قدم وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق أول أمس بالرباط، في ندوة صحفية، مدونة الأوقاف التي تعتبر الأولى من نوعها لتنظيم هذا القطاع، والتي ستدخل حيز التنفيذ بدء من السنة المقبلة. واعتبر التوفيق أن الوقف لم يعد قطاعا هامشيا، بل أصبح جزءا من الثروة الوطنية «وهو ما يفرض تبني منظومة للرقابة تساهم في عقلنة تدبيره بما يتيح الحفاظ على المكتسبات واقتحام مجالات جديدة». وقال التوفيق إن الهدف من إحداث المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة هو تعزيز الثقة في الوقف وفي تدبيره» من أجل تشجيع المواطنين بمختلف شرائحهم وتنوع فئاتهم ومستوياتهم على التحبيس بما يسمح بتوسيع دائرة الوقف وتعميم فوائده». وتتميز مدونة الأوقاف، التي جرى العمل فيها طوال تسع سنوات، بعدة مستجدات تهم على الخصوص إيجاد حل للعديد من القضايا المستعصية التي انعكست سلبا على وضعية الأوقاف، كما هو الشأن بالنسبة للأوقاف المعقبة، وحصر الوقف المعقب في ثلاث طبقات فقط لوضع حد للمشاكل التي كان يعرفها هذا النوع من الأوقاف، جراء تكاثر المستفيدين وقلة مدخول الملك الموقوف مما يؤدي إلى إهماله أو نشوب صراعات بين الورثة والمستفيدين. وذكر الوزير في هذا الصدد تنظيم مسطرة تصفية الأوقاف المعقبة، وتبسيط عدد من المساطر المعقدة المتعلقة بكراء الأملاك الوقفية ومعاوضتها وتنميتها واستثمارها، وتحديد مدد الكراء بالنسبة للأملاك الوقفية الفلاحية وغير الفلاحية وشروط تجديدها، والانفتاح على الصيغ والأساليب الحديثة في استثمار الأموال الوقفية عن طريق إصدار سندات اكتتاب بقيمة محددة تخصص مداخيلها لإقامة مشاريع وقفية. ومن أهم مستجدات مدونة الأوقاف، يضيف الوزير، إقرار المقتضيات التشريعية المنصوص عليها في المذهب المالكي الرامية إلى حماية حقوق الوقف والحفاظ على خصوصيته من خلال التنصيص على مجموعة من الاستثناءات لفائدة الأوقاف من المبادئ القانونية العامة، أهمها عدم جواز الحجز على الأملاك الموقوفة أو اكتساب ملكيتها بالحيازة أو التقادم أو التصرف فيها بغير تلك التصرفات المنصوص عليها قانونا، وتعليق نزع ملكية العقارات الموقوفة وقفا عاما على الموافقة الصريحة للسلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف، وإعفاء الأوقاف العامة من جميع الضرائب والرسوم أو أي اقتطاع ضريبي محلي أو وطني في ما يخص التصرفات والأعمال أو العمليات أو الدخول المتعلقة بها. وتتميز المدونة أيضا بوضع آليات صارمة للرقابة على تدبير مالية الوقف في إطار من الشفافية والحكامة الجيدة ، حيث تم استحداث نظام مزدوج للرقابة على مالية الأوقاف العامة، من خلال إحداث المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة من جهة، ووضع آلية لدعم الرقابة الداخلية لإدارة الأوقاف من جهة ثانية، فضلا عن إقرار نظام لمسؤولية الأجهزة المشرفة على تدبير مالية الأوقاف العامة. وقال التوفيق إن الوزارة، من أجل تفعيل هذه المقتضيات، عملت منذ صدور المدونة على اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حسن تطبيقها بدءا باستكمال البناء القانوني بإعداد جميع النصوص التطبيقية المتعلقة بها وعددها 12 قرارا، مضيفا أنه تم إعداد ميزانية الأوقاف للسنة المالية 2014 وفق التنظيم المالي والمحاسبي الجديد، حيث عرضت على المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة قصد المصادقة. من جانبه، استعرض رئيس المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة سعيد بن بشير اختصاصات المجلس وأجهزته والأنشطة التي باشرها منذ إحداثه سنة 2010، مبرزا أن الهدف من إحداث المجلس يتمثل في تعزيز الثقة في الوقف وفي تدبيره من أجل تشجيع المواطنين بمختلف شرائحهم وتنوع فئاتهم ومستوياتهم على التحبيس بما يسمح بتوسيع دائرة الوقف وتعميم فوائده وإظهار إيجابياته حقيقة وواقعا. ويعتبر المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة هيئة رقابية وإرشادية توجيهية، تتولى القيام بمراقبة مالية الأوقاف العامة ودراسة القضايا المتعلقة بها، وإبداء الرأي بشأنها، واقتراح جميع الإجراءات الهادفة إلى ضمان حسن تدبيرها. ويتولى المجلس جميع أعمال البحث والتحري في أي قضية من قضايا تدبير مالية الأوقاف العامة، وتقديم تقرير بنتائجها إلى جلالة الملك. كما يقوم بافتحاص سنوي لوضعية التدبير المالي للأوقاف العامة، وإعداد تقرير سنوي بنتائجه يرفع إلى جلالة الملك وتبعث نسخة منه إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية. ويضطلع المجلس أيضا بالمساهمة في إعداد عدد من الوثائق المرجعية وإبداء الرأي في مختلف القضايا المتعلقة بتدبير الأوقاف العامة.