بما يقارب ثلث نواب الأمة فقط تمكنت حكومة عبد الإله بنكيران، في الساعات الأولى من صباح أمس الإثنين، من تمرير الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2014، بعد أن صوت عليه 110 نواب برلمانيين من فرق الأغلبية مقابل معارضة 37 نائبا فقط من فرق المعارضة في جلسة دامت 14 ساعة. وكان لافتا خلال جلسة التصويت على ثاني تمرين مالي ببصمة حكومة الإسلاميين الغياب الواضح للبرلمانيين، إذ من أصل 395 عضوا من أعضاء مجلس النواب، أغلبية ومعارضة، لم يصوت على المشروع غير 147 عضوا كانت غالبيتهم من الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية (90 نائبا)، فيما تقاسمت فرق باقي فرق الأغلبية الثلاثة (التجمع، الحركة الشعبية، التقدم والاشتراكية) حصة 20 نائبا. المعارضة التي كان ينتظر أن تحرج حكومة بنكيران، على الأقل، لم تتمكن من إغراء نوابها ودفعهم إلى الحضور إلى جلسة التصويت على الجزء الأول من مشروع المالية للسنة القادمة، بعدما اقتصر الحضور على 37 نائبا صوتوا ضد المشروع. وإن كانت أغلب الفرق البرلمانية قد حرصت في بداية الجلسة على تأكيد حضورها القوي، حيث كان مجموع النواب في أحسن الأحوال في حدود 248 نائبا برلمانيا، حيث صوّت 150 نائبا لصالح قرارات الحكومة بخصوص التعديلات مقابل 98 نائبا من المعارضة ضد قرارات الحكومة، إلا أن هذا العدد سرعان ما تراجع، سواء في الأغلبية أوالمعارضة، حيث لم يتجاوز عدد النواب في بعض مراحل التصويت على التعديلات 97 نائبا، وتم تمرير بعض التعديلات ب 72 صوتا من الأغلبية مقابل 25 من المعارضة. وأظهرت القراءة المفصّلة للأرقام الحضور المكثف لفريق العدالة والتنمية، حيث حضر 96 من أعضائه مع بداية الجلسة قبل أن يتناقص العدد إلى حوالي 86 في آخر مرحلة للتصويت بعد منتصف الليل، بينما لم يبق من نواب التجمع الوطني للأحرار سوى 18 نائبا، و4 من فريق التقدم الديمقراطي، و4 من الحركة الشعبية. أما فرق المعارضة فقد بلغ عدد المصوّتين في آخر مرحلة 14 نائبا من الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، و10 من فريق الأصالة والمعاصرة، و9 من الفريق الاشتراكي، و3 من الاتحاد الدستوري. إلى ذلك، ينتظر أن تحشد فرق المعارضة، كما الأغلبية، صفوفها لتجاوز غياب 248 نائبا برلمانيا عن جلسة التصويت على الجزء من المشروع. وكشف مصدر قيادي من المعارضة أنها ستعبئ صفوفها من أجل إسقاط الميزانيات الفرعية لبعض الوزارات خلال مرحلة التصويت عليها داخل اللجان النيابية، بعد جلسة الأسئلة الشفوية اليوم الثلاثاء. وفي الوقت الذي عرفت جلسة التصويت على الجزء الأول من المشروع جدلا بين الأغلبية والحكومة بعد رفض الحكومة التعديلات التي رفعتها المعارضة للجلسة العامة، وهي التعديلات التي لم يتم التصويت عليها في لجنة المالية، ينتظر أن يتكرر نفس السيناريو خلال جلسة التصويت على الجزء الثاني من المشروع ومعه التصويت على مشروع قانون المالية برمته يوم غد الأربعاء على الساعة العاشرة صباحا، قبل إحالته على مجلس المستشارين. وكانت فرق المعارضة قد انتقدت، خلال جلسة التصويت، عدم قبول الحكومة لأغلب التعديلات المقدمة على المشروع والبالغ عددها 186 تعديلا، متّهمة إياها بإعمال منطق الأغلبية والمعارضة في التعاطي مع تعديلات النواب. واعتبرت الرئيسة الجديدة لفريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، ميلودة حازب، أن المصلحة العليا للوطن لم تشكل هاجسا للحكومة في تعاملها مع تعديلات حزبها البالغة 67 تعديلا مادامت الحكومة رفضت مُجمل هذه التعديلات، وهو ما ذهب إليه النائب الاستقلالي عبد الله البقالي الذي قدّم حزبه 62 تعديلا، وقال إن الحكومة تعاملت مع التعديلات المقدمة من المعارضة بعقلية «أحادية» و»مصرفية» و «محاسباتية»، مضيفا أنه من غير المقبول التعامل مع التعديلات المقدمة لفائدة المغاربة بمنطق الربح والموازنات، بينما بلغ عدد تعديلات الفريق الاشتراكي 34 تعديلا والفريق الدستوري 23 تعديلا. وبدا واضحا امتعاض وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد من انتقادات المعارضة، حيث عبّر عن رفضه في أكثر من مناسبة خلال الجلسة المذكورة لاتهام الحكومة بإعمال منطق الأغلبية والمعارضة، وقال إن الحكومة تعاطت مع التعديلات بمنطق المسؤولية والمحافظة على مكتسبات المواطنين والحرص على سيرورة المرافق العمومية وليس بمنطق تكريس امتيازات معينة لفئة من الفئات. وأضاف أن الحكومة قبلت 11 تعديلا تقدمت بها فرق المعارضة، بينما لم تقبل من تعديلات فرق الأغلبية سوى 9 تعديلات. وبخصوص التعديلات المقبولة بخصوص مشروع قانون المالية برسم سنة 2014 فقد همّت عددا من مواد المدونة العامة للضرائب، حيث تقرّر الإبقاء على الأسعار المطبقة حاليا على مصبرات السردين وملح الطبخ والأرز المصنع، في انتظار التفعيل التام والشامل لإصلاح الضريبة على القيمة المضافة. كما تقرّر الإبقاء على الإعفاء بالنسبة إلى الشموع، والقيام بتعديلات تهدف إلى تشجيع عمليات تحويل الذمة المادية للمستغلين الزراعيين الخاضعين للضريبة لرسوم الدخول الزراعية على الشركات، ورفع الحد الأدنى للضريبة على الشركات، وتعزيز موارد صندوق دعم التماسك الاجتماعي، وإحداث الرسم الجوي للتضامن وإنعاش السياحة. ع. نجدي – ل. أهل لغراس