أفاد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق أن مدونة الأوقاف الجديدة التي صدرت مؤخرا في الجريدة الرسمية ستدخل حيز التطبيق ابتداء من فاتح يناير من السنة المقبلة، وذلك بعد إصدار النصوص والمراسيم التطبيقية من طرف الوزارة وإرساء هيئة المراقبة الممثلة في المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة، وتعيين رئيس لهذا المجلس من طرف جلالة الملك. وقدم أحمد التوفيق في ندوة صحفية أول أمس بالرباط النصوص القانونية الثلاثة التي صدرت مؤخرا بالجريدة الرسمية والمتمثلة في الظهائر المتعلقة بمدونة الأوقاف وبإحداث «مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف» وإحداث «مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدنيين». وقال التوفيق «إن مدونة الأوقاف الجديدة هي مدونة جامعة لما مضى ومنفتحة على ما هو آت»، مشيرا إلى أن المغرب أصبح يتوفر لأول مرة على مرجع جامع لأحكام الوقف الذي يكتسي أهمية بالغة في النظام الإسلامي من الناحية المالية باعتبار الوقف «مؤسسة تضامن وإسعاف». وأوضح وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أن هذه المدونة التي استغرق إعدادها 13 سنة وتشتمل على 170 مادة موزعة على خمسة أبواب، أوجدت حلا للعديد من المشاكل التي يعرفها الوقف، من قبيل مشكل تصفية الأوقاف المعقبة، حيث أصبح هذا الإجراء يتم بمقتضى هذا القانون بمبادرة من إدارة الأوقاف أو بطلب من أغلبية المستفيدين. وفي كلتا الحالتين تحيل السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف، بموجب مقرر، ملف التصفية على لجنة خاصة تحدث لهذا الغرض وتسمى «لجنة التصفية». وقد حدد هذا القانون بكيفية دقيقة شروط ومقتضيات التصفية. كما أوجدت هذه المدونة حلا للمشاكل المرتبطة بالاجتهاد القضائي في مجال الوقف والتعامل بمرونة مع وسائل إثبات الوقف، بالإضافة إلى إعفاء الأوقاف من بعض الأحكام القانونية في ما يخص الضرائب والرسوم المحلية والوطنية والتحفيظ العقاري وتبسيط عدد من المساطر المعقدة المتعلقة بكراء الأملاك الحبوسية ومعاوضتها وتنميتها واستثمارها، وهو ما وصفه الوزير ب»المكسب المهم» الذي تضمنته هذه المدونة. وأكد أحمد التوفيق أن هذه المدونة الجديدة وضعت لأول مرة آليات صارمة للرقابة على تدبير مالية الوقف في إطار من الشفافية والحكامة الجيدة، وذلك عبر آلية المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة، كهيئة مستقلة، والذي سيتولى بعد إحداثه مراقبة مالية الأوقاف وإبداء الرأي بشأنها واقتراح جميع الإجراءات الهادفة إلى ضمان حسن تدبيرها وفق مبادئ الشفافية والحكامة الرشيدة، بما يكفل حماية الأموال الموقوفة وقفا عاما وتنمية مداخلها، وبالتالي فإن هذا المجلس بقوم بأمر من جلالة الملك بجميع أعمال البحث والتحري في أي قضية من قضايا تدبير مالية الأوقاف العامة وتقديم تقرير بنتائجها لجلالته، كما يضطلع بمهمة وضع مشاريع الميزانية السنوية الخاصة بالأوقاف العامة والقيام بإفتحاص سنوي لوضعية التدبير المالي لها. وبخصوص النص القانوني الثاني والمتعلق بإحداث «مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدنيين»، ذكر الوزير أن هذه المؤسسة تعد حلقة أخرى تنضاف إلى الحلقات ذات الصلة بإصلاح الحقل الديني ببلادنا، مبرزا أن هذه المؤسسة ستضطلع بمهمة النهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين (المؤذنين والأئمة وغيرهم) والرقي بمستوى عيشهم من خلال تمكينهم من التغطية الصحية الأساسية والتكميلية بالمجان ودون مقابل، بالإضافة إلى مساعدتهم على إحداث تعاونيات سكنية لمساعدتهم على امتلاك محلات سكنية. كما تقدم المؤسسة التي يوجد مقرها في الرباط، حسب السيد التوفيق، إعانات لأبناء المنخرطين الممدرسين ومساعدات في الحالات الاجتماعية المتعلقة بالوفاة والعجز وذوي الاحتياجات الخاصة إلى جانب استفادة هذه الفئة من خدمات اجتماعية وترفيهية وصحية متنوعة. من جانب أخر، أورد التوفيق أن «مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف» المحدثة بظهير شريف، ستصدر سنويا حوالي مليون نسخة من المصحف المحمدي بمختلف مقاساته، كما ستضطلع بمهمة الإشراف على ضمان سلامة المصاحف الرائجة داخل المملكة نسخا وطباعة وتوزيعا. وذكر أحمد التوفيق أن هذه المؤسسة تتوفر على مطبعة متطورة يمكن أن تنتج حوالي مليون نسخة من المصحف المحمدي سنويا ستوجه مجانا إلى المساجد المغربية بالأساس وإلى مساجد الجالية المغربية في الخارج والبلدان التي تقرأ برواية ورش عن نافع، خاصة بلدان إفريقيا جنوب الصحراء. كما تضطلع هذه المؤسسة، التي تعتبر هيئة وطنية مرجعية عليا في مجال الإعداد العلمي والمادي والفني لنسخ المصحف الشريف ونشره وتسجيله عن طريق مختلف الدعائم المتعددة الوسائط، بمهمة المراقبة العلمية والتأشير على المصاحف التي تطبعها وتوزعها دور النشر المغربية والمصاحف المستوردة، صونا لسلامة المصاحف الرائجة في المملكة من كل خطإ أو تحريف ولتكون مطابقة لقواعد الرسم والضبط المنصوص عليها. وفي معرض جوابه على أسئلة الصحفيين ذكر أحمد التوفيق أن الوزارة تعد أول مؤسسة تتقدم بطلبات التحفيظ حيث يصل عدد الطلبات إلى أزيد من 3000 طلب تحفيظ في السنة، وبخصوص تدبير الوقف على المستوى المحلي أفاد الوزير أن هناك تفكيرا من أجل وضع آليات إدارية على المستوى المحلي لتدبير الأوقاف على المستوى المالي والتنظيمي، مشيرا إلى أن العدد الإجمالي للأملاك الوقفية يصل إلى حوالي 200 ألف قطعة وقفية بمساحة إجمالية تصل إلى حوالي 80 ألف هكتار، بالإضافة إلى حوالي 48 ألف ما بين محل تجاري ومنزل.