمحلية، لقد انتهى زمن السيرك وزمن النخب التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
السياسة تعتمد في وقتنا الحاضر على المردودية والإنتاج، فالمنطق النيوليبرالي يفرض علينا أن لا نضيع الفرص، ففي اعتقادي أنه ليس في مصلحة وزارة الداخلية أو غيرها من المؤسسات المساهمة في إعادة إنتاج نخب رديئة وتحالفات هشة تزيد من حدة الانتظارات القاتلة والمراهنة على هذا النوع من المنتخبين ما هو في الحقيقة إلا خسارة للمغرب ومستقبل أجياله.
-أعلن كل من حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي أنهما قد يقاطعان الانتخابات في غياب ضمانات الشفافية، ما هي في نظركم خلفيات هذه الخرجة؟
بالفعل هدد الحزبان التقليديان بمقاطعتهما الانتخابات، ولكن البيان الذي صدر لم يعط مبررات مقنعة. وربما يدخل هذا الموقف في منطق المعارضة من أجل المعارضة. فالعملية الانتخابية لم تبدأ بعد، وتتوفر لحزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي عدة آليات دستورية وسياسية وقضائية للتصدي للحكومة في حالة ما إذا حاولت المكونات المشكلة للحكومة اقتسام الكعكة.
ولذا أعتبر أن هذه التصريحات والخرجات تدل على الحرص الشديد لمعارضة كل مبادرة حكومية دون التفاوض والمناقشة والاحتكام إلى قيم العقل والحكمة التي نحن في حاجة ماسة إليها. فالسيناريوهات المستقبلية أقوى من الحزبين في اعتزامهما مقاطعة الانتخابات. فشباط ولشكر يعلمان أن المحلي امتداد للتشريعي . ولا يمكن أن لا تجد هذين الحزبين في الخريطة السياسية المقبلة. فوجود حزب الاستقلال والاتحاد الإشتراكي في المؤسسات هي مسألة وجود سياسي، لكون أقدام الحزب تكون في المحلي دائما، ورأسه في التشريعي، وهذا هو جوهر وجود الحزب.
مصطفى الحجري
تحذيرات «التحكم» في الانتخابات تخيم على مشاورات الأحزاب والحكومة
المالكي: لدينا مؤشرات تؤكد بالملموس أن هناك إرادة في التحكم
فتحت المواقف الأخيرة لأحزاب العدالة والتنمية والاتحاد والاشتراكي والاستقلال باب السؤال حول مصداقية ونزاهة الانتخابات المقبلة، في ظل وجود تحذيرات مما تسميه قيادات هذه الأحزاب ب»التحكم» في هذه الاستحقاقات، بشكل دفع حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي إلى التهديد بالمقاطعة.
هذه المواقف، وإن كانت تعبر عن «تسخينات» سياسية تسبق كل استحقاق انتخابي، فإن إثارتها بشكل قوي اعتبره متتبعون للشأن الحزبي رسالة إلى الجهة التي ستشرف على العملية الانتخابية، مفادها أن الاستحقاقات المقبلة ستشهد حرصا شديدا على نزاهة العملية الانتخابية، مما يستوجب ضرورة الوقوف على نفس المسافة من جميع الفرقاء، وجعل المشاورات حول الاستحقاقات المقبلة تجعل ضمن أجندتها الأساسية التدابير المتعلقة بنزاهة هذه الاستحقاقات.
العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة، لعب على واجهتين:
الأولى تهم الجهة التي تشرف على الانتخابات المقبلة، مع وجود ما يشبه «الصراع» بين رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية، رغم أن وزير الاتصال سبق أن أكد أن «وزارة الداخلية توجد ضمن الحكومة، وهناك مؤسسة واحدة».
والثانية أن الحزب الإسلامي يحاول إثارة الشق الخاص بنزاهة الانتخابات، وهو ما برز بشكل جلي في كثير من تصريحات قيادييه، سواء داخل الفريق البرلماني، وعلى رأسهم عبد الله بوانو، رئيس الفريق، أو قيادات بارزة داخل الحزب، كان آخرها ما صرح به سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني للحزب، من أن «الانتخابات المقبلة ستكون امتحانا لنعرف إن كنا فعلا قطعنا مع التحكم أم لا؟».
على صعيد حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، لم تختلف نبرة التحذير عن تلك التي يستعملها حزب رئيس الحكومة. فالحزبان أكدا في مذكرة مشتركة أنهما «جربا سلاح مقاطعة التزوير والإفساد الانتخابي في مواجهة السلطوية، طيلة عقود طويلة من تاريخ كفاح الشعب المغربي، لذلك فإنهما، اليوم، مستعدان لتحمل المسؤولية الوطنية، بإمكانية طرح خيار مقاطعة الانتخابات على الأجهزة التقريرية للحزبين إذا ما تزايدت الأدلة على أن البلاد ذاهبة إلى انتخابات متحكم فيها وفي نتائجها».
واعتبر الطرفان أن «العملية الانتخابية ليست إجراءات تقنية، بل عملية سياسية ولحظة بارزة لتطوير المسار الديمقراطي. لا يمكن أن يتم التعامل مع المنظومة القانونية الانتخابية بمنطق الخطوط الحمراء، لأن جميع القوانين والمراسيم التنظيمية ذات الصلة بالانتخابات المقبلة، يجب أن تكون موضوع نقاش وتشاور حقيقي وليس صوريا، وموضوع تعديلات جوهرية وليس روتوشات تجميلية».
الحبيب المالكي، رئيس اللجنة الإدارية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أوضح في تصريح ل»المساء» أن «رئيس الحكومة يتصرف وكأنه رئيس حزب، سواء على مستوى الخطاب أو والممارسة، إذ أننا في منتصف الولاية التشريعية ولم ينفتح رئيس الحكومة على المعارضة من أجل التشاور في قضايا وطنية مؤثرة».
واعتبر المالكي أن «هذا التصرف الأحادي غريب في تقاليد المغرب السياسي ببلادنا. إذ أنه حتى الوزراء الأولون التقنوقراطيون السابقون كانوا يتحاورون مع المعارضة ويمارسون الاستشارة، حيث إن رئيس الحكومة الحالي لم يمارس صلاحياته كاملة لأنه لم يستوعب إلى اليوم ما جاء به الدستور الجديد، الذي نص في فصول مختلفة على اعتماد منهجية التشارك».
وأوضح رئيس اللجنة الإدارية لحزب «الوردة» أن «هناك أزمة ثقة عميقة بين رئيس الحكومة والمعارضة. ومن أهم الأشياء التي تؤكد ذلك سكوته عن المسلسل الانتخابي، حيث شرعنا في الاتحاد الاشتراكي بطلب توضيح من الحكومة، ولولا هذه المساءلة لما تم الإعلان عن مشروع أجندة انتخابية تنويرا للرأي العام. لذلك نحن جد قلقين على ما ستؤول إليه المحطات التحضيرية لضمان نزاهة وشفافية ومصداقية الانتخابات المقبلة».
وأضاف المالكي أن «هذه الانتخابات ستساهم في صنع مغرب 2020، وإذا ما كانت لنا نظرة استشرافية، فالأوضاع الإقليمية تفرض على الحكومة أن تقوم بانفتاح جدي ومنظم على القوى السياسية ببلادنا، لنؤسس انطلاقا من التجارب السابقة منطلقا جديدا يساعد على التسريع بالانتقال الديمقراطي».
هل لمستم أي أدلة على وجود اتجاه نحو «التحكم» في الانتخابات المقبلة؟ سؤال طرحناه على المالكي، فأجاب بأنه «لدينا مؤشرات تؤكد بالملموس أن هناك إرادة في التحكم من خلال الإعلان عن بعض الإجراءات تجاه الفئات الفقيرة والهشة من أجل مساعدتها على أساس الصدقة بالمفهوم الشعبي المتداول».
وأضاف المالكي أن «هذه الإجراءات لها طابع انتخابوي، ولا يمكن أن تساهم في تحرير المواطن المغربي من الجهل والفقر، حيث إن هناك مشروعا يسعى إلى بسط وصاية من نوع جديد على المواطن المغربي».
لكن المحلل السياسي، محمد شقير، يذهب إلى اعتبارها «تسخينات انتخابية» بدأت منذ الانتخابات الجزئية، مضيفا أن كل طرف يحاول التهييء للانتخابات المقبلة، بعدما تم الإعلان رسميا عن أنها ستنظم سنة 2015. وأوضح أن كل ذلك ليس إلا تسخينات واستعدادات للانتخابات المقبلة.
وبخصوص التحضير لهذه الانتخابات قال المحلل ذاته، في حديث ل»المساء»، إن ما يبرز هو الخلاف بين وزارة الداخلية ورئيس الحكومة، إذ في الوقت الذي يحاول بنكيران أن يكون هناك تعديل في القوانين الانتخابية ومراجعة اللوائح الانتخابية، يتشبث وزير الداخلية بما هو سائد، ويسعى إلى الحفاظ على اللوائح الانتخابية وتعديلها فقط.
وأضاف: «هناك خلاف بين الحكومة والمعارضة، فالأخيرة خاصة الاتحاد الاشتراكي والاستقلال، تطالب بإعادة النظر في مجموع القوانين الانتخابية واللوائح، وتحاول مقاطعة الانتخابات إذا لم يتم إعادة النظر في ذلك، ولكن هناك فرق بين الخطاب والمزايدات من جهة، وبين الموقف الرسمي لهذه الأحزاب من جهة ثانية».
وأوضح أن الطبقة السياسية المغربية لم يطرأ عليها جديد لتطالب بتغيير اللعبة السياسية، لأن هذه النخبة لم يتم تجديدها، بل تعود زعامة الأحزاب إلى نفس الأمناء العامين داخل مجموعة من الأحزاب كالحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، «وبالتالي فهذه الطبقة تحاول ما أمكن الحفاظ على مناصبها، وتطالب بالحفاظ على نفس محددات الانتخابات السابقة في الاستحقاقات المقبلة»، مشيرا إلى أنه «لن يكون هناك خلاف كبير بين مكونات الحقل السياسي».
الاستحقاقات الانتخابية المقبلة ستكون بلا شك محطة جديدة في المسلسل الديمقراطي الذي تعرفه البلاد، خاصة بعد التصويت على دستور 2011 والانتخابات التشريعية، التي لم يتم الطعن في نتائجها. معطيات تؤكد أن المرحلة المقبلة ستكون مفصلية في إرساء دعائم انتخابات حرة ونزيهة تحترم صوت المواطن، وتضمن مبدأ تكافؤ الفرص، دون أي إمكانية للتراجع عن المكتسبات الديمقراطية.
المهدي السجاري
التقطيع الانتخابي واللوائح الانتخابية ونمط الاقتراع وطبيعة التصويت..الداخلية في قلب صراع سياسي عاصف
مرة أخرى، يعود الجدل إلى واجهة الأحداث التي تطبع الحقل السياسي المغربي، بعد أن أعلن عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة، عن الأجندة الانتخابية في الجلسة الشهرية المخصصة لتقييم العمل الحكومي. جاء ابن كيران هذه المرة إلى البرلمان حاملا أجندة واضحة حول تنظيم الانتخابات الجماعية، ولم يلجأ إلى البوليميك والدخول في السجال مع المعارضة، كما يفعل دائما. والأكيد أن ابن كيران كان يعرف جيدا أن موضوعا مثل الانتخابات لا يحتمل تأويلات أخرى، لاسيما أن عمر حكومته يوشك على الانقضاء.
ابن كيران جاء إلى البرلمان كرئيس للحكومة، لكن يعلم مسبقا أن التحضير للانتخابات المقبلة يضع حزبه، أي حزب العدالة والتنمية أمام تحديات كبيرة، ويعلم أيضا أن قواعد حزبه ستعبر عن نفس المواقف التي عبرت عنها أيام كان حزب العدالة والتنمية متخندقا في صف المعارضة، ومن بين تلك المواقف مراجعة اللوائح الانتخابية والتصويت بالبطاقة الوطنية وتغيير نمط الاقتراع بالإضافة إلى التقطيع الانتخابي.
من الواضح جدا أن ابن كيران، ومعه وزير الداخلية محمد حصاد، سيجدان نفسيهما في موقف جد حرج أمام تباين وجهات نظر الأحزاب فيما يتعلق بقوانين ومراسيم الانتخابات، بل وسيدخلان في معركة طويلة ستمتد لشهرين، لاشك أنها ستعرف الكثير من التشنجات والكثير من الصراعات، ومن المحتمل أيضا أن تظل القضايا التي أثرناها سابقا محط صراع غير مسبوق، ولسنا بحاجة إلى مبررات للتدليل على صحة هذا الطرح، فقد عبرت أحزاب كثيرة عن مواقفها المسبقة من الانتخابات الجماعية.
في هذا الصدد، بدأ حزب العدالة والتنمية حربه الإعلامية مبكرا للدفاع عن الرتبة الأولى التي حازها في الانتخابات التشريعية الماضية، حيث عبر عدد من قيادته عن تخوفهم من عودة ما أسموه بالتحكم، أما حزبا الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية فقد كان موقفهما أكثر تجذرا من البيجيدي، حيث هددا بمقاطعة الانتخابات إذا ما تبين أن ثمة جهة تريد ممارسة التحكم، كما جاء في البيان المشترك للحزبين خلال الأيام القليلة الماضية، فيما استبق حزب الأصالة والمعاصرة حملة الصراع مع البيجيدي باتهام أمينه العام بتسميم الأجواء قبل الشروع في المشاورات حول الاستحقاقات البلدية المقبلة.
نعتقد أن جوهر الصراع بين هذه الأحزاب يكمن في قضايا كثيرة، أولها استعمال الأموال في الحملات الانتخابية وانتشار الفساد الانتخابي، لكن إلى جانب ذلك لا يمكن لأي أحد أن ينكر أن الصراع حول اللوائح الانتخابية والتقطيع الانتخابي ونمط الاقتراع وطريقة التصويت قضايا ستكون في قلب هذا الصراع. لقد فاجأ إدريس اليزمي، رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الجميع حين دعا داخل مجلس النواب إلى اعتماد البطاقة الوطنية البيومترية للتصويت في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وقبل دعوة اليزمي دعت أحزاب كبيرة إلى عدم اعتماد بطاقة الناخب بالنظر إلى علاقتها باللوائح الانتخابية التي تنتمي إلى الدستور القديم، وقد وجهت مجموعة من الأحزاب انتقادات كثيرة إلى هذه اللوائح بمسوغ أنها تساهم في»التحايل على القانون» وإعطاء الفرصة حتى للأموات للمشاركة في الانتخابات، ومازلنا نتذكر في هذا السياق الصراع المرير الذي خاضته أحزاب من مثل العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية ضد التقطيع الانتخابي، بل إن أحزاب خرجت ببيانات تقول فيها إنها مستهدفة بالتقطيع. هناك تصور سائد الآن أن الذي يمتلك مفاتيح التقطيع الانتخابي قادر على التحكم في الخريطة الانتخابية وقادر على التحكم في نتائج الانتخابات وهو الموقف الذي عبر عنه بوضوح كبير مولاي امحمد الخليفة القيادي السابق في حزب الاستقلال.
مراجعة اللوائح الانتخابية التي تنتمي قانونيا إلى الدستور السابق تطرح الكثير من علامات الاستفهام، إذ ليس هناك ما يوحي في الأفق بأن وزارة الداخلية تتجه إلى اعتماد لوائح جديدة خالية من الأموات ومن تكرار الأسماء، رغم أن الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني دعت غير ما مرة إلى تغييرها حتى تتلاءم مع ما تقوله وزارة الداخلية عن شفافية الانتخابات ونزاهتها. وفيما يخص نمط الاقتراع الذي يقوم على التصويت باللائحة، فيدخل، حسب المتتبعين، في فضاء انتخابي/سياسي عام ينطلق من قاعدة أساسية: لا يمكن لأي حزب سياسي مغربي أن يحصل الأغلبية، مما يفسح المجال أمام التحالفات الهشة والهجينة، التي تؤثر لا محال على تسيير الشأن العام.
محمد أحداد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.