حذر خبراء في مجال الماء والبيئة من مواجهة المغرب لأزمة ندرة المياه خلال السنوات المقبلة، بفعل التقلبات المناخية والطلب المتزايد على هذه المادة الحيوية، فيما حمل آخرون المسؤولية للدولة بسبب اختياراتها في القطاع الفلاحي. وكشفت سميرة الحوات، مسؤولة بوكالة الحوض المائي سبو، في افتتاح أشغال دورة تدريبية لفائدة الصحافيين حول «النظم الإيكولوجية والتدبير المستدام للموارد المائية»، المنظمة من طرف «الصندوق العالمي للطبيعة»، أول أمس في الرباط، أن المغرب يواجه عدة إكراهات، منها ندرة الموارد المائية وطنيا ودوليا، إذ أن تراجع الموارد المائية في المغرب يتراوح بين 15 في المائة و20 في المائة، بين 1940 إلى 2010، و1980 و2010. ووصفت الحوات هذا المؤشر ب»المهول»، على اعتبار أن الحاجيات ترتفع بشكل كبير، وهو ما يفرض اتخاذ الإجراءات اللازمة لتلبية الطلب من خلال الموارد المائية المتاحة. كما توقفت عند تباين توزيع الموارد المائية المتاحة، إذ أن 50% من الموارد المائية تتمركز في حوالي 7% من المساحة، وهو ما يجعل أن 50% المتبقية من الموارد تتوزع على 93% من التراب الوطني، مما يفرض نهج سياسة تضامنية بين الجهات، يتم الاشتغال عليها حاليا، حسب المتحدثة ذاتها. وأوضحت أن هناك استنزافا للطبقات المائية الجوفية على الصعيد المحلي، «حيث أن المياه الجوفية تمكن من التنمية المحلية وسد الحاجيات، وهو ما يؤدي إلى تراجع تلك الموارد»، وأوضحت أن «هناك سياسة للتعاقد في تدبير هذه المياه بتشارك مع مختلف الفاعلين، سواء من طرف الحكومة والمؤسسات العمومية، أو المجتمع المدني والمنتخبين». وشددت المسؤولة ذاتها على أن التلوث يعد أيضا من بين الإشكالات الكبرى، إذ أن تواجد كميات مائية مهمة، لكنها ملوثة، يجعل تلك المياه غير قابلة للاستعمال، إضافة إلى بعض الظواهر الطبيعية كالفيضانات أو الجفاف. ولمواجهة هذه الإكراهات، تضيف سميرة الحوات، صدرت الاستراتيجية الوطنية لقطاع الماء سنة 2009، ويتم الآن الاشتغال على المخطط الوطني للماء، الذي سيتم تقديمه أمام المجلس الأعلى للماء والمناخ. وكشفت مداخلات بعض الفاعلين الجمعويين عن حجم الاستنزاف الذي تعرضت له الموارد المائية في مناطق تعد خزانا مهما لها كمنطقة الأطلس المتوسط، إذ كشفت إحدى المداخلات أن حفر بئر بنواحي إفران أصبح يتطلب أكثر من 120 مترا من العمق. لكن الخبير الدولي محمد سعيد قروق، أستاذ علم المناخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن مسيك بالدار البيضاء، نفى من جانبه أن يكون المغرب مهددا بندرة المياه. وانتقد في هذا السياق بعض الاختيارات الحكومية في القطاع الفلاحي، بشكل أصبح معه المغرب يصدر المياه إلى الخارج، على شكل خضر وفواكه وغيرها، إضافة إلى بعض الاختيارات كالتوجه إلى مناطق تعرف ندرة المياه لزراعة مواد فلاحية تستهلك هذه المادة الحيوية بكثرة، كزراعة البطيخ الأحمر.