أطلق المغرب يوم الجمعة الماضي مبادرة جديدة في إطار مشروع إعادة هيكلة الحقل الديني بالمملكة، تعنى بالتأطير الديني داخل المساجد على الصعيد المحلي، في سلسلة الخطوات والمبادرات التي قام بها المغرب منذ عام 2004 واستهدفت إعادة النظر في هياكل المؤسسات الدينية وإنشاء مؤسسات جديدة من أجل ضبط الحقل الديني. وترمي الخطة، التي تم إعدادها من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمجلس العلمي الأعلى، إلى تدشين مرحلة جديدة من التأطير الديني، من خلال قيام الأئمة المرشدين بمساعدة أئمة المساجد، سواء فيما يتعلق بالتواصل معهم في الأمور المرتبطة بالنهوض بمهامهم، أو في توسيع برنامج محو الأمية وتحسينه. وتقوم الخطة، حسب الشروحات التي قدمها وزير الأوقاف أحمد التوفيق، على توسيع تأطير الشأن الديني على المستوى المحلي، بواسطة جهاز تأطيري يتكون من 1300 إمام مرشد، موزعين على جميع عمالات وأقاليم المملكة. ويتميز هؤلاء الأئمة المرشدون بكونهم حاصلين على شهادة الإجازة من الجامعة، ويحفظون القرآن الكريم كاملا، وتلقوا تكوينا شرعيا تكميليا وتكوينا مهنيا عماده الالتزام بثوابت الأمة. وقال بلاغ للوزارة إن الخطة المشار إليها تأتي»في سياق تطور الشأن الديني، الملتزم بالثوابت ومبادئ الأمة المغربية والمرجعية المؤسساتية لإمارة المؤمنين في تدبير الشأن الديني، والمقتضية لتدابير وقائية لحماية الملة والدين وتنموية قصد كمال التبليغ». وتسعى الخطة إلى مكافحة أي تسربات عقدية غريبة عن العقيدة الأشعرية السائدة في المغرب، بقصد الحيلولة دون جعل المساجد مجالا لنشر العقائد المخالفة. وجاء فيها أن»عقيدة علماء المغرب ترتكز على العقيدة الأشعرية التي لا تقبل التكفير والمذهب المالكي، الذي استوعب كثيرا من عمل أهل المغرب والسلوك الروحي الداعي إلى محاسبة النفس والتربية على المسؤولية». وكانت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قد أعطت عطت تعليمات إلى مندوبي الشؤون الإسلامية، في شهر مارس الماضي، لحث القيمين على المساجد، على السهر على عدم استمرار بعض التصرفات الصادرة عن بعض المواطنين السوريين الوافدين على المملكة» والتي تشوش على بيوت الله ومن يؤمها»، حسب بلاغ الوزارة. وبعد ذلك البلاغ أصدرت وزارة الداخلية بيانا هددت فيه بالطرد الفوري للمواطنين السوريين المتهمين بالتشويش على المساجد، تبعا للقانون المتعلق بدخول وإقامة الأجانب في المملكة المغربية. ووضعت الخطة تدابير وقائية تروم ثلاثة أمور ترتكز حول تفعيل عقيدة علماء المغرب في القيام بالتزاماتهم الدينية والتاريخية بجانب أمير المؤمنين، والعمل داخل المساجد وفي الأماكن العمومية بالثوابت الدينية خطابا وسلوكا، والحياد التام للمساجد بالنسبة للتيارات السياسية. أما التدابير التنموية فتستوجب بدورها ثلاث أمور، تتعلق بضمان الوظائف التي يقتضيها التبليغ، وعلى رأسها القيام بالأركان وجعل الدين في خدمة القيم النبيلة التي توافق اختيارات المملكة وضرورة التجويد المستمر للوظائف الدينية داخل المساجد وخارجه. وقالت الوزارة إن النتائج المتوقعة من الخطة، على صعيد تحصين الثوابت، تتجلى في مساعدة الأئمة، عند الضرورة، على الالتزام بدليل الإمام والخطيب والواعظ داخل المساجد، وتمثل أدلة المذهب الأشعري «لإقناع الحائرين وإفحام المتنطعين»، والإرشاد في فقه العبادات وفقه الأسرة، وقيم الدين العام. أما على صعيد تحسين الخدمات والملاءمة مع المحيط فالنتائج المرتقبة فإن الخطة تروم مساعدة المجالس العلمية في التأهيل مرتين في الشهر، ومساعدة الأئمة، عند الضرورة، على تعميق المعرفة باللغة العربية، ومساعدة الأئمة في الأنشطة العلمية والثقافية التي تبرمجها المجالس العلمية داخل المساجد، والمساعدة، عند الضرورة، على التوجيه الأخلاقي والصحي وقيم المواطنة في الوعظ وخطب الجمعة، ومساعدة الأئمة في الشق المتعلق بالدور الاجتماعي للإمام، وهو الدور الذي يتناوله المحور الرابع في تأهيل الأئمة ضمن ميثاق العلماء.