أطل الشغب مرة أخرى، وهذه المرة بشكل غير مسبوق في مباراة فريقي الوداد الرياضي والجيش الملكي التي جمعت بين الفريقين أول أمس السبت، بملعب محمد الخامس، بمدينة الدارالبيضاء. لقد تحولت المدرجات إلى ساحة حرب، فيها كر وفر ومواجهات بين محسوبين على جمهور الكرة ورجال الأمن، بشكل أفقد المباراة معناها الرياضي. لقد عاشت ملاعب الكرة في الأسابيع الماضية على إيقاع الشغب عدة مرات، لكن ما حدث أول أمس، لم يسبق له مثيل في تاريخ الكرة المغربية. لقد قام مثيرو الشغب باقتلاع الحواجز الحديدية، ونقلت الكاميرات التلفزيونية فصول مواجهة دموية، اضطر معها بعض رجال الأمن إلى الهروب في بعض الأحيان للنفاذ بجلدهم، بينما وجد آخرون أنفسهم في المستشفيات لتلقي العلاج، بل إن «الخراب» لم يستثن حتى سيارات الإسعاف المرابطة بالملعب والتي تحولت إلى حطام. لقد حذرنا أكثر من مرة من الشغب ومن أنه أصبح خطرا داهما يجتاح الملاعب ويعرض سلامة المواطنين للخطر، بل ويمس حقهم في الحياة. وللأسف فلا أحد انتبه إلى هذا الخطر المحدق الذي يهدد بتكرار كارثة ملعب بورسعيد في مصر بالمغرب، إذا لم يتم التعامل مع الظاهرة بحزم، وإذا لم يتدارس المسؤولون السبل الكفيلة بالحد منها. لقد لوحظ أن أغلب مثيري الشغب في مباراة الوداد والجيش كانوا من القاصرين، الذين عاثوا فسادا في الملعب، بل إن الصور رصدت لقطات لأطفال لا يتجاوز عمرهم 12 أو 14 سنة، وهم يمارسون بدورهم «هوايتهم» في الشغب. وبما أن القانون يمنع دخول القاصرين إلى المدرجات، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بحدة، هو من يسمح لهؤلاء القاصرين بدخول المدرجات، والعبث بممتلكاتها وإفساد فرحة المشجعين الحقيقين. لقد تم ضبط سكاكين وسيوف لدى أفراد من الجمهور الحاضر، والسؤال الذي يطرح مرة أخرى هو كيف دخلت هذه السيوف والسكاكين. إن الشغب غير المسبوق الذي عرفته مباراة الوداد والجيش ليس ناقوس خطر، بل هو الخطر بعينه، خصوصا أن نواقيس عدة دقت دون أن يتم الانتباه لها، والمفروض اليوم، أن تعقد جامعة كرة القدم اجتماعا عاجلا لمناقشة تداعيات المباراة، فالصمت ما عاد مقبولا، كما يجب أن تدخل على الخط الوزارة الوصية، خصوصا أن هناك قانونا للشغب صادق عليه البرلمان ولم يتم تفعيله. دخول القاصرين إلى الملاعب مسؤولية مشتركة بين اللجن المنظمة للمباريات ورجال الأمن الذي يوجدون بالبوابات، واستمرار دخولهم للمدرجات يعني أن هناك خللا تنظيميا كبيرا. لابد أن تفكر الجامعة في طريقة تنظم مرافقة الجمهور الزائر لفريقه، إذا اقتضى الحال منع الجمهور من مرافقة فريقه والاقتصار على الجمهور الضيف، سيكون هذا القرار مرحليا إيجابيا، على الأقل سيكثف رجال الأمن جهودهم لمراقبة طرف واحد، وليس أطرافا عديدة.