دخل الملك محمد السادس على خط شغب الملاعب الرياضية والإجرام الذي أصبح مستفحلا داخل المدرجات وخارجها، وبات يهدد أمن وسلامة المواطنين ويثير الرعب في نفوسهم. لقد كشف بلاغ لوزارة الداخلية أن وزير الداخلية محمد حصاد والشرقي الضريس الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية قد شرع في عقد جلسات عمل بمختلف جهات المملكة مع الولاة والعمال ورجال السلطة والمسؤولين الجهويين والإقليميين للدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة لدراسة الوضعية الأمنية بهذه الجهات بهدف اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أوفر لسلامة المواطنين وممتلكاتهم، وشدد البلاغ نفسه على أن هذه الجلسات تأتي بعد تنامي أعمال الشغب داخل الملاعب الرياضية وبمحيطها وبعد ترويج أخبار وصور عبر بعض المواقع الاجتماعية تظهر أشخاصا يحملون أسلحة بيضاء ويستعرضون مبالغ مالية يتباهون بأنهم تحصلوا عليها بطرق ممنوعة، مما يعطي الانطباع بعدم الإحساس بالأمن لدى المواطنين. لقد تحول شغب الملاعب الرياضية إلى عمل منظم وإجرامي، وقد تابعنا في الموسم الماضي أحداث الخميس الأسود التي هزت مدينة الدارالبيضاء قبل مباراة الفريق «الأخضر» والجيش الملكي، وكيف أن مثيري الشغب عاثوا فسادا في وسط مدينة الدارالبيضاء وزرعوا الرعب في نفوس المواطنين. وتابعنا هذا الموسم أحداث «الخميس الأسود» التي عاش على وقعها ملعب بنجلون التابع للوداد، والتي مازالت لم تنكشف خيوطها بعد، فبينما يصر مسؤولو الوداد ومعهم لاعبو الفريق والطاقم التقني وعمال الملعب على أنهم كانوا ضحية عمل مسلح، فإن فصيل «الوينرز» يشدد على أن الأمر يتعلق ب»مسرحية محبوكة». لقد عشنا أيضا أحداث شغب في مدينة خريبكة، وأخرى في فاس وفي الرباط وسلا، بل إن حافلة فريق الجيش الملكي تعرضت لاعتداء سافر من طرف مشجعين للفريق العسكري لدى عودتها إلى الرباط بعد مباراة خاضها الفريق أمام وداد فاس، هذا ناهيك عما وقع في مراكش، وما يقع بشكل دائم على هامش مباريات الوداد والرجاء بالدارالبيضاء. لقد أدى التساهل المفرط مع مثيري الشغب إلى تنامي الظاهرة، هذا مع العلم أن تجفيف منابع الشغب والإجرام تتداخل فيه الكثير من الأطراف، وتتحمل فيه الدولة مسؤولية كبرى فالأمن حق دستوري. إن الكثير من الأطراف تتحمل المسؤولية في ما أصبح يجري من شغب في الملاعب الرياضية ومحيطها، فالعديد من مسيري الفرق أصبحوا يتعاملون مع جمعيات الأنصار ومع الإلترات على أنها قوة احتياطية لديها، تفعل بها ومن خلالها ما تشاء، بل وتهدد بها من ترى أنهم لايلتزمون بالخط، لذلك لم يعد غريبا أن ضمن هؤلاء من يمكن أن يحمل لافتة في مدرجات الملعب تجلد هذا الصحفي أو ذاك المسير، فقط لأنه نقل أخبارا لا ترضي ولي نعمتهم، علما أن ذلك يحدث أمام مرأى من منظمي المباراة ومسؤولي الأمن الذين ظلوا يتعاملون مع ما يجري بهدوء، وكأن السب والقذف الذي تتضمنه اللافتة لا يعاقب عليه القانون، دعك من أن جحافل مثيري الشغب أصبحت تتنقل في أمن وأمان، تخرب وتفسد المباريات، دون حسيب أو رقيب، أما التهديدات التي يتلقاها المسيرون والصحفيون والمدربون عبر الرسائل النصية فإن التعامل معها يتم كما لو أنها غير موجودة. بعض المدربين يتحملون بدورهم المسؤولية لأنهم أصبحوا يفتحون حوارا مباشرا مع الأنصار، مما يشجع الكثيرين على التدخل في عملهم، وعلى جعل المدرب لعبة بين أيديهم، سرعان ما ينقلبون عليه. على مستوى الإجراءات تم الإعلان عن العديد من التدابير، لكنها لاتطبق من قبيل منع القاصرين من دخول الملعب، لقد اتخذ القرار، بيد أن القاصرين هم من يملؤون الملاعب اليوم، بل إن حتى قانون الشغب لم يكتب له التطبيق. لقد تحول الشغب إلى عمل منظم، والمؤسف أن مسؤول الأمن في الفيفا حذر في سنة 2011 مسؤولي جامعة كرة القدم من أن الشغب في المغرب قد يتحول إلى عمل منظم، لكن مسؤولا جامعيا رد عليه بأن المغرب أبعد ما يكون عن ذلك. في النهاية ها هو شغب الملاعب قد تحول إلى إجرام، وها هو الملك بنفسه يحذر من الظاهرة، فهل كان ضروريا أن يدخل الملك على الخط ليتم البدء في محاربة إجرام الملاعب.