إن المجتمعات لا ترقى إلا بقيمها وأصولها، ولا تكتمل سعادتها إلا باحترام تقاليدها وهويتها. والأمة التي تستنبط نمط عيشها من غيرها، تبتعد عن أصالتها وحقيقتها وتفقد القدرة على الوجود بنفسها، ولن تعود إلى أصلها لجهلها بمكوناتها. لهذه الأسباب جميعها، توجب على الإنسان المغربي أن يهتم بثقافته وتاريخه على كل المستويات، ومن بينها، إن لم يكن من أهمها، ثقافته الغذائية؛ لذلك سنحاول، في هذا المقال الأسبوعي، التطرق إلى أهم التحولات الغذائية التي يعيشها الإنسان المغربي وما تحمله بين طياتها من أمراض فتاكة تشكل خطرا حقيقيا على صحته. تعتبر الفئة B كنتاج متقدم للفئة A، وهي الفئة التي لا تستوعب أي تغيير وتتكيف مع المناخ والظروف الجديدة عليها. وإذا كانت الفئتان OوA متناقضتين، فإن الفئة B تجمع ما بين الأغذية الحيوانية والأغذية النباتية لكن بتوازن، وتقاوم الأمراض الحديثة مثل السرطان وأمراض القلب والشرايين، لكنها تصاب بضعف في الجهاز المناعي الداخلي، ولذلك فهي معرضة للأمراض المناعية مثل التصلب اللويحي والذئب الحمامي (Lupus)، وتصاب هذه الفئة بالتعب المزمن بسهولة. وحسب بعض الكتابات، فإن هذه الفئة سميت بالحرف الأول من مصطلح Balance التي تعني توازن بالإنجليزية، وتعيش بسلام إذا حاولت الموازنة بين المواد الحيوانية والنباتية. ويزيد وزن حاملي الفصيلة B مع تناول الحنطة والعدس والفول السوداني والسمسم، ولهذه المأكولات لكتينات تؤثر على فعالية الأيض (Metabolism) عند أصحاب هذه الفصيلة. وقد يؤثر الكلوتن Gluten على الفئة B بنفس الطريقة التي يؤثر بها على الفئة O، إذا اجتمع مع العدس والفول السوداني والذرة. وعلى حاملي هذه الفصيلة تجنب أكل العدس مع خبز القمح. ويمكنهم ضبط الوزن بسهولة وبدون عوائق أخرى إذا امتنعوا عن تناول هذه الأغذية التي تسبب لهم انزعاجا على مستوى الأيض. وليس هناك ما يعوق خفض الوزن لدى أصحاب الفصيلة B، لأن الغدة الدرقية عندهم لا تتأثر مثلما هو الحال بالنسبة إلى حاملي الفصيلة الدموية O. ويستفيد حاملو الفصيلة B من اللحوم على عكس حاملي الفصيلة A، ويكون لحم الخروف بالنسبة إليهم أفضل من اللحوم الأخرى، ومنها لحم البقر، لكن لحم الدجاج يجب عليهم تجنب، لأنه يحتوي على لكتينات تؤثر على حاملي هذه الفئة. ولكتينات الدجاج تجعل خلايا الدم تتكاثر وتتلاصق عند الفئة B، وهو ما يسبب بعض الاضطرابات الفايسيولوجية داخل الجسم، كارتفاع الضغط وأمراض القلب والشرايين. ولا يحتوي لحم ديك الحبش على هذه اللكتينات، ومن ثم يمكن لحاملي هذه الفصيلة أن يستهلكوه بدون تخوف، وقد يؤدي بهم الإفراط في استهلاك الدجاج إلى أمراض مستعصية. ولا يؤثر الحليب على حاملي الفئة B، بل يستفيدون منه، لكن بكميات قليلة ومضبوطة وبتوازن وبدون زيادة في السعرات الحرارية، وربما يستفيدون من الألبان المخمرة أكثر من الحليب، لأن الألبان المخمرة حامضة وتقل فيها الدهون وتحتوي على البكتيريا النافعة للقولون أو البكتيريا الصديقة. والفئة B هي الفئة الوحيدة التي يقدر حاملوها على استهلاك الحليب دون أن يشكل أي خطر عليهم، وذلك لأن مكون D-galactosamine الموجود في هذه الفصيلة الدموية هو نفسه الموجود في الحليب، ويستفيد حاملوها من الألبان أكثر من حاملي الفصائل الأخرى. وإذا كان يمكن لحاملي الفصيلة B وكذا حاملي الفصيلة AB أن يستهلكوا الحليب، فإن ذلك يتم حسب المناطق واللون، فسكان آسيا لا يعرفون الحليب لأن تغذيتهم ترتكز على الرز والصويا، وهي تغذية نباتية بالدرجة الأولى، لأنهم لم يكونوا يعرفون أن الحيوانات تحلب. ونعلم بأن نسبة الفصيلة A مرتفعة في هذه المناطق، وهي فئة نباتية بامتياز. أما الأفارقة فلا يعرفون الحليب، ولذلك ينعدم عندهم أنزيم اللاكتيز Lactase لأنهم اعتادوا تناول اللحوم وبعض خشاش الأرض. واللونان الأصفر والأسود لا يطيقان الحليب، خصوصا حليب البقر، وربما يطيقون الأنواع الأخرى مثل حليب الماعز والضأن. أما اللون الأبيض فيقدر على استهلاك الحليب، ولديه قدرة على استهلاك الألبان بصفة عامة. ونلاحظ أن اللون قد تكون له أسبقية على الفصيلة الدموية في ما يخص الأغذية التي لا يتحملها. واستهلاك الحليب بالنسبة إلى اللون العربي لا يكون دائما، وإنما من حين إلى آخر أو بانقطاع، وغالبا ما كان يشرب طازجا؛ ولا يثير حليب الإبل أي انزعاج لدى هذه الفئات، بما فيها الفئة O. وتتضرر الفصيلة الدموية B من القرفة والجيلاتين واللوز، وهي المنتوجات التي تحتوي على لكتينات تؤثر على أصحاب هذه الفصيلة، ولا يطيق هؤلاء الجنجل والسنا والحلبة. ونبات الجنجل (Hop) يستعمل في صناعة الجعة، ويحتوي على لكتين Lectin يحدث انزعاجا لحاملي الفصيلة B، وهؤلاء ينزعجون من تأثير الجعة لكنهم لا يبالون، وتحدث لهم القطاني كثيرا من الاضطرابات والعسر في الهضم رغم قدرتهم عليها. ولا يقدر أصحاب هذه الفئة على تحمل السنا (Senna)، لأنه يحدث لديهم اضطرابا كبيرا في الجهاز الهضمي، ولذلك كنا نحذر من استعمال الأعشاب بعشوائية، لأن هناك مركبات لا يتقبلها كل الناس، ولا يقدر أصحاب الفصيلة B على البهارات مثل الإبزار الأبيض ونظيره الأسود، وكذا على مشروبات الصودا. ويعتبر الشاي أحسن من القهوة لهذه الفئة، رغم أن هذه الأخيرة لا تضرها ولا تنفعها. لا يمكن أن نعطي لائحة متكاملة للأغذية التي توافق كل فئة، لكننا ركزنا على المواد التي تستهلك يوميا. وهناك مواد غذائية أخرى تضر بحاملي الفصيلة B، ومنها نوار الشمس والتفاح والذرة والحنطة السوداء وثمار الكاكي وصدفيات البحر، ويرجع هذا الحادث إلى لكتينات تحتوي عليها هذه المواد تحدث تلازنا (Agglutination) خطيرا ينتج عنه انزعاج كبير لدى هذه الفئة. وقد تكون هناك مواد غذائية حسب المناطق محتوية على لكتينات من شأنها أن تحدث انزعاجا لدى هذه الفئة، ولذلك يجب على كل شخص لديه هذه الفصيلة أن ينتبه إلى المواد الغذائية والأدوية التي تحدث لديه اضطرابا. ونلاحظ أن هذا الحادث قد يظهر مع الأدوية، ولذلك فكلما وقع الحادث إياه يجب التوقف على تناول الدواء وإخبار الطبيب بذلك ليصف بديلا عنه. ولا يتحمل أصحاب هذه الفصيلة الجوع بكثرة، بالمقارنة مع أصحاب الفصيلة O، ولذلك يجب على أصحاب هذه الفصيلة أن يعلموا بأنهم سيحيون بالجوع أثناء الصيام أكثر من الفئات الأخرى، فلا يقارنوا أنفسهم بأصحاب الفصائل الأخرى ولا يظنوا أن هذه الفئات أقوى منهم، خصوصا أن الفئة O تصبر كثيرا على الجوع وتتحمل المشاق أكثر من الفئات الأخرى، لأنها حافظت على هذه الخاصية من جدها الأول البدائي الذي كان يقاوم أكثر، ويتحرك ويجوع. د. محمد فائد