بعد أزيد من 90 سنة على صدور الظهير المنظم للأحباس (يوليوز 1913)، صدر أخيرا، في الجريدة الرسمية عدد 5847 بتاريخ فاتح رجب (14 يونيو 2010) ظهير شريف يتعلق بمدونة الأوقاف، ويتكون من 170 مادة تقنن لأول مرة القواعد الفقهية المتعلقة بالوقف، ويأتي إصدار هذه المدونة من أجل جمع الأحكام المتناثرة للوقف وحسم التضارب في أموره المختلفة، وإعادة تنظيم أحكامه القانونية شكلا ومضمونا، بما يضمن تقيدها بأحكام الفقه الإسلامي ويضفي عليها طابعا عصريا متميزا. وبناء على الظهير سيتم إحداث هيئة جديدة باسم المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة، ويتولى المجلس القيام بمراقبة مالية الأوقاف العامة ودراسة القضايا المتعلقة بها، وإبداء الرأي بشأنها، واقتراح جميع الإجراءات الهادفة إلى ضمان حسن تدبيرها وفق مبادئ الشفافية والحكامة الرشيدة، بما يكفل حماية الأموال الموقوفة وقفا عاما، والحفاظ عليها وتنمية مداخيلها. وحدد الظهير اختصاصات المجلس في القيام بجميع أعمال البحث والتحري في أي قضية من قضايا تدبير مالية الأوقاف العامة وتقديم تقرير بنتائجها إلى الملك، وكذا إعداد مشاريع مصنفة الميزانية السنوية الخاصة بالأوقاف العامة، والتنظيم المالي والمحاسبي المتعلق بها ومصنفة المساطر المحاسبية، والنظام الخاص بالصفقات، وعرضها على السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف قصد اعتمادها، كما يختص المجلس بالقيام بافتحاص سنوي لوضعية التدبير المالي للأوقاف العامة، وإعداد تقرير سنوي بنتائجه، إلى جانب إبداء الرأي والاستشارة في القضايا المتعلقة بتدبير الأوقاف العامة والتي تحيلها عليه السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف، وكذا تقديم كل اقتراح أو توصية ترمي إلى تحسين أساليب تدبير الأوقاف العامة، والحفاظ عليها وتنمية مداخيلها. ويتألف المجلس بالإضافة إلى رئيسه من كاتب عام للمجلس وممثل عن المجلس العلمي الأعلى، وشخصية علمية من الفقهاء الذين لهم دراية واسعة بشؤون الوقف، وقاض له صفة رئيس غرفة بالمجلس الأعلى للحسابات، ومستشار قانوني خبير في مجال الوقف، وخبير محاسب مقيد بهيئة الخبراء المحاسبين، ثم ثلاثة خبراء من بين الشخصيات المشهود بكفاءتها في مجال التدبير الإداري والمالي. هذا وتحدث لدى المجلس من أجل مساعدته على القيام بمهامه لجنتان دائمتان، لجنة للافتحاص والتدقيق في مالية الأوقاف يعهد إليها إعداد مشروع التقارير السنوية حول نتائج افتحاص وضعية التدبير المالي للأوقاف العامة، ولجنة استشارية شرعية تكلف بإعداد الاستشارات التي يقدمها المجلس في القضايا المعروضة. وتتوزع مدونة الأوقاف على خمسة أبواب، يتناول الباب الأول إنشاء الوقف وآثاره ويهم أركان الوقف وشروطه وآثار عقد الواقف، ويتعلق الباب الثاني بالوقف العام ويتناول أحكاما عامة والتصرفات الجارية على الأموال الموقوفة وقفا عاما، فيما يتعلق الباب الثالث بالوقف المعقب والمشترك، أما الباب الرابع فيتناول تنظيم مالية الأوقاف العامة ومراقبتها، وخصص الباب الخامس لبعض الأحكام الانتقالية والختامية. وكان أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية قد أعلن أمام البرلمان الأربعاء المنصرم أن وزارته منكبة حاليا على إعداد النصوص التطبيقية للمدونة الجديدة، مشيرا في معرض رده على سؤال حول مآل مدونة الأوقاف، تقدم به فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، إلى أن المدونة تنص على مقتضيات وأنظمة تدبيرية تيسر وتحسن استغلال الوقف واستثماره على أحسن وجه، وتضمن له الحماية الناجعة، مع التأكيد على استقلاليته المستمدة من طابعه الإسلامي الخالص.